من إنتاج الإعلانات الى البرامج والمسلسلات والأفلام سالي والي «جودة المحتوى وتنوّعه أولويتي»
أعمال كثيرة تضجّ بها روزنامة المنتجة المصرية سالي والي، التي تعمل حالياً من خلال شركتها S Production على إنتاج مسلسلات مصرية لبنانية وسعودية، ذات أفكار أصلية ومقتبسة تُغني مكتبة الدراما العربية بأعمال جديدة من حيث الأفكار والمضمون والإخراج والإنتاج.
على الرغم من صغر سنّها إلاّ أن سالي والي نجحت بتأسيس شركة إنتاج عربية برأسمال متواضع وطبعتها بهوية شبابية مميّزة، وأوجدت لها مكاناً فـي عالم تسيطر عليه شركات إنتاج عريقة ضخمة. . وهذا إنجاز ليس بالسهل.
بدأت سالي والي مسيرتها بدراسة الإعلام وتخصّصت فـي مجال الإذاعة والتلفزيون، قبل أن تدخل مجال العمل كمساعدة منتج إعلانات عام 2006، وبفضل اجتهادها وعملها سرعان ما أصبحت منتجاً منفّذاً فـي العديد من الحملات الإعلانية الهامة لأكبر العملاء فـي العالم العربي، مثل موبينيل، كابوري، بيبسي، نستلة، غالاكسي، لافاج كي ري، نيو (شبكة محمول بأوكرانيا) وديتول.
طموح ومثابرة
طموح سالي كان أكبر من ذلك، فقرّرت فـي 2011 وتحديداً فـي 11- 11 2011 أخذ زمام المبادرة والانطلاق بمغامرة تأسيس شركتها الخاصة برأسمال محدود. . وهكذا تأسّست شركة S Productions المتخصّصة فـي إنتاج المواد الترفـيهية والإعلامية بمختلف أنواعها، ونجحت سالي من خلالها فـي إنتاج عدة برامج وإعلانات وأفلام، ساهمت فـي دعم مكانتها فـي سوق الترفـيه.
وعن هذه التجربة تقول سالي: «كان الموضوع أشبه بالمقامرة لأن رأس المال كان صغيراً جداً وكنت أفكر بالعمل فـي الإعلانات فقط لفترة ولكن أتتني فكرة برنامج ترفـيهي لا علاقة له بالسياسة وقد سجّلت حلقة الـ Pilot ولكنني لم أتمكن من بيعه». تلك كانت أول انتكاسة، غير أن سارة المفعمة دوماً بالتفاؤل لم تستسلم، بل استفادت من التجربة لمراكمة خبراتها فـي هذا المجال وعملت على نفسها وكان برنامج «الخزنة» أول برنامج فعلي تنتجه لتلفزيون دبي.
«لقد كانت رحلة عملي فـي مجال إنتاج البرامج من برنامج «الخزنة» أول برامجي الى برنامج «قعدة رجالة»، رحلة صعبة وقد تعلّمت خلالها الكثير خاصة أنني لم أكن أملك الخبرة فـي هذا المجال، كنت أتعلم من تجاربي. فإنتاج البرامج والأفلام والمسلسلات مختلف عن إنتاج الإعلانات الذي هو مجال تخصّصي الأساسي، الشيء الوحيد المشترك بينهم هو الخبرة فـي الإنتاج، أي كيف أستلم مشروع من الألف الى الياء، وكيف أحدّد الموقع وكيف أعد الميزانية. . . » تُخبرنا سالي التي تؤكّد أنها عند البدء بشركتها لم تكن تضمن نجاحها، وعن هذا الموضوع تقول: «لم أكن أضمن نجاحي ولكنني كنت أعمل من كلّ قلبي وكنت أثابر على العمل وأنا أؤمن أننا إذا وضعنا كلّ طاقتنا فـي العمل، وكان لدينا الاستعداد للتعلّم، والرغبة فـي التعلّم من أخطائنا وتصحيحها فلا بد أن ننجح.
أعمل ما عليّ وأترك الباقي على الله».
برامج رائدة
تسعى سالي من خلال شركتها إلى وضع بصمتها فـي السوق العربي من خلال العمل بنظام صارم ودقيق يعتمد على الابتكار كعامل أساسي، ويضع جودة المحتوى فـي المرتبة الأولى.
ومنذ تأسيسها أنتجت هذه الشركة العديد من البرامج الرائدة بدءاً من موسمين من برنامج «الدنيئة» (2012-2013)، وموسمين من برنامج الخزنة (2013-2014)الذي قدّمه النجم أمير كرارة، وبرنامجي «الحريم أسرار» و«مصارحة حرّة» عام 2015.
أما عام 2017 فقد كان حافلاً بالبرامج الناجحة إذ أنتجت سالي برنامج «ده كلام» مع الإعلامية سالي شاهين، كما الموسم الأول من برنامج «قعدة رجالة» والذي جمع النجوم إياد نصار، مكسيم خليل، شريف سلامة لأول مرة،.
وفـي 2018 أطلقت الموسم الثاني من البرنامج مع النجوم أحمد فهمي، باسل الخياط وكريم فهمي، وفـي 2019 برنامج «تخاريف» للإعلامية المتميّزة وفاء الكيلاني.
كما قدّمت الشركة أخيراً الموسم الثالث من برنامج «قعدة رجالة» والذي جمع بين النجوم نيقولا معوض، خالد سليم وقيس الشيخ نجيب.
وبالتوازي مع إنتاج البرامج تولّت الشركة العديد من المهام الإنتاجية لمجموعة من كبار العملاء فـي سوق الإعلانات فـي العالم العربي مثل موبينيل، غالاكسي، دوريتوس وبيبسي، وتميّزت الشركة بكونها أول شركة فـي مصر تستخدم تقنيات سينمائية فـي تصوير البرامج وكافة أعمالها، كما أنها استضافت كبار النجوم الوطن العربي فـي برامجها.
خوض غمار الإنتاج السينمائي
فـي عام 2017، قرّرت سالي والي، خوض غمار الإنتاج السينمائي فـي مصر وكان أول أفلامها «بشتري راجل» الذي عُرض فـي أكثر من 50 دور عرض مصرية، إلى جانب سبع دول عربية. ويعتبر الفـيلم هو أول مشروع لورشة (بيرثمارك سيناريو) يتمّ تنفـيذه، وفـي العام نفسه بدأت دورها فـي اكتشاف المخرجين الشباب فـي إنتاج فـيلم «شوكة وسكينة»، كأول عمل لمخرجه آدم عبد الغفار، ثم فـيلم «ماتعلاش عن الحاجب» سنة 2018، والذي نال جائزة نجمة الجونة الذهبية كـأفضل فـيلم عربي حينها. وفـي عام 2019، شاركت فـي مهرجان الجونة للمرة الثانية من خلال فـيلم «هذه ليلتي»، الذي حصل على منحة الدعم من الاتحاد الأوروبي اليونيسيف، ويعتبر ثاني أعمال مخرجه، إلى جانب فـيلمي «حبيب» و«الحد الساعة 5» والفـيلم الروائي الطويل «حظر تجوّل» للمخرج أمير رمسيس.
ومحطات مميّزة فـي عالم الدراما التلفزيونية
لعل أبرز محطات سالي والي، قرارها دخول عالم إنتاج الدراما التلفزيونية إذ كان أول إنتاجاتها مسلسل «الآنسة فرح» الذي يشكّل النسخة العربية من المسلسل الأميركي الكوميدي الشهير Jane the Virgin الحاصل على جائزة أفضل مسلسل ضمن جوائز AFI الأميركية، بالإضافة إلى أكثر من 10 جوائز و65 ترشيح.
وتواصلت الانتاجات الدرامية بعد هذا المسلسل الناجح، فكان إنتاج عدّة مسلسلات مقتبسة أو فورمات عن مسلسلات أجنبية ومنها «قواعد الطلاق الـ٤٥» و«الستات تعرف تقتل» و«الوضع مستقر».
ويبدو أن سالي مستمرّة فـي هذا المجال، إذ تستعد الشركة قريباً لطرح العديد من المسلسلات أبرزها «مجنونة بيك» المقتبس عن مسلسل «كرايزي إكس غيرل فريند» والذي سيكون أول مسلسل غنائي عربي، فضلاً عن مسلسل «النزوة» ومسلسل «الجسر» الذي سيكون أول مسلسل من فكرة أصلية تنتجه هذه الشركة. ويبقى الأبرز دخول سالي عالم إنتاج الدراما السعودية الذي سيكون مع مسلسل «هلال» الذي ينتمي الى الدراما الطبية والمقتبس من مسلسل «دكتور هاوس».
«أحرص على ترجمة رؤيتي»
مع تزايد الحديث عن المسلسلات الجديدة للشركة والتي ينتظرها الكثيرون بفارغ الصبر، كان لمجلتنا فرصة إجراء لقاء مميّز مع المنتجة الرائدة سالي والي التي تنظر إلى الصعوبات التي تواجهها كتحدّيات تحفّزها على العمل والإبداع والتعلّم. وقد أطلعتنا على الكثير من تفاصيل المسلسلات المنتظرة كما عرّفتنا أكثر على شخصيتها وطموحاتها.
الجميع ينتظر بحماس مسلسل «مجنونة بيك» الذي تنتجه شركتك أس بروداكشن ويخرجه جو بوعيد، أخبرينا أكثر عن هذه التجربة. وما هي توقعاتك لهذا العمل؟
نحن كشركة أس بروداكشن، مشهورون كوننا نشتري حقوق النشر من شركات أميركية، ولذلك نملك مكتباً فـي لوس أنجليس ونقوم بتعريبها (باللهجة اللبنانية، المصرية، السعودية. . . حسب متطلبات كل عمل) ونحن اليوم نعمل على ثلاث مسلسلات كل منها بلهجة.
«مجنونة بيك» هو مأخوذ عن مسلسل «كرايزي أكس غيرل فريند» الحائز جوائز.
وما أعجبني فـي هذا المسلسل أنه أولاً من نوع «ميوزكال» أي يعتمد على الأغاني والموسيقى، وهذا النوع من المسلسلات غير معروف فـي العالم العربي. لدينا فوازير طبعاً ولكن الفوازير ليست مسلسلات.
وبالتالي فإن فكرة دراما غنائية استعراضية جذبتني خاصة وأنني أحب تقديم أعمال مختلفة غير تقليدية.
ثانياً، صحيح أن المسلسل هو من النوع اللايت دراما غير أنه يناقش موضوعًا هامًا، وهو الشخصية التي ترفض تقبّل واقعها.
وعندما انتهينا من انتقاء المسلسل بدأ البحث عن المخرج الذي يستطيع أن يعرّب هذا المسلسل بطريقة محترفة. ووقع اختيارنا على جو بوعيد الذي له تاريخ طويل فـي الاعلانات وفـي الفـيديوهات الموسيقية، وكان له مسلسل ناجح جداً. كما يتميّز بأسلوب «Stylized period» أي يدمج أسلوب الماضي بالحاضر، وهذا ما كنّا نبحث عنه.
وقد كانت تجربتنا مع جو من أجمل التجارب، لأنه متعاون ومتفهّم جداً، كما أنه مبدع ومخلص جداً فـي عمله، وهو إيجابي ويسهل النقاش معه.
المسلسل من 15 حلقة وهو يضم 30 أغنية أي بمعدّل أغنيتين فـي الحلقة. طابع المسلسل عربي مصري تدور أحداثة فـي الاسكندرية والأغاني تعبّر عن طابعنا، فهي وإن كانت من نوع البوب أو التانغو أو الموسيقى الهندية، إلاّ أن لها دائماً مسحة عربية. وبما أن المسلسلات الغنائية لها طابع الفانتازيا فهذا يعطينا مجالاً واسعاً للابتكار والإبداع.
أحدث مسلسلات أس بروداكشن هي «الجسر» و«النزوة» و«هلال» أخبرينا أكثر عن هذه الأعمال وهل هي على قدر توقعاتك؟
«الجسر» كان من المسلسلات الصعبة فهو ليس واقعياً إنما افتراضياً. عندما عرض عليّ هذا المسلسل من بيتر ميمي، لم أتردّد لحظة فـي قبوله مع أنني أعلم أنه يتطلّب إنتاجاً ضخماً، ولكنّني اعتبرته تحدّياً وعملاً يمكن الافتخار به على المستوى العالمي، إن من ناحية الغرافـيكس أو المشاهد الخطرة، خاصة وأن المسلسل تضمن الكثير من الانفجارات (حوالي 30 تفجيرًا فـي ست حلقات) وتحقيق هذا على صعيد الإنتاج ليس سهلاً. وهنا لا بدّ من الإشارة الى أن «الجسر» ليس فورمات أي ليس مقتبساً عن عمل أجنبي، إنما هو مسلسل أصلي فكرة محمد سليمان عبد الملك وبيتر ميمي.
أما مسلسل «النزوة» فهو غير ذلك، إنه فورمات أي مقتبس من مسلسل «ذي أفـير» وهذا المسلسل لم يكن سهلاً كذلك، فهو يتناول موضوع العلاقات العاطفـية والنزوات الذي لا يمكن تصويره فـي عالمنا العربي، كما تمّ تصويره فـي العمل الأصلي. ومن المتوقّع أن يُعرض هذا العمل فـي سبتمبر على منصة شاهد وهو من بطولة خالد النبوي وعائشة بن أحمد وسالي شاهين وعمر الشناوي.
وبالنسبة لمسلسل «هلال» فسيكون أول مسلسل سعودي من إنتاج شركتي وهو يدخل ضمن إطار الدراما الطبية وهو مقتبس عن مسلسل دكتور هاوس الشهير.
لا يمكن الحديث عن الإنتاجات الدرامية دون التوقف عند مسلسل «الآنسة فرح» الذي على الرغم من أنه أثار الكثير من الانتقادات إلاّ أنه لاقى نجاحاً واسعاً. وهو أول مسلسل من إنتاجك، أخبرينا أكثر عن هذه المغامرة؟
قبل «الآنسة فرح» لم يكن سوق الدراما العربية معتاداً على الفورمات المأخوذة من شركات كبيرة كان هناك فورمات تؤخذ من شركات صغيرة لكن «الآنسة فرح» مأخوذ عن مسلسل شهير جداً على نيتفليكس هو «جين ذا فـيرجين» وله قاعدة جماهيرية واسعة جداً. وعندما قرّرنا شراءه كان فـي عزّ نجاحه فـي أميركا.
وهدفـي من هذا الفورمات كان دخول السوق بشيء مميّز. لأن سوق المسلسلات الدرامية فـي مصر كبير، وهناك الكثير من الناس الذين يملكون خبرات واسعة فـي هذا المجال، بالتالي كان عليّ البحث عن التميّز فقرّرت شراء فورمات لمسلسل فـي عزّ نجاحه. وكان لدينا الكثير من الخيارات الصعبة قبل البدء بإنتاجه. فهل سنأخذ الفورمات كما هي أم علينا تحويره قليلاً. وقد قرّرت اعتماده كما هو، وهذا ما سبّب الكثير من الانتقادات كون الأحداث والمشاهد نُقلت بحذافـيرها. أضف على ذلك أن موضوع المسلسل جريء بالنسبة للعالم العربي. فإن تُحقن فتاة بالخطأ بجنين، فكرة يصعب تقبّلها. وقد كانت شخصية فرح مثيرة كثيراً للجدل.
تعتمدين فـي إنتاجاتك كثيراً على أفكار برامج ومسلسلات أجنبية لماذا؟ هل لأن نجاحها مضمون أم لغياب الأفكار المحلية المميّزة؟
فـي البداية اعتمدت على الفورمات لأنني كنت أبحث عن طريقة جديدة لدخول هذا السوق، وبما أن فكرة الفورمات ناجحة، عليّ أن أكمل بها قليلاً وبعد عرض حوالي ثماني مسلسلات مأخوذة عن فورمات أجنبية، بدأ هذا النوع من الأعمال يلقى رواجاً فـي السوق.
ولكن بحسب اعتقادي يجب ألا نبقى ضمن هذا المسار حصراً، واليوم شركتنا فـي صدد إنتاج مسلسلات أصلية، منها مصرية ولبنانية وسعودية. ولكن كان علينا فـي البداية بناء هويتنا كشركة إنتاج من خلال الفورمات، واليوم بعد أن أثبتنا أنفسنا بدأنا بأخذ أفكار أصلية.
وهنا لا بدّ من التنويه أن شراء الفورمات ليس بالأمر السهل، على عكس ما يعتقد الكثيرون، إنما هو فـي الواقع أصعب من تصوير الأفكار الأصلية. إذ لدينا شهور من التفاوض مع الشركة قبل الشراء. ثم علينا الحديث مع مبتكري الفكرة الأساسية ومناقشتها معهم وثم ترجمتها وتعديلها.
ما هي أبرز مشاريعك المستقبلية؟ هل تفكرين بإنشاء قناة خاصة؟
أنا أركّز حالياً على العمل على إنتاجات مميّزة ومتنوّعة وذات نوعية جيدة، ونحن نعمل على زيادة التنوّع، وقد بدأنا بتصوير الأفلام والمسلسلات ذات الأفكار الأصلية، وممكن أن ندخل مجال الدراما الوثائقية. . . ولكن على المدى البعيد أجل يمكن أن أفكر فـي إنشاء قناتي الخاصة التي تضمّ جميع أعمالي.
نلاحظ أن أسلوبك فـي العمل مختلف عن باقي المنتجين؟
نعم أنا أعتمد أسلوب الإنتاج المعتمد فـي الخارج وليس الأسلوب المعتمد فـي العالم العربي، أي لا أكتفـي بالتمويل بل أحرص على ترجمة رؤيتي. بالطبع لكل عمل مخرج، ولكن قبل تعيين المخرج يجب أن تكون لي رؤية واضحة للعمل وما الذي أريد أن أنتجه وما الذي يجب أن أبرزه. وبالطبع لدي فريق عمل يساعدني.
كمنتجة فـي عالم التلفزيون والدراما والمسلسلات، ما هي النصيحة التي توجهينها للراغبين بدخول هذه المجالات سواءً تمثيلاً إخراجاً كتابة أم إنتاجاً؟
واجهت الكثير من الصعوبات عند دخولي هذا المجال، خاصة لكوني سيدة وعمري صغير. وأنا أنصح الجميع بدخول أي مجال كان من البداية وصعود السلم درجة درجة، والتعلّم من خبرات غيرهم والاطلاع دوماً على كل ما هو جديد فـي مجالهم على الصعيد العالمي وليس المحلي فقط.