Bruce Clay

مزيج‭ ‬من‭ ‬العادات‭ ‬والتراث‭ ‬والثقافة‭ ‬والفن
رمضان
بين‭ ‬الطقوس‭ ‬والإنتاجات‭ ‬الترفيهية‭ ‬والإبداعية‭ ‬

يحتفـي‭ ‬عددنا‭ ‬هذا‭ ‬بحلول‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬شهر‭ ‬التقوى‭ ‬والإيمان،‭ ‬الذي‭ ‬ينتظره‭ ‬المسلمون‭ ‬سنوياً‭ ‬ويستقبلونه‭ ‬بأروع‭ ‬الطقوس‭ ‬والعادات‭ ‬التي‭ ‬وإن‭ ‬شهدت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التغييرات‭ ‬والتعديلات‭ ‬على‭ ‬مرّ‭ ‬السنين،‭ ‬إلاّ‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬زالت‭ ‬تحتضن‭ ‬فـي‭ ‬طيّاتها‭ ‬روعة‭ ‬التراث‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭ ‬الذي‭ ‬يستند‭ ‬على‭ ‬الإيمان‭ ‬الثابت‭ ‬دائماً‭ ‬مهما‭ ‬تغيّرت‭ ‬أساليب‭ ‬الحياة‭.‬

يغوص‭ ‬عددنا‭ ‬هذا‭ ‬فـي‭ ‬روعة‭ ‬التراث‭ ‬والتقاليد‭ ‬التي‭ ‬ترافق‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬وكيفـية‭ ‬تغيّرها‭ ‬وتطوّرها‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬العصور‭ ‬لتتماشى‭ ‬مع‭ ‬تغيّرات‭ ‬نمط‭ ‬الحياة،‭ ‬من‭ ‬طقوس‭ ‬إستقباله‭ ‬إلى‭ ‬تفاصيل‭ ‬أيامه‭ ‬ولياليه‭ ‬التي‭ ‬يغلّفها‭ ‬الإيمان،‭ ‬وتزيّنها‭ ‬اجتماعات‭ ‬العائلة‭ ‬حول‭ ‬وجبات‭ ‬الإفطار‭ ‬والسحور،‭ ‬يتناقشون‭ ‬ويتسلّون‭ ‬بقصص‭ ‬وروايات‭ ‬مسلسلات‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬التي‭ ‬تتنافس‭ ‬على‭ ‬الفوز‭ ‬بقلوب‭ ‬المشاهدين‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬أعمارهم‭.‬

Pictures:@the_sashanomist

يحلّ‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬ضيفاً‭ ‬عزيزاً‭ ‬ومكرّمًا‭ ‬على‭ ‬الأمّة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬حاملاً‭ ‬فـي‭ ‬طيّاته‭ ‬كما‭ ‬فـي‭ ‬كلّ‭ ‬عام،‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الرجاء‭ ‬والأمل‭ ‬والإيمان‭. ‬ويشكّل‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬محطّة‭ ‬إيمانية‭ ‬هامة‭ ‬فـي‭ ‬حياة‭ ‬الكثيرين‭ ‬الذين‭ ‬يحرصون‭ ‬على‭ ‬الإلتزام‭ ‬بعهودهم‭ ‬العبادية،‭ ‬فتراهم‭ ‬يحافظون‭ ‬على‭ ‬تأدّية‭ ‬الصلوات‭ ‬فـي‭ ‬وقتها‭ ‬وتلاوة‭ ‬القرآن‭ ‬والتحلّي‭ ‬بالأخلاق‭ ‬التي‭ ‬يوصي‭ ‬بها‭ ‬الدين‭ ‬الإسلامي،‭ ‬وأهمها‭ ‬الشعور‭ ‬مع‭ ‬الفقراء‭ ‬وتقديم‭ ‬المساعدة،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬صلة‭ ‬الأرحام‭ ‬والزكاة‭.‬

صحيح‭ ‬أن‭ ‬رمضان‭ ‬خضع‭ ‬على‭ ‬مرّ‭ ‬السنين‭ ‬والعصور‭ ‬الى‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التغيّرات‭ ‬التي‭ ‬فرضتها‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الحديثة‭ ‬ونمط‭ ‬الحياة‭ ‬الاستهلاكي‭ ‬الذي‭ ‬يتأثر‭ ‬كثيراً‭ ‬بالحملات‭ ‬التسويقية،‭ ‬غير‭ ‬أنّ‭ ‬هذه‭ ‬التغييرات‭ ‬اقتصرت‭ ‬على‭ ‬الطقوس‭ ‬والعادات‭ ‬دون‭ ‬المسّ‭ ‬بالجوهر‭.‬

يحرص‭ ‬المسلمون‭ ‬على‭ ‬إستقبال‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬بطقوس‭ ‬قد‭ ‬تختلف‭ ‬فـي‭ ‬تفاصيلها‭ ‬بين‭ ‬منطقة‭ ‬وأخرى‭ ‬ولكنّها‭ ‬مفعمة‭ ‬دائمًا‭ ‬بالابتهاج‭ ‬والإيمان‭ ‬والأجواء‭ ‬العائلية‭ ‬التي‭ ‬تسودها‭ ‬المحبّة‭. ‬وبسبب‭ ‬اختلاف‭ ‬العادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬بين‭ ‬الشعوب‭ ‬تختلف‭ ‬مظاهر‭ ‬الإحتفال‭ ‬بالشهر‭ ‬الكريم‭.‬

فـي‭ ‬تركيا‭ ‬وبمجرد‭ ‬ثبوت‭ ‬رؤية‭ ‬هلال‭ ‬الشهر‭ ‬الكريم،‭ ‬تنطلق‭ ‬الزغاريد‭ ‬فـي‭ ‬كل‭ ‬بيت‭ ‬لتعبّر‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الفرحة‭ ‬بالبشرى‭ ‬التي‭ ‬زُفت‭ ‬إليهم‭ ‬ببدء‭ ‬الصوم‭ ‬فـي‭ ‬اليوم‭ ‬التالي،‭ ‬ويبدأ‭ ‬السكان‭ ‬برش‭ ‬ماء‭ ‬الورد‭ ‬والعطور‭ ‬على‭ ‬أعتاب‭ ‬أبواب‭ ‬المنازل‭ ‬وفـي‭ ‬الحدائق‭ ‬المحيطة‭ ‬بالمنازل‭ ‬طيلة‭ ‬أيام‭ ‬رمضان‭ ‬الكريم،‭ ‬وتعتبر‭ ‬من‭ ‬العادات‭ ‬المتوارثة‭ ‬عبر‭ ‬الأجيال‭ ‬هناك،‭ ‬كما‭ ‬تبدأ‭ ‬السيدات‭ ‬فـي‭ ‬تجهيز‭ ‬أول‭ ‬سحور‭ ‬رمضاني‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬يشتمل‭ ‬على‭ ‬الملبن‭ ‬التركي‭ ‬الشهير،‭ ‬ويُعتبر‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الأطعمة‭ ‬التي‭ ‬يتمّ‭ ‬توزيعها‭ ‬فـي‭ ‬الشوارع،‭ ‬احتفالاً‭ ‬بشهر‭ ‬رمضان‭ ‬الكريم‭.‬

أما‭ ‬فـي‭ ‬أندونيسيا‭ ‬فتُقرع‭ ‬الطبول‭ ‬التقليدية‭ ‬المعروفة‭ ‬بإسم‭ ‬‮«‬البدوق‮»‬‭ ‬إحتفالاً‭ ‬بالشهر‭ ‬الفضيل‭. ‬وفـي‭ ‬مقاطعة‭ ‬‮«‬بادانج‮»‬‭ ‬فـي‭ ‬أندونيسيا‭ ‬مثلاً‭ ‬يسبح‭ ‬المسلمون‭ ‬فـي‭ ‬النهر‭ ‬ويأخذون‭ ‬حمامًا‭ ‬بالماء‭ ‬والليمون‭ ‬قبل‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬حلول‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬اعتقادًا‭ ‬بتنظيف‭ ‬الجسد‭ ‬واستعدادًا‭ ‬لصيام‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭. ‬وتشهد‭ ‬هذه‭ ‬العادة‭ ‬السنوية‭ ‬تدفّق‭ ‬الآلاف‭ ‬إلى‭ ‬الأنهار‭ ‬فـي‭ ‬المدن‭ ‬الماليزية،‭ ‬فـي‭ ‬مشهد‭ ‬احتفالي‭ ‬تعوّد‭ ‬عليه‭ ‬سكان‭ ‬البلاد‭. ‬أما‭ ‬فـي‭ ‬مقاطعة‭ ‬‮«‬سيمارانج‮»‬‭ ‬فـيخرج‭ ‬السكان‭ ‬فـي‭ ‬مظهر‭ ‬احتفالي‭ ‬عند‭ ‬ثبوت‭ ‬رؤية‭ ‬الهلال،‭ ‬ويبدأون‭ ‬فـي‭ ‬قرع‭ ‬الطبول‭ ‬فـي‭ ‬مهرجان‭ ‬احتفالي‭ ‬فـي‭ ‬رحاب‭ ‬المسجد‭ ‬الكبير،‭ ‬وتُطلق‭ ‬المدفعية‭ ‬طلقاتها‭ ‬ابتهاجًا‭ ‬بحلول‭ ‬الشهر‭ ‬الكريم‭.‬

ومن‭ ‬أغرب‭ ‬عادات‭ ‬الشعوب‭ ‬فـي‭ ‬رمضان‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬مدينة‭ ‬بيشاور‭ ‬الباكستانية‭ ‬التي‭ ‬تشتهر‭ ‬بإقامتها‭ ‬لحفل‭ ‬تجمع‭ ‬فـيه‭ ‬كل‭ ‬الأطفال‭ ‬الذين‭ ‬يقومون‭ ‬بالصوم‭ ‬لأول‭ ‬مرة،‭ ‬لتشجيعهم‭ ‬على‭ ‬أداء‭ ‬هذا‭ ‬الفرض‭ ‬الديني‭.‬

وفـي‭ ‬ماليزيا‭ ‬تعكف‭ ‬الإدارات‭ ‬المحلية‭ ‬على‭ ‬تنظيف‭ ‬الشوارع‭ ‬عقب‭ ‬إستطلاع‭ ‬هلال‭ ‬رمضان،‭ ‬ثم‭ ‬تقوم‭ ‬بنشر‭ ‬الزينة‭ ‬الكهربائية‭ ‬فـي‭ ‬الميادين‭ ‬الرئيسة‭ ‬احتفالاً‭ ‬باستقبال‭ ‬الشهر‭ ‬الكريم،‭ ‬ومن‭ ‬العادات‭ ‬الغريبة‭ ‬أيضًا،‭ ‬حرص‭ ‬النساء‭ ‬على‭ ‬الطوف‭ ‬بالمنازل‭ ‬لقراءة‭ ‬القرآن‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الإفطار‭ ‬والسحور‭.‬

وربما‭ ‬يمتلك‭ ‬شعب‭ ‬موريتانيا‭ ‬العادة‭ ‬الأغرب‭ ‬بين‭ ‬الجميع،‭ ‬إذ‭ ‬يحلق‭ ‬الرجال‭ ‬فـي‭ ‬موريتانيا‭ ‬رؤوسهم‭ ‬قبل‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬بأيام،‭ ‬حتى‭ ‬يتزامن‭ ‬نمو‭ ‬الشعر‭ ‬الجديد‭ ‬مع‭ ‬نهاية‭ ‬الشهر،‭ ‬وتسمّى‭ ‬هذه‭ ‬العادة‭ ‬بإسم‭ ‬‮«‬زغبة‭ ‬رمضان‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬شعر‭ ‬رمضان‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬عادة‭ ‬تمزج‭ ‬بين‭ ‬الثقافتين‭ ‬العربية‭ ‬والأفريقية،‭ ‬إذ‭ ‬ترتبط‭ ‬عادة‭ ‬حلق‭ ‬الرأس‭ ‬عند‭ ‬الشعوب‭ ‬الأفريقية‭ ‬بغرض‭ ‬زيادة‭ ‬الرزق‭ ‬وزوال‭ ‬الهم‭. ‬كذلك‭ ‬تكثر‭ ‬حفلات‭ ‬الزفاف‭ ‬فـي‭ ‬موريتانيا‭ ‬خلال‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬ما‭ ‬يحصل‭ ‬فـي‭ ‬معظم‭ ‬الدول‭ ‬الإسلامية‭ ‬حول‭ ‬العالم‭. ‬كذلك‭ ‬يحرص‭ ‬الشعب‭ ‬الموريتاني‭ ‬على‭ ‬محاولة‭ ‬قراءة‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬كله‭ ‬فـي‭ ‬ليلة‭ ‬واحدة‭.‬

ويتميّز‭ ‬شعب‭ ‬جزر‭ ‬القمر،‭ ‬بواحدة‭ ‬من‭ ‬أجمل‭ ‬العادات‭ ‬الخاصة‭ ‬بهذا‭ ‬الشهر،‭ ‬ففـي‭ ‬الليلة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬يخرج‭ ‬السكان‭ ‬حاملين‭ ‬المشاعل‭ ‬ويتوجهون‭ ‬إلى‭ ‬السواحل،‭ ‬إذ‭ ‬ينعكس‭ ‬نور‭ ‬المشاعل‭ ‬على‭ ‬المياه‭ ‬ويقرعون‭ ‬الطبول،‭ ‬إعلانًا‭ ‬بقدوم‭ ‬شهر‭ ‬الصوم،‭ ‬ويستمرّ‭ ‬السهر‭ ‬على‭ ‬الساحل‭ ‬حتى‭ ‬وقت‭ ‬السحور‭.‬

أما‭ ‬اليمنيون‭ ‬فـيحرصون‭ ‬على‭ ‬طلاء‭ ‬منازلهم‭ ‬قبل‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬كإستقبال‭ ‬احتفالي‭ ‬بقدومه،‭ ‬وتظهر‭ ‬بذلك‭ ‬البيوت‭ ‬بأبهى‭ ‬حلّتها‭ ‬وكامل‭ ‬استعدادها‭ ‬لقدوم‭ ‬شهر‭ ‬الخير،‭ ‬كما‭ ‬تنظّم‭ ‬الإفطارات‭ ‬الجماعية‭ ‬فـي‭ ‬شوارع‭ ‬البلاد‭ ‬يوميًا‭.‬

من‭ ‬جهتهم‭ ‬يخصّص‭ ‬السعوديون‭ ‬يومًا‭ ‬للاحتفال‭ ‬بـ«شعبانية‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬شعبنة‮»‬‭ ‬أي‭ ‬الاستعداد‭ ‬لشهر‭ ‬رمضان‭ ‬فـي‭ ‬أواخر‭ ‬شهر‭ ‬شعبان،‭ ‬بلافتات‭ ‬ولوحات‭ ‬الترحيب‭ ‬برمضان‭ ‬التى‭ ‬تملأ‭ ‬الشوارع‭ ‬والأسواق،‭ ‬ويجتمع‭ ‬فـي‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬الأهل‭ ‬والأصدقاء‭ ‬والجيران،‭ ‬ويتمّ‭ ‬تقديم‭ ‬جميع‭ ‬الأكلات‭ ‬الشعبية‭ ‬والحلويات‭.‬‭ ‬ويتم‭ ‬التأكّد‭ ‬من‭ ‬دخول‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬رصد‭ ‬الهلال‭ ‬بالطريقة‭ ‬التقليدية‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬تطوّر‭ ‬علم‭ ‬الفلك‭ ‬وسهولة‭ ‬رصد‭ ‬أيام‭ ‬الشهور‭ ‬الهجرية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬استخدام‭ ‬طرق‭ ‬مختلفة‭ ‬للترحيب‭ ‬برمضان،‭ ‬كطريقة‭ ‬أهل‭ ‬عسير‭ ‬الذين‭ ‬يشعلون‭ ‬النيران‭ ‬الكثيفة‭ ‬على‭ ‬أسطح‭ ‬المنازل‭ ‬استقبالاً‭ ‬لهذا‭ ‬الشهر‭ ‬الكريم‭.‬

عادات‭ ‬شعبية‭ ‬جميلة

تتميّز‭ ‬ليالي‮ ‬رمضان بغناها‭ ‬بالعادات‭ ‬الشعبية‭ ‬الجميلة،‭ ‬خاصة‭ ‬فـي‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تتمسّك‭ ‬بالعادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬التراثية‭ ‬الأصيلة،‭ ‬ورغم‭ ‬الأجواء‭ ‬الروحانية‭ ‬التي‭ ‬يتميّز‭ ‬بها‭ ‬الشهر‭ ‬الكريم‭ ‬وتخصيص‭ ‬أكبر‭ ‬وقت‭ ‬ممكن‭ ‬للصلاة‭ ‬والتعبّد‭ ‬وقراءة‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم،‭ ‬إلاّ‭ ‬أنه‭ ‬يمتاز‭ ‬أيضاً‭ ‬بصلة‭ ‬الرحم‭ ‬والتزاور‭ ‬والأجواء‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الطيبة‭.‬

يعتبر‭ ‬المسحراتي‭ ‬أحد‭ ‬الوجوه‭ ‬التراثية‭ ‬لهذا‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل،‭ ‬إذ‭ ‬يقوم‭ ‬المسحر‭ ‬مع‭ ‬أولاد‭ ‬الحي‭ ‬بطرق‭ ‬الطبول‭ ‬والأواني‭ ‬وإنشاد‭ ‬الأناشيد‭ ‬ليصحوا‭ ‬الجميع،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬المسحراتي‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬موجوداً‭ ‬فـي‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬حيث‭ ‬استعيض‭ ‬عنه‭ ‬بالمنبّه،‭ ‬إلاّ‭ ‬أن‭ ‬أجواء‭ ‬رمضان‭ ‬لا‭ ‬تكتمل‭ ‬من‭ ‬دونه،‭ ‬وهو‭ ‬بالفعل‭ ‬لا‭ ‬زال‭ ‬موجوداً‭ ‬فـي‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الثقافات‭ ‬التي‭ ‬تحاول‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الإرث،‭ ‬ومنها‭ ‬البحرين‭.‬

وتُعتبر‭ ‬‮«‬الغبقة‮»‬‭ ‬والمقصود‭ ‬بها‭ ‬‮«‬اللمة‮»‬‭ ‬من‭ ‬أبرز عادات‭ ‬رمضان فـي‭ ‬البحرين،‭ ‬وهي‭ ‬وجبة‭ ‬دسمة‭ ‬تقدّم‭ ‬قرب‭ ‬وقت‭ ‬السحور،‭ ‬إذ‭ ‬يزور‭ ‬الرجال‭ ‬والنساء‭ ‬بيوت‭ ‬الأقارب‭ ‬والأصدقاء‭ ‬لتناول‭ ‬أشهى‭ ‬المأكولات‭ ‬ومنها‭ ‬المحمر‭ ‬وهو‭ ‬أرز‭ ‬محلى‭ ‬بالسكر‭ ‬والهريس‭ ‬والثريد‭ ‬والخنفروش‭ ‬والكباب‭ ‬والمحلبي‭ ‬والفالودة‭ ‬والطابي‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الحلويات‭ ‬الشعبية‭.‬

ومن‭ ‬بين‭ ‬العادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬الخاصة‭ ‬برمضان‭ ‬فى‭ ‬الكويت،‭ ‬زيارة‭ ‬الأهل‭ ‬والأقارب‭ ‬والحرص‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬هدايا‭ ‬من‭ ‬أطباق‭ ‬الحلوى‭ ‬وهي‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬طبق‭ ‬من‭ ‬الحلوى‭ ‬أو‭ ‬التمر‭ ‬تسمى‭ ‬‮«‬النكصة‮»‬‭.‬

ولا‭ ‬يمكن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬عادات‭ ‬رمضان‭ ‬فـي‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬دون‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الاحتفال‭ ‬فـي‭ ‬ليلة‭ ‬منتصف‭ ‬الشهر‭ ‬المبارك،‭ ‬والتي‭ ‬تختلف‭ ‬تسميتها‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬خليجية‭ ‬الى‭ ‬أخرى،‭ ‬ففـي‭ ‬حين‭ ‬يطلق‭ ‬عليها‭ ‬العمانيون‭ ‬تسمية‭ ( ‬قرنقشوه‭) ‬مثلاً‭ ‬يطلق‭ ‬عليها‭ ‬السعوديون‭ ‬اسم‭ ‬قريقعان‭ ‬والكويتيون‭ ‬‮«‬الكَركَيعان‮»‬‭ ‬بينما‭ ‬يعرفها‭ ‬البحرينيون‭ ‬باسم‭ ‬‮ «‬القرقاعون‮»‬‭ ‬حيث‭ ‬يتجول‭ ‬الأطفال‭ ‬فـي‭ ‬الأحياء‭ ‬السكنية‭ ‬داخل‭ ‬الحارات،‭ ‬ليجمعوا‭ ‬ما‭ ‬يعطيهم‭ ‬ذويهم‭ ‬وجيرانهم‭ ‬من‭ ‬الحلويات‭ ‬والمكسرات‭ ‬والنقود،‭ ‬وهذه‭ ‬العادات‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬الموروثات‭ ‬الشعبية‭ ‬الخليجية‭ ‬التي‭ ‬يحاول‭ ‬الكثيرون‭ ‬الحفاظ‭ ‬عليها‭ ‬رغم‭ ‬صعوبتها‭ ‬فـي‭ ‬العصر‭ ‬الحالي‭ ‬حيث‭ ‬باتت‭ ‬المجتمعات‭ ‬أكثر‭ ‬اختلافاً‭ ‬وأصبح‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الغرباء‭ ‬فـي‭ ‬الأحياء،‭ ‬فباتوا‭ ‬اليوم‭ ‬يجتمعون‭ ‬فـي‭ ‬بيت‭ ‬كبير‭ ‬العائلة،‭ ‬وكل‭ ‬عائلة‭ ‬لديها‭ ‬طفل‭ ‬صغير‭ ‬تُقام‭ ‬له‭ ‬طقوس‭ ‬‮«‬الكركيعان‮»‬‭.‬

الفانوس‭ ‬أبرز‭ ‬سمات‭ ‬الأجواء‭ ‬الرمضانية
قصة‭ ‬إرتباطه‭ ‬بشهر‭ ‬رمضان

من‭ ‬أبرز‭ ‬مظاهر‭ ‬رمضان‭ ‬وأهم‭ ‬سمات‭ ‬الأجواء‭ ‬الرمضانية،‭ ‬هي‭ ‬زينة‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬حيث‭ ‬من‭ ‬العادة‭ ‬تزيين‭ ‬المنازل‭ ‬بالفوانيس‭ ‬والمفارش‭ ‬ذات‭ ‬الطبعات‭ ‬الرمضانية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أدوات‭ ‬التقديم‭ ‬مثل‭ ‬الصحون‭ ‬والفناجين‭ ‬الخاصة‭ ‬بالقهوة‭ ‬العربية‭ ‬وجميعها‭ ‬عليها‭ ‬الألوان‭ ‬المستخدمة‭ ‬فـي‭ ‬رمضان،‭ ‬أما‭ ‬إضاءة‭ ‬أبواب‭ ‬المنازل‭ ‬بالخيوط‭ ‬الكهربائية‭ ‬الملوَّنة‭ ‬وتزيين‭ ‬الأشجار‭ ‬وتعليق‭ ‬الأقمشة‭ ‬المكتوب‭ ‬عليها‭ ‬عبارة‭ ‬رمضان‭ ‬كريم‭ ‬والأدعية‭ ‬الدينية‭ ‬والآيات‭ ‬القرآنية‭ ‬فهي‭ ‬من‭ ‬العادات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تندثر‭ ‬بل‭ ‬تزداد‭ ‬روعة‭ ‬مع‭ ‬قدوم‭ ‬الشهر‭ ‬المبارك‭.‬

وسط‭ ‬الصراع‭ ‬الدائم‭ ‬الذي‭ ‬يزداد‭ ‬حدّة‭ ‬بين‭ ‬الحداثة‭ ‬والتراث‭ ‬يبقى‭ ‬حضور‭ ‬‮«‬فانوس‭ ‬رمضان‮»‬‭ ‬ثابتاً‭ ‬فـي‭ ‬أزقة‭ ‬وساحات‭ ‬المدن‭ ‬والعواصم‭ ‬الإسلامية‭ ‬فـي‭ ‬الشهر‭ ‬الكريم‭ ‬فإذا‭ ‬اكتفى‭ ‬الناس‭ ‬بإنارة‭ ‬بيوتهم‭ ‬وشوارعهم‭ ‬بمصابيح‭ ‬كهربائية‭ ‬عادية‭ ‬طيلة‭ ‬أيام‭ ‬العام،‭ ‬فهم‭ ‬لا‭ ‬يتنازلون‭ ‬فـي‭ ‬رمضان‭ ‬عن‭ ‬ملء‭ ‬أزقتهم‭ ‬بالفوانيس‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كونها‭ ‬كلمة‭ ‬معروفة‭ ‬فـي‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬ونجدها‭ ‬فـي‭ ‬المعاجم‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬أصلها‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬اللغة‭ ‬اليونانية‭.‬

أما‭ ‬الحكايات‭ ‬التي‭ ‬نسجت‭ ‬لتروي‭ ‬أصل‭ ‬الفانوس‭ ‬وقصة‭ ‬ارتباطه‭ ‬بشهر‭ ‬رمضان،‭ ‬فهي‭ ‬كثيرة‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬تتفق‭ ‬عليه‭ ‬جميعها‭ ‬هو‭ ‬الارتباط‭ ‬الوثيق‭ ‬بين‭ ‬فانوس‭ ‬رمضان‭ ‬ومصر،‭ ‬ولعل‭ ‬هذه‭ ‬العلاقة‭ ‬تفسّر‭ ‬تصدّر‭ ‬المصريين‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭ ‬حرفة‭ ‬تصنيع‭ ‬فوانيس‭ ‬رمضان‭ ‬وتجذّر‭ ‬عادة‭ ‬استخدامه‭ ‬فـي‭ ‬المجتمع‭ ‬المصري‭.‬

يُقال‭ ‬فـي‭ ‬إحدى‭ ‬القصص‭ ‬إن‭ ‬المصريين‭ ‬اعتادوا‭ ‬على‭ ‬مرافقة‭ ‬الخليفة‭ ‬خلال‭ ‬جولته‭ ‬فـي‭ ‬المدينة‭ ‬التي‭ ‬يمر‭ ‬فـيها‭ ‬من‭ ‬البوابات‭ ‬القديمة‭ ‬إلى‭ ‬القاهرة‭ ‬وينتهي‭ ‬بجبل‭ ‬المقطم؛‭ ‬ليثبت‭ ‬رؤيا‭ ‬هلال‭ ‬رمضان،‭ ‬وخلال‭ ‬مروره‭ ‬من‭ ‬الحارات‭ ‬والأزقة‭ ‬كان‭ ‬يقف‭ ‬جميع‭ ‬الأطفال‭ ‬وهم‭ ‬حاملين‭ ‬الفوانيس‭ ‬لينيروا‭ ‬له‭ ‬الطريق‭ ‬ويستقبلون‭ ‬رمضان‭ ‬بالاحتفالات‭.‬

وفـي‭ ‬رواية‭ ‬أخرى‭ ‬قيل‭ ‬إنه‭ ‬فـي‭ ‬عهد‭ ‬الفاطميين‭ ‬كان‭ ‬المصريون‭ ‬بانتظار‭ ‬الخليفة‭ ‬المعز‭ ‬بالله‭ ‬الفاطمي‭ ‬ليمرّ‭ ‬بالقاهرة،‭ ‬فأمرهم‭ ‬القائد‭ ‬العسكري‭ ‬للقاهرة‭ ‬آنذاك‭ ‬أن‭ ‬يقفوا‭ ‬فـي‭ ‬الطرقات‭ ‬التي‭ ‬سيمرّ‭ ‬بها‭ ‬الخليفة‭ ‬ليضيئوا‭ ‬طريقه،‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬ضمان‭ ‬عدم‭ ‬انطفاء‭ ‬الشمع‭ ‬صُنعت‭ ‬علب‭ ‬خشبية‭ ‬فـيها‭ ‬شمعة‭ ‬ومغطاة‭ ‬بورق‭ ‬النخيل‭ ‬والجلود‭ ‬الخفـيفة،‭ ‬وبذلك‭ ‬ارتبط‭ ‬الفانوس‭ ‬بإنارة‭ ‬الشوارع‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬متحولاً‭ ‬إلى‭ ‬رمز‭ ‬أبدي‭.‬

والروايات‭ ‬فـي‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬لا‭ ‬تنتهي‭ ‬ولكنها‭ ‬جميعها‭ ‬تتفق‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬بداية‭ ‬صناعة‭ ‬الفوانيس‭ ‬كانت‭ ‬فـي‭ ‬مصر‭ ‬إلاّ‭ ‬أن‭ ‬ارتباطها‭ ‬برمضان‭ ‬مع‭ ‬الوقت‭ ‬جعلها‭ ‬تنتشر‭ ‬فـي‭ ‬كل‭ ‬المدن‭ ‬التي‭ ‬تضم‭ ‬مجتمعات‭ ‬مسلمة‭ ‬ليصبح‭ ‬الفانوس‭ ‬جزءاً‭ ‬أساسياً‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬وسلعة‭ ‬رائجة‭ ‬تدرّ‭ ‬مدخولاً‭ ‬جيداً‭ ‬على‭ ‬صاحبها‭.‬

ولكن‭ ‬اليوم‭ ‬تحوّل‭ ‬فانوس‭ ‬رمضان‭ ‬إلى‭ ‬ساحة‭ ‬منافسة‭ ‬اقتصادية‭ ‬فمقابل‭ ‬الفوانيس‭ ‬المصنوعة‭ ‬يدوياً‭ ‬وبجهد‭ ‬كبير،‭ ‬غزت‭ ‬الفوانيس‭ ‬المصنّعة‭ ‬فـي‭ ‬الصين‭ ‬الأسواق‭ ‬منافسة‭ ‬بقوة،‭ ‬يد‭ ‬الحرفـيين‭ ‬المحلية‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يطرح‭ ‬اليوم‭ ‬أسئلة‭ ‬كثيرة‭ ‬حول‭ ‬الجدوى‭ ‬الاقتصادية‭ ‬من‭ ‬استمرار‭ ‬صناعتها‭ ‬يدوياً‭.‬

الفنانيس‭ ‬سمة‭ ‬جديدة

بينما‭ ‬كانت‭ ‬الفوانيس‭ ‬التعبير‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬يرمز‭ ‬إلى‭ ‬الأجواء‭ ‬الرمضانية،‭ ‬دخلت‭ ‬فـي‭ ‬العام‭ ‬2016‭ ‬الفنانيس،‭ ‬وهي‭ ‬شخصيات‭ ‬إبتكرتها‭ ‬قناة‭ ‬أم‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬للإحتفال‭ ‬بقدوم‭ ‬رمضان‭ ‬فتحوّلت‭ ‬الى‭ ‬رمز‭ ‬وضرورة،‭ ‬لا‭ ‬تكتمل‭ ‬زينة‭ ‬رمضان‭ ‬من‭ ‬دونها‭.‬

فـي‭ ‬عام‭ ‬2016،‭ ‬استقبلت‭ ‬مجموعة‭ ‬قنوات‭ ‬أم‭ ‬بي‭ ‬سي،‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬بشخصيات‭ ‬كرتونية‭ ‬رسمت‭ ‬فواصل‭ ‬مميّزة‭ ‬بين‭ ‬الإعلانات‭ ‬والمسلسلات،‭ ‬ولفتت‭ ‬أنظار‭ ‬الجمهور‭ ‬وسرقت‭ ‬قلوب‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المشاهدين،‭ ‬فزيّنت‭ ‬شاشات‭ ‬هواتفهم‭ ‬وحساباتهم‭ ‬الرقمية،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تتحوّل‭ ‬الى‭ ‬زينة‭ ‬للمنازل‭ ‬تعبّر‭ ‬عن‭ ‬الفرحة‭ ‬باستقبال‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭.‬

يظن‭ ‬البعض‭ ‬انه‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬ربط‭ ‬الشخصيات‭ ‬‮«‬الكرتونية‮»‬‭ ‬بالأطفال،‭ ‬إلاّ‭ ‬أنه‭ ‬فـي‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬إرتبط‭ ‬الكبار‭ ‬بهذه‭ ‬الشخصيات‭ ‬قبل‭ ‬الصغار‭ ‬وحقّقت‭ ‬الفـيديوهات‭ ‬الخاصة‭ ‬بها‭ ‬ملايين‭ ‬المشاهدات‭ ‬والمشاركات‭ ‬عبر‭ ‬مختلف‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭.‬

بدأت‭ ‬فكرة‭ ‬ابتكار‭ ‬هذه‭ ‬الشخصيات‭ ‬من‭ ‬قبل‭  ‬رشا‭ ‬سعادة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تتولى‭ ‬حينها‭ ‬منصب‭ ‬مديرة‭ ‬قسم‭ ‬العلامات‭ ‬التجارية‭ ‬والعروض‭ ‬فـي‭ ‬مجموعة‭ ‬أم‭ ‬بي‭ ‬سي،‭ ‬التي‭ ‬اقترحت‭ ‬تنفـيذ‭ ‬رسوم‭ ‬متحركة‭ ‬على‭ ‬شاشة‭ ‬المحطة‭ ‬فـي‭ ‬رمضان‭ ‬رغم‭ ‬وجود‭ ‬مخاطرة‭ ‬فـي‭ ‬تنفـيذ‭ ‬الفكرة‭ ‬وتقبّل‭ ‬الجمهور‭ ‬لها،‭ ‬وركّز‭ ‬القائمون‭ ‬على‭ ‬الفكرة‭ ‬فـي‭ ‬جلب‭ ‬السعادة‭ ‬والابتسامة‭ ‬إلى‭ ‬المشاهدين‭ ‬فـي‭ ‬رمضان،‭ ‬وتحديدًا‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬غير‭ ‬مملة‭ ‬خاصةً‭ ‬وأنها‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الفواصل‭ ‬التي‭ ‬تتكرّر‭ ‬بشكل‭ ‬مستمر‭ ‬بين‭ ‬المسلسلات‭.‬

ورغم‭ ‬وجود‭ ‬حلم‭ ‬تنفـيذ‭ ‬هذه‭ ‬الفكرة‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬فإن‭ ‬بناءها‭ ‬كان‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬مع‭ ‬تقديم‭ ‬شخصية‭ ‬‮«‬سيلفـي‮»‬‭ ‬وهو‭ ‬الرجل‭ ‬العجوز‭ ‬الذي‭ ‬لديه‭ ‬هوس‭ ‬بالموبايل‭ ‬الذي‭ ‬يصطحبه‭ ‬معه‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التقاط‭ ‬صور‭ ‬السيلفـي،‭ ‬واشترط‭ ‬القائمون‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الشخصية‭ ‬الابتعاد‭ ‬عن‭ ‬تقديمه‭ ‬فـي‭ ‬شكل‭ ‬الشاب‭ ‬الصغير‭ ‬الـ»كول‮»‬‭ ‬ما‭ ‬أدّى‭ ‬إلى‭ ‬ظهوره‭ ‬بهذا‭ ‬الشكل،‭ ‬وبعد‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬المشاهدين‭ ‬الإيجابية‭ ‬والتي‭ ‬أظهرت‭ ‬حبهم‭ ‬لشخصية‭ ‬‮«‬سيلفـي‮»‬‭ ‬قرّروا‭ ‬تطوير‭ ‬الفكرة‭ ‬خاصةً‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬25‭ ‬عامًا‭ ‬على‭ ‬إنشاء‭ ‬مجموعة‭ ‬قنوات‭ ‬أم‭ ‬بي‭ ‬سي‭.‬

وبالفعل‭ ‬تمّت‭ ‬إضافة‭ ‬ست‭ ‬شخصيات‭ ‬أخرى‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬شخصية‭ ‬‮«‬سيلفـي‮»‬‭ ‬وكانت‭ ‬الفكرة‭ ‬الأساسية‭ ‬فـي‭ ‬تنفـيذها‭ ‬وجود‭ ‬ما‭ ‬يضحك‭ ‬المشاهدين،‭ ‬ولكن‭ ‬أكثر‭ ‬شخصية‭ ‬أخذت‭ ‬وقتًا‭ ‬فـي‭ ‬التفكير‭ ‬والتنفـيذ‭ ‬هي‭ ‬شخصية‭ ‬‮«‬الرجل‭ ‬السمين‮»‬‭ ‬والذي‭ ‬أطلقت‭ ‬عليه‭ ‬رشا‭ ‬سعادة‭ ‬‮«‬حبيب‭ ‬قلبي‮»‬‭ ‬كما‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬أصحاب‭ ‬الفكرة‭ ‬‮«‬البطل‮»‬‭ ‬والشخصية‭ ‬الرئيسة‭ ‬وسط‭ ‬بقية‭ ‬الشخصيات‭ ‬خاصةً‭ ‬أنه‭ ‬خطف‭ ‬الأنظار‭ ‬من‭ ‬الشخصيات‭ ‬الأخرى،‭ ‬وظل‭ ‬محل‭ ‬إعجاب‭ ‬الكثيرين‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬كما‭ ‬حظي‭ ‬بأعلى‭ ‬إهتمام‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬الجمهور‭ ‬أم‭ ‬ممن‭ ‬اخترعوه‭ ‬والذين‭ ‬أكدوا‭ ‬انهم‭ ‬بذلوا‭ ‬مجهودًا‭ ‬كبيًرا‭ ‬حتى‭ ‬يخرج‭ ‬بهذا‭ ‬الشكل،‭ ‬سواء‭ ‬فـي‭ ‬تعابير‭ ‬وجهه‭ ‬أم‭ ‬ضحكته‭ ‬أم‭ ‬مشاكساته،‭ ‬كما‭ ‬انه‭ ‬وقبل‭ ‬تنفـيذه‭ ‬تمّ‭ ‬رسمه‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬شعروا‭ ‬انه‭ ‬قريب‭ ‬من‭ ‬القلب،‭ ‬وكان‭ ‬أول‭ ‬ظهور‭ ‬له‭ ‬على‭ ‬الشاشة‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬يأكل‭ ‬‮«‬القطائف‮»‬‭ ‬بشكل‭ ‬كوميدي‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أشعر‭ ‬أصحاب‭ ‬الفكرة‭ ‬بأنهم‭ ‬يمتلكون‭ ‬شخصية‭ ‬‮«‬مميّزة‮»‬‭.‬

وعن‭ ‬مدة‭ ‬التحضير‭ ‬لهذه‭ ‬الشخصيات‭ ‬فـي‭ ‬جميع‭ ‬مراحلها‭ ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬التفكير‭ ‬فـي‭ ‬فكرة‭ ‬جديدة‭ ‬ومرورًا‭ ‬برسمها‭ ‬وتخيّلها‭ ‬انتهاءً‭ ‬بتحريكها‭ ‬قبل‭ ‬العرض‭ ‬مباشرةً،‭ ‬إستغرقت‭ ‬حوالي‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬إذ‭ ‬إنها‭ ‬صُمّمت‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تظهر‭ ‬فـي‭ ‬شكل‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬الحقيقة‭ ‬ويعتبرها‭ ‬القائمون‭ ‬على‭ ‬مجموعة‭ ‬قنوات‭ ‬أم‭ ‬بي‭ ‬سي،‭ ‬بمثابة‭ ‬‮«‬أولادهم‮»‬‭ ‬ولكنهم‭ ‬تعمّدوا‭ ‬عدم‭ ‬اختيار‭ ‬أسماء‭ ‬محدّدة‭ ‬لهذه‭ ‬الشخصيات‭ ‬تاركين‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬للمشاهدين‭.‬

العصر‭ ‬الذهبي‭ ‬مع‭ ‬شريهان
هل‭ ‬انتهى‭ ‬زمن‭ ‬الفوازير؟

لسنوات‭ ‬طويلة‭ ‬ارتبط‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬الفوازير‮»‬‭ ‬التي‭ ‬شكّلت‭ ‬لزمن‭ ‬طويل،‭ ‬طقساً‭ ‬من‭ ‬طقوس‭ ‬الشهر ومعلماً‭ ‬من‭ ‬معالمه‭ ‬التلفزيونية‭. ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬كثرة‭ ‬وسائل‭ ‬الترفـيه‭ ‬والمسلسلات‭ ‬الرمضانيّة‭ ‬بقيت‭ ‬فوازير‭ ‬رمضان‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الأعمال‭ ‬الفنّيّة‭ ‬التي‭ ‬تعلّق‭ ‬بها‭ ‬الجمهور‭ ‬العربي‭ ‬ومن‭ ‬أهمّ‭ ‬المظاهر‭ ‬الاحتفاليّة‭ ‬بشهر‭ ‬رمضان‭ ‬خصوصاً‭ ‬بالنسبة‭ ‬لجيل‭ ‬الثمانينيّات‭ ‬والتسعينيّات‭ ‬الذي‮ ‬شكّلت‭ ‬الفوازير‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬ثقافته،‭ ‬وتكوينه‭.‬

الفوازير‭ ‬فـي‭ ‬مضمونها‭ ‬هي‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬‮«‬أحجية‮»‬‭ ‬تؤدّى‭ ‬بشكل‭ ‬استعراضيّ،‭ ‬جامعة عدّة‭ ‬فنون‭ ‬فـي‭ ‬قالب‭ ‬فنّيّ‭ ‬واحد؛‭ ‬فهي‭ ‬تجمع الشعر بالتمثيل،‭ ‬والغناء‭ ‬والرقص‭ ‬بالمعلومة‭ ‬الدينيّة‭ ‬أو‭ ‬التاريخيّة‭ ‬أو‭ ‬الاجتماعيّة‭.‬

والسؤال‭ ‬الذي‭ ‬يطرح‭ ‬نفسه‭ ‬اليوم‭: ‬هل‭ ‬انتهى‭ ‬زمن‭ ‬الفوازير؟‭ ‬تلك‭ ‬الوجبة‭ ‬الترفـيهية‭ ‬لحل‭ ‬الأحجيات‭ ‬والتي‭ ‬أغنت‭ ‬موائد‭ ‬وبرامج‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬من‭ ‬سبعينيات‭ ‬إلى‭ ‬تسعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭. ‬صورة‭ ‬ملوّنة‭ ‬جمعت‭ ‬المواهب‭ ‬الاستعراضية‭ ‬والموسيقية‭ ‬ولوحات‭ ‬فنية‭ ‬لا‭ ‬زالت‭ ‬فـي‭ ‬الذاكرة‭ ‬إذ‭ ‬كانت‭ ‬تتهافت‭ ‬المحطات‭ ‬على‭ ‬شراء‭ ‬الفوازير‭ ‬وعرضها‭ ‬فـي‭ ‬الموسم‭ ‬الرمضاني‭ ‬الذي‭ ‬تحول‭ ‬خلال‭ ‬العقد‭ ‬الأخير‭ ‬إلى‭ ‬مسلسلات‭ ‬الدراما‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬عالم‭ ‬الاستعراض‭ ‬أو‭ ‬‮«‬الفزورة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬دأب‭ ‬المصريون‭ ‬على‭ ‬توظيفها‭ ‬فـي‭ ‬الأعمال‭ ‬والبرامج‭.‬

بدأت‭ ‬فكرة‭ ‬الفوازير‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬مزيجاً‭ ‬بين الدراما والاستعراض‭ ‬عام‭ ‬1967،‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬المخرج‭ ‬أحمد‭ ‬سالم‭ ‬وفرقة‭ ‬ثلاثي‭ ‬أضواء‭ ‬المسرح‭ ‬المؤلّفة‭ ‬من‭:‬‮ ‬سمير‭ ‬غانم‮ ‬وجورج‭ ‬سيّدهم‭ ‬والضيف‭ ‬أحمد،‭ ‬وكانت‭ ‬أوّل‭ ‬فوازير‭ ‬عربيّة‭ ‬فـي‭ ‬التلفزيون‭ ‬المصريّ‭.‬

وبين‭ ‬عامي‭ ‬1975‭ ‬و1981‭ ‬تولّت‭ ‬الممثّلة‭ ‬نيللي‭ ‬تقديم‭ ‬الفوازير‭.‬

وفـي‭ ‬عام‭ ‬1982‭ ‬ابتكر‭ ‬فهمي‭ ‬عبد‭ ‬الحميد‭ ‬شخصيّة‭ ‬‮«‬فطوطة‮»‬‭ ‬والتي‭ ‬قدّمها‭ ‬الفنّان‭ ‬سمير‭ ‬غانم‭ ‬حتّى‭ ‬عام‭ ‬1984‭. ‬وقد‭ ‬نجح‭ ‬غانم‭ ‬بتقديم‭ ‬شخصية‭ ‬‮«‬فطوطة‮»‬‭ ‬وقدّم‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬صورة‭ ‬فكاهية‭ ‬تماشت‭ ‬مع‭ ‬الاستعراض‭ ‬والاستديوهات‭. ‬وحتى‭ ‬أزياء‭ ‬‮«‬الفوازير‮»‬‭ ‬أصبحت‭ ‬تقليداً‭ ‬سنويّاً‭ ‬تُعدُّ‭ ‬له‭ ‬العدة‭ ‬طوال‭ ‬أيام‭ ‬العام،‭ ‬ويتولى‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الشعراء‭ ‬والكتّاب‭ ‬تأليف‭ ‬وتركيب‭ ‬السيناريوهات‭ ‬الغنائية‭ ‬التي‭ ‬أغْنَت‭ ‬التجربة‭ ‬والحركة‭ ‬فـي‭ ‬طريقة‭ ‬العرض‭. ‬وجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬بأنّ‭ ‬ثمّة‭ ‬رؤية‭ ‬خاصة‭ ‬تبناها‭ ‬المخرج‭ ‬الراحل‭ ‬فهمي‭ ‬عبد‭ ‬الحميد‭ ‬شكّلت‭ ‬القاعدة‭ ‬لما‭ ‬تلاها‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬تشابه‭ ‬أو‭ ‬تقلّد‭ ‬‮«‬فوازير‮»‬‭ ‬رمضان‭.‬

يصحّ‮ ‬القول‭ ‬إنّ‭ ‬الفوازير‭ ‬الرمضانيّة‭ ‬شهدت‭ ‬عصرها‭ ‬الذهبي‭ ‬فـي‭ ‬الثمانينيّات‭ ‬بعد‭ ‬دخول‭ ‬التقنيّات‭ ‬الجديدة‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬التلفزيون‭ ‬واستثمارها‭ ‬بطريقة‭ ‬ذكيّة‭ ‬جدّاً‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المخرج‭ ‬فهمي‭ ‬عبد‭ ‬الحميد‭ ‬الذي‭ ‬اكتشف‭ ‬تحديداً‭ ‬الفنانة‭ ‬شيريهان‭ ‬بعد‭ ‬مشوار‭ ‬طويل‭ ‬مع‭ ‬زميلتها‭ ‬نيللي‭. ‬شيريهان‭ ‬كانت‭ ‬مفاجأة‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمتابعين‭ ‬وحتى‭ ‬النقّاد‭ ‬بعدما‭ ‬وُضِعَت‭ ‬فـي‭ ‬قالب‭ ‬أظهر‭ ‬شخصيتها‭ ‬الفنية‭ ‬كثيراً‭ ‬وأغنى‭ ‬خبرتها‭ ‬التمثيلية‭ ‬وكرّس‭ ‬حضورها‭ ‬الاستعراضي،‭ ‬متساوياً‭ ‬مع‭ ‬موهبتها‭ ‬فـي‭ ‬السينما‭ ‬والدراما‭.‬

بعد‭ ‬رحيل‭ ‬المخرج‭ ‬فهمي‭ ‬عبد‭ ‬الحميد‭ ‬بداية‭ ‬التسعينيات‭ ‬تسلّم‭ ‬نجله‭ ‬جمال‭ ‬عبد‭ ‬الحميد‭ ‬الدفة‭ ‬لوقت‭ ‬غير‭ ‬طويل‭ ‬واستطاع‭ ‬أيضاً‭ ‬أن‭ ‬يلفت‭ ‬الأنظار‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عروض‭ ‬سنوية‭ ‬لفوازير‭ ‬رمضان‭ ‬أعادت‭ ‬نيللي‭ ‬وشيريهان‭ ‬إلى‭ ‬البريق‭ ‬نفسه‭ ‬الذي‭ ‬أحبه‭ ‬الناس‭ ‬فـي‭ ‬ليالي‭ ‬رمضان‭.‬

وقد‭ ‬قدّمت‭ ‬الفنانة‮ ‬شريهان‮ ‬فوازير‭ ‬‮«‬ألف‭ ‬ليلة‭ ‬وليلة‮»‬‭ ‬ثمّ‭ ‬كانت‭ ‬فوازير‭ ‬‮«‬المناسبات‮»‬‭ ‬من‭ ‬بطولة‭ ‬صابرين‭ ‬ وهالة‭ ‬فؤاد‭ ‬ويحيى‭ ‬الفخرانيّ‭.‬

وفـي‭ ‬عام‭ ‬1992‭ ‬قدّمت‭ ‬نيللي‭ ‬فوازير‭ ‬‮«‬عجايب‭ ‬صندوق‭ ‬الدنيا‮»‬‭ ‬و«أمّ‭ ‬العرّيف‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1993،‭ ‬ثمّ‭ ‬كانت‭ ‬فوازير‭ ‬‮«‬قيس‭ ‬وليلى‮»‬‭ ‬بطولة‭ ‬محمّد‭ ‬الحلو‭ ‬وشيرين‭ ‬وجدي‭ ‬فـي‭ ‬عام‭ ‬1994،‭ ‬ثمّ‭ ‬‮«‬حاجات‭ ‬ومحتاجات‮»‬‭ ‬من‭ ‬بطولة‭ ‬شريهان‭ ‬فـي‭ ‬عام‭ ‬1994‭.‬

وفـي‭ ‬سباق‭ ‬الفوازير‭ ‬الرمضانيّة،‭ ‬برزت‭ ‬‮«‬فوازير‭ ‬المناسبات‮»‬‭ ‬التي‭ ‬قدّمها‭ ‬الممثّل‭ ‬يحيى‭ ‬الفخرانيّ‭ ‬مع‭ ‬الفنّانة‭ ‬صابرين‭ ‬والراحلة‭ ‬هالة‭ ‬فؤاد‭ ‬عام‭ ‬1988،‭ ‬وفوازير‭ ‬المناسبات‭ ‬كانت‭ ‬أشبه‭ ‬بمسلسل‭ ‬كوميديّ‭ ‬حلقاته‭ ‬منفصلة‭ ‬وبداخلها‭ ‬فزّورة‭ ‬يرتكز‭ ‬موضوعها‭ ‬على المناسبات‭ ‬والأعياد،‭ ‬حيث‭ ‬يتمّ‭ ‬اختيار‭ ‬مناسبة‭ ‬من‭ ‬المناسبات‭ ‬المصريّة‭ ‬والعادات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بها‭ ‬فـي‭ ‬كلّ‭ ‬حلقة‭ ‬ليقوم‭ ‬الثلاثيّ‭ ‬بتجسيدها‭ ‬فـي‭ ‬مزيج‭ ‬بين‭ ‬الدراما‭ ‬والاستعراضات‭.‬

لا‭ ‬أحد‭ ‬يجادل‭ ‬فـي‭ ‬أن‭ ‬نشأة‭ ‬الفوازير‭ ‬وتألقها‭ ‬كانا‭ ‬فـي‭ ‬مصر‭ ‬ومنها‭ ‬انتقلت‭ ‬إلى‭ ‬بلدان‭ ‬عربيّة‭ ‬أخرى‭ ‬كالسعوديّة‭ ‬وسوريا‭ ‬والكويت ولبنان،‭ ‬إلاّ‭ ‬أنّ‭ ‬التجارب‭ ‬فـي‭ ‬هذه‭ ‬البلدان‭ ‬كانت‭ ‬خجولة‭ ‬مقارنة‭ ‬بما‭ ‬قدّمته‭ ‬مصر‭ ‬فـي‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭.‬

ظهرت‭ ‬‮«‬فوازير‭ ‬مشقاص‮»‬‭ ‬وهي‭ ‬أول‭ ‬فوازير‭ ‬فـي‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬عام‭ ‬1986،‭ ‬ابتكر‭ ‬هذه‭ ‬الشخصيّة‭ ‬الفنّان‭ ‬لطفـي‭ ‬زيني‭ ‬وقام‭ ‬بأدائها‭ ‬الفنّان‭ ‬حسن‭ ‬دردير‭ ‬وهو‭ ‬ممثّل‭ ‬ومنولوجيست‭ ‬سعوديّ‭ ‬بدأ‭ ‬بعمل‭ ‬الفوازير‭ ‬المخصّصة‭ ‬للأطفال‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬فوازير‭ ‬‮«‬مشقاص‭ ‬وجغرافـيا‮»‬‭ ‬وقد‭ ‬عُرض‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تلفزيون‭ ‬المملكة‭ ‬العربيّة‭ ‬السعوديّة‭ ‬والتلفزيون‭ ‬المصريّ‭.‬

ولم‭ ‬تكن‭ ‬سوريا‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬تأثّرها‭ ‬بفنّ‭ ‬الفوازير؛‭ ‬ففـي‭ ‬عام‭ ‬1998‭ ‬عرض‭ ‬التلفزيون‭ ‬السوريّ‭ ‬‮«‬فوازير‭ ‬مين‭ ‬وين‮»‬‭ ‬وهي‭ ‬فوازير‭ ‬رمضانيّة‭ ‬سوريّة‭ ‬من‭ ‬تأليف‭ ‬وتمثيل‮ ‬أيمن‭ ‬رضا‮ ‬وباسم‭ ‬ياخور‮  ‬بمشاركة‭ ‬نورمان‭ ‬أسعد‭. ‬تناولت‭ ‬‮«‬فوازير‭ ‬مين‭ ‬وين‮»‬‭ ‬موضوع‭ ‬المهن‭ ‬والمدن‭ ‬العربيّة‭ ‬وقد‭ ‬قُدّمت‭ ‬حزّورة‭ ‬رمضان‭ ‬حينها‭ ‬ضمن‭ ‬استعراضات‭ ‬راقصة‭ ‬مميّزة‭ ‬ومبتكرة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مشهدين‭ ‬كوميديّين‭ ‬لفتاة‭ ‬تعمل‭ ‬فـي‭ ‬مكتب‭ ‬السياحة‭ ‬ولديها‭ ‬جاران‭ ‬شابّان‭ ‬تحاولان‭ ‬ملاحقتها‭ ‬وهي‭ ‬تتهرّب‭ ‬منهما‭ ‬بإعطاء‭ ‬معلومات‭ ‬خاطئة‭ ‬عن‭ ‬المدينة‭ ‬التي‭ ‬تريد‭ ‬السفر‭ ‬إليها‭.‬

فـي‭ ‬مرحلة‭ ‬التسعينيات‭ ‬ومع‭ ‬انتشار‭ ‬القنوات‭ ‬الفضائية‭ ‬ودخول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬على‭ ‬ساحة‭ ‬المنافسة‭ ‬التلفزيونية‭ ‬كان‭ ‬لشركة‭ ‬راديو‭ ‬وتلفزيون‭ ‬العرب‭ ‬تجارب‭ ‬خجولة‭ ‬فـي‭ ‬تقديم‭ ‬وإعداد‭ ‬وجبة‭ ‬مُستنسخة‭ ‬عن‭ ‬‮«‬الفوازير‮»‬‭ ‬المصرية‭ ‬بقالب‭ ‬افتقد‭ ‬إلى‭ ‬القواعد‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬بُنيت‭ ‬عليها‭ ‬شهرة‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬التلفزيوني‭. ‬استُعين‭ ‬بداية‭ ‬بالفنانة‭ ‬هيفا‭ ‬وهبي‭ ‬التي‭ ‬قدّمت‭ ‬‮«‬فوازير‭ ‬رمضان‮»‬‭ ‬مع‭ ‬الممثل‭ ‬أحمد‭ ‬السّقا‭. ‬واقتصر‭ ‬الاستعراض‭ ‬على‭ ‬المقدمة‭ ‬والخاتمة‭ ‬بينما‭ ‬جلست‭ ‬وهبي‭ ‬والسقا‭ ‬فـي‭ ‬الاستديو‭ ‬يحاولان‭ ‬طرح‭ ‬الأسئلة‭ ‬على‭ ‬المشاهد‭ ‬والردّ‭ ‬على‭ ‬الاتصالات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬ترد‭ ‬من‭ ‬المشاهدين‭ ‬للفوز‭ ‬بالجائزة‭. ‬أسْلوبٌ‭ ‬جديدٌ‭ ‬كسر‭ ‬الصورة‭ ‬فـي‭ ‬ذهن‭ ‬المُشاهد‭ ‬عن‭ ‬‮«‬الفوازير‮»‬‭ ‬الحقيقية‭ ‬وطريقة‭ ‬تقديمها‭ ‬أو‭ ‬الاستسهال‭ ‬فـي‭ ‬عرضها‭ ‬بهذه‭ ‬الطريقة‭. ‬لكن‭ ‬قناة‭ ‬‮«‬ART‮»‬‭ ‬نفسها‭ ‬أصرّت‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬‮«‬الفوازير‮»‬‭ ‬بعدها‭ ‬واستعانت‭ ‬بمجموعة‭ ‬من‭ ‬عارضات‭ ‬الأزياء‭ ‬اللبنانيات‭ ‬فكانت‭ ‬ريتا‭ ‬حرب‭ ‬ولاميتا‭ ‬فرنجية‭ ‬فـي‭ ‬العام‭ ‬1998‭ ‬ومجموعة‭ ‬من‭ ‬عارضات‭ ‬الأزياء‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الممثل‭ ‬السوري‭ ‬سامر‭ ‬المصري‭.‬

محاولات‭ ‬لإحياء‭ ‬الفوازير

فـي‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬بدأ‭ ‬مشروع‭ ‬الفوازير‭ ‬ينحصر‭ ‬عن‭ ‬المفكرة‭ ‬المصريّة‭ ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬غائباً‭ ‬اليوم‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬لأسبابٍ‭ ‬كثيرةٍ‭ ‬ومنها‭ ‬اعتزال‭ ‬الفنانة‭ ‬شيريهان‭ ‬العمل‭ ‬بعد‭ ‬أزمتها‭ ‬الصحية‭ ‬وتراجع‭ ‬أسهم‭ ‬الفنانة‭ ‬نيللي‭ ‬وغيابها‭ ‬دون‭ ‬تبرير،‭ ‬عن‭ ‬التمثيل‭. ‬لكن‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يثن‭ ‬بعض‭ ‬المنتجين‭ ‬الذين‭ ‬تسكنهم‭ ‬فكرة‭ ‬الفوازير‭ ‬عن‭ ‬إعادة‭ ‬الكرّة‭ ‬مجدّداً‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬بديلات‭ ‬لشيريهان‭ ‬ونيللي‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬استثمار‭ ‬مشروع‭ ‬‮«‬فوازير‮»‬‭ ‬مُكلف‭ ‬وعرضه‭ ‬فـي‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭.‬

دخلت‭ ‬مقدّمة‭ ‬البرامج‭ ‬الكويتية‭ ‬حليمة‭ ‬بولند‭ ‬عالم‭ ‬الفوازير‭ ‬فـي‭ ‬العام‭ ‬2007،‭ ‬لكن‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الفني‭ ‬التقني‭ ‬لم‭ ‬تحقّق‭ ‬أي‭ ‬تقدم‭. ‬السيناريو‭ ‬قُدّم‭ ‬بطريقة‭ ‬غير‭ ‬محترفة‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الحملة‭ ‬الدعائية‭ ‬الواسعة‭ ‬التي‭ ‬ملأت‭ ‬شوارع‭ ‬الكويت‭. ‬استحوذ‭ ‬الخلاف‭ ‬بين‭ ‬حليمة‭ ‬بولند‭ ‬وشركة‭ ‬‮«‬روتانا‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬المحاكم‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الاهتمام‭. ‬والسبب‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬حليمة‭ ‬كانت‭ ‬تعمل‭ ‬فـي‭ ‬محطة‭ ‬‮«‬روتانا‮»‬‭ ‬كمقدمة‭ ‬برامج‭ ‬واعتبرت‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬بولند‭ ‬يتنافى‭ ‬مع‭ ‬طبيعة‭ ‬العقد‭ ‬الموقع‭ ‬بين‭ ‬الطرفـين‭. ‬لكن‭ ‬بولند‭ ‬وظَّفت‭ ‬الدعوى‭ ‬القضائيَّة‭ ‬لصالحها‭ ‬يومها‭ ‬وقالت‭ ‬إنَّ‭ ‬محاربة‭ ‬‮«‬روتانا‮»‬‭ ‬لها‭ ‬تزامناً‭ ‬مع‭ ‬عرض‭ ‬‮«‬الفوازير‮»‬‭ ‬هو‭ ‬اعتراف‭ ‬بنجوميتها‭ ‬وخصوصاً‭ ‬أن‭ ‬الفوازير‭ ‬هي‭ ‬عمل‭ ‬فني‭ ‬وليس‭ ‬برنامجاً‭ ‬مُنوّعاً‭ ‬أو‭ ‬حواريّاً‭.‬

وقدّمت‭ ‬الممثلة‭ ‬المغربية‭ ‬المقيمة‭ ‬فـي‭ ‬الإمارات،‭ ‬ميساء‭ ‬مغربي،‭ ‬‮ ‬الفوازير‭ ‬فـي‭ ‬العام‭ ‬2008،‭ ‬ورغم‭ ‬تميّزها‭ ‬بالاستعراضات‭ ‬الباهرة‭ ‬والديكورات‭ ‬الضخمة‭ ‬والتنوّع‭ ‬بين‭ ‬التمثيل‭ ‬والرقص‭ ‬والغناء‭ ‬باءت‭ ‬بالفشل،‭ ‬واقتصر‭ ‬حضورها‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬محطة‭ ‬تلفزيونية‭ ‬واحدة‭.‬‮

فـي‭ ‬عام‭ ‬2010،‭ ‬قرّرت‭ ‬المغنّية‭ ‬اللبنانية‮ ‬ميريام‭ ‬فارس،‭ ‬خوض‭ ‬تجربة‭ ‬الفوازير،‭ ‬لم‭ ‬تعط‭ ‬فارس‭ ‬نفسها‭ ‬المهلة‭ ‬الكافـية‭ ‬لإعداد‭ ‬أو‭ ‬تأليف‭ ‬فوازير،‭ ‬وخلال‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬كان‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬جاهزاً‭ ‬ويسابق‭ ‬حلول‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭. ‬ويذكر‭ ‬أحد‭ ‬المنتجين‭ ‬أنه‭ ‬تمّ‭ ‬بناء‭ ‬استديو‭ ‬جُهّز‭ ‬حتّى‭ ‬بغُرف‭ ‬نوم‭ ‬فـي‭ ‬مبنى‭ ‬تابع‭ ‬لتلفزيون‭ ‬إل‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬اللبناني،‭ ‬كي‭ ‬يُصار‭ ‬إلى‭ ‬تصوير‭ ‬الفوازير‭ ‬بالسرعة‭ ‬القصوى‭ ‬ويتسنى‭ ‬عرضها‭ ‬فـي‭ ‬اليوم‭ ‬نفسه،‭ ‬واصل‭ ‬فريق‭ ‬ميريام‭ ‬فارس‭ ‬العمل‭ ‬ليلاً‭ ‬نهاراً‭ ‬فـي‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كلفة‭ ‬الإنتاج‭ ‬التي‭ ‬بلغت‭ ‬ملايين‭ ‬الدولارات‭ ‬وقتها،‭ ‬لم‭ ‬تحظ‭ ‬فوازير‭ ‬ميريام‭ ‬فارس‭ ‬بالنجاح‭ ‬ولا‭ ‬بنسبة‭ ‬المشاهدة‭ ‬المطلوبة‭ ‬لأسباب‭ ‬كثيرة،‭ ‬منها‭ ‬عرضها‭ ‬حصرياً‭ ‬على‭ ‬قناة‭ ‬‮«‬القاهرة‭ ‬والناس‮»‬‭ ‬المصرية‭ ‬وفقدانها‭ ‬للسيناريو‭ ‬المشوّق‭ ‬الذي‭ ‬يشد‭ ‬المشاهد‭ ‬رغم‭ ‬استغلال‭ ‬المخرج‭ ‬طوني‭ ‬قهوجي‭ ‬لأهم‭ ‬التقنيات‭ ‬الخاصة‭ ‬بالمسرح‭ ‬الاستعراضي،‭ ‬لكن‭ ‬السرعة‭ ‬التي‭ ‬نُفذ‭ ‬بها‭ ‬العمل‭ ‬كانت‭ ‬ضد‭ ‬نجاحه‭.‬

لم‭ ‬يتخلّ‭ ‬المنتجون‭ ‬والفنانون‭ ‬بعد‭ ‬عن‭ ‬بريق‭ ‬وروعة‭ ‬الفوازير‭ ‬رغم‭ ‬فشلهم‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬السنوات‭ ‬العشر‭ ‬الماضية‭ ‬بإنتاج‭ ‬أي‭ ‬عمل‭ ‬يستحقّ‭ ‬الذكر‭. ‬فهناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الممثلات‭ ‬اللواتي‭ ‬عبّرن‭ ‬عن‭ ‬حماسهنّ‭ ‬لتقديم‭ ‬الفوازير‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهنّ‭ ‬الممثلة‭ ‬المصرية‭ ‬دنيا‭ ‬سمير‭ ‬غانم‭ ‬التي‭ ‬قالت‭ ‬فـي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مناسبة‭ ‬إنها‭ ‬تنتظر‭ ‬الفرصة‭ ‬المناسبة‭ ‬لتقديم‭ ‬الفوازير‭. ‬كذلك‭ ‬عبّرت‭ ‬الممثلة‭ ‬ميس‭ ‬حمدان‭ ‬عن‭ ‬حماسها‭ ‬لتقديم‭ ‬الفوزير‭ ‬وقالت‭ ‬فـي‭ ‬إحدى‭ ‬المقابلات‭: ‬‮«‬أنا‭ ‬أصلح‭ ‬واحدة‭ ‬فـي‭ ‬مصر‭ ‬تعمل‭ ‬فوازير‭ ‬دنيا‭ ‬سمير‭ ‬غانم‭ ‬أكيد‭ ‬جميلة‭ ‬وبتعمل‭ ‬مسلسلاتها،‭ ‬ولكن‭ ‬أنا‭ ‬بتكلم‭ ‬على‭ ‬الفوازير‭ ‬وعايزة‭ ‬أعملها‭ ‬وبشوف‭ ‬نفسي‭ ‬الأنسب‭ ‬لعمل‭ ‬الفوازير‮»‬

فـي‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬تعمل‭ ‬دينا‭ ‬الشربيني‭ ‬فعلياً‭ ‬على‭ ‬إحياء‭ ‬الفوازير‭ ‬ضمن‭ ‬عمل‭ ‬كان‭ ‬مفترض‭ ‬عرضه‭ ‬رمضان‭ ‬2023،‭ ‬لكنه‭ ‬أوجل‭ ‬للمشاركة‭ ‬فـي‭ ‬رمضان‭ ‬2024،‭ ‬ليعود‭ ‬ويتأجل‭ ‬الى‭ ‬رمضان‭ ‬2025،‭ ‬فهل‭ ‬سينجح‭ ‬فـي‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬المشاهدين‭ ‬ونيل‭ ‬إعجابهم؟

أما‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬تأجيل‭ ‬الفوزاير‭ ‬فـيعيده‭ ‬القيّمون‭ ‬على‭ ‬المشروع‭ ‬إلى‭ ‬التحضيرات‭ ‬الضخمة‭ ‬التي‭ ‬تشمل‭ ‬أغاني‭ ‬واستعراضات‭ ‬وتمثيل،‭ ‬ويستغرق‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬وقتًا‭ ‬طويلاً،‭ ‬لذا‭ ‬قرّروا‭ ‬تأجيل‭ ‬الفوازير‭ ‬إلى‭ ‬رمضان‭ ‬المقبل‭ ‬حتى‭ ‬تخرج‭ ‬بشكل‭ ‬جيد‭.‬‮

ويشارك‭ ‬فـي‭ ‬بطولة‭ ‬فوازير‭ ‬دينا‭ ‬الشربيني‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الفنانين‭ ‬أبرزهم‭ ‬رنا‭ ‬رئيس‭ ‬محمود‭ ‬الليثي‭ ‬توني‭ ‬ماهر‭ ‬عبدالباسط‭ ‬حمودة‭ ‬وآخرين،‭ ‬إذ‭ ‬لم‭ ‬تستقر‭ ‬الجهة‭ ‬المنتجة‭ ‬على‭ ‬اسم‭ ‬للمشروع‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭.‬

أغاني‭ ‬رمضان
تراث‭ ‬يبثّ‭ ‬البهجة‭ ‬فـي‭ ‬قلوب‭ ‬الصغار‭ ‬والكبار

ترتبط‭ ‬الأغاني‭ ‬الرمضانية‭ ‬فـي‭ ‬ذاكرة‭ ‬الجميع،‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬أشهر‭ ‬مظاهر‭ ‬الاحتفال‭ ‬بقدوم‭ ‬شهر‭ ‬الخير،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأغاني‭ ‬الرمضانية‭ ‬التي‭ ‬يتمّ‭ ‬إصدارها‭ ‬كلّ‭ ‬عام،‭ ‬إلاّ‭ ‬أن‭ ‬أغاني‭ ‬رمضان‭ ‬القديمة‭ ‬تحتفظ‭ ‬بسحرها‭ ‬وقيمتها‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬مرور‭ ‬السنين‭ ‬عليها،‭ ‬ولهذا‭ ‬تحرصُ‭ ‬القنوات‭ ‬الفضائية‭ ‬على‭ ‬إذاعتها‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬لبث‭ ‬البهجة‭ ‬فـي‭ ‬قلوب‭ ‬الجمهور‭.‬

وتُعبّر‭ ‬أغاني‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك‭ ‬عن‭ ‬مشاعر‭ ‬الفرحة‭ ‬والبهجة‭ ‬التي‭ ‬يشعر‭ ‬بها‭ ‬الكبير‭ ‬قبل‭ ‬الصغير‭ ‬فـي‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل،‭ ‬وتنوّعت‭ ‬أغاني‭ ‬رمضان‭ ‬عبر‭ ‬الزمن‭ ‬من‭ ‬الأغاني‭ ‬الكلاسيكية‭ ‬القديمة‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬رمضان‭ ‬جانا‮»‬‭ ‬و«مرحب‭ ‬شهر‭ ‬الصوم‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬الأغاني‭ ‬الحديثة‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬رمضان‭ ‬كريم‮»‬‭ ‬و«رمضان‭ ‬فـي‭ ‬مصر‭ ‬حاجة‭ ‬تانية‮»‬‭.‬

على‭ ‬النطاق‭ ‬العربي‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأغاني‭ ‬الدينية‭ ‬والرمضانية‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬والتي‭ ‬تعلّقَ‭ ‬بها‭ ‬الجمهور‭ ‬العربي‭ ‬فـي‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل،‭ ‬وخاصة‭ ‬أغنية‭ ‬‮«‬رمضان‭ ‬جانا‮»‬‭ ‬للراحل‭ ‬محمد‭ ‬عبد‭ ‬المطّلب‭ ‬وتُعتبر‭ ‬هذه‭ ‬الأغنية‭ ‬من‭ ‬أشهر‭ ‬الأغاني‭ ‬الرمضانية‭ ‬التي‭ ‬تحرصُ‭ ‬الفضائيات‭ ‬على‭ ‬بثها،‭ ‬كما‭ ‬يفضّلها‭ ‬الكثير،‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬كلمات‭ ‬الشاعر‭ ‬حسين‭ ‬طنطاوي‭ ‬وألحان‭ ‬محمود‭ ‬الشريف،‭. ‬كما‭ ‬أصبحت‭ ‬أغنية‭ ‬الفنانة‭ ‬شريفة‭ ‬فاضل‭ ‬‮«‬والله‭ ‬لسه‭ ‬بدري‮»‬‭ ‬هي‭ ‬خطاب‭ ‬الوداع‭ ‬الذي‭ ‬يودعُ‭ ‬به‭ ‬الناس‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭.‬

وهناك‭ ‬كذلك‭ ‬أغنية‭ ‬‮«‬والله‭ ‬بعودة‭ ‬يا‭ ‬رمضان‮»‬‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬أغاني‭ ‬رمضان‭ ‬الشهيرة‭ ‬من‭ ‬تأليف‭ ‬محمد‭ ‬عبد‭ ‬الوهاب‭ ‬وألحان‭ ‬جمال‭ ‬سلامة‭ ‬وغناء‭ ‬محمد‭ ‬قنديل‭. ‬ومن‭ ‬كلمات‭ ‬الأغنية‭ :‬‮»‬رمضان‭ ‬رمضان‭.. ‬والله‭ ‬بعودة‭ ‬يا‭ ‬رمضان‭.. ‬يا‭ ‬شهر‭ ‬العبادة‭ ‬والخير‭ ‬والسعادة‭ ‬والرضا‭ ‬والغفران‭.. ‬يا‭ ‬مجمع‭ ‬قلوبنا‭ ‬على‭ ‬سنة‭ ‬حبيبنا‮»‬‭.‬

وتعدُّ‭ ‬أغنية‭ ‬‮«‬مرحب‭ ‬شهر‭ ‬الصوم‮»‬‭ ‬من‭ ‬أغاني‭ ‬رمضان‭ ‬التي‭ ‬ذاعَ‭ ‬صيتها‭ ‬والأغنية‭ ‬من‭ ‬غناء‭ ‬المطرب‭ ‬الراحل‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬محمود‭ ‬ومن‭ ‬تأليف‭ ‬محمد‭ ‬علي‭ ‬أحمد‭. ‬ومن‭ ‬كلمات‭ ‬الأغنية‭ :‬‮«‬مرحب‭ ‬شهر‭ ‬الصوم‭ ‬مرحب‭.. ‬لياليك‭ ‬عادت‭ ‬فـي‭ ‬أمان‭ ‬بعد‭ ‬انتظارنا‭ ‬وشوقنا‭ ‬إليك‭.. ‬جيت‭ ‬يا‭ ‬رمضان‭.. ‬مرحب‭ ‬بقدومك‭.. ‬ونعيش‭ ‬ونصومك‮»‬‭.‬

واعتادَ‭ ‬الناس‭ ‬فـي‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬العربية‭ ‬على‭ ‬استقبال‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬الكريم‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬الأغاني‭ ‬ابتهاجًا‭ ‬وفرحًا‭ ‬بهذا‭ ‬الشهر‭ ‬الكريم،‭ ‬وبمجرد‭ ‬أن‭ ‬تحلّ‭ ‬نسائم‭ ‬رمضان‭ ‬تبدأ‭ ‬المحطات‭ ‬الإذاعية‭ ‬والقنوات‭ ‬الفضائية‭ ‬العربية‭ ‬فـي‭ ‬إذاعة‭ ‬هذه‭ ‬الأغاني‭ ‬الراسخة‭ ‬فـي‭ ‬وجداننا‭ ‬والتي‭ ‬أصبحت‭ ‬علامات‭ ‬مميّزة‭ ‬وحتى‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬التغنّي‭ ‬بشهر‭ ‬رمضان‭ ‬ذاته‭ ‬فإن‭ ‬الأغاني‭ ‬الدينية‭ ‬عمومًا‭ ‬التي‭ ‬بها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الروحانيات‭ ‬تكونُ‭ ‬الأقرب‭ ‬إلى‭ ‬قلوب‭ ‬الجمهور‭ ‬فـي‭ ‬هذه‭ ‬الأيام،‭ ‬وهناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأغاني‭ ‬الدينية‭ ‬القديمة‭ ‬التي‭ ‬تعلقَ‭ ‬بها‭ ‬الناس‭ ‬وكذلك‭ ‬الأغنيات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالتراث‭.‬

ويعدّ‭ ‬الموسيقار‭ ‬الراحل‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬ناصر‭ ‬أبرز‭ ‬من‭ ‬اهتمَ‭ ‬بالتراث‭ ‬الشعبي‭ ‬القطري‭ ‬وقدم‭ ‬أعمالاً‭ ‬غنائية‭ ‬مميّزة‭ ‬مثل‭: ‬أم‭ ‬الحنايا‭ ‬والكركيعان‭ ‬‮«‬القرنقعوه‮»‬‭. ‬كما‭ ‬قدمَ‭ ‬أعمالاً‭ ‬من‭ ‬وحي‭ ‬التراث‭ ‬العربي‭ ‬وكان‭ ‬للموسيقار‭ ‬الراحل‭ ‬أيضًا‭ ‬اهتمام‭ ‬خليجي‭ ‬وعربي،‭ ‬إذ‭ ‬لحنَ‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأغاني‭ ‬التي‭ ‬تبرز‭ ‬العزة‭ ‬للعالم‭ ‬العربي‭ ‬وكذلك‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬كما‭ ‬اهتمَ‭ ‬الفنان‭ ‬الراحل‭ ‬بالأغنية‭ ‬الدينية‭ ‬ومنها‭ ‬أغنية‭ ‬‮«‬محمد‭ ‬يا‭ ‬رسول‭ ‬الله‮»‬‭.‬

ويعتبر‭ ‬الفنانان‭ ‬أحمد‭ ‬قعبور‭ ‬وعبد‭ ‬الكريم‭ ‬الشعار‭ ‬أبرز‭ ‬من‭ ‬اهتم‭ ‬بالأغاني‭ ‬الرمضانية‭ ‬فـي‭ ‬لبنان‭ ‬وإن‭ ‬اختلفت‭ ‬تجاربهما‭. ‬الشعار‭ ‬الآتي‭ ‬من‭ ‬طرابلس‭ ‬قدّم‭ ‬الأغاني‭ ‬الصوفـية‭ ‬بصوته‭ ‬الرائع‭ ‬أما‭ ‬قعبور‭ ‬فكان‭ ‬أقرب‭ ‬الى‭ ‬تقديم‭ ‬الحكاية‭ ‬الرمضانية‭ ‬المغنّاة‭ ‬بأصوات‭ ‬الأطفال‭ ‬خصوصًا‭ ‬أغنية‭ ‬‮«‬علو‭ ‬البيارق‮»‬‭ ‬التي‭ ‬يردّدها‭ ‬الكبار‭ ‬والصغار‭ ‬فـي‭ ‬لبنان،‭ ‬وهي‭ ‬بمثابة‭ ‬أغنية‭ ‬للذاكرة‭ ‬الرمضانية‭ ‬يعرفها‭ ‬القاصي‭ ‬والداني‭.‬

أما‭ ‬الفنان‭ ‬اللبناني‭ ‬عبد‭ ‬الكريم‭ ‬الشعار‭ ‬فقدّم‭ ‬مدائح‭ ‬لله‭ ‬وأناشيد‭ ‬كثيرة‭ ‬كان‭ ‬آخرها‭ ‬خلال‭ ‬برنامج‭ ‬سجله‭ ‬فـي‭ ‬مدينته‭ ‬طرابلس‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬يا‭ ‬رب‮»‬‭ ‬لقناة‭ ‬‮«‬الساعة‮»‬‭.‬

و‭ ‬الأغنية‭ ‬الرمضانية‭ ‬اللبنانية‭ ‬لا‭ ‬تأتي‭ ‬لتعبّر‭ ‬عن‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬لتحكي‭ ‬حال‭ ‬المدينة‭ ‬وجراحات‭ ‬الوطن‭.‬

أغاني‭ ‬الإعلانات‭ ‬فـي‭ ‬رمضان‭… ‬أنغام‭ ‬جذّابة‭ ‬ورسائل‭ ‬إنسانية
عمرو‭ ‬دياب‭ ‬وتامر‭ ‬حسني‭.. ‬أبرز‭ ‬الفنانين‭ ‬المشاركين‭ ‬فـي‭ ‬إعلانات‭ ‬رمضان ‭ ‬2024

خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬بدأت‭ ‬كبريات‭ ‬الشركات‭ ‬تعمد‭ ‬الى‭ ‬إنتاج‭ ‬أغان‭ ‬مؤثّرة‭ ‬ذات‭ ‬نغمات‭ ‬جذّابة‭ ‬وتصوير‭ ‬محترف،‭ ‬تحمل‭ ‬فـي‭ ‬طيّاتها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الرسائل‭ ‬الإنسانية،‭ ‬ويؤدّيها‭ ‬مشاهير‭ ‬عالم‭ ‬الفنّ‭. ‬ويبدو‭ ‬أنّ‭ ‬هذه‭ ‬الوسيلة‭ ‬تؤتي‭ ‬ثمارها،‭ ‬إذ‭ ‬تذكّر‭ ‬المشاهدين‭ ‬بمنتجات‭ ‬هذه‭ ‬الشركات،‭ ‬كما‭ ‬يتشجعون‭ ‬لشرائها‭ ‬نظراً‭ ‬لإيمانهم‭ ‬بالقيم‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬تحاول‭ ‬الشركة‭ ‬نشرها،‭ ‬ما‭ ‬يخلق‭ ‬ارتباطاً‭ ‬عاطفـياً‭ ‬قوياً‭ ‬بين‭ ‬المشاهد‭ ‬والشركة‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬المنتج‭ ‬الذي‭ ‬تصنعه‭.‬

‮«‬يشتري‭ ‬الناس‭ ‬أغراضهم‭ ‬لأسباب‭ ‬عاطفـية‮»‬‭. ‬هذه‭ ‬القاعدة‭ ‬المستقرة‭ ‬فـي‭ ‬عالم‭ ‬الإعلانات‭ ‬كانت‭ ‬وراء‭ ‬ظاهرة‭ ‬الاستعانة‭ ‬بنجوم‭ ‬الغناء‭ ‬المصري‭ ‬للترويج‭ ‬لمنتجات‭ ‬وخدمات‭ ‬متنوعة‭ ‬عبر‭ ‬أغنيات‭ ‬جذابة‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬لها‭ ‬علاقة‭ ‬مباشرة‭ ‬بالمنتج‭ ‬أو‭ ‬الخدمة‭ ‬المعلن‭ ‬عنها‭.‬

مع‭ ‬إنطلاق‭ ‬السباق‭ ‬الرمضاني‭ ‬لعام‭ ‬2024،‭  ‬الجميع‭ ‬متشوّق‭ ‬ليس‭ ‬لاكتشاف‭ ‬إنتاجات‭ ‬الدراما‭ ‬لهذا‭ ‬العام‭ ‬وأهم‭ ‬القصص‭ ‬التي‭ ‬ستعالجها‭ ‬فحسب،‭ ‬وإنما‭ ‬ينتظرون‭ ‬كذلك‭ ‬إعلانات‭ ‬كبار‭ ‬شركات‭ ‬الاتصالات‭ ‬والمستشفـيات‭ ‬التي‭ ‬تحرص‭ ‬دائماً‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬أغان‭ ‬بل‭ ‬أعمال‭ ‬فنية‭ ‬متكاملة،‭ ‬يقدّمها‭ ‬نجوم‭ ‬من‭ ‬الصفّ‭ ‬الأول،‭ ‬لتضفـي‭ ‬على‭ ‬ليالي‭ ‬رمضان‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التألّق‭ ‬والبهجة‭ ‬وتعزّز‭ ‬روح‭ ‬المبادرة‭ ‬وحسّ‭ ‬الإنسانية‭.‬

ودائما‭ ‬ما‭ ‬تعلّق‭ ‬هذه‭ ‬الإعلانات‭ ‬فـي‭ ‬أذهان‭ ‬الجمهور‭ ‬فإذا‭ ‬بحثنا‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬الجمهور‭ ‬يفضّل‭ ‬ويستمع‭ ‬إلى‭ ‬الإعلانات‭ ‬الرمضانية‭ ‬السابقة‭ ‬رغم‭ ‬مرور‭ ‬سنوات‭ ‬عديدة‭ ‬عليها‭.‬

ويبدو‭ ‬أن‭ ‬رمضان‭ ‬2024،‭ ‬لن‭ ‬يخذل‭ ‬محبّي‭ ‬هذه‭ ‬الأغاني،‭ ‬إذ‭ ‬من‭ ‬المتوقّع‭ ‬عرض‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الإعلانات‭ ‬التي‭ ‬سيقدّمها‭ ‬نجوم‭ ‬الفن‭ ‬الكبار‭. ‬وفـي‭ ‬حين‭ ‬تبقى‭ ‬المعلومات‭ ‬فـي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬سرية‭ ‬حتّى‭ ‬آخر‭ ‬لحظة،‭ ‬إلاّ‭ ‬أن‭ ‬كلاً‭ ‬من‭ ‬الهضبة‭ ‬عمرو‭ ‬دياب‭ ‬ونجم‭ ‬الجيل‭ ‬تامر‭ ‬حسني‭ ‬قد‭ ‬أعلنا‭ ‬عن‭ ‬تواجدهما‭ ‬فـي‭ ‬إعلانات‭ ‬رمضان‭ ‬لهذا‭ ‬العام‭.‬

إذ‭ ‬أعلن‭ ‬عمرو‭ ‬دياب‭ ‬عن‭ ‬مشاركته‭ ‬فـي‭ ‬إعلانات‭ ‬رمضان‭ ‬لهذا‭ ‬العام‭ ‬لصالح‭ ‬أحدى‭ ‬شركات‭ ‬الإتصالات‭ ‬ويضع‭ ‬حاليًا‭ ‬اللمسات‭ ‬الأخيرة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬الإعلان‭.‬

كذلك‭ ‬أعلن‭ ‬تامر‭ ‬حسني‭ ‬عن‭ ‬مشاركته‭ ‬فـي‭ ‬إعلانات‭ ‬رمضان‭ ‬لهذا‭ ‬العام،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬صفحته‭ ‬الرسمية‭ ‬على‭ ‬‮«‬فـيسبوك‮»‬‭ ‬حيث‭ ‬نشر‭ ‬صورًا‭ ‬من‭ ‬الكواليس‭ ‬وعلق‭ ‬عليها‭ ‬قائلاً‭: ‬‮«‬بمناسبة‭ ‬الإعلانات‭ ‬أنا‭ ‬حالاً‭ ‬بصورلكم‭ ‬إعلان‭ ‬لرمضان‭ ‬ان‭ ‬شاء‭ ‬الله‭ ‬يعجبكم‭ ‬بنمسي‭ ‬عليكم‭ ‬انا‭ ‬وأخويا‭ ‬حسام‭ ‬وفريق‭ ‬العمل‭ ‬قولوا‭ ‬بقى‭ ‬انتوا‭ ‬‮…‬‭ ‬تفتكروا‭ ‬انا‭ ‬بصور‭ ‬اعلان‭ ‬ايييييه؟؟‮»‬‭.‬

ومن‭ ‬المتوقّع‭ ‬أن‭ ‬يكشف‭ ‬فنانون‭ ‬آخرون‭ ‬عن‭ ‬مشاركتهم‭ ‬فـي‭ ‬إعلانات‭ ‬موسم‭ ‬رمضان‭ ‬الحالي‭.‬

أغاني‭ ‬مميّزة‭ ‬لم‭ ‬تسلم‭ ‬من‭ ‬الإنتقاد
2023 ‬منافسة‭ ‬محتدمة

كان‭ ‬موسم‭ ‬رمضان‭ ‬الماضي‭ ‬قد‭ ‬شهد‭ ‬ازدحاماً‭ ‬بتلك‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬الإعلانات‭.‬

إذ‭ ‬شارك محمد‭ ‬منير‭ ‬بأربع‭ ‬أغان‭ ‬أو‭ ‬أربعة‭ ‬إعلانات‭: ‬إعلان‭ ‬لشركة‭ ‬مواد‭ ‬غذائية‭ ‬وآخران‭ ‬لشركتي‭ ‬تطوير‭ ‬عقاري‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬رابع‭ ‬لأحد‭ ‬البنوك‭. ‬ورغم‭ ‬الاستقبال‭ ‬الإيجابي‭ ‬لأغاني‭ ‬النجم‭ ‬المحبوب‭ ‬إلاّ‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يمنع‭ ‬من‭ ‬تمرير‭ ‬بعض‭ ‬التعليقات‭ ‬الساخرة‭ ‬من‭ ‬كثافة‭ ‬الحضور‭ ‬وخصوصاً‭ ‬أن‭ ‬منير‭ ‬قدّم‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك‭ ‬شاراتي‭ ‬مسلسلين‭ ‬فـي‭ ‬ذلك‭ ‬العام‭ ‬هما‭ : ‬‮«‬سرّه‭ ‬الباتع‮»‬‭ ‬و«عملة‭ ‬نادرة‮»‬‭.‬

فـي‭ ‬ظل‭ ‬استحواذ‭ ‬أهل‭ ‬المغنى‭ ‬على‭ ‬القسم‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬إعلانات‭ ‬الموسم‭ ‬الرمضاني‭ ‬قدّم‭ ‬محمود‭ ‬العسيلي‭ ‬ثلاث‭ ‬أغان‭ ‬هي‭ ‬‮«‬زهرة‭ ‬هي‮»‬‭ ‬مع‭ ‬الممثلة‭ ‬اللبنانية‭ ‬رزان‭ ‬جمّال‭ ‬لإحدى‭ ‬شركات‭ ‬العقارات‭ ‬و«جوايا‭ ‬نور‭ ‬ما‭ ‬بينطفـيش‮»‬‭ ‬مع‭ ‬حمزة‭ ‬نمرة‭ ‬لصالح‭ ‬أحد‭ ‬البنوك‭ ‬و«شبر‭ ‬ونص‮»‬‭ ‬مع‭ ‬أنغام‭ ‬لمؤسسة‭ ‬مجدي‭ ‬يعقوب‭. ‬بينما‭ ‬قدمت‭ ‬الأخيرة‭ ‬أغنية‭ ‬‮«‬أحلامنا‮»‬‭ ‬مع‭ ‬فرقة‭ ‬‮«‬كايروكي‮»‬‭ ‬لصالح‭ ‬إحدى‭ ‬شركات‭ ‬التطوير‭ ‬العقاري‭ ‬ليتصدّر‭ ‬أمير‭ ‬عيد‭ ‬نجم‭ ‬الفرقة‭ ‬إعلانا‭ ‬آخر‭ ‬لأحد‭ ‬البنوك‭ ‬بالاشتراك‭ ‬مع‭ ‬علي‭ ‬لوكا‭ ‬والممثل‮ ‬آسر‭ ‬ياسين‭.‬

فـي‭ ‬وسط‭ ‬هذا‭ ‬الزخم‭ ‬الغنائي‭ ‬تصدّرت‭ ‬أغنية‮ ‬عمرو‭ ‬دياب‮ «‬تعالى‭ ‬مدينتي‮»‬‭ ‬التي‭ ‬شارك‭ ‬فـيها‭ ‬لاعب‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬محمد‭ ‬صلاح‭ ‬بمصاحبة‭ ‬أسرته‭. ‬أصبحت‭ ‬‮«‬تعالى‭ ‬مدينتي‮»‬‭ ‬من‭ ‬الأكثر‭ ‬تداولاً‭ ‬على‭ ‬‮«‬تويتر‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬طرحها‭ ‬بساعات‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يمنع‭ ‬سخرية‭ ‬بعضهم‭ ‬من‭ ‬الأغنية‭ ‬بسبب‭ ‬تكرار‭ ‬الجملة‭ ‬اللحنية‭ ‬‮«‬تعالى‮»‬‭ ‬بطريقة‭ ‬مبالغ‭ ‬بها‭.‬

وكانت‭ ‬مفاجأة‭ ‬رمضان‭ ‬الموسم‭ ‬الماضي‭ ‬اشتراك‭ ‬الموسيقار‭ ‬عمر‭ ‬خيرت‭ ‬فـي‭ ‬إعلان‭ ‬إحدى‭ ‬شركات‭ ‬الاتصالات‭ ‬وتقديمه‭ ‬جملاً‭ ‬موسيقية‭ ‬من‭ ‬مؤلّفاته‭ ‬الشهيرة‭ ‬بينما‭ ‬يشاركه‭ ‬الظهور‭ ‬الرابر‭ ‬ويجز‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬لاقى‭ ‬احتفاءً‭ ‬واسعاً‭ ‬من‭ ‬محبّي‭ ‬المغني‭ ‬الشاب‭ ‬إذ‭ ‬اعتبروه‭ ‬اعترافاً‭ ‬بما‭ ‬أنجزه‭ ‬من‭ ‬نجاح‭ ‬فـي‭ ‬الساحة‭ ‬الغنائية‭.‬

وللمرة‭ ‬الثانية‭ ‬على‭ ‬التوالي‭ ‬استعانت‭ ‬إحدى‭ ‬شركات‭ ‬الاتصالات‭ ‬بالمغني‭ ‬الإماراتي‭ ‬حسين‭ ‬الجسمي‭ ‬ليقدم‭ ‬لها‭ ‬أغنية‭ ‬‮«‬باب‭ ‬رزق‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬النجاح‭ ‬الكبير‭ ‬لأغنيته‭ ‬فـي‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬‮«‬رمضان‭ ‬فـي‭ ‬مصر‭ ‬حاجة‭ ‬تانية‮»‬‭ ‬بينما‭ ‬حرصت‭ ‬شركة‭ ‬الأدوات‭ ‬الكهربائية‭ ‬الشهيرة‭ ‬على‭ ‬الاستعانة‭ ‬بالنجمة‭ ‬روبي‭ ‬لتقدم‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬إعلان‭ ‬الشركة‭ ‬للسنة‭ ‬الثانية‭.‬

فـي‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬السيطرة‭ ‬شبه‭ ‬الكاملة‭ ‬لأهل‭ ‬المغنى‭ ‬على‭ ‬إعلانات‭ ‬رمضان‭ ‬قدّمت‭ ‬دنيا‭ ‬سمير‭ ‬غانم‭ ‬أغنية‭ ‬‮«‬هنرمضن‭ ‬رمضان‮»‬‭ ‬لإحدى‭ ‬شركات‭ ‬الاتصالات‭ ‬فـي‭ ‬حين‭ ‬تصدّر‭ ‬محمد‭ ‬حماقي‭ ‬أغنية‭ ‬‮«‬رمضان‭ ‬نور‮»‬‭ ‬لإحدى‭ ‬المؤسسات‭ ‬الخيرية‭ ‬بينما‭ ‬قدّم‭ ‬بهاء‭ ‬سلطان‭ ‬‮«‬اللي‭ ‬يحبنا‭ ‬يعمل‭ ‬زيّنا‮»‬‭ ‬لإحدى‭ ‬شركات‭ ‬التكييف‭ ‬وقدم‭ ‬رامي‭ ‬صبري‭ ‬‮«‬سحرها‭ ‬حقيقي‮»‬‭ ‬لشركة‭ ‬مشروبات‭ ‬غازية‭.‬

الماراثون‭ ‬الدرامي‭ ‬فـي‭ ‬ظلّ‭ ‬التطوّر‭ ‬الرقمي‭ ‬ومنصّات‭ ‬العرض‭ ‬حسب‭ ‬الطلب

لطالما‭ ‬شكّلت‭ ‬المسلسلات‭ ‬أساس‭ ‬المحتوى‭ ‬الإعلامي‭ ‬فـي‭ ‬رمضان،‭ ‬حتّى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬بات‭ ‬الموسم‭ ‬المنتظر‭ ‬لكافة‭ ‬شركات‭ ‬الانتاج‭ ‬لطرح‭ ‬أفضل‭ ‬أعمالها‭. ‬إلاّ‭ ‬أنّ‭ ‬مشهد‭ ‬الماراثون‭ ‬الرمضاني‭ ‬تغيّر‭ ‬فـي‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬وذلك‭ ‬بفعل‭ ‬تأثيرات‭ ‬الأزمة‭ ‬المالية‭ ‬التي‭ ‬فرضتها‭ ‬كورونا،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬التّطوّر‭ ‬التكنولوجي‭ ‬الذي‭ ‬نشهده‭ ‬فـي‭ ‬ظلّ‭ ‬انتشار‭ ‬منصّات‭ ‬العرض‭ ‬الرقمية‭ ‬التي‭ ‬سرقت‭ ‬الى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬جمهور‭ ‬الدراما‭ ‬التلفزيزنية‭ ‬وفرضت‭ ‬محتويات‭ ‬مختلفة‭ ‬إن‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الشكل‭ ‬أم‭ ‬المضمون‭.‬

لم‭ ‬يعد‭ ‬إنتاج‭ ‬وتوزيع‭ ‬وتصميم‭ ‬المحتوى‭ ‬الإعلامي‭ ‬فـي‭ ‬ظل‭ ‬التطوّر‭ ‬الرقمي‭ ‬مقتصرًا‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬فقط‭ ‬وإنما‭ ‬أصبح‭ ‬ممكنًا‭ ‬للقائمين‭ ‬على‭ ‬المنصّات‭ ‬الرقمية‭ ‬وكذلك‭ ‬الجمهور‭ ‬المستهلك‭. ‬وقد‭ ‬أجبرت‭ ‬المفاهيم‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬ظهرت‭ ‬وصاحبت‭ ‬التطوّر‭ ‬الرقمي‭ ‬للوسائل‭ ‬الإعلامية،‭ ‬المنتجين‭ ‬وصنّاع‭ ‬المحتوى‭ ‬الإعلامي‭ ‬على‭ ‬تعديل‭ ‬وتطوير‭ ‬الأعمال‭ ‬المنتجة‭ ‬لتتوافق‭ ‬مع‭ ‬احتياجات‭ ‬الجمهور‭ ‬ورغباته،‭ ‬وتتناسب‭ ‬مع‭ ‬التوسّع‭ ‬الهائل‭ ‬فـي‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬صناعة‭ ‬وإنتاج‭ ‬المحتوى‭ ‬الدرامي‭.‬

وهنا‭ ‬تبرز‭ ‬المتغيـّرات‭ ‬السـريعة‭ ‬والدراميـة‭ ‬فـي‭ ‬صناعـة‭ ‬الترفـيه‭ ‬التلفزيونـي‭ ‬وخدمـات‭ ‬الفـيديـو‭ ‬وظهور‭ ‬مـا‭ ‬يعـرف‭ ‬بخدمـات‭ ‬البـث‭ ‬المباشـر،‭ ‬فهناك‭ ‬الآن‭ ‬عـدد‭ ‬مـن‭ ‬النمـاذج‭ ‬التجاريـة‭ ‬المختلفـة‭ ‬التـي‭ ‬تنطبـق‭ ‬علـى‭ ‬تلك‭ ‬الخدمـات،‭ ‬منها‭ ‬خدمـة‭ ‬المشاهدة‭ ‬حسـب‭ ‬الطلـب‭ (‬VOD‭) ‬وهـي‭ ‬الخدمـة‭ ‬التـي‭ ‬تتيـح‭ ‬للمسـتهلك‭ ‬أن‭ ‬يتابع‭ ‬مسلسله‭ ‬المفضّل‭ ‬أين‭ ‬ما‭ ‬يشاء‭ ‬وعندما‭ ‬يرغب‭.‬

وتتميّز‭ ‬الدرامــا‭ ‬المقدّمــة‭ ‬عبــر‭ ‬منصّــات‭ ‬المشــاهدة‭ ‬حســب‭ ‬الطلــب،‭ ‬بعــدد‭ ‬مــن‭ ‬المميــّزات،‭ ‬منهــا‭ ‬قِصــر‭ ‬عــدد‭ ‬الحلقــات‭ ‬والاعتمــاد‭ ‬علــى‭ ‬المواســم‭ ‬المتعــدّدة‭ ‬فـي‭ ‬حال‭ ‬نجــاح‭ ‬العمــل،‭ ‬إلــى‭ ‬جانـب‭ ‬الخـروج‭ ‬مـن‭ ‬حيـّز‭ ‬المسلسلات‭ ‬الطويلـة‭ ‬ذات‭ ‬الثلاثيـن‭ ‬حلقـة،‭ ‬بالإضافـة‭ ‬إلـى‭ ‬الاهتمـام‭ ‬بالتفاعليـة‭ ‬التـي‭ ‬فرضهـا‭ ‬نمـط‭ ‬الدرامـا‭ ‬المقدّمـة‭.‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬أعطت‭ ‬منصّــات‭ ‬العرض‭ ‬حســب‭ ‬الطلــب‭ ‬لصنـّـاع‭ ‬الدرامــا،‭ ‬جـرأة‭ ‬أكبـر‭ ‬فـي‭ ‬السـرد‭ ‬وطـرح‭ ‬الموضوعـات‭ ‬المختلفـة،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬هـذه‭ ‬المنصّـات‭ ‬تقـدم‭ ‬بعـض‭ ‬الأفـكار‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬خطوطًا‭ ‬حمراء‭ ‬بالنسـبة‭ ‬للتلفزيـون‭.‬

وقد‭ ‬تأثّرت‭ ‬الدراما‭ ‬التلفزيونية‭ ‬بالتغييرات‭ ‬التي‭ ‬فرضتها‭ ‬هذه‭ ‬المنصّات‭ ‬فباتت‭ ‬مواضيعها‭ ‬أوسع،‭ ‬حتّى‭ ‬أن‭ ‬الكثيرين‭ ‬من‭ ‬منتجي‭ ‬الدراما‭ ‬التلفزيونية‭ ‬استبدلوا‭ ‬مسلسلات‭ ‬الـ30‭ ‬حلقة‭ ‬التي‭ ‬درجت‭ ‬عليها‭ ‬العادة‭ ‬فـي‭ ‬الموسم‭ ‬الرمضاني،‭ ‬واستبدلتها‭ ‬بمسلسلات‭ ‬الـ15‭ ‬حلقة‭.‬

شكّل‭ ‬اجتياح‭ ‬المسلسلات‭ ‬القصيرة‭ ‬للموسم‭ ‬الرمضاني‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬كلمة‭ ‬تعلو‭ ‬فـيها‭ ‬فوق‭ ‬كلمة‭ ‬المسلسلات‭ ‬ذات‭ ‬الـ30‭ ‬حلقة‭ ‬والتي‭ ‬تملأ‭ ‬أيام‭ ‬وليالي‭ ‬الشهر‭ ‬الكريم‭ ‬حتى‭ ‬مطلع‭ ‬عيد‭ ‬الفطر،‭ ‬ظاهرة‭ ‬تفشّت‭ ‬تدريجياً‭ ‬حتى‭ ‬باتت‭ ‬تسيطر‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬الدرامي‭ ‬العام‭ ‬خلال‭ ‬رمضان‭ ‬وخارجه،‭ ‬ولشدّة‭ ‬سطوتها‭ ‬أثارت‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬التساؤلات‭ ‬حول‭ ‬تطورها‭ ‬ومدى‭ ‬سرعتها‭ ‬فـي‭ ‬التفوّق‭ ‬على‭ ‬المسلسلات‭ ‬الطويلة‭.‬

وتعود‭ ‬أسباب‭ ‬سيطرة‭ ‬ظاهرة‭ ‬تقليص‭ ‬عدد‭ ‬الحلقات‭ ‬إلى‭ ‬عوامل‭ ‬عدّة،‭ ‬مثل‭ ‬رغبة‭ ‬النجوم‭ ‬فـي‭ ‬تصوير‭ ‬وقت‭ ‬أقل‭ ‬وضمان‭ ‬إيقاع‭ ‬مشدود‭ ‬وعدم‭ ‬مط‭ ‬وحشو‭ ‬الأحداث،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬مواكبة‭ ‬العصر‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬الجمهور‭ ‬يميل‭ ‬لمتابعة‭ ‬30‭ ‬حلقة‭ ‬وقد‭ ‬ينصرف‭ ‬وسط‭ ‬أسابيع‭ ‬العرض،‭ ‬وهي‭ ‬نقطة‭ ‬هامة‭ ‬أصبحت‭ ‬تؤرق‭ ‬النجوم‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬فكل‭ ‬نجم‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يقدّم‭ ‬عملاً‭ ‬ويلمس‭ ‬رد‭ ‬الفعل‭ ‬فـي‭ ‬حلقات‭ ‬متلاحقة‭ ‬ومكثفة‭ ‬تنتهي‭ ‬سريعاً،‭ ‬ويركّز‭ ‬فـيها‭ ‬بصورة‭ ‬كبيرة‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬إرهاق‭ ‬أشهر‭ ‬طويلة‭ ‬فـي‭ ‬تصوير‭ ‬أحداث‭ ‬غير‭ ‬مهمة‭ ‬ونتائجها‭ ‬ليست‭ ‬مضمونة‭ ‬أو‭ ‬مؤثرة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬قلة‭ ‬وقت‭ ‬التصوير‭ ‬هام‭ ‬جداً‭ ‬فـي‭ ‬توفـير‭ ‬الطاقات‭ ‬الفنية‭ ‬والتمثيلية‭ ‬والإنتاجية‭ ‬لتنفـيذ‭ ‬أعمال‭ ‬أخرى‭ ‬متنوعة‭ ‬وتحمل‭ ‬أفكاراً‭ ‬مختلفة‭ ‬ومغامرات‭ ‬قد‭ ‬تثري‭ ‬الممثل‭ ‬وتروق‭ ‬الجمهور‭ ‬وتوفّر‭ ‬مبالغ‭ ‬طائلة‭ ‬للشركات‭ ‬المنتجة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مشروعات‭ ‬فنيّة‭ ‬أخرى،‭ ‬وكل‭ ‬هذا‭ ‬يتيح‭ ‬الفرصة‭ ‬للتنوع‭ ‬والمغامرة‭ ‬وتقديم‭ ‬ممثلين‭ ‬آخرين‭ ‬وصنّاع‭ ‬فن‭ ‬ودراما‭ ‬جدد‭ ‬فـي‭ ‬وقت‭ ‬يحتاج‭ ‬الفن‭ ‬لكل‭ ‬دم‭ ‬جديد‭ ‬وفكر‭ ‬وخطط‭ ‬غير‭ ‬مألوفة‭.‬

صحيح‭ ‬أن‭ ‬مسلسلات‭ ‬الـ‭ ‬15‭ ‬حلقة‭ ‬ظهرت‭ ‬بداية‭ ‬فـي‭ ‬محاولة‭ ‬لإنقاذ‭ ‬موسم‭ ‬رمضان‭ ‬من‭ ‬أزمة‭ ‬وباء‭ ‬كورونا‭ ‬وما‭ ‬صاحبه‭ ‬من‭ ‬مشاكل‭ ‬فـي‭ ‬الإنتاج‭. ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬نجحت‭ ‬مسلسلات‭ ‬كثيرة‭ ‬عربية‭ ‬وعالمية‭ ‬فـي‭ ‬لفت‭ ‬انتباه‭ ‬المشاهد‭ ‬خارج‭ ‬أي‭ ‬سباق‭ ‬موسمي‭ ‬على‭ ‬منصّات‭ ‬المشاهدة‭ ‬المدفوعة‭.‬

غير‭ ‬أنّ‭ ‬نجاحها‭ ‬أهّلها‭ ‬للاستمرار،‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬تجاهل‭ ‬النجاح‭ ‬الكبير‭ ‬لدراما‭ ‬النصف‭ ‬شهر‭ ‬لمسلسلات‭ ‬رمضان‭ ‬2023،‭ ‬ومع‭ ‬توقع‭ ‬زيادة‭ ‬عدد‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬المسلسلات‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬المقبلة‭ ‬سواء‭ ‬أكانت‭ ‬فـي‭ ‬الموسم‭ ‬الدرامي‭ ‬الرمضاني‭ ‬أو‭ ‬خارجه‭ ‬وذلك‭ ‬لتعدّد‭ ‬الأسباب‭ ‬الإيجابية‭ ‬لهذه‭ ‬الظاهرة‭.‬

ولعل‭ ‬أبرز‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬نجاح‭ ‬مسلسلات‭ ‬الحلقات‭ ‬الـ15‭ ‬هو‭ ‬استمرارها‭ ‬وتطوّرها،‭ ‬فاليوم‭ ‬ونحن‭ ‬على‭ ‬أعتاب‭ ‬رمضان‭ ‬2024،‭ ‬نرى‭ ‬أنها‭ ‬تحتل‭ ‬مكاناً‭ ‬مميّزاً‭ ‬على‭ ‬لائحة‭ ‬المسلسلات‭ ‬المشاركة‭ ‬فـي‭ ‬الماراثون‭ ‬الدرامي‭.‬

الماراثون‭ ‬الدرامي‭ ‬فـي‭ ‬ظلّ‭ ‬التطوّر‭ ‬الرقمي‭ ‬ومنصّات‭ ‬العرض‭ ‬حسب‭ ‬الطلب

لطالما‭ ‬شكّلت‭ ‬المسلسلات‭ ‬أساس‭ ‬المحتوى‭ ‬الإعلامي‭ ‬فـي‭ ‬رمضان،‭ ‬حتّى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬بات‭ ‬الموسم‭ ‬المنتظر‭ ‬لكافة‭ ‬شركات‭ ‬الانتاج‭ ‬لطرح‭ ‬أفضل‭ ‬أعمالها‭. ‬إلاّ‭ ‬أنّ‭ ‬مشهد‭ ‬الماراثون‭ ‬الرمضاني‭ ‬تغيّر‭ ‬فـي‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬وذلك‭ ‬بفعل‭ ‬تأثيرات‭ ‬الأزمة‭ ‬المالية‭ ‬التي‭ ‬فرضتها‭ ‬كورونا،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬التّطوّر‭ ‬التكنولوجي‭ ‬الذي‭ ‬نشهده‭ ‬فـي‭ ‬ظلّ‭ ‬انتشار‭ ‬منصّات‭ ‬العرض‭ ‬الرقمية‭ ‬التي‭ ‬سرقت‭ ‬الى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬جمهور‭ ‬الدراما‭ ‬التلفزيزنية‭ ‬وفرضت‭ ‬محتويات‭ ‬مختلفة‭ ‬إن‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الشكل‭ ‬أم‭ ‬المضمون‭.‬

لم‭ ‬يعد‭ ‬إنتاج‭ ‬وتوزيع‭ ‬وتصميم‭ ‬المحتوى‭ ‬الإعلامي‭ ‬فـي‭ ‬ظل‭ ‬التطوّر‭ ‬الرقمي‭ ‬مقتصرًا‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬فقط‭ ‬وإنما‭ ‬أصبح‭ ‬ممكنًا‭ ‬للقائمين‭ ‬على‭ ‬المنصّات‭ ‬الرقمية‭ ‬وكذلك‭ ‬الجمهور‭ ‬المستهلك‭. ‬وقد‭ ‬أجبرت‭ ‬المفاهيم‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬ظهرت‭ ‬وصاحبت‭ ‬التطوّر‭ ‬الرقمي‭ ‬للوسائل‭ ‬الإعلامية،‭ ‬المنتجين‭ ‬وصنّاع‭ ‬المحتوى‭ ‬الإعلامي‭ ‬على‭ ‬تعديل‭ ‬وتطوير‭ ‬الأعمال‭ ‬المنتجة‭ ‬لتتوافق‭ ‬مع‭ ‬احتياجات‭ ‬الجمهور‭ ‬ورغباته،‭ ‬وتتناسب‭ ‬مع‭ ‬التوسّع‭ ‬الهائل‭ ‬فـي‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬صناعة‭ ‬وإنتاج‭ ‬المحتوى‭ ‬الدرامي‭.‬

وهنا‭ ‬تبرز‭ ‬المتغيـّرات‭ ‬السـريعة‭ ‬والدراميـة‭ ‬فـي‭ ‬صناعـة‭ ‬الترفـيه‭ ‬التلفزيونـي‭ ‬وخدمـات‭ ‬الفـيديـو‭ ‬وظهور‭ ‬مـا‭ ‬يعـرف‭ ‬بخدمـات‭ ‬البـث‭ ‬المباشـر،‭ ‬فهناك‭ ‬الآن‭ ‬عـدد‭ ‬مـن‭ ‬النمـاذج‭ ‬التجاريـة‭ ‬المختلفـة‭ ‬التـي‭ ‬تنطبـق‭ ‬علـى‭ ‬تلك‭ ‬الخدمـات،‭ ‬منها‭ ‬خدمـة‭ ‬المشاهدة‭ ‬حسـب‭ ‬الطلـب‭ (‬VOD‭) ‬وهـي‭ ‬الخدمـة‭ ‬التـي‭ ‬تتيـح‭ ‬للمسـتهلك‭ ‬أن‭ ‬يتابع‭ ‬مسلسله‭ ‬المفضّل‭ ‬أين‭ ‬ما‭ ‬يشاء‭ ‬وعندما‭ ‬يرغب‭.‬

وتتميّز‭ ‬الدرامــا‭ ‬المقدّمــة‭ ‬عبــر‭ ‬منصّــات‭ ‬المشــاهدة‭ ‬حســب‭ ‬الطلــب،‭ ‬بعــدد‭ ‬مــن‭ ‬المميــّزات،‭ ‬منهــا‭ ‬قِصــر‭ ‬عــدد‭ ‬الحلقــات‭ ‬والاعتمــاد‭ ‬علــى‭ ‬المواســم‭ ‬المتعــدّدة‭ ‬فـي‭ ‬حال‭ ‬نجــاح‭ ‬العمــل،‭ ‬إلــى‭ ‬جانـب‭ ‬الخـروج‭ ‬مـن‭ ‬حيـّز‭ ‬المسلسلات‭ ‬الطويلـة‭ ‬ذات‭ ‬الثلاثيـن‭ ‬حلقـة،‭ ‬بالإضافـة‭ ‬إلـى‭ ‬الاهتمـام‭ ‬بالتفاعليـة‭ ‬التـي‭ ‬فرضهـا‭ ‬نمـط‭ ‬الدرامـا‭ ‬المقدّمـة‭.‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬أعطت‭ ‬منصّــات‭ ‬العرض‭ ‬حســب‭ ‬الطلــب‭ ‬لصنـّـاع‭ ‬الدرامــا،‭ ‬جـرأة‭ ‬أكبـر‭ ‬فـي‭ ‬السـرد‭ ‬وطـرح‭ ‬الموضوعـات‭ ‬المختلفـة،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬هـذه‭ ‬المنصّـات‭ ‬تقـدم‭ ‬بعـض‭ ‬الأفـكار‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬خطوطًا‭ ‬حمراء‭ ‬بالنسـبة‭ ‬للتلفزيـون‭.‬

وقد‭ ‬تأثّرت‭ ‬الدراما‭ ‬التلفزيونية‭ ‬بالتغييرات‭ ‬التي‭ ‬فرضتها‭ ‬هذه‭ ‬المنصّات‭ ‬فباتت‭ ‬مواضيعها‭ ‬أوسع،‭ ‬حتّى‭ ‬أن‭ ‬الكثيرين‭ ‬من‭ ‬منتجي‭ ‬الدراما‭ ‬التلفزيونية‭ ‬استبدلوا‭ ‬مسلسلات‭ ‬الـ30‭ ‬حلقة‭ ‬التي‭ ‬درجت‭ ‬عليها‭ ‬العادة‭ ‬فـي‭ ‬الموسم‭ ‬الرمضاني،‭ ‬واستبدلتها‭ ‬بمسلسلات‭ ‬الـ15‭ ‬حلقة‭.‬

شكّل‭ ‬اجتياح‭ ‬المسلسلات‭ ‬القصيرة‭ ‬للموسم‭ ‬الرمضاني‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬كلمة‭ ‬تعلو‭ ‬فـيها‭ ‬فوق‭ ‬كلمة‭ ‬المسلسلات‭ ‬ذات‭ ‬الـ30‭ ‬حلقة‭ ‬والتي‭ ‬تملأ‭ ‬أيام‭ ‬وليالي‭ ‬الشهر‭ ‬الكريم‭ ‬حتى‭ ‬مطلع‭ ‬عيد‭ ‬الفطر،‭ ‬ظاهرة‭ ‬تفشّت‭ ‬تدريجياً‭ ‬حتى‭ ‬باتت‭ ‬تسيطر‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬الدرامي‭ ‬العام‭ ‬خلال‭ ‬رمضان‭ ‬وخارجه،‭ ‬ولشدّة‭ ‬سطوتها‭ ‬أثارت‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬التساؤلات‭ ‬حول‭ ‬تطورها‭ ‬ومدى‭ ‬سرعتها‭ ‬فـي‭ ‬التفوّق‭ ‬على‭ ‬المسلسلات‭ ‬الطويلة‭.‬

وتعود‭ ‬أسباب‭ ‬سيطرة‭ ‬ظاهرة‭ ‬تقليص‭ ‬عدد‭ ‬الحلقات‭ ‬إلى‭ ‬عوامل‭ ‬عدّة،‭ ‬مثل‭ ‬رغبة‭ ‬النجوم‭ ‬فـي‭ ‬تصوير‭ ‬وقت‭ ‬أقل‭ ‬وضمان‭ ‬إيقاع‭ ‬مشدود‭ ‬وعدم‭ ‬مط‭ ‬وحشو‭ ‬الأحداث،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬مواكبة‭ ‬العصر‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬الجمهور‭ ‬يميل‭ ‬لمتابعة‭ ‬30‭ ‬حلقة‭ ‬وقد‭ ‬ينصرف‭ ‬وسط‭ ‬أسابيع‭ ‬العرض،‭ ‬وهي‭ ‬نقطة‭ ‬هامة‭ ‬أصبحت‭ ‬تؤرق‭ ‬النجوم‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬فكل‭ ‬نجم‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يقدّم‭ ‬عملاً‭ ‬ويلمس‭ ‬رد‭ ‬الفعل‭ ‬فـي‭ ‬حلقات‭ ‬متلاحقة‭ ‬ومكثفة‭ ‬تنتهي‭ ‬سريعاً،‭ ‬ويركّز‭ ‬فـيها‭ ‬بصورة‭ ‬كبيرة‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬إرهاق‭ ‬أشهر‭ ‬طويلة‭ ‬فـي‭ ‬تصوير‭ ‬أحداث‭ ‬غير‭ ‬مهمة‭ ‬ونتائجها‭ ‬ليست‭ ‬مضمونة‭ ‬أو‭ ‬مؤثرة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬قلة‭ ‬وقت‭ ‬التصوير‭ ‬هام‭ ‬جداً‭ ‬فـي‭ ‬توفـير‭ ‬الطاقات‭ ‬الفنية‭ ‬والتمثيلية‭ ‬والإنتاجية‭ ‬لتنفـيذ‭ ‬أعمال‭ ‬أخرى‭ ‬متنوعة‭ ‬وتحمل‭ ‬أفكاراً‭ ‬مختلفة‭ ‬ومغامرات‭ ‬قد‭ ‬تثري‭ ‬الممثل‭ ‬وتروق‭ ‬الجمهور‭ ‬وتوفّر‭ ‬مبالغ‭ ‬طائلة‭ ‬للشركات‭ ‬المنتجة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مشروعات‭ ‬فنيّة‭ ‬أخرى،‭ ‬وكل‭ ‬هذا‭ ‬يتيح‭ ‬الفرصة‭ ‬للتنوع‭ ‬والمغامرة‭ ‬وتقديم‭ ‬ممثلين‭ ‬آخرين‭ ‬وصنّاع‭ ‬فن‭ ‬ودراما‭ ‬جدد‭ ‬فـي‭ ‬وقت‭ ‬يحتاج‭ ‬الفن‭ ‬لكل‭ ‬دم‭ ‬جديد‭ ‬وفكر‭ ‬وخطط‭ ‬غير‭ ‬مألوفة‭.‬

صحيح‭ ‬أن‭ ‬مسلسلات‭ ‬الـ‭ ‬15‭ ‬حلقة‭ ‬ظهرت‭ ‬بداية‭ ‬فـي‭ ‬محاولة‭ ‬لإنقاذ‭ ‬موسم‭ ‬رمضان‭ ‬من‭ ‬أزمة‭ ‬وباء‭ ‬كورونا‭ ‬وما‭ ‬صاحبه‭ ‬من‭ ‬مشاكل‭ ‬فـي‭ ‬الإنتاج‭. ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬نجحت‭ ‬مسلسلات‭ ‬كثيرة‭ ‬عربية‭ ‬وعالمية‭ ‬فـي‭ ‬لفت‭ ‬انتباه‭ ‬المشاهد‭ ‬خارج‭ ‬أي‭ ‬سباق‭ ‬موسمي‭ ‬على‭ ‬منصّات‭ ‬المشاهدة‭ ‬المدفوعة‭.‬

غير‭ ‬أنّ‭ ‬نجاحها‭ ‬أهّلها‭ ‬للاستمرار،‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬تجاهل‭ ‬النجاح‭ ‬الكبير‭ ‬لدراما‭ ‬النصف‭ ‬شهر‭ ‬لمسلسلات‭ ‬رمضان‭ ‬2023،‭ ‬ومع‭ ‬توقع‭ ‬زيادة‭ ‬عدد‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬المسلسلات‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬المقبلة‭ ‬سواء‭ ‬أكانت‭ ‬فـي‭ ‬الموسم‭ ‬الدرامي‭ ‬الرمضاني‭ ‬أو‭ ‬خارجه‭ ‬وذلك‭ ‬لتعدّد‭ ‬الأسباب‭ ‬الإيجابية‭ ‬لهذه‭ ‬الظاهرة‭.‬

ولعل‭ ‬أبرز‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬نجاح‭ ‬مسلسلات‭ ‬الحلقات‭ ‬الـ15‭ ‬هو‭ ‬استمرارها‭ ‬وتطوّرها،‭ ‬فاليوم‭ ‬ونحن‭ ‬على‭ ‬أعتاب‭ ‬رمضان‭ ‬2024،‭ ‬نرى‭ ‬أنها‭ ‬تحتل‭ ‬مكاناً‭ ‬مميّزاً‭ ‬على‭ ‬لائحة‭ ‬المسلسلات‭ ‬المشاركة‭ ‬فـي‭ ‬الماراثون‭ ‬الدرامي‭.‬

يضم‭ ‬موسم‭ ‬دراما‭ ‬رمضان‭ ‬2024،‭ ‬مفاجآت‭ ‬عديدة‭ ‬أبرزها‭ ‬أن‭ ‬نجمًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬غائبًا‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬مثل‭ ‬يحيى‭ ‬الفخراني‭ ‬قرّر‭ ‬تقديم‭ ‬عمل‭ ‬من‭ ‬15‭ ‬حلقة‭ ‬فقط‭ ‬وهي‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬فـي‭ ‬تاريخه‭ ‬الرمضاني‭ ‬تقريباً‭ ‬ويقدّم‭ ‬الفخراني‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬مسلسل‭ ‬‮«‬عتبات‭ ‬البهجة‮»‬‭.‬

كذلك‭ ‬تنافس‭ ‬نيللي‭ ‬كريم‭ ‬فـي‭ ‬سياق‭ ‬الـ15‭ ‬حلقة‭ ‬أيضاً‭ ‬بمسلسل‭ ‬كوميدي‭ ‬جديد‭ ‬عنوانه‭ ‬‮«‬فراولة‮»‬‭ ‬ويدور‭ ‬فـي‭ ‬إطار‭ ‬كوميدي‭ ‬حول‭ ‬شخصية‭ ‬فراولة‭ ‬وهي‭ ‬ابنة‭ ‬حارس‭ ‬عقار‭ ‬تحترف‭ ‬عمل‭ ‬فـيديوهات‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭ ‬وتتحول‭ ‬إلى‭ ‬أحد‭ ‬المؤثرين‭ ‬وتنجح‭ ‬فـي‭ ‬الصعود‭ ‬إلى‭ ‬طبقة‭ ‬أعلى‭ ‬بعد‭ ‬تحولها‭ ‬إلى‭ ‬سيدة‭ ‬أعمال‭ ‬ثرية‭ ‬إثر‭ ‬تغلّبها‭ ‬على‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المواقف‭ ‬والصعاب‭.‬

كما‭ ‬تعود‭ ‬الفنانة‭ ‬ياسمين‭ ‬صبري‭ ‬بعد‭ ‬غياب‭ ‬نحو‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬إلى‭ ‬الموسم‭ ‬الرمضاني‭ ‬2024،‭ ‬بمسلسل‭ ‬يحمل‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬رحيل‮»‬‭ ‬وهي‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬تقدّم‭ ‬مسلسلاً‭ ‬من‭ ‬15‭ ‬حلقة‭ ‬فقط،‭ ‬بعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬تجربة‭ ‬فـي‭ ‬سياق‭ ‬الـ30‭ ‬حلقة‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬فرصة‭ ‬تانية‮»‬‭ ‬و«طريقي‮»‬‭ ‬و«حكايتي‮»‬‭.‬

ولأول‭ ‬مرة‭ ‬أيضاً‭ ‬يخوض‭ ‬الفنان‭ ‬أكرم‭ ‬حسني‭ ‬المنافسة‭ ‬الرمضانية‭ ‬بمسلسل‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬30‭ ‬حلقة‭ ‬حيث‭ ‬شارك‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬السنوات‭ ‬السابقة‭ ‬بمسلسلات‭ ‬طويلة‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬ريح‭ ‬المدام‮»‬‭ ‬و«الوصية‮»‬‭ ‬و»مكتوب‭ ‬عليا‮»‬‭ ‬ويشارك‭ ‬فـي‭ ‬موسم‭ ‬رمضان‭ ‬2024‭ ‬بمسلسل‭ ‬15‭ ‬حلقة‭ ‬هو‭ ‬‮«‬بابا‭ ‬جه‮»‬‭.‬

الى‭ ‬ذلك‭ ‬تشارك‭ ‬روجينا‭ ‬فـي‭ ‬سباق‭ ‬دراما‭ ‬رمضان‭ ‬ذي‭ ‬الـ15‭ ‬حلقة‭ ‬بمسلسل‭ ‬‮«‬سر‭ ‬إلهي‮»‬‭ ‬ويشارك‭ ‬هشام‭ ‬ماجد‭ ‬بمسلسل‭ ‬15‭ ‬حلقة‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬أشغال‭ ‬شاقة‮»‬‭ ‬وهي‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬له‭ ‬أيضاً‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المشاركة‭ ‬بمسلسل‭ ‬قصير‭.‬

أما‭ ‬ياسر‭ ‬جلال‭ ‬الذي‭ ‬شارك‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬بمسلسل‭ ‬15‭ ‬حلقة‭ ‬هو‭ ‬‮«‬علاقة‭ ‬مشروعة‮»‬‭ ‬فـيكرر‭ ‬التجربة‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬بمسلسل‭ ‬‮«‬جودر‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يحمل‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬ألف‭ ‬ليلة‭ ‬وليلة‮»‬‭.‬

ويشارك‭ ‬آسر‭ ‬ياسين‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬بتجربة‭ ‬الـ15‭ ‬حلقة‭ ‬فـي‭ ‬رمضان‭ ‬2024،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مسلسل‭ ‬‮«‬بدون‭ ‬سابق‭ ‬إنذار‮»‬‭ ‬وتدور‭ ‬الأحداث‭ ‬فـي‭ ‬إطار‭ ‬تشويقي‭ ‬حول‭ ‬رجل‭ ‬متزوج‭ ‬تنقلب‭ ‬حياته‭ ‬هو‭ ‬وزوجته‭ ‬رأساً‭ ‬على‭ ‬عقب‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ينجب‭ ‬مولوده‭ ‬الأول‭.‬

ويقدم‭ ‬شيكو‭ ‬وكريم‭ ‬محمود‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬مسلسلاً‭ ‬قصيراً‭ ‬فـي‭ ‬رمضان‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬خالد‭ ‬نور‭ ‬وولده‭ ‬نور‭ ‬خالد‮»‬‭ ‬ويدور‭ ‬فـي‭ ‬إطار‭ ‬كوميدي‭ ‬حول‭ ‬الخلافات‭ ‬الزوجية‭.‬

ومن‭ ‬المسلسلات‭ ‬التي‭ ‬ستشارك‭ ‬فـي‭ ‬رمضان‭ ‬بـ15‭ ‬حلقة‭ ‬فقط‭ ‬‮«‬جريمة‭ ‬منتصف‭ ‬الليل‮»‬‭ ‬ومسلسل‭ ‬‮«‬أعلى‭ ‬نسبة‭ ‬مشاهدة‮»‬‭ ‬كذلك‭ ‬مسلسل‭ ‬‮«‬لحظة‭ ‬غضب‮»‬‭ ‬ومسلسل‭ ‬‮«‬صلة‭ ‬رحم‮»‬‭.‬

وأخيراً‭ ‬تشارك‭ ‬الفنانة‭ ‬دينا‭ ‬الشربيني‭ ‬فـي‭ ‬السباق‭ ‬الرمضاني‭ ‬للسنة‭ ‬الثانية‭ ‬على‭ ‬التوالي،‭ ‬بمسلسل‭ ‬‮«‬كامل‭ ‬العدد‭ ‬2‮»‬‭ ‬وهو‭ ‬15‭ ‬حلقة‭ ‬وشاركت‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬بالجزء‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬المسلسل‭ ‬نفسه‭.‬