Bruce Clay

مصمّمة الديكور الداخلي نبراس الجعيب: “أُعيد تصوّر الأشكال الكلاسيكية من منظور عربي معاصر”

نبراس الجعيب أول سعودية تتعاون مع أرتميست

خلال أسبوع ميلانو للتصميم لهذا العام، كشفت المصمّمة السعودية نبراس الجعيب عن رؤيتها التصميمية لـ “غرفة القراءة” ضمن فعاليات لابارتامنتو التي تنظمها أرتميست والتي تعتبر  إحدى أبرز فعاليات أسبوع ميلانو للتصميم. وهنا لا بدّ من الإشارة الى أن مصمّمة الديكور الداخلي نبراس الجعيب هي أول سعودية تتعاون مع أرتميست وهي تشتهر بأسلوبها الخاص الذي يمزج بسلاسة بين التأثيرات العتيقة والمنظور المعاصر.

الجعيب: أسلوب خاص وشهرة عالمية

نبراس الجعيب تُشتهر بأسلوب مميّز واعتماد خامات راقية في تنفيذ أعمالها

تعدّ نبراس الجعيب متخصّصة في تصميم الديكور الداخلي في المساحات السكنية والتجارية. وقد أسست الاستديو الذي يحمل اسمها في عام 2015، وهي تشتهر بأسلوبها المميّز واعتمادها الخامات الراقية في تنفيذ أعمالها التي تتسم بالاهتمام الدقيق بالتناسب والتباين، لابتكار مساحات تضفي شعوراً بأنها مميّزة ومألوفة في الوقت نفسه. وهي تسترشد بتقديرها العميق للمهارة الحرفية، وتستلهم تصاميمها من التأثيرات الموجودة في الموقع وتعيد تفسير المرجعيات التاريخية في إطار سرديات معاصرة. ويكرّس الاستديو التابع لها جهوده في تصميم مساحات تتحدّى الزمن، حيث يرتقي بكل مشروع من خلال التفاصيل المدروسة بعناية مع لمسة غير متوقعة.

إن شغف الجعيب بالأثاث، إلى جانب معرفتها الواسعة بتاريخ التصميم وأساليبه، أدّى بطبيعة الحال إلى توسّعها في مجال تصميم الأثاث والمنتجات.

وقد حظيت أعمالها بشهرة عالمية، وتم اختيارها ضمن قائمة أهم 100 مصمم في مجلة آركيتكتشر دايجست الشرق الأوسط. وتتمتع بمحفظة أعمال متنوعة كما تتتبع مع كل مشروع منهجية تتسم بفهم أصيل للخامات، وتعقيد اللمسات الجمالية المتسمة بالمرح، والبساطة المكانية الهادئة، حيث يلتقي الفن بالتصميم الداخلي.

الجعيب في أسبوع ميلانو للتصميم

تجسّد غرفة القراءة التي صممتها نبراس الجعيب وكُشف عنها خلال معرض ميلانو، إعادة تفسير العناصر الكلاسيكية من خلال عدسة عربية معاصرة

شاركت الجعيب هذا العام في أسبوع ميلانو للتصميم من خلال فعالية لابارتامنتو التي تنظمها أرتميست التي تقضي باختيار مصمّمين لإعادة تصميم  غرف أحد المعالم التاريخية. وهذا العام اختارت أرتميست موقعًا تاريخيًا هو بالاتزو دونزيتي، وكانت نبراس جعيب إحدى المصمّمين الستة الذين تمّ اختيارهم لإعادة تصميم ست غرف في هذا المعلم التاريخي. وقد تولت الجعيب مهمة إعادة تصميم غرفة القراءة وأبدعت من خلالها.

وتجسّد غرفة القراءة، التي كُشف عنها خلال معرض ميلانو، إعادة تفسير العناصر الكلاسيكية من خلال عدسة عربية معاصرة، ويُعدّ هذا العرض أحدث عروض الجعيب،  وهو يجسّد حواراً راقياً بين المهارة الحرفية التراثية والمفاهيم الحديثة.

تصميم كلاسيكي بأسلوب معاصر

تُعيد غرفة القراءة تصوّر التصميم المعماري الكلاسيكي بأسلوب معاصر

تقع غرفة القراءة هذه في شقة تاريخية في ميلانو، وتُعيد تصوّر التصميم المعماري الكلاسيكي بأسلوب معاصر. تحافظ الزخارف المصبوبة المذهبة الفاخرة والكوَّات المقوسة على فخامة المساحة، بينما تُضفي قطع الأثاث المنحوتة والتأثيرات الجريئة المستوحاة من منتصف القرن الماضي منظورًا جديدًا. ابتعدت الجعيب عن التصاميم التقليدية التي لطالما نراها في غرف القراءة،  فنقلت التركيز على المكتب كمحور للمساحة وأوجدت أجواء مريحة ومرحبة لتجاذب أطراف الحديث، حيث وضعت منطقة الجلوس في قلب الغرفة. وبالتالي تحولت أجواء الغرفة من الرتابة إلى الاسترخاء و الاستجمام.

واستعدادًا لخوض هذا المشروع سافرت الجعيب إلى توسكانا مع شركة أرتميست للاطلاع على أعمال أساتذة الرخام في إيطاليا، ما أدّى إلى تعميق تقديرها لعظمة الرخام والمهارة الحرفية المصاحبة له. وتشرح قائلة: “إن الوقوف في المكان الذي يولد فيه الرخام ومقابلة الفنانين الحرفيين الذين يشكلونه، أضاف بعداً جديدًا عميقاً إلى الكيفية التي أتعامل بها مع التصميم باعتباره حرفة”.

قطع بطابع عربي وحرفية إيطالية

تضم غرفة القراءة كرسيًا طويلًا منحوتًا بطابع درامي، وثرية بلون أزرق مائل إلى الأخضر، وكرسي ذا سلينغ من تصميم الجعيب بالتعاون مع شركة أرتميست

تُعتبر غرفة القراءة هذه بمثابة  إعادة تفسير جريئة للعمارة الكلاسيكية من منظور عربي معاصر.وتشمل قطع الأثاث الأساسية كرسيًا طويلًا “شيزلونغ” منحوتًا بطابع درامي، وثرية مذهلة بلون أزرق مائل إلى الأخضر، وكرسي ذا سلينغ من تصميم الجعيب بالتعاون مع شركة أرتميست والذي يتميّز بذراعين من الرخام الفاخر وظهر معلق انسيابي من الجلد.  تتحلى غرفة القراءة بمزيج غني من المواد مثل الخشب، والنحاس والرخام، تتخلله أنماط هندسية ومزهريات سوداء ذات طابع درامي، ما يهيء أجواء ديناميكية ولكنها تتحدّى الزمن، وتعكس روح استديو الجعيب في إعادة تفسير مبادئ التصميم التقليدية من خلال عدسة معاصرة.

من خلال غرفة القراءة، تشارك نبراس الجعيب رؤيتها التي يلتقي من خلالها سرد القصص العربية مع التقاليد الحرفية الإيطالية والإبداع المعاصر  لتجسّد حواراً عالمياً له جذور راسخة وطابعًا ديناميكيًا، ولكنه وليد لعصره بالكامل.

نبراس الجعيب: “هدفي هو ابتكار مساحات تتحدى الزمن، متجذّرة ولكنها تتطلع إلى المستقبل

نبراس الجعيب:” أنجذب إلى التناقضات: النعومة والقوة، والسكون والحركة”

للتعرّف اكثر على رؤية نبراس الجعيب في عالم التصميم الداخلي كان لنا مقابلة سريعة مع هذه المصممة السعودية أطلعتنا خلالها على أبرز محطاتها المهنية شارحة فلسفتها الإبداعية.

اتسمت رحلتكِ في التصميم بقدرة فريدة على إعادة تفسير العناصر الكلاسيكية من منظور عربي معاصر، جامعةً بين الحرفية ورواية القصص. كيف تصفين الفلسفة الإبداعية التي تُحرك أعمالكِ، وكيف تُترجمين السرد إلى فضاء مادي؟

تمزج فلسفتي الإبداعية بين احترام الماضي والفضول للمستقبل. أُعيد تصور الأشكال الكلاسيكية من منظور عربي معاصر، مستخدمةً مواد راقية كالرخام والخشب والمعادن لخلق توازن بين التقليد والابتكار. أنجذب إلى التناقضات: النعومة والقوة، والسكون والحركة، وأؤمن بأن التصميم يبدأ بالجو العام. تتكشف رواية القصص من خلال المواد والنسب والإيقاع المكاني، والتي غالبًا ما تكون مستوحاة من الرموز الثقافية أو الذكريات. هدفي هو ابتكار مساحات مميّزة وتتحدى الزمن، متجذّرة ولكنها تتطلع إلى المستقبل.

منذ تأسيس الاستديو الخاص بكِ عام 2015، وحتى عرض أعمالكِ الآن على منصات عالمية، ما هي أهم اللحظات في مسيرتكِ المهنية حتى الآن؟

كانت هناك العديد من اللحظات الهامة، وبعضها لا يزال بارزًا. كان تأسيس الاستديو الخاص بي عام ٢٠١٥، قفزةً إيمانيةً، فقد كان بدايةً لبناء لغةٍ خاصة بي. علّمني التصميم للمساحات في منطقة الخليج، وتحديدًا في السعودية، أهميةَ الفروق الثقافية الدقيقة. ومؤخرًا، شكّل عرضُ “غرفة القراءة” في أسبوع ميلانو للتصميم نقطةَ تحوّل. لم يكن الأمر يقتصر على عرض الأعمال في الخارج، بل كان يتعلق بإبراز صوتٍ إقليميٍّ يتردد صداه عالميًا.

في أحدث مشاريعك في أسبوع ميلانو للتصميم، “غرفة القراءة”، أعدتَ تصوّر مفهوم كلاسيكي بلمسة نحتية جريئة. ما هي الرؤية وراء هذا التحول؟

أردتُ تحدّي الفكرة التقليدية للدراسة. فبدلًا من أن تكون مساحةً تتمحور حول الإنتاجية والعزلة، تُركّز “غرفة القراءة” على التأمل والحوار. بوضع الأشكال النحتية في المركز – ليس بصريًا فحسب، بل مفاهيميًا أيضًا – تصبح المساحة أكثر من مجرد وظيفة. بل تُصبح عاطفية. كما استلهمت من تقاطع السرد القصصي العربي والحرفية الإيطالية، ما خلقَ غرفةً تتحدث فيها لغاتٌ ثقافيةٌ مختلفةٌ بهدوء وقوة مع بعضها البعض.