كوكو غوف: من بطولة أميركا المفتوحة إلى قمة التصنيف العالمي للتنس
بابتسامة واثقة ومضرب ذهبي، وقّعت الأميركية كوكو غوف على واحدة من أجمل صفحات التنس في عام 2025، بعد أن توّجت بلقب بطولة رولان غاروس المفتوحة، ثاني البطولات الأربع الكبرى، عقب فوزها المثير على البيلاروسية أرينا سابالينكا. هذا اللقب يُعد الثاني لها في بطولات الغراند سلام، بعد تتويجها ببطولة الولايات المتحدة المفتوحة عام 2023، والتي تغلبت فيها أيضًا على سابالينكا، مؤكدة تفوقها على واحدة من أقوى لاعبات الجيل الحالي.
مع هذا الانتصار، دخلت كوكوغوف سجل الأساطير، إذ أصبحت أول أميركية تفوز بلقب فردي السيدات في رولان غاروس منذ سيرينا ويليامز عام 2015، وأصغر أميركية تحقق هذا الإنجاز منذ سيرينا أيضًا عام 2002. كما أصبحت رابع لاعبة فقط في العصر الحديث تنجح في إحراز أكثر من لقب كبير قبل بلوغ عامها الثاني والعشرين، لتنضم إلى نادٍ ذهبي يضم ماريا شارابوفا وناومي أوساكا وإيغا شفيونتيك.
كوكو غوف حصدت أولى بطولاتها الكبرى عام 2023
بدأ العالم يهمس باسم كوكو غوف في سبتمبر 2023، حين سطع نجمها بقوة في بطولة أميركا المفتوحة، على أرضها وبين جماهيرها المتحمّسة. في سن الـ19، وقفت غوف شامخة في وجه الضغوط والتوقعات، مقدّمة أداءً مذهلًا يعكس نضجًا استثنائيًا وحضورًا ذهنيًا لافتًا، فحصدت أولى بطولاتها الكبرى في لحظة بدت كأنها ولادة نجمة لا تُشبه سواها. لكن ما بدا للكثيرين تتويجًا، كان في الحقيقة محطة على طريق طويل بدأ منذ طفولتها، حين أمسكت المضرب لأول مرة وسط دعم عائلي حقيقي وإيمان عميق بموهبتها. واليوم، تؤكّد كوكو غوف أنها لا تُجيد فقط كتابة اللحظة، بل تُجيد أيضًا صياغة المستقبل.
كوكو غوف: الطفلة التي سارت على خطى سيرينا ويليامز
ولدت كوكو غوف في مدينة ديلراي بيتش بولاية فلوريدا عام 2004، لأبوين رياضيين، فوالدها كان لاعب كرة سلة، ووالدتها كانت بطلة في الجمباز وألعاب القوى. لم تكن الرياضة أمرًا غريبًا في حياتها، لكنها اختارت التنس بعد أن شاهدت سيرينا ويليامز تتوّج في بطولة أستراليا المفتوحة عام 2009. كانت حينها في السادسة من عمرها، وبدأ الحلم يكبر. في سن السابعة، انتقلت العائلة إلى ديلراي بيتش من أجل توفير بيئة تدريب أفضل. لاحقًا، انضمت غوف إلى أكاديمية المدرّب الشهير باتريك موراتوغلو، الذي ساعد أيضًا في صقل موهبة سيرينا ويليامز نفسها.
كوكو غوف: ذهنية متفتّحة لمراهقة إستثنائية
لم يكن نجاح كوكو غوف قائمًا على الموهبة وحدها، بل تميّزت بعقلية تنافسية تفوق سنها. ففي رياضة مثل التنس، حيث الجانب الذهني قد يحسم المواجهات، برزت غوف كلاعبة تملك رباطة جأش لا تتزعزع، حتى تحت ضغط الأضواء. منذ صغرها، حرص والداها على أن تظل متزنة، وأن تتذكر أن حبها للتنس يتقدّم على أي نتيجة. كانت تسعى إلى التطور لا إلى النتائج فقط. وفي كل لقاء صحفي، لم تكن تتحدث عن الألقاب، بل عن الشغف، والطموح، والتعلّم.
نقطة التحوّل: ويمبلدون 2019.. حيث وُلدت الأسطورة
في سن الخامسة عشرة، حققت كوكو غوف لحظة مفصلية في حياتها الرياضية، عندما هزمت الأسطورة فينوس ويليامز في بطولة ويمبلدون. كانت مواجهة أشبه بحلم، لكنها تحولت إلى حقيقة، لتصبح كوكو غوف حديث الصحافة والجمهور، وترسّخ مكانتها كأيقونة شابة في عالم التنس. توالت بعدها الانتصارات: الفوز على نعومي أوساكا، والوصول إلى أدوار متقدمة في بطولات كبرى، قبل أن يتحقق الحلم الأهم في نيويورك.
أسلوب لعب متجدّد
تمتلك غوف كوكو قدرة نادرة على التأقلم مع مختلف أساليب اللعب، ما جعلها خصمًا يصعب توقعه. لم تكن تكرر أسلوبًا واحدًا، بل كانت تطوّر نفسها باستمرار، وتقدّم أداءً يجمع بين الذكاء والسرعة والقوة. لكن نجاحها لم يقتصر على الملاعب؛ فقد استخدمت شهرتها لدعم قضايا اجتماعية، وتحدثت بصراحة عن العدالة العرقية وأهمية التعليم، ما أكسبها احترامًا يتجاوز عالم الرياضة. وعلى الرغم من صغر سنها، حصدت كوكو غوف أكثر من 8 ملايين دولار من الجوائز المالية، إلى جانب عقود رعاية عدّة، أبرزها مع شركة New Balance التي أطلقت حذاءً خاصًا باسمها. كما شاركت في حملات إعلانية، بل حتى أدّت دورًا كبديلة لسيرينا ويليامز في إعلان لإحدى شركات الطيران
كوكو غوف ورفيقاتها يكتبن فصلاً جديداً من المجد الرياضي
بعد سنوات من البحث عن وريثات لسيرينا وليامز، ها هي التنس الأميركية تنهض مجدداً بقيادة كوكو غوف، جيسيكا بيغولا، ماديسون كيز، وأماندا أنيسيموفا. ما يجري في ملاعب الكرة الصفراء خلال عام 2025، ليس مجرّد نجاح عابر، بل هو تحوّل حقيقي يعيد للتنس الأميركية موقعها التاريخي. ففي موسم 2025، شهدت بطولات غراند سلام عودة قوية للعلم الأميركي. ماديسون كيز توّجت بلقب أستراليا المفتوحة، قبل أن تسطع كوكو غوف في رولان غاروس، وتنتزع اللقب من المصنّفة الأولى عالميًا، أرينا سابالينكا، في مباراة مثيرة من ثلاث مجموعات. بذلك، أحرزت اللاعبات الأميركيات آخر لقبين في البطولات الكبرى، في سابقة لم تحدث منذ عقد من الزمن. وعادت أماندا أنيسيموفا بقوة إلى الواجهة، متوجة بلقب بطولة قطر المفتوحة WTA 1000 في فبراير. بيغولا، بدورها، حوّلت ثبات مستواها إلى ألقاب، بفوزها في بطولة أوستن، ثم بطولة تشارلستون، لتؤكّد أنها رقم صعب في جيل الأميركيات الجديد. وشكل نهائي أوستن بين جيسيكا بيغولا ومواطناتها ماكارتني كيسلر، حدثًا استثنائيًا، كونه أول نهائي WTA أميركي خالص على الأراضي الأميركية منذ 2017، ما يعكس عمق المواهب النسائية في البلاد. وتضم قائمة المصنفات العشر الأوائل اليوم أربع أميركيات: كوكو غوف (المصنّفة الثانية عالميًا)، جيسيكا بيغولا (الثالثة)، ماديسون كيز (الثامنة) وإيما نافارو (العاشرة). وتنتظر أنيسيموفا اقتحام قائمة العشر الأوائل بعد وصولها إلى نهائي Queen’s Club.
