عبر القراص في الأراضي الملكية، الأمير تشارلز يقتحم عالم الموضة المستدامة بالتعاون مع علامة Vin + Omi
تعبّر الموضة غالبًا عن أجواء العصر وتطور المجتمع بإتجاه أو آخر، وما يمكن أن تكون عليه نظرته الى الجمال والقيم، وآفاقه وطموحاته وأحلامه …كما أن بأمكان المبدعين أو شركات الترويج المتخصّصة أن تأخذ المجتمعات من موسم الى آخر، إلى موجات أزياء متنوعة، شكلاً وكسمًا ولونًا ورونقًا، وفقًا لميلها وقدرتها على الخلق والإبتكار…
أسبوع لندن للموضة
برزت في المدة الأخيرة على الصعيد الدولي، الخشية من مخاطر التلوث وتحول المناخ، وبدأت الكثير من السياسات تسعى للتأقلم لمواجهة هذا الواقع وتعديل عاداتها وممارساتها في الإنتاج والتصنيع .
وفي هذا السياق، نظمت في لندن إعتبارًا من الثالث عشر من سبتمبر ٢٠١٩، أسبوع لندن للموضة، لعرض مجموعات موسمي ربيع وصيف ٢٠٢٠، وقد إكتشفت الصحافة المعتمدة في بريطانيا، ومن بينها مراسلتنا في لندن، علامة أزياء المصممين Vin + Omi ، وميزتها أنها تبتكر أزياء تصنّع من خيوط النباتات التي تزرع في العقارات الريفية لولي العهد البريطاني الأمير تشارلز ، علمًا بأن Vin بريطاني و Omi من أصل سنغافوري، وقدما عرضًا عن هذه التجربة في فندق سافوي اللندني المرموق على هامش أسبوع الموضة.
كيف إنطلقت الفكرة والتعاون؟
قام مصمما الأزياء Vin+Omi ، اللذين يعتبران من حركة الـ“Punk”، بتصنيع وتصميم أزياء، إنطلاقًا من نبات القراص المقتطف من الأراضي الملكية في”هاي غوف هاوس“،حيث المقر الريفي لوريث العرش البريطاني الأمير تشارلز، المعروف بإهتمامه بالبيئة.
وكان الأمير تشارلز قد سبق وإلتقى في شهر مايو ٢٠١٨ مع مصممي الأزياء، بمناسبة إنعقاد منصة Positive Fashion initiative التي يشجعها مجلس الموضة البريطاني من أجل تشجيع الموضة المستدامة ، فلفت نظرهما الى أنه يمكن تصنيع الألبسة إنطلاقًا من نبتة القراص، مشيرًا الى أن هذه النبتة متوفرة بكثرة في أراضيه في “هايغروف”، وذلك بعد أن كانا قد أبلغاه أنهما في صدد دراسة إمكانية تصنيع ملابس إنطلاقا”من النبات، ولا سيما الفجل الحار ونبات القراص واليرقة البرية. ودعاهما بعد ذلك لزيارة عقاره، وإتفقا مع مجموعة من طلاب أكسفورد برووكس، كي يقوموا بقطاف آلاف نبات القراص هناك.
وقد تبيّن عند التنفيذ، أنه يمكن صناعة ثياب من خيوط هذه النبتة، تشبه قماش “ألباغا” المعروف .
ونشأت بالتالي شراكة إستغربها البعض ولاسيما Vin نفسه، بين الأمير تشارلز والثنائي
الآتي من عالم “البانك”، المختلف تمامًا عن عالم عرش بريطانيا وتقاليده ومراسمه المتشدّدة.
إلاّ أن التفاهم بينهما تمحور حول موضوع البيئة كما صرّح بذلك Omi أمام وسائل الإعلام ،
بعد أن كان من المعروف أن الأميرة ديانا هي التي تهتم بأمور الموضة، ومؤخرًا دوقة ساسكس ميغان ميركل.
ضرورة وقف إستباحة الكوكب
من هذا المنطلق، أمكن تصنيع فساتين ومعطف أنيق لون بيج مصنوع من آلاف خيوط نبات القراص بما يشبه الصوف، وسبع قطع أخرى مصنوعة من هذه النبتة، تم عرضها في السابع عشر من سبتمبر ٢٠١٩ على منصات عروض أسبوع لندن للموضة، تحت شعار “أوقفوا إستباحة الكوكب” . وشملت روح الإبتكار مجالات أخرى، كأنواع من الخواتم المصنوعة من الخشب المتواجد في أراضي الأمير تشارلز، وتدوير محتوى الأكياس المخصّصة للحديقة ، علمًا بأن الثنائي Vin+Omi يعمل على مشاريع بيئية مختلفة في المملكة المتحدة والصين والولايات المتحدة، حيث يدوران البلاستيك على سبيل المثال، لتصنيع قمصان الـ “ت-شيرت”، أو السعي لصناعة الجلد النباتي من الفطر أو من قشر الكستناء .
تجدر الإشارة الى أن إعداد مثل هذه الألبسة بواسطة خيوط النبات أو الكتان أو أوراق الشجر كشجر التوت بالنسبة للحرير، يعود إلى العصر الذي سبق الثورةالصناعية؛ لا بل لجأ اليه الإنسان في العصور القديمة للإحتماء من البرد… وجاءت الموضة ومستوجبات حماية البيئة لتعيد إحياءه بشكل أنيق وحديث .
الأمير تشارلز والموضة
يتندّر بعض الإعلاميين بالقول، إن الأمير تشارلز دخل بهذه الطريقة عالم الموضة، مع أنه غير معروف بتنويع أزياء ألبسته بسهولة ، بالرغم من أناقته الدائمة. فمعطفه هو نفسه منذ سنوات، والعديد مما يرتديه موضة قديمة تعود الى القرن الماضي، من بدلة أندرسون وشيبارد الـ”دوبتي” من صنع الخياط الرسمي لقصر باكينغهام ، الى ربطات العنق التقليدية، والأحذية المعدّة على القياس…، وقد يكون ذلك للتميّز الأرستقراطي؛ علمًا بأن مقولته هي بأنه يكفي أن يكون الإنسان مرتاحًا بما يرتديه، سواء أكان مطابقًا للموضة أم لم يكن .