طوكيو 2020
منافسات عالمية بجمهور محلي… وتكلفة باهظة
بعد تأجيلها لعام كامل، يؤكّد القيّمون على الألعاب الأولمبية والبارالمبية الصيفـية، أنها ستعقد بدورتها الثانية والثلاثين فـي طوكيو كما كان مقرّراً بين 23 يوليو و8 أغسطس 2021، رغم إجراءات الإقفال التي تتخّذها الحكومة اليابانية حالياً ورغم رفض 70 فـي المئة من اليابانيين لإنعقادها فـي ظل الموجة الجديدة من فـيروس كورونا التي تجتاح البلاد. وتجدر الإشارة الى أن هذه هي الدورة الأولمبية الأولى التي يتمّ تأجيلها بسبب الحالة الطارئة إذ إن فـي السابق ألغيت فقط بعض الدورات الأولمبية بسبب الحروب العالمية.
أغلقت اليابان حدودها أمام الأجانب بسبب كورونا، ما يعني أنه لا يمكن حضور الجمهور بإستثناء المحلي، وإن كان تدهور الأوضاع قد يؤدّي إلى أن تقام المباريات دون حضور أي جمهور. ويتوجّب على المشاركين فـي البطولة والوفود المصاحبة لهم إجراء اختبارات عند الوصول إلى اليابان وقبل مغادرتها.
ولن يقام حجر صحي، لكن يتعيّن على المشاركين الإقامة فـي مجموعات مغلقة وعدم الاختلاط بالسكان.
ولا يتعيّن على المشاركين أن يتلقوا اللقاح، وإن كانت اللجنة الأولمبية تقدّر أن 80 فـي المئة من المشاركين سيكونون قد تلقوه. وسيتم اختبار المشاركين يوميًا أثناء البطولة.
وأظهرت إستطلاعات الرأي الأخيرة أن حوالي 70 فـي المئة من اليابانيين يعارضون إقامة البطولة. كما تراجع العديد من البلدان فـي نطاق العاصمة طوكيو عن استقبال الوفود المشاركة، خوفًا من أن البطولة التي قد تزيد من فرص إنتشار فـيروس كورونا وتزيد الضغط على النظام الصحي.
لم تعلن أي من الدول الكبرى عن مواقف ضد الأولمبياد. وأصدرت الولايات المتحدة إنذارًا ضد السفر إلى اليابان بعد الموجة الجديدة، لكن المسؤولين يقولون إنهم واثقون من مشاركة الرياضيين فـي البطولة.
وأعلنت بريطانيا أنها تظل ملتزمة بإرسال الفريق كاملاً للمشاركة فـي دورة الألعاب الأولمبية فـي طوكيو.
كما أعلن الرئيس الصيني شي جينبينغ دعمه التام. ويُذكر هنا أن الصين تستضيف دورة الألعاب الشتوية المقبلة فـي فبراير 2022.
بين الاقتصاد والصحة
ينص العقد الموقّع بين اللجنة الأولمبية وطوكيو صراحة، على أن اللجنة الأولمبية وحدها هي من يمكنها إلغاء البطولة. وتحصل اللجنة على حوالي 70 فـي المئة من ميزانيتها من بيع حقوق البث، وحوالي 18 فـي المئة من الرعاة. وفـي حال إلغاء البطولة، ستتأثر ميزانية اللجنة بشدّة وربما يمتد الأثر إلى مستقبل الحركة الأولمبية عمومًا.
وبالنظر إلى تصريحات اللجنة المستمرة التي تؤكّد على إمكانية إقامة البطولة مع إتخاذ إجراءات السلامة، حتى فـي ظل حالة الطوارئ، تنحسر أي فرصة لإلغاء البطولة.
وإذا قرّرت طوكيو فسخ التعاقد وإلغاء البطولة رغمًا عن اللجنة الأولمبية، ستكون الخسارة الأكبر على الجانب الياباني. فقد خُصصت ميزانية قدرها 12.6 مليار دولار للبطولة، لكن ثمة تقارير تقول إن التكلفة الحقيقة قد تصل إلى ضعف هذا الرقم.
وعلى الرغم من أن الأطراف المرتبطة بالبطولة لديها الكثير من بدائل التأمين، إلاّ أن الخسارة ستظل كبيرة فـي حال إلغائها.
وتعاني اللجنة واليابان بالفعل، من تراجع المكاسب المتوقّعة من الأولمبياد جرّاء التأجيل وعدم وجود جمهور دولي فـي هذه البطولة.
هذا وستشمل البطولة الأولمبية هذا العام 33 منافسة، فـي 339 مباراة، وتقام فـي 42 قاعة وساحة. أما الألعاب البارالمبية فتشمل 539 مباراة فـي 22 رياضة، وتقام فـي 21 قاعة وساحة.
جمهور محلي
من المتوقّع أن تسمح السلطات فـي اليابان لحوالي عشرة آلاف من الجمهور بحضور أولمبياد طوكيو 2020، رغم تحذيرات مسؤولين فـي قطاع الصحة فـي البلاد.
ولن يسمح للمشجعين الأجانب بحضور أنشطة المسابقة، لكن جمهور الرياضة المحلي سوف يحضر بشرط ألاّ يزيد عدد الحضور فـي المبارايات عن 50 فـي المئة من القدرة الإستيعابية لمدرجات الملاعب.
ويحظّر على جمهور أولمبياد اليابان الهتاف أو التحدّث بصوت مرتفع، كما يجب أن يظلوا واضعين الكمامات طوال فترة بقائهم فـي المدرجات.
وسيتم تأكيد عدد الجماهير التي من المتوقّع أن يسمح لها بحضور الأولمبياد الخاصة فـي 16 يوليو، وفقًا لما أكدّته اللجنة الأولمبية الدولية، واللجنة الدولية للأولمبياد الخاصة، واللجنة المنظمة لأولمبياد طوكيو 2020، والحكومة المحلية للعاصمة اليابانية طوكيو وحكومة اليابان.
ميرايتوا وسوميتي
ميرايتوا وسوميتي هما التعويذتان الرسميتان لدورة الألعاب الأولمبية الصيفـية 2020 والألعاب البارالمبية الصيفـية 2020 فـي طوكيو، وهما روبوتين، وميرايتوا تعني فـي اليابانية المستقبل الأبدي وسوميتي هي نوع من أزهار الكرز.
رياضات ومسابقات جديدة
تشهد دورة طوكيو 2020 مشاركة جزر فارو لأول مرة فـي الألعاب الأولمبية، فـي السابق كان رياضيوها يشاركون تحت إسم الدنمارك، لكن بعد قرار الحكم الذاتي أصبح رياضيوها يشاركون تحت إسم بلدهم. وقد تمّ إدراج بعض الرياضات الجديدة فـيها بالإضافة إلى زيادة بعض الفعاليات فـي المسابقات خصوصًا المتختلطة بين الجنسين. إذ باتت لائحة الرياضات الأولمبية تضم 5 ألعاب جديدة هي: التسلّق، الكاراتيه، لوح التزلج، ركوب الأمواج والبيسبول، أما المسابقات الجديدة التي سيشهدها هذا العام فهي 15 :
-البدل المختلط فـي ألعاب القوى 4×100م
-البدل المختلط فـي السباحة 4×100م
-منافسات كرة السلة المصغرة 3×3
-مسابقة للفرق المختلطة فـي الجودو والدراجات والقوس والنشاب
والترياتلون
-مسابقة الزوجي المختلط فـي كرة الطاولة
الفريق الأولمبي للاجئين
للدورة الثانية على التوالي تضمّ الألعاب الأولمبية فريقاً للاجئين تابعاً للجنة الأولمبية الدولية، وهو يضمّ فـي هذه الدورة 26 رياضياً يتنافسون فـي 12 رياضة. وينتمي أعضاء الفريق إلى 11 دولة حول العالم، وقد تم تأسيسه من قبل اللجنة الأولمبية الدولية ورئيسها، توماس باخ، قبيل دورة الألعاب الأولمبية ريو 2016. والهدف من هذا الفريق هو بث رسائل ملهمة من الأمل والصمود إلى 82.4 مليون شخص من اللاجئين والنازحين حول العالم.
وستكون هذه هي المرة الثانية التي يشارك فـيها فريق من اللاجئين فـي الألعاب الأولمبية، وذلك بعد المشاركة الأولى فـي دورة ريو دي جانيرو، فـي عام 2016، حيث نافس 10 رياضيين لاجئين من أربعة بلدان، وكانت مشاركتهم بمثابة تحية لشجاعة ومثابرة جميع اللاجئين حول العالم فـي وقت كان فـيه عدد الأشخاص النازحين قسرًا بسبب العنف والإضطهاد قد وصل إلى أعلى مستوياته منذ الحرب العالمية الثانية، بحسب موقع منظمة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وتمّ اختيار فريق طوكيو من بين الرياضيين اللاجئين المدعومين من اللجنة الأولمبية الدولية بواسطة برنامج المنح الأولمبية للرياضيين اللاجئين.
من المشاركين العرب في هذا الفرق نذكر:
يسرى مارديني
تبلغ من العمر23 عامًا وهي سورية مقيمة فـي ألمانيا، ستشارك فـي طوكيو بعد أن كانت ضمن فريق الألعاب الأولمبية الصيفـية 2016. فرّت يسرى مع أختها من بلادها فـي 2015 إلى ألمانيا، عبر بيروت ثم تركيا وصولاً إلى جزيرة لسبوس فـي اليونان، وفـي الرحلة الأخيرة، تعطل القارب الذي كان سيوصلهما إلى الجزيرة، فإضطرت الاختان وامرأة ثالثة أن يسبحن لدفع القارب لمدة ثلاث ساعات وإيصاله إلى الشاطئ.
منى دهوك
سوف تشارك إبنة دمشق البالغة من العمر 26 عاماً، مقيمة حاليًا فـي هولندا، فـي مسابقة الجودو. فرت منى من سوريا، عام 2018، لتنضم إلى والدتها فـي هولندا، وكانت قد بدأت رياضة الجودو فـي دمشق عندما كانت فـي السادسة من عمرها مع أختها، ولم تتوقف أبداً عن ممارستها. وهي تنافس الآن فـي فئة 63 كلغ فـي هولندا، وشاركت من قبل فـي فريق اللاجئين ضمن سباق جائزة بودابست الكبرى لعام 2019، وبطولات أخرى.
ساندا الداس
هي من دمشق وتبلغ من العمر31 عامًا، ستشارك فـي مسابقة الجودو. فقدت منزلها فقرّرت الرحيل من سوريا إلى هولندا، ثم لحق بها زوجها، وأنجبت طفلين هناك. لم يكن من السهل عليها دائمًا تحقيق التوازن بين الأمومة والتدريب، لكنها تشعر بأنها «سعيدة ومحظوظة لأنها قادرة على العيش فـي بيئة آمنة مع عائلتها وقادرة على التدريب». بدء حياة جديدة لم يكن أمراً سهلاً لكن «ممارسة الرياضة والحصول على الدعم ساعدها فـي بدء بداية جديدة وإعادة بناء ثقتها بنفسها».
أحمد بدرالدين
يبلغ من العمر 30 عامًا، مشارك فـي مسابقة ركوب الدرّاجات وهو سوري مولود فـي حلب، ومقيم حالياً فـي سويسرا، وكان قد حلّ تاسعًا فـي مسابقة أبطال آسيا عام 2019. فاز أحمد كناشئ فـي العديد من البطولات السورية وبسباق الطرق العربية كما كان أول ناشئ يشارك فـي بطولات عالمية باسم سوريا، لكن مع إندلاع الحرب، أصبحت حياته أكثر صعوبة، وفـي عام 2014، قرّر أنه لا خيار لديه سوى الفرار، وبالفعل وصل إلى سويسرا بعد رحلة طويلة. وفـي الوقت الحالي يمارس ركوب الدراجات بالإضافة إلى أمله فـي دراسة علوم الرياضة.
أحمد عليكاج
ملاكم سوري له من العمر 30 عامًا، يعيش فـي هامبورغ ألمانيا بصفة لاجىء، وينافس فـي وزن 73 كيلوغرامًا، وقد تم إدراجه فـي فريق اللاجئين فـي سباق جائزة بودابست الكبرى لعام 2019 وشارك فـي بطولة العالم 2019 فـي طوكيو، وكذلك فـي بطولة باريس غراند سلام ودوسلدورف غراند سلام.
أكر العبيدي
لاجيء عراقي يبلغ من العمر 22 عامًا، مقيم فـي النمسا ويشارك فـي مسابقة المصارعة، وكان قد حصل على المركز الثالث فـي بطولة أوروبا للناشئين 2019(ESP)، بعد أن وصل إلى النمسا فارًا من الموصل التي نشأ فـيها. ترك العبيدي بلاده بعد أن بدأ تنظيم داعش فـي تجنيد الشباب فـي المدينة، وبعد أن وصل النمسا، فـي العام 2016، واصل التدريبات وتنافس مع زملائه فـي مسابقة دولية فـي ريغا، وحصل فـيها على الميدالية الذهبية، وحالياً يتدرّب سبع مرات فـي الأسبوع بنادي مصارعة محلي ويدرّب الأطفال.
علاء ماسو
لاجىء سوري من حلب، يبلغ من العمر21 عامًا، مقيم فـي هانوفر فـي ألمانيا، سوف يشارك فـي مسابقة السباحة. غادر علاء سوريا، عام 2015 بعد أن تضرّرت منشآته التدريبية وشعر بالضغط الشديد نتيجة الصراع من حوله. وفـي ألمانيا عاد الى تدريبات السباحة ويرغب حالياً فـي العودة للدراسة وتعويض سنوات رحلة الخروج من سوريا.
قال علاء فـي مقابلة، إنه عندما كان فـي سوريا، وكانت السباحة ملاذه للهرب من الصراع من حوله: «تمكنت من فصل نفسي عن الكثير من السلبية وإكتساب الثقة فـي حياتي الشخصية أثناء التدريب».
وسام سلامانا
مثّل هذا الملاكم السوري الذي يبلغ من العمر 34 عامًا، بلاده فـي الألعاب الأولمبية 2012، فإتخذ القرار الصعب بالفرار من بلده إلى ألمانيا حفاظًا على سلامة عائلته وكي يكون قادرًا على مواصلة مسيرته الرياضية. فـي عام 2015، قرّر الفرار، وهناك واصل التدريب وحصل على الميدالية البرونزية فـي بطولة كأس العالم فـي كولونيا 2021. جاء فـي تقرير لموقع olympics. com، إن سلامانا الذي يتمتّع بنظرة إيجابية وقوة ذهنية عميقة، قال فـي كلمة تحفـيزية للرياضيين: «إستمروا فـي التدريب. لا تستسلموا. الحلم الأولمبي آت».
وائل شويب
يشارك إبن دمشق البالغ من العمر 36 عامًا، فـي مسابقة الكاراتيه، وهو كان يمارس رياضته جنباً إلى جنب مع عمله فـي مصنع للنسيج فـي سوريا، قبل أن يرحل عنها فـي عام 2015، بسبب النزاعات. وصل إلى تركيا على زورق مطاطي ثم ذهب إلى اليونان، وركب دراجة أخذته إلى الحدود الصربية، حتى وصل فـي النهاية إلى وجهته النهائية، ألمانيا.
آرام محمود
يبلغ من العمر 24 عامًا وهو سوري الجنسية، يشارك فـي مسابقة الريشة الطائرة وقد وضع شعارًا لنفسه هو: «أنا أستطيع. أنا أؤمن بنفسي». فـي عام 2014، كان آرام بطل كرة الريشة الفردي فـي سوريا مرتين، لكن فـي العام التالي، ومع إستمرار الحرب الأهلية، كان غير قادر على الذهاب إلى المدرسة أو التدريب، فغادر الوطن ليلحق بأخيه فـي هولندا. والآن يسعى إلى تحقيق أهدافه الرياضية، وقد وصل مؤخرًا إلى ربع نهائي بطولة 2019 فـي البرتغال، ويعتبر نفسه محظوظًا لأنه وجد ناديه الحالي الذي ساعده على التميّز والاستقرار.