سيدات مميّزات ورائدات فـي ميادين الفن والعلم والسلطة. . . .
يشهد العالم إنجازات الكثير من النساء اللواتي يرتقيّن بأعمالهنّ ومواهبهنّ الى العالمية والشهرة، منذ أن سمحت لهنّ التشريعات والتقاليد، بالإنخراط بصورة أوسع فـي ميادين العمل والشأن العام، فتمكنّ من إبراز مواهبهنّ ومهاراتهنّ فـي قطاعات عديدة، ومنها قطاع المهن الحرة والعلوم والإقتصاد والتجارة والإعلام والشعر والأدب والفنون الجميلة والإدارة العامة، وصولاً الى مراكز القيادة السياسية المباشرة. . . دون أن ينتقص ذلك من دورهنّ الأساسي كأمهات ومربيات وربات بيوت. . .
إلاّ أن وسائل الإعلام الحديثة باتت تسلّط الأضواء على فئة خاصة من النساء المميّزات، يطلق عليهن فـي معجم اللغة الإنكليزية وفـي لغات عديدة أخرى، لقب النساء ألـ«بدس».
ليس هناك من ترجمة محدّدة باللغة العربية لهذه الكلمة الهجينة. إلا أنها تعني بشكل عام، النساء اللواتي تميّزن بسبب قيامهن بأنشطة خارجة عن المألوف، سواء أكانت هذه الأنشطة إيجابية أم سلبية، مسالمة أم عنيفة.
وتنطبق هذه الصفة على من برز منهنّ فـي الحياة الفعلية، أو فـي التمثيل وفـي مخيلة المخرجين.
من بين أولئك النساء فـي الحياة الفعلية، فئة المتفانيات فـي خدمة الضعفاء والمرضى والقضايا الإجتماعية أو البيئية أو شؤون تمكين المرأة وتثبيت حقوقها وتعزيز العلوم. . . ؛
وفـي مقابل ذلك، فئة اللواتي تتميّزن بالقسوة، ولا تعرفن التردّد أو الخوف، وتقارعن الرجال فـي ميادينهم، على غرار ما نتابعه فـي الكتب والأفلام والمسلسلات.
يمكن أن تشمل هذه التسمية، فئة الرجال أنفسهم، الذين طبعوا التاريخ، وهم كثر، مثل نابوليون بونبارت وألبرت آينشتين ومارتن لوثر كينغ وبيل غيتس، أو أولئك الذين أبرزهم الأدباء، أو المخرجين، فـي الحقيقة أم فـي الخيال، مثل دايفـيد كوبرفـيلد و«تان تان» أو جيمس بوند، وسيلفستر ستاليون «رامبو»، وأرنولد شوارزنيغر، ونجوم المصارعة الإستعراضية الأميركية، أو أبطال أفلام «ستار وورس» و«ترميناتور» و«سوبرمان» و«باتمان» وهكذا.
وقبل الإنطلاق فـي مسيرتنا التي نعتزم من خلالها تكريم النساء الرائدات فـي مجتمعاتنا المعاصرة والإضاءة على إنجازاتهن، كان لا بدّ لنا من وقفة مع بعض من أبرز النساء فـي التاريخ وفـي عالمنا المعاصر.
زنوبيا :سياسية محنّكة
ملكة تدمر فـي القرن الثالث؛ كانت تتميّز بجمالها وبواسع ثقافتها وإتقانها لأربع لغات. كما عُرفت كقائدة بارعة، وسياسية محنّكة؛ تمكّنت من توسيع سيطرتها بإتجاه تركيا ومصر، وعرفت كيف تحيّد روما قبل أن تتواجه معها وتنكسر.
ماري كوري :تفوز بجائزتيّ نوبل
عالمة فرنسية من أصل بولندي، قامت بدراسة النشاط الإشعاعي، وقادت أبحاثها الى إكتشاف البولونيوم والراديوم. تميّزت بأنها أول إمرأة تفوز بجائزتيّ «نوبل»، واحدة فـي الفـيزياء وأخرى فـي الكيمياء.
ڤالنتينا تيريشكوفا: أول رائدة فضاء
أول رائدة فضاء فـي العالم، قامت بثماني وأربعين دورة بمفردها حول الأرض، من السادس عشر إلى التاسع عشر من يونيو ١٩٦٣، على متن المكوك السوڤياتي «فوستوك» الذي أقلّها. . . من مواليد عام ١٩٣٧، حائزة لقب «بطلة الإتحاد السوڤـياتي».
أنجيلا فوروبيڤا: تسلّقت جبل «كليمنغارو»
سيدة مسنّة تسلّقت عام ٢٠١٥، وهي فـي السادسة والثمانين من عمرها، جبل «كيليمنغارو» فـي تنزانيا، الذي يصل إرتفاع أعلى قممه إلى أكثر من ٥٨٩١ مترًا، ما يجعل منه أعلى جبل فـي إفريقيا.
بيغي ويتسون : قضت ٦٦٥ يوماً فـي الفضاء
رائدة فضاء أميركية، من مواليد عام ١٩٦٠، قادت مركبات فضائية مراراً ما بين العام ٢٠٠٢ و ٢٠١٨، وأمضت ما مجموعه ٦٦٥ يوماً فـي الفضاء، أي أكثر من أي رائد فضاء آخر، ولا سيما فـي محطة الفضاء الدولية الأميركية-الروسية التي تشارك فـيها وكالات الفضاء اليابانية والأوروبية والكندية.
جونكو تابي :أول امرأة تتسلّق قمة «إيڤـيريست»
متسلّقة جبال يابانية، أصبحت عام ١٩٧٥ أول إمرأة تتسلّق قمة «إيڤـيريست» فـي جبال «الهيمالايا»، أعلى قمم العالم، ويبلغ إرتفاعها ٨٨٤٨م.
مريم المنصوري :إماراتية تقود طائرة حربية
أول إمرأة إماراتية تقود طائرة مقاتلة، شاركت فـي قوات التحالف لمحاربة الإرهاب، وحصلت عام ٢٠١٤ على جائزة الشيخ محمد بن راشد للتميّز من فئة «فخر الإمارات».
نيلوفر رحماني :إمرأة طيار فـي القوات الأفغانية
أول أمرأة طيار فـي القوات الجوية الأفغانية منذ سقوط نظام طالبان عام ٢٠١١. حصلت على لقب كابتن طيار، وإضطلعت بمهامها من دون أن تخشى مخاطر مهنتها، أو التهديدات بالقتل التي كانت تتلقاها. ألاّ أنها عادت وطلبت اللجوء الى الولايات المتحدة عام ٢٠١٨، بعد أن إرتفعت نسبة الضغوط والمخاطر على حياتها وعائلتها.
ماريا إدريسي :عارضة أزياء محجبة
أول عارضة أزياء عالمية «محجبة»، وُلدت فـي لندن من أب مغربي وأم باكستانية. إختارتها محلات H&M السويدية الشهيرة للترويج لمجموعاتها؛ بعد أن كانت قد إكتشفتها على « إنستغرام». حائزة شهادة فـي الآداب، وسبق لها أن فتحت صالونًا للتجميل الذي درست فنونه فـي لندن. وأصبحت اليوم عارضة أزياء تنقل أخبارها كبريات المجلات ووسائل الإعلام العالمية.
ريا الحسن :أول وزيرة داخلية فـي العالم العربي
الوزيرة اللبنانية ريا الحسن، هي أول امرأة تتسلّم زمام وزارة الداخلية فـي العالم العربي، علماً بأنها كانت تشغل منصب وزيرة المال فـي حكومة سابقة. متأهّلة من الدكتور جناح الحسن ولديهما ثلاث بنات. حاصلة على شهادة بكالوريوس فـي إدارة الأعمال من الجامعة الأميركية فـي بيروت وعلى ماجستير فـي التمويل والإستثمار من جامعة جورج تاون فـي الولايات المتحدة الأميركية.
الأميرة ريما أول سفـيرة للسعودية
السفـيرة الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان بن عبد العزيز آل سعود، هي أول سفـيرة للمملكة العربية السعودية فـي واشنطن. والدها الأمير بندر بن سلطان آل سعود، الذي خدم كسفـير لبلاده فـي واشنطن لفترة طويلة من الزمن، كما شغل منصب رئيس المخابرات السعودية. وقد برزت فـي المجتمع السعودي كسيدة أعمال قديرة وانخرطت بالأنشطة الخيرية والرياضية والتوعية الصحية وتنمية المرأة، إضافة الى أنشطة عديدة أخرى.
وقد اختارها «منتدى دافوس» لتنضم إلى برنامج القيادات العالمية الشابة، نظراً الى إنجازاتها فـي المجالات التنموية وسجّلها القيادي.
أمل علم الدين: مدافعة عن حقوق الإنسان
المحامية اللبنانية-البريطانية أمل علم الدين زوجة الممثل جورج كلوني، عينّتها الحكومة البريطانية موفدة خاصة للدفاع عن الحريات الإعلامية وعن حقوق الصحافـيين، إضافة إلى دورها فـي مجال الدفاع عن حقوق الإنسان.
زها حديد: مهندسة عالمية
درست المهندسة العراقية-البريطانية، زها محمد حديد الرياضيات فـي الجامعة الأميركية فـي بيروت، ثم الهندسة المعمارية فـي لندن، أصبحت من أشهر المهندسات فـي العالم. شيّدت أبنية مميّزة فـي دول عديدة مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا والنمسا والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية وإيطاليا والدانمرك والصين وروسيا، وأعطت دروساً جامعية فـي الولايات المتحدة، وأصبحت أول إمراة عام ٢٠٠٤ تحصل على جائزة «بريتزكر»، أعلى شهادة فـي الهندسة المعمارية. كما شيّدت جسر الشيخ زايد فـي أبو ظبي عام ٢٠١٠.
نساء تميّزن بأدوار غير تقليدية فـي مجال التمثيل
سارة كونور
تلعب دورًا ذكوريًا متسّمًا بالقسوة، يركّز على القوة المطلقة، فـي سلسلة أفلام «ترمينيتور» المعروفة.
أنجلينا جولي
إقتبست أدوار «لارا كروفت» المغامرة التي لا تعرف الخوف، وإضطلعت بمهمات إنسانية على الصعيد الدولي لمساعدة اللاجئين حيث يتواجدون، كموفدة خاصة للهيئة العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.
بيتا ويلسون
لعبت أدوار العميلة السرية «نيكيتا».
ليندا كارتر
لعبت دور «وندر وومن» الأساسية.
آن هاتاواي
لعبت دور «بات وومن» المستوحى من «بات مان»؛
وهناك أسماء كثيرة أخرى، برزت فـي الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية، لنساء تضطلعن بأدوار غير مألوفة.
ونساء مميزات من عالم الخيال
وفـي العالم الخيالي، تبلورت صور نسجتها شركات الإنتاج، ونقلتها «ديزني» إلى شاشات السينما، ومنها الأميرة «سيندريللا» و«بياض الثلج».
ملاحظات
بالرغم من حرية الرأي والإختراع والإنتاج، برزت ملاحظات من قبل الحريصين على التنشئة الصحيحة والتثقيف السليم، حول وجوب عدم التركيز على النساء اللواتي لعبن أدوراً عنيفة فـي مسيرة حياتهن الشخصية الفعلية أو فـي الأفلام والمسلسلات مهما كان بريقها، وضرورة تشجيع الأعمال البنّاءة والإيجابية بشكل حصري وتمجيدها؛ ولا سيما نظراً لسهولة وصول الصور والمعلومات الى غير البالغين، الذين لا يستطيعون التمييز بين ما هو خيالي وترفـيهي ووهمي، وبين ما قد يبدو لهم، بالرغم من سلبيته الموضوعية، كسلوك مثير للإعجاب، يمكنهم الإقتداء به، كما لو أنه نموذج نجاح وإقتدار.
ولكن، يبقى أن النساء المميّزات فـي المجالات التقليدية المألوفة، وأولئك المميزات فـي مجالات غير تقليدية وغير مألوفة، ما برحن يطبعن تاريخ المجتمعات وتطوّرها بشكل إستثنائي ولافت، بصور تطغى عليها الإيجابية وروح الإبداع.
إلاّ أن ديناميكية التاريخ وقوة الإختراع، يمكن أن تتجاذبها على أرض الواقع، تيارات تدفع إلى البناء والخير أو الى الهدم والشر، كمثل إكتشاف الذرة بإيجابياتها وسلبياتها، الذي عاد وأفضى الى إختراع القنبلة النووية وإستعمالها الكارثي فـي مدينتي هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين، ووضعت العالم للمرة الأولى فـي التاريخ تحت خطر أسلحة الدمار الشامل.
خلاصة
يتبيّن بالتالي، من معيار المصلحة العامة ومن وحي الرأي الغالب، أنه من المفترض، أن تساهم أية مسيرة حياة تتميّز فـيها نساء موهوبات أو مبدعات، أو أي إختراع أو إنتاج إنساني، فـي تعزيز الخير العام والعدالة والقيّم والثقافة والعلوم، وكل أمر إيجابي؛ وفـي رفع التحدّيات الفعلية التي تواجهها الإنسانية على أكثر من صعيد.
مثل هذا النهج لا يحول دون حق الفرد فـي تحقيق الذات كما يرتأي فـي ميادين الحياة الواسعة، أو دون حق المخرجين فـي إبتكار أشكال متنوعة من أشكال الترفـيه؛ أذا ما إنضبط هذا الحق بمستلزمات الحرية المسؤولة، وبمنطلقات الفكر المستنير.
تمنياتنا بالنجاح والتفوّق لكل قارىء وقارئة منخرطين فـي مسار البحث عن التميّز، وتثقيف النفس وصقل الشخصية، وبلورة ما هو جميل وملهم، والجمع بين كل ما هو ممتع ومفـيد.