نسبة المهندسات لا تتعدّى الـ13 فـي المئة
فـي اليوم العالمي للمهندسات:
سيدات رائدات يهندسن مستقبل البشرية
يعتبر اليوم العالمي للمهندسات الذي يحتفى به فـي 23 من يونيو، من أبرز الأيام العالمية التي يتم الاحتفال فـيها بالمرأة وتقدير مساهماتها فـي المجتمع، وقد تمّ تخصيص اليوم العالمي للمهندسات من قبل جمعية الهندسة النسائية فـي بريطانيا فـي 2014، ليتم الاحتفال به تقريباً فـي جميع دول العالم اليوم، بعد أن تبنّته اليونسكو فـي عام 2016. ومن الجدير ذكره انّ جمعية الهندسة النسائية (WES)، أسّستها مجموعة صغيرة من المهندسات فـي لندن فـي يونيو 1919، أي قبل حوالي قرن من الزمان! ومنذ ذلك الحين، حقّقت النساء مساهمات مميّزة وبارزة فـي الهندسة فـي مختلف مجالاتها.
تعتبر إيديث كلارك، الموظفة الأولى فـي AT&T، «أول مهندسة». اخترعت الآلة الحاسبة كلارك، والتي سُميت باسمها، وكانت أول جهاز يحل مسائل الرياضيات المتعلقة بالكهرباء. كذلك ابتكرت المهندسة هيدي لامار، جهازًا يمنع جواسيس العدو من الاستماع إلى المعلومات السرية خلال الحرب العالمية الثانية. كذلك ماريسا ماير، المعروفة بأول مهندسة فـي غوغل وأول سيدة تنفـيذية لشركة Fortune 500 (Yahoo)، فهي تحمل عددًا من براءات الاختراع فـي مجال الذكاء الاصطناعي.
وعلى الرغم من الإنجازات العديدة التي حقّقتها الهندسة النسائية على مدار المئة عام الماضية، فإن النساء اليوم يمثلن فقط حوالي 13فـي المئة من المهنيين الهندسيين، الأمر الذي يؤكّد على ضرورة تشجيع السيدات على خوض غمار هذا المجال.
مهندسات رائدات
تحتفل مجلّتنا بهذا اليوم، وذلك من خلال تسليط الضوء على ثلاث سيّدات رائدات فـي مجال الهندسة، تأتي كلّ منهنّ من خلفـية ثقافـية واجتماعية ومعرفـية مختلفة، ولكنهنّ استطعنّ أن يثبتنّ تميّزهنّ. فما رأيكم بمرافقتنا للتعرّف أكثر على سيرهنّ الذاتية.
مشاعل الشميمري أول مهندسة صواريخ
ومراكب فضائية سعودية
مشاعل الشميمري هي مهندسة سعودية فـي مجال هندسة الطائرات والمراكب الفضائية والصواريخ، كما أنها رائدة أعمال فـي مجال الصواريخ السلمية وكابتن طيار تجاري، ومتحدّثة ومؤثّرة تلهم الشباب عبر وسائل التواصل الاجتماعي لملاحقة أحلامهم.
ولدت مشاعل فـي الولايات المتحدة الأميركية وأمضت سنوات قليلة من حياتها المبكرة فـي المملكة العربية السعودية، حيث بدأ شغفها بالفضاء. وقد بدء اهتمامها بالفضاء منذ كانت تبلغ من العمر ست سنوات حينما كانت تتأمل النجوم فـي صحراء السعودية. وحتّى تشبع فضولها فـي التعرّف على هذا الفضاء، قرّرت منذ ذاك العمر أن تتعلم بناء المراكب الفضائية والصواريخ التي ستمكّنها من استكشاف الفضاء.
ملهمة الشباب
باعتبارها أول مهندسة صواريخ ومراكب فضائية فـي السعودية، أدركت أن هذا العنوان يأتي بمسؤولية هائلة لإلهام الآخرين للإنضمام إلى مجالها بالإضافة إلى برامج العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات الأخرى. فبدأت التواصل مع الشباب، من خلال استخدام منصات وسائل التواصل الاجتماعي مثل إنستغرام، تويتر، سناب شات و يوتيوب، لتعليم متابعيها على مجالها وتجاربها، وإلهامهم لتكوين أحلامهم والمثابرة على تحقيقها. ونتيجة لذلك، أصبحت شخصية عامة ومتحدّثة فـي العديد من الفعاليات فـي دول مجلس التعاون الخليجي والعالم.
إستشارية وأستاذة فـي الهندسة
حاليًا، مشاعل الشميمري هي استشارية فـي مجالها وأستاذة فـي قسم الهندسة الميكانيكية والفضاء فـي جامعة ميامي. وعلاوة على ذلك، فهي تعيش عشقها كل يوم عبر تثقيف وإلهام الآخرين من خلال المؤتمرات والندوات عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.
22 برنامجاً مختلفاً للصواريخ
عندما كانت مقيمة فـي ميامي، فلوريدا، أسست شركة «مشاعل أيروسبيس» فـي سن الـ 26، لتحقّق حلمها ببناء الصواريخ. كان هدفها هو تصميم وبناء صواريخها الخاصة لإطلاق الأقمار الصناعية الصغيرة الحجم (500 كلغ) أو أقل، إلى مدار الكرة الأرضية المنخفض. وقد عملت مشاعل قبل ذلك فـي قسم ديناميكا الهواء فـي شركة «رايثيون لنظم الصواريخ» وساهمت من خلال عملها فـي اثنين وعشرين برنامجًا مختلفًا للصواريخ. وتشمل خبرتها المهنية والعملية: الديناميكا الهوائية واختبارات الأنفاق الهوائية وتصميم الصواريخ والمركبات، والمحاكاة التنبؤية، وتحليل مرحلة الانفصال للصواريخ، مع التركيز فـي مجال تطوير الأدوات الحاسوبية.
حصلت مشاعل على درجة الماجستير فـي العلوم فـي هندسة الطائرات، المراكب الفضائية والصواريخ، من معهد فلوريدا للتكنولوجيا فـي ملبورن - فلوريدا، و حصلت على درجة البكالوريوس فـي العلوم فـي هندسة الطائرات والمراكب الفضائية والصواريخ، وأيضًا على درجة البكالوريوس فـي العلوم وفـي الرياضيات التطبيقية أيضًا من معهد فلوريدا للتكنولوجيا. ويركز تخصصها الأكاديمي على: ديناميكا الهواء التجريبية والتحليلية، و تصميم الصواريخ، والدفع النووي الحراري.
جوائز وتقدير
نظراً لمثابرتها وعملها الرائد، ليس من المستغرب أن يتمّ تكريم مشاعل بالكثير من الجوائز وآخرها جائزة للإنجاز العلمي من قبل صاحب السمو الملكي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، فـي نوفمبر 2018. كذلك تمّ تكريمها بجائزة المرأة الملهمة لعام 2015، ضمن جوائز المرأة العربية، إضافة الى جائزة التميّز فـي هندسة الصواريخ و المراكب الفضائية 2005- 2006، وجائزة التميّز فـي هندسة الصواريخ و المراكب الفضائية 2004- 2005، كما أنها حاصلة على منحة معهد فلوريدا للتكنولوجيا 2003 -2005 ، وعلى أربعة منح دراسية من معهد فلوريدا للتقنية 2002 – 2005
ديانا السندي أول مهندسة عراقية فـي «ناسا»
ديانا السندي هي مهندسة تطوير الآليات النفاثة لدى شركة فـيرجن أوربت، وكانت شغوفة فـي المجال الهندسي منذ أن كانت فـي العاشرة من عمرها عندما كانت تشاهد جدها يقوم بصهر ولحم الألواح المعدنية مع بعضها البعض فـي متجر للآلات الصغيرة والذي كان موجودًا فـي الفناء الخلفـي لمنزلهما.
هي مؤسسة حساب @TheArabianStargazer على الانستغرام، وهي منصة تعليمية ثنائية اللغة تعمل على ترويج العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات للشباب العربي فـي جميع أنحاء العالم. كما وتتضمّن المنصة مقاطع فـيديو وصورًا وألغازًا حول مواضيع مختلفة مثل: «لماذا يجب أن أكون مهندسًا؟» و«كيف يساعدنا استكشاف الفضاء هنا على الأرض؟» حيث تتطلّع ديانا إلى إلهام الشباب وخاصة فـي مجتمع الشرق الأوسط ليكونوا أكثر انخراطًا فـي استكشاف الفضاء والعلوم المختلفة. بالإضافة إلى ذلك، فهي تقوم أيضًا بعقد محاضرات تعليمية افتراضية عبر الإنترنت لطلاب المدارس غير القادرين على الوصول إلى مصادر تعليمية هندسية، حيث تستخدم المفاهيم والمجسمات الهندسية بطريقة مرحة وسهلة لتفسير العلوم والفضاء لهم. وعلاوة على ذلك، فهي أيضًا متحدثة رئيسية بشكل متكرر فـي العديد من اللقاءات حيث تستطيع أن تجذب الجمهور بشكل تام من خلال موضوعات متعدّدة مثل استكشاف الفضاء والهندسة والتواصل العلمي ودور وسائط التواصل الاجتماعي فـي مجال التعليم. كما أن هدف ديانا هو تطوير معسكر طلابي تعليمي ليكون متاحًا لجميع الطلاب فـي جميع أنحاء الشرق الأوسط وأن يكون مزودًا بالموارد والمواد والفرص المتاحة لهم، ليتمكّنوا من تعلم جملة من المهارات الملموسة حول الهندسة والعلوم الفضائية.
تشارك ناسا فـي مهمة العودة الى القمر
شاركت ديانا السندي -أول مهندسة عراقية تعمل فـي مجال تطوير الصواريخ، لاستكشاف الفضاء وتصنيع محركات الأقمار الاصطناعية فـي وكالة «ناسا»الأميركية فـي إطلاق صاروخ إلى القمر.
وقالت ديانا -فـي مقطع فـيديو نشرته على حسابها- «أخيرًا وبعد 50 سنة، سنعود إلى القمر مرة أخرى»، فـي إشارة إلى إطلاق الصاروخ الذي يحمل اسم (SLS) يوم 29 أغسطس 2022، احتفالا بالذكرى الـ 53 لهبوط مركبة «أبولو 11» على سطح القمر.
وأوضحت السندي أن مهمة «أرتيمس 1» تتمثّل فـي دعم المهمات الطويلة لاستكشاف الفضاء من خلال بناء محطة وقود على القمر، معربة عن سعادتها بذلك، خاصة أن الصاروخ «إس إل إس» يتم بناؤه منذ عام 2011.
من هي ديانا السندي؟
ديانا السندي هي من مواليد العاصمة العراقية بغداد، انتقلت للعيش فـي لوس أنجليس الأميركية سنة 2008، حاصلة على زمالة فـي الرياضيات والعلوم والفـيزياء من كلية كوياماكا عام 2014، وعلى بكالوريوس الهندسة الكيميائية من جامعة كاليفورنيا سان دييغو سنة 2017.
عملت منذ عام 2018 مسؤولة عن تصميم اختبار وتطوير أنظمة الدفع فـي شركة LauncherOne، كما عملت مهندسة ضمان جودة فـي شركة Space Micro بين عامي 2016 و2017.
وفـي منشور مثبّت على صفحتها فـي إنستغرام، قالت السندي، إنها حين هاجرت إلى الولايات المتحدة كانت لا تدري ما الذي يخبئه لها المستقبل؛ لأنها اضطرت لترك أصدقائها وعالمها إلى مكان لا تتحدث لغته بطلاقة. وأشارت إلى أنها، مع مرور السنوات، تشعر بالفخر لأنها عملت بجد للوصول إلى هذه المرحلة.
إينيس ماروكوفـيتش: من العيش بدون كهرباء إلى مهندسة كهربائية فـي الفورمولا 1
لا تقتصر إنجازات المرأة فـي الهندسة على الفضاء طبعاً، بل هي واضحة كذلك فـي الهندسة المعمارية والميكانيكية والكهربائية، وقد ارتأينا فـي عددنا هذا أن نسلّط الضوء كذلك على مهندسة شابة فـي مجال غير مألوف كثيراً للسيدات، وهو مجال الهندسة الكهربائية لسيارات الفورمولا واحد. إنها إينيس ماروكوفـيتش مهندسة الكهرباء الشابة التي تحدّت الكثير من المعوقات لتصبح اليوم المهندسة الكهربائية لسيارات فريق مرسيدس للفورمولا وان وتنطلق بمسيرة تعد بالكثير من التألق والإنجازات.
خلال طفولتها، أمضت إينيس ماروكوفـيتش ستة أشهر بدون مياه جارية أو كهرباء – وهي الآن تساعد فـي إمداد سيارات فريق مرسيدس فـي الفورمولا 1 بالكهرباء. انفصل والداها عندما كانت صغيرة وتوفـي والدها عندما كانت تبلغ من العمر 15 عامًا فقط.
عند مشاهدة التحدّيات والعقبات التي تواجهها والدتها فـي العمل فـي كرواتيا بسبب نقص المؤهلات، شعرت الفتاة البالغة من العمر 21 عامًا بالعطش للنجاح الأكاديمي. كافحت الأسرة ماديًا خلال سنوات دراستها، لكن إينيس لم تدع ذلك يقف فـي طريقها، مستخدمة دراستها كشكل من أشكال الهروب.
وبالفعل حصلت إينيس على درجات A ما منحها مكانًا فـي دورة هندسة رياضة السيارات فـي جامعة كوفنتري وهندسة التنسيب فـي محركات مرسيدس AMG عالية الأداء. كانت متردّدة فـي الحديث عن كفاحها ومشاركة قصتها لفترة طويلة جدًا، ولكن بعد رؤية المشقات ومكافأة العمل الجاد، فـي اليوم العالمي للمرأة فـي الهندسة، كانت رسالة إينيس إلى جميع الشباب المدفوعين هي «لا شيء مستحيلًا». قالت: «خلفـيتي وكوني امرأة لم يعيقاني فـي رحلتي الهندسية. بغض النظر عما يحدث لك فـي الحياة، فإنك تختار كيفـية التعامل معه، وما إذا كنت ستستخدمه كعذر أو دافع». وتابعت: «كنت أعرف أنني أريد وظيفة فـي رياضة السيارات. عندما كنت فـي الخامسة من عمري، أتذكر مشاهدة أخي يستعيد سيارة ألفا روميرو 1987. كنت أمرّر له مفاتيح الربط وأذهب فـي اختبارات القيادة. عرّفني على رياضة السيارات، لكنه غادر منزل العائلة بعد الزواج، ولم تتح لي بعد ذلك، الفرصة للتعرّف أكثر على السيارات، حتى بلغت 18 عامًا».
بدأت إينيس العمل عندما كانت فـي الـ 16 من عمرها وبدأت فـي الادخار للتقدم إلى جامعة خارج كرواتيا. تمكّنت من توفـير ما يكفـي للقيام بذلك وكذلك شراء دراجة نارية. وكانت خطتها للدخول فـي صناعة رياضة السيارات، هي إثبات كفاءتها من خلال دراستها وأنشطتها.
وعلى الرغم من أنّ العمل فـي عالم الفومولا هو حلمها منذ الطفولة، إلاّ أن إينيس تعترف: «قبل خمس سنوات، إذا قال لي أحدهم «ستعملين على محرك الفورمولا 1»، كنت سأضحك. لم أكن لأحلم بأن أكون فـي هذا المنصب حينها، والآن هدفـي هو إثبات نفسي فـي مرسيدس وتأمين دور الخريجين. أنا أعرف مدى انتقائهم، ولكن أفضل جزء هو أن مسيرتي المهنية قد بدأت للتو».
تأهّلت إينيس للحصول على منحة دراسية فـي جامعة كوفنتري وتقول إن الدعم من أساتذتها وجمعية النساء فـي الهندسة بالجامعة، كان لا يقدّر بثمن.
وعن نصيحتها للفتيات الشغوفات بالهندسة وخاصة هندسة سيارات الفورمولا تقول إينيس: «أنصحهنّ أن تكُنّ فخورات بشغفهنّ، وتدرسن بجد وأن تتعلّمن كيفـية العمل فـي مجموعة». كما تؤكد على ضرورة أن يُحطن أنفسهنّ بالأشخاص الذين يشاركونهنّ الشغف وأن لا يخفن من طرح الأسئلة أو طلب المساعدة. فدائمًا ما تكون التجربة والخطأ أفضل معلم.