ليندا ياكارينو
من منافسة وسائل التواصل الاجتماعي..
إلى قيادة تويتر
مما لا شكّ فـيه أن ليندا ياكارينو مسؤولة الدعاية السابقة فـي إن.بي.سي يونيفرسال للإعلان، هي صاحبة خبرة كبيرة فـي عالم الإعلانات وسط الشركات الكبرى فـي العالم، لكن المفارقة أن مواقفها السابقة على النقيض تماماً من الدور المفترض أن تقوم به فـي تويتر.
فقبل سبعة أعوام كانت رئيسة تويتر الجديدة تتغنّى بالقدرات الهائلة للتفلزيون مقارنة بفـيسبوك فـي مجال الإعلانات، وكانت ترى أن الميديا القديمة أفضل وأسرع وأكثر نفوذاً من المنصات الجديدة فـي التأثير على الجمهور. وعلى الدوام كان شعارها أن العلامات التجارية لا تحب بث إعلاناتها إلى جانب مقاطع الفـيديو المثيرة للجدل عبر الإنترنت.
الإنتقال الى معسكر الخصوم
قضت ليندا سنوات طويلة فـي تحديث نشاط الدعاية فـي شركة إن.بي.سي يونيفرسال المملوكة لكومكاست كورب، وهي شركة إعلامية عملاقة. وكان موقفها باستمرار يقوم على أساس أن منصّات التواصل الاجتماعي ليست هي المكان المناسب لإعلانات الشركات الكبرى. وقالت فـي مقابلة العام الماضي: «نحن المكان الوحيد الذي يمكن للمستهلكين الوثوق به تمامًا».
وبالتالي، فسوف يتعيّن عليها مع انتقالها إلى الضفة الأخرى، أي إلى معسكر الخصوم الذين كانت تحاربهم وتقلّل من شأنهم، سيتعيّن عليها أن تجد حجة قوية جداً لإقناع المعلنين نفسهم بعكس مواقفها السابقة بشأن السوشيال ميديا، وعدم قدرتها على دعم علاماتهم التجارية فـي الأسواق العالمية، لأنها مكان غير آمن وغير مناسب ويضر أكثر مما يفـيد.
باختصار سيتعيّن عليها تقديم الحجة المعاكسة تماماً لكل كلامها السابق، وقد تنجح فـي ذلك، لأن علاقاتها العميقة فـي صناعة الإعلانات ستساعدها على إقناع زبائنها الكبار بتجاهل ما أمضت العقد الماضي فـي قوله، ثم أن ماسك الذي يواجه رياحاً عاتية من كل اتجاه، واثق بقدراتها.
وكان توظيف ياكارينو جزءاً من تقارب علني لفت الأنظار تدريجيًا على مدى شهور، فقد أشاد بها ماسك أمام الجميع، ثم التقى بها على المسرح فـي مقابلة خلال مؤتمر للتسويق عُقد بميامي فـي أبريل الماضي، فـي خضّم مساعيه لإصلاح علاقاته بكبار المعلنين.
وقال ماسك: «ليندا ستركّز فـي المقام الأول على العمليات التجارية، بينما أركّز أنا على تصميم المنتجات والتكنولوجيا الجديدة… وأتطلع إلى العمل مع ليندا لتحويل هذه المنصة إلى تطبيق إكس كورب، تطبيق كل شيء». ويأمل كثيرون أن تتمكّن ياكارينو من جلب بعض الهدوء للمعلنين الرئيسيين الذين أخافهم ماسك بأسلوبه القيادي الصاخب.
فتاة الـ100 مليار دولار
حسب صحيفة «وول ستريت جورنال» ينسب لياكارينو الفضل فـي الوصول إلى أفضل الطرق لقياس فعالية الإعلانات. وكان لها دور كبير فـي إطلاق خدمات بث مربحة أبرزها خدمة «بيكوك». وتقول تقارير إعلامية إن ياكارينو تمكّنت من تحقيق إيرادات إعلانية بنحو 100 مليار دولار منذ توليها المنصب فـي «إن بي سي».
وحلّت ياكارينو على قائمة أفضل 10 أشخاص يقودون تحوّلاً فـي صناعة الإعلانات وفقًا لقائمة «بيزينس إنسايدر»، كما تمّ اختيارها ضمن « أقوى 10 نساء فـي التلفزيون» وفق نشرة «أد ويك» الإعلانية الأميركية.
المطرقة المخملية
يُعدّ اختيار ماسك لهذه السيدة متوافقًا بشكل كبير مع سياسة مالك شركة تسلا، التي قامت على إيجاد مصادر ربح متعدّدة لمنصة تويتر، وتوفـير النفقات بقدر الإمكان.
ومع ذلك، تتحدث وسائل إعلام عن أن ياكارينو ذاتها خطّطت لتأهيل نفسها من أجل الحصول على هذا المنصب فـي تويتر.
وتقول التقارير إنها كانت تجري تدريبات طوال الفترة الماضية، تحسّن من خلالها من مستواها الوظيفـي بهدف رئيسي وحيد، وهو توليها لمنصب رئيسة تويتر.
وفـي أول تعليق لها حول دورها الجديد فـي تويتر غرّدت ياكارينو رداً على إعلان إيلون ماسك: « لقد ألهمتني رؤيتك منذ فترة طويلة لخلق مستقبل اكثر إشراقاً. أنا متحمّسة للمساعدة فـي جلب هذه الرؤية الى تويتر والعمل معاً. شكراً لك إيلون ماسك».
كما أشارت الى أنها اكتسبت متابعين جدد إذ بات لديها 400 ألف متابع على المنصة.
وبالطبع سيستفـيد تطبيق تويتر كثيراً من تولي ليندا لهذا المنصب، بفضل ما تمتلكه من خبرات فـي جذب الإعلانات للمنصة، لتحقق مزيدًا من الربح فـي المستقبل. وتشتهر ياكارينو بمهاراتها فـي التفاوض، ولها لقب معروف بين زملائها من العاملين فـي مجال الإعلانات وهو «المطرقة المخملية».
ماسك يرضخ لمستخدمي تويتر
وجاء تعيين ماسك لياكارينو بعد تعرّضه لانتقادات عديدة بسبب إصراره على قيادة تويتر مع شركتي تسلا وسبيس إكس، فـي وقت واحد، فقرّر أن يكتفـي بالتركيز على تصميم المنتجات والتكنولوجيا الحديثة فـي تويتر، بينما تتولى ليندا قيادة العمليات حتى تتمكن المنصة من تجاوز أعباء الديون الثقيلة وانخفاض الإيرادات.
وقد أيد مستخدمو تويتر فـي ديسمبر الماضي، تنحّي ماسك عن رئاسة المنصة، وفق نتائج استطلاع تعهّد الثري الأميركي المثير للجدل عند إطلاقه بالالتزام بنتيجته. وأتى الاستطلاع بعد أسابيع على توليه المنصب الأعلى فـي المنصة التي استحوذ عليها فـي العام 2022.
إن.بي.سي يونيفرسال ممتنة لمساهمات ياكارينو
أعلنت إن.بي.سي يونيفرسال عن خروج ياكارينو من الشركة، وقال مايك كافانا رئيس كومكاست فـي بيان: «نحن ممتنون لقيادة ليندا ياكارينو لأعمال مبيعات الإعلانات فـي إن.بي.سي يونيفرسال، وللفريق والمنصة المبتكرة التي بنتها». «لقد قدمت ليندا مساهمات لا حصر لها فـي الشركة خلال فترة عملها التي تبلغ 12 عامًا، ونتمنى لها الأفضل».
ياكارينو هي خريجة جامعة Penn State، عملت كرئيسة للإعلان العالمي والشراكات فـي إن.بي.سي يونيفرسال، تضمّن دورها تحقيق الدخل من شبكات الشركة والمنصّات الرقمية والبث المباشر وشراكات التوزيع والتجارة والعلاقات مع العملاء. وشمل ذلك الإشراف على جميع مبيعات الإعلانات العالمية والوطنية والمحلية.
وقد أدارت فريقًا مؤلّفًا من 2000 عضو، وقد حقّقت، منذ انضمامها إلى إن.بي.سي يونيفرسال، فـي عام 2011، أكثر من 100 مليار دولار من مبيعات الإعلانات. كما ساعدت فـي إطلاق خدمة البث المباشر المدعومة بالإعلانات للشركة، Peacock. يشير ملفها الشخصي على LinkedIn إلى أنها «قامت باستثمارات ضخمة فـي البيانات والقدرات التكنولوجية».
و كرئيسة لـ Ad Council، وهي منظمة غير ربحية، تروج لإعلانات الخدمة العامة، حصلت على دعم من كيانات مختلفة، بما فـي ذلك البيت الأبيض، لتصميم حملة تطعيم يشارك فـيها البابا فرانسيس وصلت إلى أكثر من 200 مليون أميركي. وقبل انضمامها إلى إن.بي.سي، أمضت ياكارينو ما يقرب من عقدين فـي شركة الترفـيه العالمية Turner.