يوم المرأة العالمي 2022 «حان الوقت لإعادة عقارب الساعة إلى الأمام»
فـي الثامن من مارس من كلّ عام يحتفل العالم بيوم المرأة العالمي، وعلى الرغم من أن الاحتفالية بهذا اليوم باتت تشبه الاحتفالية بالأعياد مثل عيد الأم وغيره، إلاّ أن ليوم المرأة العالمي فـي الحقيقة أبعاد اجتماعية وسياسية أعمق بكثير. ففـي عام 1917 أصبح 8 مارس عطلة رسمية فـي الاتحاد السوفـياتي بعد نيل النساء حق التصويت، واعتمدت الدول الاشتراكية لاحقاً هذا التاريخ للاحتفال بيوم المرأة العالمي، وتبنّت الحركة النسوية فـي الغرب هذا التاريخ عام 1967، قبل أن تتبنّاه الأمم المتحدة وتعتمده يوماً رسمياً عام 1975 احتفالاً بدور المرأة فـي المجتمع والسياسة والاقتصاد.
أبرز ما يُميز هذا اليوم ليست الاحتفالات التي تجوب البلدان بتقدير المرأة؛ بل يُخالطه نوع من الأنشطة التي تعكس نضال المرأة وتُطالب بمساواتها مع الرّجل وتُطالب بنيل حقوقها مثلها مثل الجنس الآخر. أما أهمّ أهداف اليوم العالمي للمرأة فهي الاحتفال بإنجازات المرأة وتعزيز فرص التكافؤ المتسارع بين الجنسين إضافة الى تعزيز مكانة المرأة السياسية والاقتصادية وجمع التبرعات للجمعيات الخيرية لدعم النساء والفتيات.
كسر التحيّز
انطلق شعار يوم المرأة العالمي لعامنا الجاري 2022 تحت عنوان «المساواة المبنية على النوع الاجتماعي اليوم من أجل غدِ مُستدام»، حيث ستُقام كافّة الفعاليّات والأنشطة الاحتفاليّة تحت هذا الشّعار، وذلك من منطلق الإيمان بعظيم صنيع المرأة والاعتراف بمختلف إنجازات وإسهامات النساء والفتيات فـي جميع بقاع الأرض، حيث تقوم النساء بقيادة العالم والتكيّف مع تغيّر المناخ، كما تُساهم فـي التقليل من حدّته لبناء مستقبل أكثر استدامة.
ولعل هذا الشعار يعكس التراجع الذي شهده دور المرأة فـي المجتمع خلال السنوات الأخيرة والذي تعيده الأمم المتحدة الى تفشّي جائحة كورونا التي تركت آثاراً سلبية كبيرة على المرأة علماً أنّ المرأة قد لعبت دوراً أساسياً للتغلّب على هذه الجائحة. وقد عبّر أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن هذا الواقع خلال رسالة له بمناسبة يوم المرأة العالمي إذ قال نحتفـي بالنساء والفتيات فـي كل مكان ونحتفـي بمساهماتهم فـي انهاء جائحة كوفـيد- 19، وأضاف غوتيريش فـي كلمة له بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، ان قيادة النساء فـي جميع نواحي الحياة وبأفكارهن وابتكاراتهن وأنشطتهن تغيّر عالمنا إلى الأفضل.
وتابع غوتيريش «لكننا ندرك أيضًا أن عقارب الساعة، فـي مجالات كثيرة جدًا، آخذة فـي التراجع بشأن حقوق المرأة. فقد أدت الجائحة إلى إبعاد الفتيات والنساء عن المدارس وأماكن العمل، وهن يواجهن تفاقم الفقر وتزايد العنف، وهن يقمن بالغالبية العظمى من أعمال الرعاية غير المدفوعة الأجر فـي العالم، مع أنها أعمال أساسية، ويمثّلن أهدافًا للعنف وسوء المعاملة، دون سبب سوى نوع جنسهنّ.
وأكد غوتيريش أن تمثيل المرأة يعدّ ناقصاً، فـي جميع البلدان على نحو مُخزٍ، فـي أروقة السلطة وقاعات مجالس إدارة الأعمال.
وأوضح غوتيريش قائلاً: «لقد حان الوقت لإعادة عقارب الساعة إلى الأمام من أجل كل امرأة وفتاة، وذلك من خلال ضمان التعليم الجيد لكل الفتيات، حتى يتمكنّ من بناء الحياة التي ينشدنها ويساعدن فـي جعل العالم مكاناً أفضل لنا جميعاً».
ودعا غوتيريش الى ضرورة وجود استثمارات ضخمة فـي التدريب والعمل اللائق للنساء، ومن خلال العمل الفعال لإنهاء العنف القائم ضدّ النساء.
وقال انطونيو عوتيريش إن تحقيق المساواة للمرأة هو أساسا مسألةُ سلطة، فـي عالم يهيمن عليه الذكور وثقافة يهيمن عليها الذكور، ويجب عكس اتجاه علاقات السلطة.
مشيراً الى ان الأمم المتحدة، حققت التكافؤ بين الجنسين فـي الإدارة العليا فـي المقر وفـي جميع أنحاء العالم.
وأشار غوتيريش إلى ان العالم بحاجة إلى المزيد من وزيرات البيئة وقائدات الأعمال ورئيسات الدول ورئيسات الوزراء، اللاتي يمكنهنّ أن يدفعن البلدان إلى معالجة أزمة المناخ، وتطوير الوظائف الرفـيقة بالبيئة، وبناء عالم أكثر عدلاً واستدامة.
وأكد على انه لا يمكننا الخروج من أسر الجائحة وعقارب الساعة تدور إلى الوراء بشأن المساواة بين الجنسين، لذا علينا أن نعيد دوران عقارب الساعة إلى الأمام فـي ما يتعلق بحقوق المرأة وقد حان الوقت.
12 قائدة يعملن لعالم أكثر مساواة
ولمناسبة اليوم العالمي للمرأة نشرت مجلة Time هذا العام، لأول مرة، قائمة لأبرز قادة العالم من النساء لعام 2022، تحت اسم «12 قائدة يعملن نحو عالم أكثر مساواة».
وعن هذه الشخصيات قالت التايم: «خلق مستقبل أفضل للمرأة يعني بناء الجسور عبر الأجيال والمجتمعات والحدود. هؤلاء القادة الاستثنائيين يعملن من أجل عالم أكثر مساواة».
وتضمّ القائمة كل من الحقوقية أمل كلوني، الصحافـية الأفغانية زهرة جويا، المغنية وكاتبة الأغاني كايسي موسغريفز، الممثلة كيري واشنطن، مهندسة البرمجيات تريسي تشو، اللاعبة الأولمبية أليسون فـيليكس، الرئيسة التنفـيذية لـ ناسداك أدينا فريدمان، الشاعرة أماندا غورمان، المحامية شيريلين آيفـيل، القابلة جيني جوزيف، رائدة الأعمال أماندا نغوين، إضافة الى الممثلة ميكايلا جيه رودريغيز.
وقد كان لكلّ من هؤلاء النساء قصّتها الخاصة فـي التمرّد على العالم الذكوري ومن هذه القصص اخترنا لكم أبرزها:
الحقوقية أمل كلوني
اختيرت المحامية اللبنانية البريطانية أمل علم الدين كلوني، على وجه الخصوص لعملها مع ضحايا تنظيم «داعش» الايزيديين فـي العراق، ووصفت مجلّة التايم علم الدين بالقويّة التي لا تتراجع عن قضاياها وتدافع عن النساء اللواتي وقعن ضحايا الفظائع الجماعية والعنف الجنسيّ، وتسعى دائماً إلى تحقيق العدالة لهنّ.
وأشارت المجلة فـي تقريرها أنّ المحامية البالغة من العمر 44 عاماً، تأخذك أثناء حديثك معها فـي جولة الى أسوأ الأماكن فـي العالم، حيث يمكن للطغاة الذين يحكمون ويدافعون عن حقوقك أن يقتلوك. ومع ذلك، تجد حتماً نساء فـي هذه الأماكن يرغبن فـي تحدّي السلطة، وهي تشحنهنّ بقوّتها الخاصّة: القانون.
وتدافع أمل عن القضايا التي تشعر بشغف حيالها، لافتةً إلى أنّها لا توافق على نصيحة البقاء على مسافةٍ من موكّلها. أما عن دوافعها فتقول أمل أنّها تعمل بجهد كمحامية لحقوق الإنسان، ويرجع ذلك جزئيّاً إلى توأمها البالغ من العمر أربعة أعوام، ألكساندر وإيلا من زوجها النجم جورج كلوني. وشرحت: «مع كلّ شيء يحدث اليوم أريد منحهما إجابة جيدة عندما يسألانني عما كنت أفعله»، مؤكّدةً أنّ عائلتها هي التي تحقّق لها التوازن بعملها الشاقّ فـي الكثير من الأحيان.
وتأمل علم الدين فـي أن تستغل الاهتمام الذي يسلّطه الجمهور على زوجها وأطفالها، لنشر الوعي حول ما هو أهمّ، مثل تحسين أوضاع حقوق الإنسان.
ولدت «أمل علم الدين كلوني» فـي بيروت، وانتقلت إلى لندن خلال الحرب الأهلية اللبنانية. درست فـي كلية سانت هيو فـي أكسفورد، حيث حصلت على منحة دراسية وجائزة شريغلي. فـي عام 2000، تخرجت بدرجة البكالوريوس فـي الآداب فـي الفقه.
فـي عام 2001، التحقت بكلية القانون بجامعة نيويورك لإكمال درجة الماجستير فـي القانون. وعملت أيضاً كاتبة فـي برنامج الكتبة بمحكمة العدل الدولية.
بحلول عام 2014، أصبحت شخصية بارزة فـي القانون وبرز عملها فـي المجال الإنساني، والتعامل مع الحالات الحرجة للغاية. منحتها حياتها المهنية كمحامية لحقوق الإنسان امتياز اختيارها للجنة المكوّنة من ثلاثة أعضاء فـي الأمم المتحدة للنظر فـي النزاعات فـي قطاع غزة أثناء الصراع بين إسرائيل وغزة. كما مثّلت «جوليان أسانج» والرؤساء السابقين لأوكرانيا وجمهورية المالديف.
المحامية اللبنانية البريطانية ناشطة صحافـية أيضاً، حيث تدعم باستمرار أهمية حرية الصحافة.
تعمل أمل كلوني، حالياً فـي القانون الدولي والقانون الجنائي وقانون حقوق الإنسان وقانون تسليم المجرمين، بينما تُدرِّس أيضاً فـي جامعة كولومبيا.
الصحافـية زهرة جويا
بعد أن فرّت الصحافـية الأفغانية زهرة جويا من طالبان تقوم الآن بسرد قصص عن نساء أفغانيات عبر موقعها الإخباري «رخشانه ميديا». وبينما تواصل زهرة جويا وصحافـيات «رخشانه ميديا» متابعة أحوال النساء الأفغانيات، فإنها عقدت أيضاً شراكة مع «ذا غارديان» البريطانية، فـي سلسلة نشرتها الصحيفة خلال إعادة سيطرة «طالبان» على السلطة فـي أغسطس الماضي. وواصلت جويا الكتابة لـ«ذا غارديان» بعد إجلائها من كابول إلى لندن.
أسست جويا «رخشانه ميديا» فـي ديسمبر عام 2020، بمالها الخاص، لتكون أول وكالة أنباء إخبارية نسائية فـي أفغانستان.
وأجرت النجمة الهوليوودية والناشطة أنجلينا جولي مقابلة مع الصحافـية الأفغانية، لصالح «ذا تايم»، وتحدّثت فـيها عن فريقها من الصحافـيات الذي يعمل بالخفاء فـي أفغانستان حيث قيّدت «طالبان» حركة النساء.
المغنية وكاتبة الأغاني كايسي موسغريفز
أطلقت المغنية وكاتبة الأغاني كايسي موسغريف، العام الماضي مشروعها Star-Crossed، مع Time عن كونها أنثى فـي صناعة يسيطر عليها الذكور، وتسمع كلمة «لا» بانتظام. وهي تعمل على تمكين المرأة فـي مجال الفن وفـي هذا المجال تقول: «لقد قيل لي «لا» كثيرًا فـي ما يتعلق بشيء أرغب فـي المخاطرة به بشكل إبداعي». «قررت أن أشعل النيران من أجل شيء أؤمن به حقًا بدلاً من تقديم نسخة مخفّفة من نفسي قد تكسبني المزيد من المال. عليك محاربة ذلك حتى تتمكن من الوصول إلى مكان يمكنك فـيه التمتع بحرية إبداعية كاملة، وأنا سأصل إلى هناك».
فـي عام 2018، فازت Musgraves بجائزة ألبوم العام فـي Grammys عن ألبومها Golden Hour، أما هذا العام فهي مرشحة لجائزة غرامي لأفضل أغنية ريفـية وأفضل أداء فردي لموسيقى الريف عن أغنية «Camera Roll» فـي الحفل المقبل فـي 3 أبريل.
ومن المتوقع أن تُحيي كايسي موسغريفز حفل مجلة تايم الذي سيقام فـي لوس أنجليس بمناسبة يوم المرأة العالمي لتكريم النساء الرائدات فـي مجال العمل لعالم أكثر مساواة وهي منهم.
الممثلة كيري واشنطن
أعربت الممثلة كيري واشنطن عن سعادتها البالغة لكونها ضمن هذه اللائحة بعد أن كانت ناشطة لفترة أطول من كونها ممثلة. وقد أشارت الممثلة والمنتجة البالغة من العمر 45 عاماً الى أن مسلسلها «أوليفـيا بوب» الذي استمر عرضه لمدة سبع مواسم كان آخرها فـي عام 2018، هو الذي ألهمهما بضرورة العمل الاجتماعي والسياسي.
وتقول واشنطن: «يشرّفني التأثير الثقافـي الذي أحدثته شخصية أوليفـيا بوب، إلاّ أننا لا نصلح ديمقراطيتنا من خلال الإيمان بشخصية خيالية. نحن نعتني ببلدنا من خلال الظهور والمشاركة فـي الديمقراطية. ففكرت، كيف يمكنني إبراز أوليفـيا بوب الحقيقيين؟» وهكذا بدأت العمل الاجتماعي.
وبصفتها أحد الأعضاء المؤسسين لـTime’s Up، فضحت واشنطن كيف ساعدت المنظمة فـي التستر على فضيحة التحرش الجنسي التي تعرّض لها حاكم نيويورك السابق أندرو كومو، والتي أدّت إلى استقالة الكثيرين بمن فـيهم رئيسة المنظمة روبرتا كابلان.
أما من ناحية التمثيل، فستلعب المرشحة لجائزة SAG لأربع مرات دور البروفـيسور كلاريسا دوفـي أمام تشارليز ثيرون فـي فـيلم Paul Fieg الخيالي The School for Good and Evil الذي سيعرض فـي وقت لاحق من هذا العام على نتفليكس.
اللاعبة الأولمبية أليسون فـيليكس
منذ أولمبياد طوكيو، أصبحت فـيليكس أكثر لاعبة أولمبية تتويجًا فـي سباقات المضمار والميدان على الإطلاق، لكنها أيضًا المؤسس والرئيس التنفـيذي الجديد لعلامة تجارية خاصة بنمط الحياة ومدافعة شرسة عن حقوق الأم وإجازة الأمومة.
الشاعرة أماندا غورمان
أبهرت غورمان العالم بكونها أصغر شاعرة فـي تاريخها منذ أكثر من عام بقليل. فـي العام الذي مرّ منذ ذلك الحين، أصبحت الكاتبة الأكثر مبيعًا واستمرّت فـي رفع صوتها من أجل المساواة وحقوق الإنسان.
رائدة الأعمال أماندا نغوين
أما أماندا نغوين، فهي تعمل على ضمان أن الناجيات من الإعتداءات سيجدن العدالة.