بطلة العالم للتنس لموسم 2022
إيغا شيفونتيك
أسلوب مميّز فـي اللعب ونتائج باهرة
كان العام 2022 مميّزاً بالنسبة للبولندية إيغا شيفونتيك ابنة الـ 21 عاماً التي نجحت بالتربّع على عرش بطولة العالم للتنس للسيدات. فهي بطلة الفردي الرئيسة ثلاث مرات، بعد أن فازت ببطولة فرنسا المفتوحة فـي 2020 و2022 وبطولة الولايات المتحدة المفتوحة فـي عام 2022. وهي أول لاعبة تمثّل بولندا، تفوز بلقب فردي كبير. وقد فازت حتّى الآن بما مجموعه 11 لقبًا على مستوى WTA Tour.
خلال 2022، انتزعت شفـيونتيك المركز الأول فـي التصنيف العالمي بعد الاعتزال المفاجئ للأسترالية آشلي بارتي، كما فازت بلقب رولان غاروس للمرة الثانية ومن ثم تُوّجت بلقب بطولة أميركا المفتوحة. ليعلنها الاتحاد الدولي للتنس أخيراً بطلة للعالم.
أحرزت شيفونتيك لقب أول دورة رسمية تخوضها عام 2016، فـي ستوكهولم بعد تأهلها من التصفـيات. بعدها بسنتين، وبعد أشهر عدة بعيدًا عن كرة المضرب لإصابة قوية فـي كاحلها، رفعت كأس فردي الناشئات فـي ويمبلدون. خاضت أولى دوراتها ضمن رابطة المحترفات «دبليو تي ايه» فـي العام 2019، وتوّجت بباكورة ألقابها الاحترافـية فـي ذلك العام فـي دورة لوغانو السويسرية.
بدأت اللعب بانتظام فـي جولة اتحاد لاعبات التنس المحترفات فـي عام 2019، ودخلت لائحة أفضل 50 لاعبًا فـي سن 18 عامًا بعد أول نهائي لها فـي اتحاد لاعبات التنس المحترفات وظهورها فـي الدور الرابع من بطولة فرنسا المفتوحة 2019.
خلال مسيرتها فـي بطولة فرنسا المفتوحة عام 2020، لم تخسر شيفونتيك أكثر من خمس مباريات فردية. وقد دخلت المراكز العشرة الأولى من تصنيفات WTA لأول مرة فـي مايو 2021 بعد فوزها فـي بطولة إيطاليا المفتوحة.
وبعد ألقاب WTA 1000 المتتالية فـي عام 2022، فـي قطر
وIndian Wells، وصلت شيفونتيك إلى المرتبة الثانية فـي 21 مارس 2022 ولكن مع تقاعد المصنّفة الأولى عالميًا آشلي بارتي، حصلت شيفونتيك على المركز الأول فـي 4 أبريل 2022.
كذلك فازت شيفونتيك بلقب WTA 1000 آخر فـي ميامي، لتصبح رابع امرأة تفوز بلقب Sunshine Double. خلال هذا الوقت، جمعت شيفونتيك سلسلة انتصارات مكونة من 37 مباراة، وهي الأطول فـي جولة اتحاد لاعبات التنس المحترفات فـي القرن الحادي والعشرين.
أرادت التفوّق على شقيقتها. . فغلبت العالم
ولدت إيغا شيفونتيك فـي 31 مايو 2001 فـي وارسو، والدها كان مجدّفًا سابقًا شارك فـي سباق زوارق التجديف الرباعي للرجال فـي أولمبياد سيول عام 1988. لديها أخت تدعى أغاتا تكبرها بثلاث سنوات وهي طبيبة أسنان.
أراد والد شيفونتيك أن تصبح بناته رياضيّات منافسات، وفضّل أن يمارسن رياضة فردية بدلاً من رياضة جماعية للتحكّم بشكل أفضل فـي فرص نجاحهنّ. فبدأت أغاتا الشقيقة الكبرى مسيرتها الرياضية كسبّاحة، لكنّها تحوّلت إلى التنس بعد أن كانت تعاني من مشاكل فـي السباحة.
تبعت إيغا شقيقتها فـي لعبة التنس لأنها أرادت التغلّب عليها وأيضًا لأنها أرادت أن تكون مثلها. نافست أغاتا لفترة وجيزة على حلبة ITF للناشئين فـي عام 2013 عندما كانت تبلغ من العمر 15 عامًا تقريبًا، توقفت عن اللعب بسبب مشاكل الإصابة. لكنّ إيغا التي دخلت عالم التنس بهدف التفوّق على شقيقتها عشقت اللعبة فأكملت المسيرة.
لطالما تمتّعت إيغا شفـيونتيك، بروح قتالية منذ ضرباتها الأولى على ملاعب التنس فـي العاصمة البولندية وارسو حيث رغبت فـي التفوّق على شقيقتها الكبرى.
يستذكر مدرّبها الأول بيوتر شوستاشكو: «كانت طفلة صغيرة تريد أن تتعلّم اللعب فـي أسرع وقت ممكن. وعندما تعلّمت ذلك، كل ما كان يعنيها هو تحقيق الانتصارات».
ويتابع مدرّبها «كانت مقاتلة. . . كنت أعرف أنه فـي حال كانت المجموعة ستصل إلى شوط كسر التعادل، فلا داعي للقلق – فهي لن تتزعزع».
لا يزال شوستاشكو يدرّب على الملعب الترابي نفسه حيث حملت النجمة المستقبلية التي احتفلت ببلوغ عامها الحادي والعشرين أخيراً، المضرب للمرة الأولى وحاولت ضرب الكرة على جدارٍ من الإسمنت، بينما كانت شقيقتها الكبرى أغاتا تتدرّب بقربها.
ويقول شوستاشكو : «من أمام هذا الجدار المغطى بألوان الـ«غرافّيتي» فـي نادي وارساشفـيانكا لكرة المضرب «نحو اليسار، نحو اليمين، كانت تركض فـي كل مكان لالتقاط الكرة، كان ذلك يسلّيها»، ويضيف: «عادة، يكافح الطفل لضرب حتى كرة واحدة أو اثنتين على التوالي، أما هي فكانت تسدد عشرات الضربات تواليًا». أشرف شوستاشكو على الشقيقتين الموهوبتين على مدى خمس سنوات حتى أصبحت إيغا فـي سن العاشرة.
بعد عقد من الزمن، احتلت اللاعبة صدارة تصنيف السيدات فـي أبريل الماضي، وبات فـي رصيدها لقبان فـي البطولات الكبرى (رولان غاروس 2020 و2021)، وتسعة ألقاب فـي مجمل فـي مسيرتها الاحترافـية، بينها خمسة فـي دورات الألف دبليو تي ايه، وستة على التوالي هذا العام (الدوحة، إنديان ويلز، ميامي، شتوتغارت، روما ورولان غاروس) إثر سلسلة من 35 انتصارًا تواليًا، آخرها فـي نهائي باريس على الاميركية كوكو غوف.
عادلت بذلك سلسلة الأسطورة الأميركية فـينوس وليامس التي حققتها فـي العام 2000، الأطول فـي الألفـية الثالثة.
شوستاشكو فخور بتلميذته السابقة. يستذكر صورة هذه الطفلة المرحة والنشطة التي ترافق الابتسامة وجهها دائمًا، ويتابع «علّمتها أن تلعب بطريقة شرسة لأن هذا هو مستقبل التنس. واليوم هي تقوم بذلك بطريقة رائعة».
انتقلت الشقيقتان بعد ذلك للعمل مع المدرّب ميكال كانوفسكي الذي كان حينها يدرّب فـي نادي ميرا، أيضًا فـي العاصمة البولندية. يتذكر أن إيغا أرادت دائمًا أن تُعامل على قدم المساواة مع شقيقتها التي تكبرها بقرابة ثلاث سنوات.
ويقول كانوفسكي : «غضبت إيغا مني ذات مرة عندما طلبت منهما تدريبًا معيّنًا وأعطيت أغاتا ثماني كرات وست فقط لها». وفقًا له، كانت أغاتا موهوبة تمامًا مثل إيغا وكانت تتمتع بميزة كونها أطول، لكن إصاباتها قضت على فرص ما كان ممكنًا أن يجعل منهما «الشقيقتان وليامس» الجديدتان.
استمرت إيغا فـي التدريب تحت إشراف كانوفسكي حتى سن الخامسة عشرة. استلهما من الجملة الشهيرة لسيرينا وليامس عندما كانت فـي الحادية عشرة وسُئلت عن الشخص الذي تتمنى أن تصبح مثله وأجابت: «أرغب فـي أن يكون الناس مثلي». ويقول كانوفسكي: «اعتمدنا هذه الفكرة. . . لتطوير أسلوبها الخاص وشخصيتها».
لجآ إلى تنس الرجال للعثور على نماذج يحتذى بها خوفًا من أن تجد إيغا نفسها يومًا تواجه إحدى اللاعبات فـي حال تمثلّت بإحداهن. أعجبت بالإسباني رافايل نادال ولا زالت حتى اليوم.
يشرح كانوفسكي: «أردنا أن تكون قادرة على اللعب ضد أفضل اللاعبات من دون مخاوف. . . وكما نرى، نجحت فـي ذلك. ها هي على القمة، والآن يريد الجميع أن يكون مثل إيغا».
فـي بداية 2016، انتقلت للعمل تحت إشراف بيوتر سيرتسبوتوفسكي الذي انفصلت عنه نهاية العام الماضي. وقال سيرتسبوتوفسكي فـي وقت سابق: «لم تكن كرة المضرب محور حياتها الرئيس. هذا صعب. تخيّلوا: يجب أن أنظّم تمارينها فـي السابعة صباحًا، لأنه كان يتعيّن عليها الذهاب إلى المدرسة بعد ذلك. وكانت تصل متعبة بعد اضطرارها للدراسة مساء». ويؤكّد أنها «وحشة مسابقات. . . عندما تدخل أرض الملعب، تصبح جاهزة لكلّ شيء».
بعد انفصالها عن سيرتسبوتوفسكي نهاية 2021، عيّنت توماش فـيتوروفسكي الذي تحقّق معه نتائج مذهلة وتوّجت تحت إشرافه بستة ألقاب هذا الموسم وستكون مرشحة حتمًا لإضافة المزيد.
وناشطة على المستوى الإنساني
وضعت شيفونتيك مضربها الفائز فـي نهائي بطولة فرنسا المفتوحة الأولى لها فـي المزاد، وانتهى الأمر ببيع المضرب بسعر 131.300 زلوتي، وهو ما يفوق سعر طقم روبرت ليفاندوفسكي الفائز بدوري أبطال أوروبا، وقد خصّصت هذه الأموال لتمويل شراء معدات جديدة لطب الأنف والأذن والحنجرة. فـي عام 2022، أثناء اللعب فـي بطولة أستراليا المفتوحة، وضعت مضربًا آخر فـي المزاد، هذه المرة من نهائي بطولة إيطاليا المفتوحة، لكن العرض هذه المرة، شمل أيضًا التدريب مع المشتري. إلى جانب المضرب، وضعت شيفونتيك أيضًا مجموعتها الموقعة من طوكيو أولمبياد 2020، وقبعتها المميّزة والعديد من كرات التنس مع التوقيعات للبيع بالمزاد. قوبل العرض مرة أخرى باهتمام كبير وفـي النهاية تم بيعه بمبلغ 189100 زلوتي، والذي كان ثاني أفضل المبيعات مبيعًا. ساعد المال فـي تمويل معدات طب عيون الأطفال. شاركت شويتيك وفريقها أيضًا فـي مشروع نوبل غيفت منذ عام 2020، الذي يساعد على توفـير المساعدة للعائلات التي وجدت نفسها فـي ظروف مالية صعبة لأسباب خارجة عن إرادتها خلال فترة عيد الميلاد. وشاركت أيضًا فـي مزاد لصالح قرى الأطفال SOS- بولندا، ووضعت قبعة موقّعة من بطولة ميامي المفتوحة.
الى ذلك تبدي شيفونتيك اهتماماً كبيراً بالصحة النفسية وقد تبرّعت فـي 10 أكتوبر 2021، بمبلغ ٥٠ ألف دولار من أموال جائزتها لدعم «اليوم العالمي للصحة العقلية». كما كانت شيفونتيك قد كشفت بعد فوزها فـي بطولة فرنسا المفتوحة عام 2020، أن الاستعانة بطبيبة علم النفس الرياضي (داريا أبراموفـيتش) ساعدتها على تجاوز الخط. وقالت: «من الجيد أن تظل منفتح الذهن. إذا كنت بحاجة إلى هذا النوع من المساعدة، فاستعن بها: «إذا كنت على استعداد لذلك، وإذا كنت متفتح الذهن، أعتقد أنه يساعد كثيرًا».