حاصلة على «أوسكار العلوم» وترشّحت لنوبل الطب هدى زغبي نقطة مضيئة فـي تاريخ لبنان والعرب
على الرغم من توقّع الإذاعة السويدية تتويج اللبنانية هدى زغبي الحاصلة على «أوسكار العلوم» لنوبل الطب لقيامها بأبحاث حول تحوّلات جينية مرتبطة بالأمراض الدماغية، إلاّ أن الجائزة كانت من نصيب ثلاثة علماء من بريطانيا وأميركا.
غير أن هذه النتيجة لا تقلّل أبداً من إنجازات الدكتورة هدى زغبي التي باتت دون أدنى شك نقطة مضيئة فـي تاريخ لبنان والعرب.
هدى زغبي أستاذة علم الأعصاب فـي كلية «بايلور» للعلوم الطبية وباحثة فـي معهد «هاورد هيوز» للأبحاث العصبية ومديرة معهد «جان ودان دنكان» فـي مستشفى الأطفال – تكساس.
وقد إشتهرت هذه العالمة اللبنانية بعد إكتشافها جينات تسبّب ما يعرف بمتلازمة ريت التي تؤثر على الفتيات الصغيرات بشكل خاصٍ.
ومتلازمة (Rett Syndrome)، هي مرض وراثي نادر يسبّب اضطرابات شاملة فـي النمو ويؤثّر بشدة على دماغ المصابات به إذ يفقدهن القدرة على الاحتفاظ بما اكتسبنه وتعلمنه من خبرات ومهارات، كالسير والنطق، وكثيراً ما تصاحبها درجة من درجات التخلّف العقلي بالإضافة إلى ما تسبّبه من إعاقات حركية أو إعاقة تواصل ونوبات صرع.
وإكتشفت الباحثة اللبنانية أيضًا ان سبب ضمور المخيخ والحبل الشوكي يعود الى طفرة وراثية فـي الجين .SCA1
كما لها دراسات دقيقة وهامة تتعلّق بعوامل جينية ترتبط بالزهايمر والتوحّد ومرض شلل الرعاش
)الباركنسون))
وحصدت زغبي وسام الأرز الوطني تقديرًا لثراء أبحاثها العلمية والتربوية كما تمّ تتويجها بجائزة Breakthrough prize التي تمنح سنوياً فـي الولايات المتحدة لأهم العلماء على أبحاثهم فـي الفـيزياء وعلوم الحياة والرياضيات، وتوصف الجائزة أيضًا بأوسكار العلوم وبأنها إحدى أهم الجوائز العالمية بعد جائزة نوبل.
وكشفت زغبي أنها ستخصّص جزءًا من قيمة هذه الجائزة التي تبلغ قيمتها ثلاثة ملايين دولار أميركي، لمساعدة الأطباء والباحثين الشباب فـي سبيل تحقيق أهدافهم العلمية.
طبيبة الأعصاب التي تهوى الأدب
قبل أن تتخصّص فـي عالم الطب كانت زغبي، تحب الأدب وترغب فـي التخصّص فـيه. وفـي وقت لاحق، مع بدء دراستها الطب، حلمت بإفتتاح عيادة للأطفال. لم تحقّق أياً من هذين الحلمين، لكنَّها لم تبتعد كثيراً عنهما.
حبها للأدب جعلها تكتب أبحاثها العلمية بأسلوب قصصي مشوّق، كما يقال لها. وحبّها للأطفال جعلها تبحر فـي عالم البحث عن أسباب أمراضهم الدماغية والعصبية من دون الإكتفاء بتقديم المسكّنات، الأمر الأخير كان يتطلّب دراسة ثلاث سنوات إضافـية، عدا عن سنوات الدراسة العشر التي سبقتها: طب عام، طب أطفال، تخصّص أعصاب.
أنهت دراستها الثانوية فـي ثانوية «خالد بن الوليد المقاصد». أصرّت أمها على أن تدرس الطب لأنها كانت متفوّقة فـي العلوم الطبيعية، فرضخت لرغبتها وإنتسبت إلى الجامعة الأميركية عام 1973. أنهت السنتين التحضيريتين، ودرست سنة أولى طب، فـي ظروف صعبة بسبب الحرب الأهلية. صيف عام 1976، أرسلها أهلها إلى أميركا لتمضي العطلة لدى أختها لكن إستمرار الحرب منعها من العودة، فالتحقت بـ «جامعة ميهاري» )ناشفـيل).
وبهدف مساعدة الأطفال المصابين بأمراض عصبية مستعصية قرّرت منتصف الثمانينيات، الغوص فـي أبحاث الموروثات ودرست ثلاث سنوات إضافـية.
لا تنفـي هدى صعوبة الأمر، خصوصاً وأنها كانت قد أنجبت طفليها رولا وأنطوني، فـي هذه المرحلة لعب زوجها الدكتور وليم دوراً كبيراً فـي مساعدتها.
فـي عام 1988، افتتحت مختبراً خاصاً بها zoghbi lab، ووضعت هدفاً رئيساً لعمله: البحث عن مورّثة «ريت سندروم»، ووجدتها بعد 16 سنة. لكن خلال رحلة البحث هذه، وجدت زغبي عام 1993 مورّثة مرض «أتاكسيا» الذي يؤثر على توازن الجسم. هو مرض صعب، يصاب به الناس بعد سن الثلاثين، ويموتون بعد 10 سنوات. يزيد من صعوبة هذا المرض احتمال انتقاله بالوراثة بنسبة 50 فـي المئة.
فـي مختبر زغبي، إكتشفت أيضاً المورّثة المسؤولة عن السمع عام 1999.
زغبي هي أيضاً عضو منتخب فـي «الأكاديمية الوطنية للعلوم»، وتكون بذلك أول سيدة عربية تدخل إلى هذه الأكاديمية الأميركيّة الذائعة الصيت.
ما هي جائزة نوبل
تُعتَبر جائزة نوبل، الجائزة الأشهر فـي مجالات الفـيزياء والكيمياء وعلم وظائف الأعضاء أو الطب والأدب والسلام، وتُمنح طبقاً لوصية ألفريد نوبل التي وقعها عام 1895، والتي أعلن فـيها تحويل الجزء الأكبر من ممتلكاته إلى سندات مالية، وإستثمارها لتوزَّع الفائدة العائدة عليها لمنح الجوائز الخمس سنوياً.
وتتجه كل عام أنظار العالم إلى السويد والنرويج حيث يُقام فـي العاشر من ديسمبر من كل عام احتفال كبير، تقديراً للعلماء والأدباء وأولئك الذين أحدثوا أكبر منفعة للبشرية، بعد أن يتم الإعلان عن الفائزين خلال شهر أكتوبر من كل عام.
والجائزة عبارة عن شهادة وميدالية ذهبية ومبلغ مالي، ومنذ انطلاقها سنة 1901، تحدّدت الجائزة المالية بخمسة ملايين كرونة (ما يعادل مليون دولار)، غير أن قيمتها تغيّرت مع السنوات، وتبلغ هذا العام 9 ملايين كرونة سويدية (905 آلاف دولار)، وبالنسبة لحائزي الجائزة فـي المجال نفسه، يقسَّم المبلغ بينهم، ولا يشترط أن يُقسّم بالتساوي.