هند سبتي
أول عربية مغربية تضع شركتها على مؤشر ناسداك
من دراسة الهندسة الصناعية انتقلت رائدة الأعمال المغربية هند سبتي الى عالم التجميل لتطارد حلم الطفولة. وبعد عملها كمديرة لقسم التجميل في كلّ من شركتي بروكتر آند غامبل ولوريال و ، جمعت سبتي خبراتها اللازمة لتشارك في تأسيس علامة Waldencast ، التي أصبحت اليوم مدرجة على منصة “ناسداك” بقيمة 1.2 مليار دولار وتعتبر أفضل دار عالمية من نوعها حاضنة للشركات الناشئة المختصة بالجمال والعافية والتي تبتكر وتغذي وتستحوذ على الجيل التالي من العلامات التجارية الهادفة.
“كان يوماً عظيماً أن أرى الشركة التي أسهمتُ في تأسيسها (والدنكاست) الحاضنة لشركات جمال وتجميل تُدرج في بورصة ناسداك. الآن يمكنني أن أقول لأي أحد يُشكّك في أحلامه أو يُسأل لماذا أو كيف، أن يُجيب بكل ثقة ودون تردّد: ولم لا؟ والدليل أن فتاة صغيرة من مدينة مكناس حلمت حلماً كبيراً وها هي تراه يتحقق أمام عينيها»، هذا ما كتبته هند سبتي بفخر على صفحتها على الإنستغرام ومعلّقةً على صورتها المضاءة على شاشة ضخمة في «تايمز سكوير» في نيويورك.
هند هي الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي للنمو في Waldencast، وتملك خبرة تفوق العشرين عاماً في مجال إنشاء وقيادة وإدارة علامات المستحضرات التجميلية في عدّة فئات مختلفة. هذا وحصلت على مناصب عديدة في التسويق والإدارة العامة في شركتَي “لوريال” و”بروكتر وغامبل”.
إضافة إلى ذلك، هي رائدة أعمال تواقة ومؤسسة لعدّة علامات مستحضرات تجميلية صغيرة مثل Whind وGlaze، المتفرعتان من علامة Waldencast، وهي عضو مجلس إدارة منظمة Cosmetic Executive Women في المملكة المتحدة. كما أنها حاصلة على شهادة الماجستير في الهندسة الصناعية من المعهد الوطني للعلوم التطبيقية في ليون.
أكثر من عشرين عاماً من السعي وراء الحلم
بدأت قصة هند سبتي بالسعي وراء حلمها منذ أكثر من عشرين عاماً، حين انتقلت من مدينتها مكناس المغربية إلى فرنسا لدراسة الهندسة الصناعية. بعد التخرج لم تعمل في مجال الهندسة الذي دخلته إرضاءً لوالدها، في المقابل عملت لنحو 20 عاماً مع كل من شركتي لوريال وبروكتر أند غامبل في باريس متدرجة في العديد من الوظائف والمراكز الهامة. وقد فرضت نفسها بسرعة ما جعلها تحصل على ترقيات متتالية أهمهما تسلمها مركز مسؤولة عن قسم التجميل.
إلّا أن هذا لم يكن كافياً لهذه الشابة الطموحة «كان هناك دائماً شيء يحفزني على الحركة والتغيير وكأنني أبحث عن ذاتي أو شيء غائب بداخلي». في عام 2019 شاركت في تأسيس علامة Waldencast الحاضنة للشركات الناشئة المختصة بالجمال والعافية والتي تبتكر وتغذي وتستحوذ على الجيل التالي من العلامات التجارية الهادفة وهي تتولى منصب مسؤول التطوير فيها منذ ثلاثة أشهر.
وفي تعليقٍ لها على إطلاق هذا المشروع، قالت: “عندما أطلقنا أنا وميشال Waldencast، كان شغفنا وحلمنا أن نبتكر دارًا لعلامات تجارية تساعد في تطوّر صناعة مستحضرات التجميل من خلال علامات هادفة إلى غاية من حيث الأسلوب والفلسفة والدعم، وتنحاز إلى مهمتنا وقيمنا خلال استراتيجياتها في النمو. وتبدأ الخطوة الأولى تجاه هذا الهدف مع Obagi Skincare وMilk Makeup، وهما علامتان محبوبتان هادفتان إلى غاية وذات نمو مرتفع.. لا يمكنني أن أكون أكثر حماساً لأشارك مع كلا العلامتين الرائعتين أثناء نموهما”.
“ويند” طقوس عناية تقليدية مطوّرة على أيدي خبراء
في ظلّ الحجر الذي فرضته جائحة كورونا قرّرت هند سبتي إطلاق علامة تحمل جيناتها المغربية، بعد أن أسهمت في إطلاق العديد من الماركات التي كانت تسعد برؤيتها تكبر وتنجح أمام أعينها. وهكذا كان إذ أطلقت في أبريل 2021 مولودها Whind، وهي علامة للعناية بالبشرة تجمع الطبيعي بالعصري.
وعن هذه التجربة تقول هند: «طبقت كل ما اختزنته من خبرة، ولا أخفي أن شعوراً غريباً كان ينتابني طوال الوقت. فهذه أول مرة أعود فيها إلى جذوري لا لأكشف عن أصولي المغربية بل لأكتشفها بشكل شخصي وحميم. لقد عشت طويلاً في أوروبا وفي خضم الإيقاع السريع الذي كنت أعيشه ومحاولات الاندماج بت أتعامل مع الأمر كتحصيل حاصل. من هذا المنظور كانت رحلة ابتكار «ويند» عاطفية وأعادتني إلى طفولتي وذكرياتي بكل ما تتضمنه من ثقافة وجمال وطقوس كانت تعتمدها نساء كبرت بينهنّ، وهذا ما جعلني أحرص أن تتضمن الماركة الدفء والإثارة والمُتعة، لا أن تكون مجرد مستحضرات للترطيب والتغذية والعناية”.
لم يكن توقيت الإطلاق في عز جائحة كورونا مثالياً ولا سهلاً من الناحية اللوجيستية، إلا أنه كان مناسباً لبناء علاقات مستقبلية مع شركات توريد ومع الزبونات على مواقع التواصل الاجتماعي وشبكة التسوق الإلكتروني على موقعها.
كسيدة أعمال استعادت هند كل ما ورثته من مفردات الجمال المغربية ودرست السوق من كل الجوانب حتى تجد ثغرة يمكنها الدخول منها وإحداث فرق في سوق مزدحمة بالماركات والوعود.
انتبهت أن العدد المتكاثر لم يأخذ بعين الاعتبار أن العناية بالبشرة ليست مجرد عملية باردة تعتمد على العلم بقدر ما هي تجربة أقرب إلى الاحتفال بالجمال. تشرح: «وهذا ما كانت تعرفه جدتي ونساء العائلة بفطرتهن. كانت مهمتي أن أترجم هذه الطقوس بشكل عصري. ولكن رغم أنها مُستلهمة من مسقط رأسي بدفئها وروائحها، فإنها مصنوعة على مستوى عالمي على يد متخصصين وخبراء في هذا المجال ربطتني بهم علاقة جيدة بفضل عملي مع لوريال وبروكتر أند غامبل».
عندما فكرت في «ويند» وضعت هند نقاطاً أساسية تتلخص في أن تتمتع بالفاعلية وفي الوقت ذاته بالدفء والسحر اللذين تعكسهما الثقافة العربية ككل. فهي لم تُرد أن تحصرها في ثقافة معينة. صحيح أنها تحمل جينات مغربية واضحة سواء في إيحاءاتها ورائحتها وتسمياتها، مثل كريم مرطب ومهدئ باسم «مدينة» وقناع طيني مغذٍ ومنظف باسم «أطلس» وزيت ترطيب وتغذية باسم «أوريكا سان» وآخر اسمه «مراكش لايت» وغيرها، إلا أن عينها كانت دائماً على العالمية، لهذا تجنّبت أن تعتمد على المكونات والخلاصات المحلية وحدها، بما في ذلك زيت أرغان الذي بات لصيقاً بمُنتجات التجميل المستلهمة من المغرب إلى حد الاستنزاف والاستسهال معاً. في المقابل اختارت مكونات لا تقل ارتباطاً بإرثها مثل العنبر وماء الورد والبرتقال وغيرها وحرصت على أن تُشكلها بتركيبات نباتية لا يتم اختبارها على الحيوانات.