التعامل مع الضغوط بوعي والغذاء السليم والرياضة لتحسين الصحة النفسية والحفاظ عليها
تؤثّر مشاغل الحياة والضغوط اليومية والتوتر والقلق التي قد نواجهها يومياً، على الصحة النفسية، وعلى التوازن النفسي.
وتعرّف منظمة الصحة العالمية الصحة النفسية بأنها لا تعني بالضرورة خلو المرء من الإضطرابات النفسية، ولكنّها «حالة من العافـية يستطيع فـيها كل فرد إدراك إمكاناته الخاصة والتكيّف مع حالات التوتّر العادية والعمل بشكل منتج ومفـيد والإسهام فـي مجتمعه المحلي.
لا تقل الصحة النفسية أهمية عن الصحة الجسدية، لذلك يجب المحافظة على التوازن من خلال التعامل مع الضغوطات والمشاكل والقلق بشكل جيد، كي لا تتحوّل إلى أمراض نفسية خطيرة تتطلّب التدخل الطبي.
الضغط النفسي هو رد فعل الجسم تجاه متطلّبات العالم. وتختلف إستجابة الجسم لعوامل الضغط تبعًا لما إذا كان عامل الضغط جديدًا، وهو الضغط النفسي الحاد، أو ما إذا كان عامل الضغط موجودًا فـي الأجواء المحيطة لمدة طويلة، وهو الضغط النفسي المزمن.
يُعرف الضغط النفسي الحاد أيضًا بإستجابة القتال أو الفرار، وهو رد الفعل الفوري للجسم تجاه مخاوف أو تحدّيات أو ذعر محسوس. تكون إستجابة الضغط النفسي الحاد شديدة ولحظية، ويمكن أن تكون هائجة فـي ظروف معيّنة.
ولا تسبب نوبة واحدة من الضغط النفسي الحاد مشكلات للأشخاص الأصحاء عادة. ومع ذلك، فقد يسبّب الضغط النفسي الحاد مشاكل فـي الصحة النفسية، مثل إضطراب الكرب التالي للصدمة، وصعوبات جسدية أيضًا مثل الأزمة القلبية.
فـي واقع الأمر، يمكن أن يكون الضغط النفسي الحاد البسيط مفـيدًا؛ إذ يمكنه أن يحفّزك للقيام بفعل ويشجعك ويجعلك تشعر بالنشاط. ولكن تحدث المشكلة عندما تتراكم عوامل الضغط وتظل موجودة فـي الأجواء المحيطة. يمكن أن يؤدّي هذا الضغط النفسي المتواصل إلى مشاكل صحية، مثل الصداع والأرق. وتكون الاستجابة للضغط النفسي المزمن أكثر وضوحًا من الاستجابة للضغط النفسي الحاد، ولكن قد تستمر مؤثراتها لفترة أطول وتكون مسبّبة للمشاكل بشكل أكبر.
ويتضمن التعامل الفعَّال مع الضغوط، التعرّف على كل من الضغط النفسي الحاد والمزمن وإدارتهما.
يبدأ التعامل الفعَّال مع الضغوط من خلال تحديد مصادر الضغط النفسي وتطوير استراتيجيات للتحكم فـيها. وأحد الطرق للقيام بذلك هو إعداد قائمة بالمواقف والمخاوف والتحدّيات التي تحفّز استجابتك للضغط النفسي.
توقف للحظة لكتابة أكبر 10 مشكلات تواجهها الآن .وستلاحظ أن بعض عوامل الضغط فـي حياتك هي وقائع حدثت لك بينما تبدو عوامل أخرى أنها نشأت بسبب هذه الوقائع.
نصائح للحفاظ على صحتك النفسية
ما هي أهم الطرق والأساليب الوقائية، التي بإمكاننا إتباعها للمحافظة على صحتنا النفسية، بعيداً عن تناول الأدوية الكيميائية وزيارة العيادات الطبية؟
خصص وقتاً لنفسك: تعامل مع نفسك بإحترام وتوقف عن جلد الذات.
خصص وقتاً لممارسة هواياتك ومشاريعك المفضّلة أو توسيع آفاقك .قم بالعناية بالحديقة وزرع نباتات جديدة، أو خذ دروساً فـي الرقص، أو تعلم العزف على آلة موسيقية، أو تعلم لغة أخرى.
الحياة الاجتماعية: يتمتّع الأشخاص الذين يخصّصون وقتاً للعلاقات الأسرية أو الاجتماعية القوية بصحة أفضل من أولئك الذين يفتقرون إلى الحياة الاجتماعية.
ضع خططاً لنشاطات مع أفراد العائلة والأصدقاء، أو ابحث عن الأنشطة التي يمكنك من خلالها التعرف على أشخاص جدد.
مساعدة الآخرين: تطوّع وخصّص جزءاً من طاقتك لمساعدة شخص آخر. ستشعر بارتياح كبير من خلال العطاء.
حدّد أهدافاً واقعية: حدّد ما تريد تحقيقه أكاديمياً ومهنياً وشخصياً، واكتب الخطوات التي تحتاجها لتحقيق أهدافك. كن واقعياً ولا تجهد نفسك بما لا قدرة لك عليه، إذ إن الإنجازات البسيطة، التي تحقّقها وأنت تتقدّم لتحقيق أهدافك الكبرى، من شأنها أن تمنحك شعوراً رائعاً لتقدير الذات.
كسر الرتابة: على الرغم من أن الروتين قد يعزّز من شعورنا بالأمن والسلامة، إلا أن التغيير أمر ضروري جداً، وقد يكون من خلال أمور بسيطة، التخطيط لرحلة أو تجربة مطعم جديد أو تعليق بعض الصور.
الحب: أظهِر بعض الحب لشخص ما فـي حياتك. العلاقات العاطفـية الوثيقة قد تكون مفتاح الحياة السعيدة والصحية.
مهارات التأقلم مع الضغوط
القلق والاكتئاب والضغوط النفسية، حقيقة لا يمكن تجنّبها فـي الحياة. ولكن بإمكانك التدرب على مهارات التأقلم: مثل ممارسة الرياضة، أو المشي فـي الطبيعة، أو اللعب مع حيوانك الأليف، أو التأمل وحتى اتباع نظام غذائي سليم.
كما أن العناية بصحتك الجسدية ستقودك إلى تحسين صحتك العقلية. تأكد دائماً من تناول غذاء صحي. تجنّب السجائر وإشرب الكثير من الماء، جميعها تساعد على تقليل الاكتئاب والقلق وتحسين المزاج، بحسب ما نشره موقع جامعة ميشيغان الأميركية.
الغذاء السليم للحفاظ على الصحة النفسية
تؤثر بعض المأكولات على المزاج من خلال زيادة نسبة هرمون السيروتونين المسؤول عن الشعور بالفرح فـي الدماغ. ومن أهم الأغذية التي ترفع المعنويات نذكر السمك والشوكولاته والخبز الحبة الكاملة والمعكرونة والحبوب والبقوليات.
السمك وزيوت السمك: يساعد أكل السمك الغني بالأحماض الدهنية الأوميغا 3 على التخلص من حالة الكآبة وذلك عبر التأثير على الإشارات المنتشرة بين خلايا الدماغ. وهو موجود فـي سمك السلمون، الرنكة، السردين، التونة وملحقات زيت السمك التي ينبغي أن تُأخذ بشكل يومي.
الشوكولاته: إن الشوكولاته هو واحد من أكثر الأغذية المساعدة على رفع المعنويات. فعندما تولد رغبة شديدة بتناول الشوكولاته ذلك يعني أنك فـي مزاج سيء. لا تحتوي الشوكولاته فقط على السكر الذي يرفع نسبة السيروتونين فـي الدماغ لا بل مواد تؤثر على إشارات الدماغ لدرجة أن يشعر الإنسان بحالة فرح عارمة.
الڤيتامين د: التعرّض للشمس ثلاثة أيام فـي الأسبوع لمدة 15 دقيقة يساعد فـي اكتساب الڤيتامين د الذي يحتاجه الجسم. كما تُقرّ بعض الدراسات بأنّ الجلوس تحت أشعة الشمس سيساعدك لتكون بأفضل حال. إنّ الڤيتامين د المعروف بـ «ڤيتامين الشمس» يرفع من المعنويات.
الأغذية الغنية بالنشويات: إن الأغذية الغنية بالنشويات كالخبز، المعكرونة، المعجنات، المناقيش والبطاطا تعزز نسبة السيروتونين فـي الدماغ الذي يعكس إيجاباً على المزاج حدّة الطبع.
الأغذية التي تحتوي على الڤيتامين ب: إن الأغذية التي تحتوي على الڤيتامين ب بنسبة عالية كالفاصولياء المجفّفة، الحبوب الكاملة، السمك، مشتقات الحليب، الدجاج، البيض، الموز، الأفوكادو غنية بالتريبتوفان الذي بدوره يعزّز السيروتونين هرمون الشعور بالفرح.
وبالتالي يعد تناول وجبات متوازنة خلال النهار ذات أهمية بالغة من أجل تزويد الدماغ بالمواد الذي يحتاجها كي يحصل على السيروتونين هرمون الشعور بالفرح.
وإذا شعرت بحاجة شديدة للأكل من أجل الشعور بالإرتياح، حاول أن تمشي فـي الخارج لبعض الوقت وتناول الأغذية الغنية بالحمض الدهني الأوميغا 3 المتوفر فـي السمك. أغني الحمية التي تتّبعها بالڤيتامين ب المتوفر فـي الحبوب والفاصولياء واختار النشويات البطيئة الهضم كالحبوب الكاملة والشوفان.
الرياضة تحسّن الحالة النفسية
لا تقتصر فوائد الرياضة على الجانب الجسدي أو الجسماني، بل تذهب إلى ما هو أعمق من ذلك، تضمن ممارسة الرياضة الصحة النفسية السليمة والمتزنة.
هناك علاقة وثيقة تربط بين التمارين البدنية الصحيحة والسليمة وبين الصحة النفسية لدى المرء، حيث تعتبر هذه العلاقة طردية؛ فكلما زاد الالتزام بأداء هذه التمارين يزيد ذلك من الاستقرار النفسي لدى الشخص، حيث تقلل هذه التمارين من التوتر والقلق والضغط النفسي الذي ينتج الضغوطات الحياتية اليومية. تخلق الأنشطة البدنية حالة من التكامل والتوافق الفيزيولوجي المتمثل فـي خلق توازن بين الجسد والروح، باعتبارها وسيلة لتفريغ الطاقة السلبية واستبدالها بطاقة إيجابية جديدة. تعتبر هذه الأنشطة أفضل منظومة علاجية لمن يعانون من أمراض وحالات الاكتئاب المختلفة، كما تعتبر بمثابة أسلوب وقائي من الضغوط والأمراض النفسية حيث تعمل على رفع وتحفـيز هرمون السعادة والراحة النفسية. تعمل على تقوية عضلات الجسم، وبالتالي تحول دون شعور المرء بالتعب الذي يعكر المزاج تلقائياً، كما أنها تحافظ على الوزن المثالي له فـي حال التزامه بأداء هذه التمارين ما ينعكس إيجاباً على نفسيته. وهي تمنح شعوراً بالاسترخاء العام، كما تعزّز الروح المعنوية لدى الشخص، حيث إنّ ممارسة هذه الأنشطة تتطلب من الشخص مفاهيم الصبر والتحمل والاستيعاب والتخطيط والتكتيك والتأمل، ما ينعكس إيجاباً على علاقاته مع الآخرين فـي محيطه، كما تعمل على كسر الملل، وتعتبر من سبل الاستغلال الأمثل لأوقات الفراغ.
النجاح فـي الرياضة يحتاج إلى خطط واضحة وأهداف ملموسة
إن الخطط المبهمة ليست من عوامل التحفـيز الجيدة لممارسة الرياضة، بل إنها غالبا ما تعيق أداء التمارين الرياضية، هذا ما أشارت إليه مجلة «أبوتيكن أومشاو» الألمانية، التي نصحت بتحديد أهداف ملموسة يمكن قياسها والتحكّم فـيها، فبدلاً من القول «سوف أتحرك كثيرًا خلال الأسبوع» يمكن للمرء وضع خطة «للركض لمدة نصف ساعة مرتين فـي الأسبوع».
وإذا أثبتت التجربة أن الخطط الموضوعة أكثر من اللازم ولا يمكن تنفـيذها، فإن على المرء أن يتحلى بالمرونة الكافـية ويخفّف الحمل والعبء قليلاً.
كما أن الشعور بالإنجاز يعتبر من العوامل الهامة جدًا للتحفـيز على ممارسة الرياضة، وإذا سارت الأمور على ما يرام فإنه يمكن زيادة التحميل تدريجيًا وببطء، ومن الأفضل أن يتم ذلك عندما يشعر المرء بالملل من أداء التمارين نفسها، إذ يجب أن تكون الرياضة ممتعة.
ونصحت المجلة الألمانية المبتدئين بتجريب ألعاب وتمارين مختلفة وعدم ممارسة تمارين غير مناسبة لهم.
تحدّي دبي للياقة «لننطلق معاً»
انطلاقاً من أهمية الرياضة على الصحة الجسدية والعقلية والنفسية وجّه سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس مجلس دبي الرياضي دعوة عامة لمختلف فئات المجتمع فـي دولة الإمارات من أفراد ومؤسسات وجهات حكومية وخاصة، وكذلك طلبة المدارس، للمشاركة فـي «تحدي دبي للياقة» 2019، الذي تنطلق دورته الثالثة فـي 18 اكتوبر وتستمر حتى 16 نوفمبر تحت شعار «لننطلق معاً»، وذلك بهدف تشجيع المجتمع بكافة مكوّناته على إتّباع نمط حياة صحّي لتصبح دبي المدينة الأكثر نشاطاً على مستوى العالم.
وأكد سمو ولي عهد دبي على أن الرياضة تشكّل مقوماً هاماً من مقومات الحياة العصرية كونها تأتي فـي مقدمة العناصر التي تضمن للمجتمع أن يكون صحياً مُعافى وأن يكون أفراده قادرين على العمل والعطاء، فـي حين لم تعد ممارسة الرياضة تُصنّف ضمن مظاهر الرفاهية خاصة وأن هناك العديد من الرياضات التي لا تحتاج إلى تجهيزات ويمكن للجميع ممارستها دون أي تكلفة تذكر، ما يجعل ممارسة الرياضة مطلباً هاماً يجب على الجميع الاهتمام به حتى فـي أبسط صوره وأشكاله.
وستشهد دورة هذا العام من تحدّي دبي للياقة تنوّعاً كبيراً وستقام الفعاليات فـي عدّة مواقع لإتاحة المجال أمام الجميع للمشاركة فـي التحدي من خلال خريطة «دبي مدينة اللياقة» الجديدة التي تشمل كافة مناطق المدينة، بما يضمن تشجيع أفراد المجتمع على ممارسة نشاط رياضي لمدة 30 دقيقة يومياً على مدار 30 يوماً.
ويتضمن جدول فعاليات «تحدي دبي للياقة»، أول فعالية للياقة البدنية والوحيدة على مستوى العالم التي تقام على مستوى مدينة بأكملها، أنشطة رياضية متنوعة، إلى جانب حصص تدريبية وأنشطة وبرامج تهدف فـي مجملها إلى تمكين جميع المشاركين من إتّباع نمط حياة صحي.
وستتحوّل دبي إلى صالة رياضية ضخمة، تشجّع الجميع على ممارسة نشاط بدني لمدة 30 دقيقة كل يوم طوال فترة التحدي.
ويتضمّن التحدّي هذا العام العديد من الأنشطة والفعاليات، منها قريتان للياقة فـي كل من «كايت بيتش» و «دبي فستيفال سيتي مول»، بالإضافة إلى 10 مواقع ومراكز لياقة، كما يتضمن الحدث ما يزيد على 40 فعالية من بينها حصة مع «جو ويكس»، الذي يسعى إلى تحطيم الرقم القياسي العالمي لقيادة أكبر تجمّع لتمارين التحمل HIIT، وأكثر من 5 آلاف حصة تدريبية ونشاط فـي مختلف أنحاء المدينة.
ويقدّم التحدّي مجموعة متنوّعة من الأنشطة الرياضية من بينها؛ الدراجات الهوائية وكرة القدم والتجذيف بقوارب الكاياك والرياضات الجماعية والمشي واليوغا وغيرها من الرياضات التي تناسب كل الأعمار ومستويات اللياقة البدنية.