الأزياء الراقية لخريف وشتاء ٢٠٢٣-٢٠٢٤
إبتكار وفرادة
حَفِل أسبوع باريس للأزياء الراقية لموسمي خريف وشتاء 2023-2024 بصيحات في منتهى الأناقة والابتكار والفرادة.
ونضيء على تصاميم بالنسياغا التي تشيد بالسعي الى تحقيق الكمال، وعلى الإطلالات الفخمة بتوقيع ايلي صعب التي تجتمع فيها القوة والسلطة بالأنوثة الفائقة، لننتقل الى الأناقة الهادئة مع مجموعة شانيل التي حملت تفاصيل ايقونية، ومن ثم مجموعة سعيد قبيسي التي ضمّت تصاميم جمعت بين الفساتين القصيرة والطويلة، والجمبسوت، ليحمل كل تصميم حكاية مستقلة.
أما مجموعة ڤالنتينو فتضمّ قطعاً تعكس الحس المعاصر والواقع الحديث وتبُرز الملابس بطابع بسيط. ومن رواية «العطر» للكاتب باتريك زوسكيند استلهم آشي ستديو مجموعته التي تتميّز بتصاميم فنيّة متكاملة تضجّ بالتفاصيل النقيّة.
Balenciaga
تصاميم تشيد بالسعي إلى تحقيق الكمال
في مجموعته الثالثة من الأزياء الراقية التي يصممّها لدار بالنسياغا، إبتكر المدير الإبداعي Demna ، تصاميم تشيد بالسعي إلى تحقيق الكمال، في حين أّن الكمال الحقيقي هو أمر مستحيل، إلّا أنه متواجد دائماً في عقل مصمم الأزياء.
في مجموعتها الثانية والخمسين من الأزياء الراقية، تجسّد هذه الإطلالة تصميمًا أصليًا لكريستوبال بالنسياغا، وتألّقت فيها دانيال سلافيك، عارضة الأزياء المفضّلة لدى المصمم منذ عام 1964 حتى عام 1968. وقد كان التصميم الأصلي هو القطعة المفضلة التي ارتدتها على الإطلاق. كما ويربط الفستان ما بين الماضي والحاضر، ليعيد تخيل الإصدار الأول من خلال بنية معكوسة.
هذا الفستان الأرشيفي مزيّن بزهور مخملية زاده جمالاً عقد لؤلؤي مدمج وأقراط من حجر الراين الكريستالي والراتينج، واكتملت هذه الاطلالة الراقية مع قفازات من جيرسي الاسنبدكس.
تم صقل فستان «آرمور» المصنوع من الدروع المصمّمة بتقنية CAD والمطبوعة بطريقة ثلاثية الأبعاد والراتينج المجلفن بالكروم، مع طلاء أسود على طول الجزء الداخلي الذي يشبه صندوق المجوهرات. فهو جامد وعاكس، ويجسّد مفترق طرق زمنياً، يدمج التقنيات الكلاسيكية مع أحدث التطوّرات.
وفي تصاميم أخرى من هذه المجموعة، ينتقل المفهوم إلى الخياطة المعمارية، إذ يقوم كل من الأكتاف الحادة وخط العنق المنحني على شكل حرف V، المستوحيان من خطوط المصمم للسترات الأصلية والخصر المُشكّل، بتحديد هذا القسم.
ويظهر الخداع البصري على هيئة طريقة حديثة للاعتراف بالمواد التقليدية. إذ تمّ الرسم على لوحات الكتان يدوياً وتمّ تجميعها لتظهر على هيئة ملابس، مثل المعطف المبطن المصنوع ليبدو مثل الفراء، أو السراويل المعروضة مثل الجينز أو السراويل الجلدية. كما وتم استنساخ قوام الهاوندستوث والبايثون، جنبًا إلى جنب مع أزرار وطيات السترات. ومن أسفل هذه التطبيقات، تظهر الملابس التي تم تنسيقها بطريقة مبسطة من حيث البناء. وقد تمّت إضافة كل الأبعاد من خلال ضربات فرشاة الدهان الزيتية، التي من الممكن أن يستغرق تطبيقها ما يصل إلى 280 ساعة.
وفي ملابس السهرة، يجسّد نسيج التفتا هيئة معيّنة، مع الابتعاد عن الكتف. أو يتم معالجته بطريقة مخصّصة لخلق انطباع سائل وبلاستيكي، وملتفاً على هيئة دوامة عند الصدر. ويتكون فستان الصدر الواحد من 10000 بلورة، ويتطلّب التطبيق الفردي لإعدادات أحجار الراتينج المطبوعة ثلاثية الأبعاد لكل حجرة، و900 ساعة من وقت الإنتاج. ويدعم استخدام الدانتيل السويسري غيبور، الموسع والمنسوج بالزرد والتخريمات المخيطة بالترتر، التميّز في الحرفية الذي يتمّ البحث عنه باستمرار بواسطة الحرفة.
Elie Saab
عندما تجتمع القوة بالأنوثة الفائقة
أعاد المصمّم إيلي صعب رسم مشاهد سينمائية آسرة منسوجة ومرصّعة بومضات من الخيال، تتأرجح بين حكايا من العصور الوسطى وحاضرٍ ساحر، بأسلوبه الخاص في مجموعة الأزياء الراقية لخريف وشتاء 3202/ 4202. مجموعة صور معاصرة من الفخامة التاريخية والأناقة السينمائية مستوحاة من كايت بلانشيت في فيلم Elizabeth وانجيلينا جولي في Maleficent وصوفي مارسو في Braveheart وماريون كوتيار في Macbeth تبعث الحياة في أساطير غابرة .
في مجموعة إيلي صعب للأزياء الراقية لخريف وشتاء 3202-4202 تجتمع القوة والسلطة بالأنوثة الفائقة، لتجسّد حضوراً أسطورياً يأخذنا معه الى زمن أيقونات تركن أسلوبهنّ المُلهم في ذاكرة السينما والأزياء الراقية.
إطلالاتٌ فخمة تستمدّ عظمتها من الكابات الطويلة، وتغتني بمشغولات مذهلة يزيدُها المخمل وأغطية الرأس حبكةً دراميةً وغموضاً مشوّقاً. وتتغلغل ورود تيودور وأغصان الأزهار المطرّزة في الأعناق وفوق الأكتاف بقوة رومانسية، مطلقةً العنان لحبّات اللؤلؤ النديّة وتطريزات النحل الذهبيّة.
يتراقص الكريستال المتلألئ والذهبيّ فوق الكورسيهات الناحتة، ويتمّ نسج القوام ببذخ فاخر من القماش المشغول، ليصبح كلّ خيط حريري قصيدة متحرّكة للجمال البعيد المنال.
ترتدي التصاميم ألوان الذهب والأحجار الكريمة لتضيف الى المشهد بريق الجواهر.
شانيل
Saiid Kobeisy
أقمشة ناعمة وهدلة تضفي ثقة على إطلالة المرأة العصرية
الغوص في المستقبل، تجربة لم يتهيّب المصمم سعيد قبيسي من خوض غمارها من خلال توسعة حدود المكان بمجموعة استثنائية صُممت في العالم الافتراضي، ويطوّع التكنولوجيا لتنفيذها بأبرز التقنيات خارج حدود المتخيل، في رحلة أقل ما يُقال فيها، عبور فوق الزمن.
يعبر المصمّم سعيد قبيسي في هذه التجربة الى عوالم افتراضية ويقدّمها في مجموعة خريف وشتاء 2023-2024 للهوت كوتور، وبذلك يفتح نافذة لاثبات كيفية خلق تأقلم في الفنون بين العالمين البصري والواقعي، ويحاكي من خلالها المستقبل.
تتخذ التصاميم موقعها في العالم الرقمي حيث تدعو لاكتشاف الابداع في التصميم، والدقة في التطريز التي تظهر في 25 تصميماً، بينها فستان زفاف، وتمّ تنفيذ ثمانية منها لتكون نسخة واقعية عن التصاميم الاخرى الحاضرة في المنصة.
يجمع المصمم سعيد قبيسي العناصر الفنية بعناية. فقد اختار أقمشة ناعمة وهدلة تضفي ثقة على اطلالة المرأة العصرية، ويتصدر «التافتا» الذي يجمع الخيوط على الأجسام بليونة، الى جانب قماش الـGazar الذي استخدمه على شكل خطوط متموجة، وتميّزت التصاميم بالتطريز الكامل باشكال متعددة، وهي سمة أساسية للمجموعة ترتقي بها الى مساحات من الاناقة والتميّز.
ساهم اختيار الاقمشة في تحديد الشكل العام للمجموعة القائم على تنوّع بين قصات ناعمة وملاصقة للجسد بقصة حورية البحر، وأخرى تتسم بأحجامها المنتفخة بما يضفي انطباع الفخامة، وتتدفق الى الاكتاف ومنطقة الصدر، علماً أن كل تصميم له رونقه الخاص، وتم تنفيذه يدوياً. فقد تميز كل تصميم باستقلالية وتفرّد، ضمن الروحية العامة للمجموعة، وحملت كل قطعة هوية خاصة، تتسم بالجاذبية وتفيض بالانوثة. واللافت أن كل قطعة، تمثل شخصية نسائية ملهمة من الذاكرة ومن الوقت الحاضر، وترمز لها.
تنوّعت التصاميم بين الفساتين القصيرة، وفساتين طويلة صمّمت بقصة حورية البحر، اضافة الى الجمبسوت.
Valentino
قطع تعكس الحس المُعاصر والواقع الحديث
في مجموعة فالنتينو يتمّ تسليط الضوء على إيديولوجيا التصاميم الراقية «كوتور» الأساسيّة، بما في ذلك الخبرة، والمهارة الحرفيّة، والقوّة الكامنة في التميّز وفي أسلوب كل فرد. تُترجم هذه المفاهيم إلى قطع ألبسة تعكس الحس المُعاصر والواقع الحديث.
تبرز الملابس بطابعها البسيط بشكل ملحوظ، وتتحرّك بانسجامٍ تام مع الجسم مع تبسيط التصاميم لتعانق منحنياته الطبيعيّة، في حين يتمّ التقليل من الدرزات لتُستعمل بشكل دقيق ومُركّز أكثر. كما ويتمّ استحضار مثاليّات الماضي وتشبيعها بلمسة من الحاضر: تُستخدَم الأقمشة الخفيفة، وتُفسَّر الأنماط الزينيّة بأسلوب مُجرّد، وتُحاكي تصاميم الأرابسك بألوانها الحادّة العصر الباروكيّ، وتتعزّز الماكسيماليّة بتأثيرات مينيماليّة. تُجمّد التصاميم المنسدلة بأسلوب «درابيه» حركة النسيج، فتبتكر زخماً وتُعلّق لحظة مُعيّنة في السكون.
تُحرّر الأحذية المُسطّحة الحركة، وتبرز الملابس بانسيابيّتها لتُعبّر عن إحساس الفرد والمشاعر البشريّة. وبأسلوب غريزيّ وعفويّ، تنبثق إيماءات الفخامة التي تُعيد إلى الأذهان جوهر التاريخ من خلال محاكاة الخصائص المُرتبطة بفرو القَاقُم واعتماد وفرة من المجوهرات الكريستاليّة. وبالمقابل، يُمكن أن تصبح الملابس اليوميّة استثنائيّة، بحيث تتحوّل قمصان الـ»تي شيرت» إلى فساتين سهرة، ويُشكّل سروال الجينز الكلاسيكيّ Levi’s® 501 XX Big E قماش «كنفاس» يتخلّله التطريز المطلي بالذهب.
أُعيد تصميم أنواع السراويل الجينز الأخرى بأسلوب مُبتكر من خلال تصنيع قماش الدنيم بالارتكاز على تقنية «ترومب لوي» في عمل الخرز المجهد الذي يُثير الفضول ويدعو إلى الفحص الدقيق لفهم تفاصيله المُعقّدة؛ وبالتالي، يُشير كل ذلك إلى مقاربة وفلسفة تُميّزان هذه المجموعة ككلّ. علاوةً على ذلك، تُضفي المجموعة حسّ الفخامة على العناصر اليوميّة وتحتفي بجمالها، مُتبنّيةً مبادئ المساواة التي تتجنّب التراتبيّة.
Ashi Studio
تصاميم فنية تضج بالتفاصيل النقية
بتصاميم فنية متكاملة تغمرها التفاصيل النقية، يقدم آشي ستديو مجموعة خريف وشتاء 2023 المستلهمة من رواية «العطر» الرائعة للكاتب باتريك زوسكيند.
يتخلّل هذه المجموعة الشغف والهوس والغموض والحس الدرامي الجذاب، حيث تُجسد السعي المتفاني للتعبير عن الفن. ويتبع آشي هنا البراعة الدقيقة لإعادة رسم مفاهيم غير مادية مثل الذاكرة والشوق والعطر وتحويلها إلى أزياء راقية، تماماً كما هو الحال عند استخراج العطر من روح النبات.
ويتعامل آشي هنا مع ارتداء الملابس بمفهومه العكسي – سعياً منه لاستخراج الجوهر الكامن وراء الأزياء الراقية – وينتقل بسلاسة من العناصر الخشنة غير المنمقة إلى المفاهيم المعمارية والشفافة والمتوازنة بين البذخ وضبط النفس، إذ يبدو وكأن الفستان يتغاضى عن طبقته الخارجية الداكنة ويغطي أمتارًا من منحنيات الأورغانزا الحريرية، بالإضافة إلى الوصلات القماشية التي تحاكي أثر العطر على المرأة، بحيث يغطي الرأس بشكل حسي وفي نفس الوقت يترك الكتفين والصدر مكشوفين.
يترك الفستان صورة ظلية منحنية تحيط بالجسم مثل زجاجة العطر الحديثة، بوجود فتحات تحتفي بالشكل الأنثوي الجذاب. وبطيات تشبه الأوريغامي، يحمل فستان السهرة المصنوع من قماش بطول 150 متراً، وبصورة متناغمة تمثل زجاجة عطر نصف ممتلئة. والشبكة التي تشبه المخمل هي في الواقع رسمة رقيقة مصنوعة من العشب، وهي مادة تستخدم لاستخراج العطور حتى يومنا هذا. أما التطريز والخرز والخيوط النحاسية – إشارة إلى الأدوات المستخدمة في صناعة العطور – فتضفي على المظهر المسائي بريقاً أخاذاً، في حين يزيد الظهر العاري من التناقض ما بين المخفي والمكشوف.