«جيثورن» قرية حالمة بلا شوارع فـي هولندا
تُشتهر هولندا بطبيعتها الساحرة ومناظرها التي تجدّد الأمل فـي النفوس، وتشكّل ملجأً للراحة من عناء الحياة وضغوطها، للتفرّغ فـيها لرؤية الجمال فقط. وهذه الطبيعة التي تجتمع فـيها كل عناصر الإستجمام، تميّزها قرية مائية صغيرة هادئة، تقع فـي الجزء الشمالي الشرقي من هولندا تدعى جيثورن.
«ڤينيس هولندا» هكذا تُعرف هذه القرية الحالمة، لأنها تشبه بتخطيطها مدينة البندقية الساحرة فـي ايطاليا، والتي حصدت ترتيب القرية الأفضل أوروبيًا عام ٥١٠٢، والتي تعتمد على الجمال الحقيقي والطبيعي الذي يجذب الناس اليها فـي المقام الأوّل، فهي خالية من أي تلوث وأي عامل من العوامل الصناعية، لدرجة أنها بلا شوارع، لذا تمتاز بهدوئها الساحر وهوائها النقي.
تعتبر طبيعة هذه القرية ملاذاً للهروب من الضوضاء و نمط الحياة ذات الإيقاع السريع، ولوثة التكنولوجيا الحديثة.
قبل تحويلها إلى مكان سياحي شهير، كانت هذه القرية مجرّد قرية صغيرة يسكنها مزارعون، تقع فـي هولندا، وتحديداً فـي محافظة أوفريسيل، وقد كان يُطلق عليها سابقًا إسم Giytenhoen، والذي يعني باللغة الهولندية قرن الماعز، وقد جاءت هذه التسمية بعدما تعرّضت عام ٠٧١١ لفـيضان هائل أودى بحياة جميع الحيوانات والماشية، وبعد أن هدأت الأجواء، غرقت القرية تحت هذا الفـيضان، حتى بدت قرون الماعز بالظهور على السطح. ولاحقًا جرى تغيير إسمها إلى جيثورن Giethoorn الذي يُنطق باللغة الهولندية «خيثهورن». وتمّ إصلاحها وترميمها وإعادة إعمارها، وأصبحت مأهولة بالسكان مرّة أخرى.
شوارع مائية
ما يميّز جيثورن، هي قنواتها المائية التي لا يتعدى طولها ثمانية كيلومترات وعمقها المتر الواحد، ونظراً لتداخلها، فقد تشكّلت العديد من الجزر التي بُنيت عليها بيوت سكنية تلتصق ببعضها من خلال الجسور الخشبية المبنية فوق هذه القنوات.
وطريقة المواصلات المتّبعة فـيها هي التي أعطتها لقب بندقية هولندا، نسبة إلى البندقية فـي إيطاليا، فلا يمكن التجول فـيها إلاّ سيرًا على الأقدام أو بواسطة الدراجات الهوائية أو إستئجار قارب.
وبالنسبة إلى سكان هذه القرية، فهم يتنقّلون من مكان إلى آخر عن طريق القوارب الشخصية التي يمتلكونها والتي يطلقون عليها إسم القوارب الهامسة، وذلك بفضل هدوئها وعدم إصدارها لأي صوت أثناء التنقّل، منعاً للازعاج، فالصوت الأعلى الذي يمكن أن تسمعه هناك هو صوت المياه فـي القنوات المائية وصوت الطيور.
وظهرت جيثورن لأول مرة فـي إحدى الأعمال السينمائية الهولندية فـي عام ٨٥٩١ عندما كتب عنها صانع الفـيلم الهولندي Haanstra، ومن هنا عرفها الجميع وأصبحت وجهة سياحية هامّة فـي هولندا، يقصدها الكثير ليقضوا وقتاً هادئًا بين مطاعهما ومزارعها، التي يمكن الوصول اليها بواسطة القوارب التي تقطع قنواتها المائية المحاطة بمنازل تشبه بتصميمها طراز بيوت القرن الثامن عشر.
معالمها السياحية والثقافـية
من أبرز المعالم التي يقصدها السياح، متحف ‘tOlde Maat Uus Museum وهو عبارة عن مزرعة قديمة فـيها حيوانات كثيرة، تُصنّف ضمن المواقع التاريخيّة.
و يمكن التجوّل فـيه لترى وتجرّب كيف تبدو الحياة فـي مزرعة نموذجية فـي جيثورن قبل قرن من الزمان، فهو يضم تماثيل مجسّمة أيضاً للأشخاص فـي ذلك الوقت من الزمان فـي هولندا، وكيف كانت حياتهم وملابسهم.
أعيد بناء هذا المتحف فـي عام 1988 وأعيد تصميمه على الطراز القديم حتى يخلق انطباعًا عما كانت الحياة تبدو عليه فـي جيثورن قبل مئة عام. ومتحف Museum De Oude Aarde وهو مكان آخر مثير للإهتمام فـي جيثورن، حيث يمكنك العثور على مجموعة كبيرة ومميّزة من الأحجار الكريمة والمعادن، إذ جال مؤسس المتحف رينيه بويسفـين جميع أنحاء العالم لجمع عيّنات المتحف من المعادن النادرة والفريدة.
وفـي الوقت الحالي تدير المتحف عائلة فـيسر، كما يسافر أفرادها إلى جميع أنحاء العالم بحثًا عن بلورات إضافـية جميلة، لإضافتها إلى المجموعة الكبيرة من المعادن فـي المتحف.
وتحتوي هذه القرية أيضاً على 52 فندقاً راقياً وأغلبها عبارة عن بيوت تراثية من القرون الوسطى، بالإضافة الى المحلات والمطاعم المطلة على القنوات المائية، ولا يمكن إنكار سمعة جيثورن فـي الطعام المذهل حينما يتعلّق الأمر بالطعام الراقي اللذيذ والأطباق الشهية، فالقرية تعتبر موطنًا لمختلف المطاعم الممتازة.