دانا الفردان موهبة تغني نسيج الثقافة الفنية فـي قطر
على الرغم من أن وجودها على الساحة الفنية لم يكمل سنواته العشر، إلاّ أن دانا الفردان باتت جزءًا أساسياً من الثقافة الفنية القطرية، فبين ألبومها الأول «الرسام» الذي صدر فـي عام 2013 وألبومها الجديد «إنديغو» الذي تحضّر لإطلاقه فـي مايو المقبل، مسيرة طويلة وغنية بالإنجازات الثقافـية التي ستترك أثرها لأجيال قادمة.
تعتبر دانا الفردان أول ملحنة ومغنية وكاتبة أغاني فـي العصر الحديث، وكذلك أول قطرية تغني بالإنكليزية. وهي تواصل مسيرة نجاحها المتميّز منذ العام 2013، إذ ينتظر القطريون كما غيرهم أحدث مشاريعها.
«سالستيس» أحدث أعمالها
بينما يترقّب معجبو دانا إطلاق ألبومها الجديد «أنديغو» الموعود فـي مايو، أطلقت الفردان معزوفتها الموسيقية الجديدة «سالستيس»، وهي أغنية مفعمة بالمشاعر الجياشة والملحمية كلما بلغ الإيقاع ذروته، إذ أطلقتها فـي الرابع والعشرين من مارس، وشارك فـيها عازف الكمان والملحن السوري مياس اليماني، وعازف الكمان الرئيسي جيوفاني باسيني وسالي هربرت (فلورنس آند ذا ماشين، إيلي غولدينغ)، وأنتجها سينك (نيكو دالا فـيكيا) وتضم الأوركسترا الفلهارمونية القطرية، وتعتبر أغنية «سالستيس» ثاني أغنية منفردة من الألبوم السيمفوني المرتقب «إنديغو».
وفـي معرض حديثها عن أغنيتها المنفردة، قالت دانا «سالستيس تمثّل المساحة التي نجدها بداخلنا والتي تتيح لنا التألق من خلالها. فهي الضوء الذي يحرر التوهج اللامتناهي الذي نحمله بداخلنا جميعًا، «الضوء الذي حرر الشمس».
ومن الناحية السمعية خلقت دانا عالماً يمزج بين التأثيرات المعاصرة والغربية والكلاسيكية الجديدة فـي ظل وجود تراث موسيقي غني وأصالة شرق أوسطية من خلال استخدام الآلات الوترية التقليدية مثل الربابة (آلة وترية عربية) والناي (آلة نفخ). وأكدت ذلك بقولها: «أميل إلى الابتعاد عن كلمة» اندماج» لأنها تشير أحيانًا إلى «تمييع» أسلوب أو آخر. وبالتالي فإن فكرتي تنبع من المحافظة على أصالة أحد أنماط الصوت ودمجها فـي نمط آخر بطريقة ملائمة دون أن يضطر أحدهم إلى استيعاب الآخر بإخفاء ماهيته وأصالته».
إطلاق حصري لـ«إنديغو»
كانت دانا قد أطلقت كليب عملها الفني «INDIGO» فـي 29 سبتمبر 2021. الكليب تمّ عرضه حصرياً فـي نيويورك ومع منتدى «بلومبرغ الاقتصادي» الأوّل فـي قطر، حيث استحوذ على إشادة النقاد.
العمل الرابع لدانه الفردان ساحر يأخذ السامع فـي رحلة تنشيط القوة البديهية خصوصاً أنّه مستوحى من نظريات اللون لإيقاظ الطاقة والحياة.
وتمّ تسجيل المقطوعة الأولى من الألبوم فـي استوديوهات كتارا فـي قطر، حيث جمع مواهب متنوّعة من الفنانين، منهم المنتج نيكو دالا فـيكيا، مهندس الصوت Matt Howe الحائز جائزة «غرامي» وهو من اهتمّ بالتسجيل والميكسينغ، أمّا الماسترينغ فهو لمازن مراد. وقد اهتمت بالعزف الأوركسترا القطرية الفلهارمونية.
والعمل المصور أبدع فـي إخراجه رامي دانس، إذ التقط مشاهد رائعة فـي دار الإنتاج «كومون بيبولز» فـي لندن مع المنتج جيك ريفر باركر والمنتج التنفـيذي توني روبرتس.
وعن العمل الذي تضمن 10 مقطوعات موسيقية قالت دانا: «تم تأليف كل قطعة بتنسيق لوني لالتقاط مزاج وحالة من الوجود والهدف بسيط من العمل هو أن ترى وتشعر بما لا يقدر عليه البشر».
تجربة مميزة فـي المسرح الغنائي
كانت الفردان قد بدأت عام 2021 بسلسلة من المشاريع التعاونية. أحد هذه المشاريع هو المسرحية الموسيقية الرئيسية، «الرومي»، والتي تستند إلى قصة عن الرومي، الفـيلسوف وشاعر القرن الثالث عشر، بقلم إيفرن شارما. الرومي هو مشروع تأسس بالتعاون مع نجم وست إند، نديم نعمان وعُرض بواسطة وست إند ونجم برودواي رامين كريملو. تمّ تسجيل هذا المشروع فـي لندن والدوحة أثناء «جائحة كوفـيد-19». وقد عرضت هذه المسرحية على مسرح كوليسيوم فـي لندن، فـي عرضها العالمي الأول.
ونال العرض المسرحي الموسيقي إشادة من منصة Dress Circle Antics، المعنية بتقييمات العروض المسرحية، إذ وصفت المسرحية الموسيقية بالرائعة حقًا، من الموسيقى إلى الكلمات، وكل ما يتطلّبه المسرح الموسيقي لتوفـير تجربة إستثنائية للحضور.
كما نال عرض «الرومي» أيضا إشادة من London Theatre Review، التي وصفت الموسيقى المسرحية بالأنيقة والهامة والمعبّرة، ما يؤكّد على أن المسرحية جمعت بين الأفضل ضمن صناعة المسرحيات الموسيقية على مختلف الأصعدة.
أما منصة Musical Theatre Review، فقد أشارت إلى أن «المسرحية الموسيقية تأسرك منذ البداية، وتنقلك إلى الشرق الأوسط، حيث تلتقي الموسيقى الكلاسيكية مع مسرح الموسيقى وجها لوجه بأسلوب مذهل».
وتجدر الإشارة الى أن مسرحية «الرومي» لم تكن العمل المسرحي الأول للفردان إذ سبق لها أن قدّمت عام 2018، مسرحية بعنوان «الأجنحة المتكسرة» وهي مسرحية موسيقية، تجسّد سيرة ذاتية لتراجيديا الحب المقتبسة من رواية جبران خليل جبران التي ألّفها عام 1912. وقد عرضت هذه المسرحية فـي المسرح الملكي رويال هايماركت فـي لندن، كما عُرضت فـي لبنان عام 2019 فـي مهرجان بيت الدين الشهير، الذي أقيم فـي هذه المدينة التي تقع فـي منطقة فـي الشوف الجبلية، حيث كان يعيش جبران خليل جبران، كما عُرضت فـي دار أوبرا دبي فـي يناير 2020، وكذلك فـي الدوحة فـي دار أوبرا كتارا فـي نوفمبر 2019.
تحمل إرثها القطري
تفتخر دانا بإرثها القطري، وهي السفـيرة الثقافـية لأوركسترا قطر الفلهارمونية، ومنذ عام 2018، أصبحت أغانيها هي الموسيقى الأساسية للخطوط الجوية القطرية.
فـي مارس 2019، أقامت الفردان حفل «أصوات من أجل قطر» الذي استضافته مكتبة قطر الوطنية فـي الدوحة. اشتمل الحفل على أعمال سابقة مثل «أصوات المكتبة» و«الحوارات» بتكليف من مكتبة قطر الوطنية ومتاحف قطر ومتحف قاسم آل ثاني خلال هذا الحفل، قدمت أيضًا أغنية «ارفع علمنا» على الهواء لأول مرة، من ألحانها والمخصّصة لأداء المنتخب القطري أثناء كأس آسيا 2019.
بالإضافة إلى ذلك، قدّمت الفردان مقطوعتها «Rising» بالتعاون مع فرقة وهي AFCENT الفرقة المركزية للقوات الجوية الأميركية للاحتفال بالعام الثقافـي قطري-الأميركي 2021، الذي تم افتتاحه رسميًا فـي دار أوبرا كتارا الثقافـية فـي 15 يناير 2021.
مسيرة متألّقة
أصدرت دانا أول ألبوماتها، «Paint»، فـي نوفمبر 2013. كان هذا الألبوم من إنتاج تيم باكستر بالتعاون مع اثنى عشر عازفاً من أوركستر لندن متروبوليتان وتمّ تسجيله فـي أستوديوهات آبي رود.
عام 2017، أصدرت ألبومها الأوركسترالي بعنوان Sandstorm، حيث تمتزج الأوتار الرائعة والعازفون المنفردون وغناء الكورال مع إيقاعات شرق أوسطية تقليدية. سُجل الألبوم فـي استديوهات كتارا فـي الدوحة، فـي 20 نوفمبر 2016، عُزف Sandstorm فـي دار أوبرا كتارا، من أداء أوركسترا قطر الفلهارمونية، وكذلك فـي يوم الأمم المتحدة 24 أكتوبر 2019. علاوة على ذلك، بعد زيارة إلى موسكو فـي عام 2017، أختيرت موسيقى دانا الفردان لتقديمها فـي المدينة احتفالاً بإطلاق عام الثقافة القطري-الروسي 2018، من قبل أعضاء فرقة قطر الفـيلهارمونية والموسيقيين الروس الزائرين.
وقد قامت دانا التي حقّقت انتشارًا واسعًا، بتسجيل الموسيقى التصويرية لفـيلم أوركا الحائز على عدد من الجوائز، وقامت بتأليف موسيقى حفل الأمم المتحدة بمناسبة يوم الأمم المتحدة، وعزفت مع أوركسترا لندن متروبوليتان فـي مسرح رويال هاي ماركت وألّفت موسيقى الحملة الإنسانية «لنجلب الأمل إلى غزة». وغنّت مع المطربة العالمية «جوس ستون» عندما زارت قطر فـي جولتها الدولية.
دخول متأخر الى عالم الفن
وُلدت دانا الفردان فـي 29 يوليو 1985، فـي العاصمة القطرية الدوحة. وهي ابنة علي الفردان وشفـيقة حبيب. وهي الأكبر بين 6 أخوات.
بدأت فـي إظهار موهبتها الموسيقية فـي سن مبكرة جدًا. كانت تقضي ساعات فـي العزف على لوحة المفاتيح وتأدية المسرحيات الموسيقية فـي المنزل مع أخواتها. لكن رحلتها لم تبدأ كفنانة منذ البداية. درست العلاقات الدولية فـي الجامعة الأميركية فـي الشارقة. بعد التخرج، انتقلت إلى لندن، حيث حصلت على الدرجة الثانية، وهذه المرة فـي علم الأحجار الكريمة من المعهد الأميركي للأحجار الكريمة فـي لندن.
بعد تخرجها، عادت إلى قطر للعمل فـي مجموعة الفردان- مجموعة تجارية تملكها العائلة، أسسها جدها إبراهيم الفردان عام 1954.
فـي عام 2012 قررت دانا تغيير حياتها المهنية. فـي الثلث الثالث من حملها، قررت هذه المرأة العصامية الانطلاق إلى لندن حيث سجلت ألبومها الأول، والذي اكتمل بعد أن أنجبت ابنتها ليلى. ووفقاً للفردان، كانت ولادة ليلى فـي لندن نقطة تحول فـي حياتها، حيث استلهمت من ابنتها تغييرًا جذريًا فـي حياتها ومتابعة دعوتها الحقيقية لتصبح موسيقية.