يطرح قضايا هامة وجريئة «مدرسة الروابي للبنات» مسلسل أردني بخلفـية هوليوودية
تصدّر المسلسل الدرامي الأردني «مدرسة الروابي» تريند محركات البحث ووسائل التواصل الاجتماعي، بمجرد بدء عرضه على شبكة نتفليكس، ليكون المسلسل الشبابي، الذي يناقش مشكلات البنات وأزماتهم، محور حديث مواقع التواصل الاجتماعي بين ناقد للعمل ومتحمس لمتابعة أحداثه.
يكسر المسلسل النمطية لدرجة أنه يبدو أحياناً سيرياليًا. فشوارع عمان تبدو كشوارع هوليوود، ساحرة بجمالها وبيوتها الفاخرة. بينما تتلألأ المدرسة نظافة وتتصرف طالباتها كشخصيات أفلام ديزني، كما تسيطر الموسيقى الشبابية والراب على الأجواء، علماً أن الشخصيات تعتمد كثيراً على اللغة الانكليزية فـي الحوارات. وفـي هذا المجال تقول مخرجة المسلسل الأردنية تيما الشوملي: «تركيزي كان على البنات وليس على مكان وجودهن. ربما يبدو المسلسل هوليوودياً وذلك بفضل مستوى الإنتاج الراقي ويعود الفضل لنتفليكس. خلافاً للواقع، المدرسة تبدو نظيفة وملمعة كثيراً وذلك لأنني أردت أن أغري الجماهير بتلك الصورة المثالية والاستمتاع بمشاهدتها ثم أكشف لهم ما يحدث وراء تلك الصورة المثالية».
ما يكشفه مسلسل مدرسة الروابي للبنات وراء تلك الصورة المثالية مزعج ومروّع. لكن بغض النظر عما إذا كان طرحه يعكس الواقع الأردني أم لا، إلاّ أنه يعكس تطوّراً فـي الأعمال التلفزيونية العربية على الصعيد الفني والروائي والمحتوى. ففضلاً عن مستوى إنتاجه الرفـيع وأداء ممثلاته المقنع، يتناول قضايا محلية حساسة، تخص كل الأجيال وليس فقط المراهقين، كلّ ذلك ضمن سرد درامي تشويقي للأحداث.
قضايا متشعبة
شُغلت الحبكة الدرامية لهذا المسلسل القصير المؤلف من 6 حلقات فقط على شكل حرب بين فريقين من المراهقات: فريق المتنمّرات الذي يضم ليان ورانيا ورقية، وفريق المنتقمات المؤلف من مريم ونوف ودينا اللواتي يحاولن فـي معركتهن هذه استغلال أسلحة سلّطها المجتمع على النساء، وبينها معاداة المثليات والوصم الاجتماعي بحقهن فـي المجتمعات المحافظة، والعنف ضد الفتيات، والرقابة المفروضة عليهن من قبل الأقرباء من الذكور. لذلك، نجد أنفسنا أمام مسلسل يتناول قضايا هامة وجريئة كجرائم الشرف ورهاب المثلية التي ينبغي على الدراما العربية أن توليها اهتماماً أكبر، بيد أن المسلسل يتناول بشكل أكثر عمقاً قضية التنمر.
أسلوب شيّق
لا بد من الإشادة بقدرة تيما الشوملي على صوغ الحكاية وإخراجها بأسلوب شيق، يجعلك غالباً تتابع الحلقات الست التي يتكوّن منها المسلسل بجلسة واحدة، إذ تمكّنت من استخدام عدد من الحيل الدرامية لتحبك قصتها.
يبدأ المسلسل بحادث يخيّل إلينا أنها جريمة قتل وتستخدم تقنية الـ«فلاش باك»، لتعود بالزمن إلى الوراء؛ الحيلة التي يبدو أنها اقتبستها من مسلسل «إيليت» الإسباني الذي يتناول حياة المراهقين أيضاً فـي مدارس طبقة الذوات فـي إسبانيا. وقد تمكّنت المخرجة من خلق أحداث كثيفة منذ البداية، تبدو كفـيلة بالكشف عن بنية العلاقات بين الشخصيات الست الرئيسية.
فريق عمل المسلسل. . فتيات مراهقات
يعتبر المسلسل، الذي يصنّف كدراما تلفزيونية عن القضايا الاجتماعية من أوائل الأعمال العربية التي أنتجتها شركة نتفلكس، من تأليف وإخراج المخرجة الأردنية الشابة تيما الشوملي بالتعاون مع الكاتبة شيرين كمال.
والمسلسل من بطولة ركين سعد، أندريا طايع، نور طاهر، جوانا عريضة، سلسبيلا، يارا مصطفى بالاشتراك مع الفنانة القديرة نادرة عمران والفنانة القديرة ريم سعادة.
عُرض بـ 32 لغة وفـي 190 دولة
وفقا لموقع الشبكة، يعرض مسلسل «مدرسة الروابي للبنات»، الأردني القصير والمكون من 6 حلقات، مترجمًا إلى أكثر من 32 لغة فـي 190 دولة حول العالم، كما يعرض بالوصف الصوتي باللغة العربية لضعاف البصر والمكفوفـين، والوصف النصي باللغة العربية لضعاف السمع.
المسلسل الأردني الثاني على منصّة نتفليكس
يعدّ مسلسل مدرسة الروابي للبنات المسلسل التلفزيوني الأردني الثاني الذي يعرض على منصّة نتفليكس الأميركية بعد مسلسل «جن»، الدرامي والفنتازي العربي الأردني، والذي تمّ إطلاقه لأول مرة فـي 13 يونيو 2019، ليعرض بـ29 لغة مختلفة ويقدم فـي 190 دولة عبر الانترنت.
المخرجة الأردنية تيما الشوملي
بدأت تيما الشوملي سيرتها المهنية عام 2011 بالمشاركة فـي كتابة الموسم الثاني للبرنامج الكوميدي «بياخة» والتمثيل فـيه، وفـي عام 2012، أطلقت مسلسلها الكوميدي الاجتماعي الخاص «فـي ميل» على منصة إلى جانب عرض مواسمه اللاحقة على تلفزيون «رؤيا». كما قامت بإنتاج مسلسل درامي وهو «زين» الذي عرض على قناة «أم بي سي».
وفـي مسلسل «مدرسة الروابي للبنات» الذي يحمل اسم المدرسة الثانوية، التي تدور أحداثه فـيها، تسبر تيما ظاهرة التنمّر فـي المجتمعات العربية وتحديداً المجتمع الأردني من خلال طرح قصة ثلاث طالبات يتصرفن كالعصابة، وهن ليان ورانية ورقية، اللواتي يتنمرن على طالبات مهمّشات فـي المدرسة. إحدى هؤلاء الطالبات، وهي مريم، تتمرّد عليهن، فـينكلن بها ويضربنها حتى يغمى عليها. وعندما ترفض مديرة المدرسة معاقبتهن، تضع مريم خطة انتقام من كل منهن وتجنّد زميليتن من ضحاياهن لمؤازرتها، ما يسفر عن عواقب وخيمة.
وتقول الشوملي التي ولدت فـي الأردن عام 1986 والتحقت بالمدارس هناك:«عندما كنت فـي المدرسة لم يكن هناك مصطلح تنمّر لكن الظاهرة كانت دائماً موجودة، لهذا أردت أن أسلط الضوء على الظاهرة لأنها ازدادت حدّة هذه الأيام بسبب التطوّر التكنولوجي. فبينما كان التنمر ينتهي نهاية اليوم الدراسي فـي المدرسة، إنه الآن يلاحق الطالبة فـي بيتها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ويستمر 24 ساعة. وهو ما يخلق مشاكل نفسية. وبما أن هناك وصمة عار فـي مجتمعنا بشأن العلاج النفسي لأن الفكرة السائدة هي أن العلاج النفسي للمجانين وحسب، تكون عواقب التنمّر وخيمة على نفسية الطالبة».
