من وراء الموج: ظاهرة سينمائية عربية تكتسح نتفليكس وتلامس القلوب
في عالم تزداد فيه المنافسة على المحتوى الرقمي، وتتصارع فيه الأعمال السينمائية على جذب انتباه الملايين، برز اسم فيلم عربي ليحقق إنجازاً غير مسبوق، متصدراً قائمة المشاهدات على عملاق البث العالمي نتفليكس. من وراء الموج، بطولة النجمة نادين لبكي، لم يكن مجرد فيلم عابر، بل تحوّل إلى ظاهرة حقيقية، ملامساً أوتاراً إنسانية عميقة ومثبتاً أنّ القصص الأصيلة القادمة من المنطقة قادرة على الوصول إلى العالمية.
صدارة بلا منازع: الأرقام تتحدث
View this post on Instagram
كشف التقرير النصف سنوي لنتفليكس عن النصف الأول من عام 2025 عن مفاجأة مدوية: من وراء الموج هو الفيلم العربي الأكثر مشاهدة على المنصة حتى الآن. منذ إطلاقه في 24 يناير الماضي، حقق الفيلم إجمالي 10.8 ملايين مشاهدة، أي ما يعادل 17.4 مليون ساعة مشاهدة، في إحصائية شملت جميع الأعمال المتاحة على المنصة، بغض النظر عن تاريخ إنتاجها. هذا الإنجاز يصبح أكثر إبهاراً عندما نعلم أنّ أكثر من ثلثي ساعات المشاهدة على نتفليكس خلال هذه الفترة ذهبت للمحتوى غير الناطق بالإنجليزية، ما يؤكد على قدرة الفيلم على تجاوز الحواجز اللغوية والثقافية.
حكاية بقاء وإنسانية: تفاصيل القصة وفريق العمل
View this post on Instagram
من وراء الموج ليس مجرد فيلم إثارة نفسي، بل هو رحلة عميقة في أعماق النفس البشرية في مواجهة الظروف القاسية. الفيلم، من إخراج ماتي براون، يروي قصة عائلة مكوّنة من أربعة أفراد تجد نفسها مشردة على جزيرة مجهولة، لتصارع تقلبات الطقس ومستقبلاً غامضاً في سبيل النجاة. يضم الفيلم كوكبة من النجوم، على رأسهم النجمة اللبنانية نادين لبكي، التي أضافت لعمق الشخصيات ببراعتها المعهودة. ويشاركها البطولة زين وريمان الرافعي، اللذان اشتهرا بأدائهما المؤثر في فيلم كفرناحوم، بالإضافة إلى الفنان زياد بكري. هذه التوليفة من الممثلين، مع الأداء الواقعي للأخوين الرافعي، ساهمت في خلق تجربة مشاهدة مؤثرة وصادقة.
رؤية إنتاجية جريئة
View this post on Instagram
وراء كل عمل سينمائي ناجح، يقف فريق إنتاجي يؤمن بالرؤية ويتحمل التحديات. من وراء الموج هو نتاج تعاون بين عدة شركات إنتاج رائدة: فرونت رو فيلمد إنترتينمنت، إمباير إنترتينمنت، أوكوارد برودكشنز، وإتش كي برودكشنز، بالإضافة إلى شركة الإنتاج التنفيذي ماجيك آرم. وفي تصريح مشترك، عبّر المنتجان جيانلوكا شقرا وماريو جونيور حداد عن فخرهما بهذا الإنجاز، مؤكدين أنّ النجاح لم يأتِ بفضل حجم السوق أو خوارزميات المنصة، بل بقوة قصته وشغف الفريق الذي عمل عليه. وأشارا إلى أنّ الفيلم لامس وتراً إنسانياً مشتركاً: في عالم يعاني من الحروب والتهجير، مقدماً مساحة للتأمل ورابطاً حقيقياً. هذا التصريح يسلط الضوء على الإيمان العميق بالقصة وقدرتها على تجاوز الحدود.
تاريخ من النجاحات مع نتفليكس
View this post on Instagram
لم يكن نجاح من وراء الموج مفاجئاً تماماً بالنظر إلى تاريخ شركة فرونت رو فيلمد إنترتينمنت مع نتفليكس. يعتبر هذا الفيلم التعاون الثاني بين الطرفين، بعد النجاح الساحق لفيلم أصحاب ولا أعز. هذا الأخير، الذي كان أول فيلم عربي من الإنتاجات الأصلية لنتفليكس، تصدر قوائم المشاهدة في عدة دول عربية وغير عربية لشهور طويلة منذ إطلاقه في عام 2022. تأسّست فرونت رو برودكشنز في عام 2020 كشركة إنتاج تابعة لفرونت رو فيلمد إنترتينمنت وإمباير إنترتينمنت، بهدف تقديم قصص متنوعة من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع التركيز على المناطق والمجتمعات التي لم تحظَ بالتمثيل الكافي. هذا التوجه الاستراتيجي يؤكد على التزام الشركة بتقديم محتوى عربي أصيل وذو جودة عالية، قادر على المنافسة عالمياً.
رسالة الفيلم وتأثيره
View this post on Instagram
من وراء الموج ليس مجرد فيلم ترفيهي، بل هو مرآة تعكس واقعاً إنسانياً مؤلماً يعيشه الملايين حول العالم، خاصة في المنطقة العربية. قصته عن التهجير والصراع من أجل البقاء، في ظل ظروف قاسية، جعلته يتردد صداه لدى المشاهدين على نطاق واسع. إنه تذكير بأنّ القصص الأصيلة، التي تنبع من تجارب إنسانية حقيقية، تمتلك قوة هائلة في تحريك المشاعر وتوحيد البشر، بغض النظر عن خلفياتهم.
View this post on Instagram
الفيلم يمثل دليلاً ساطعاً على أنّ السينما العربية، عندما تُمنح الفرصة والدعم المناسبين، قادرة على إنتاج أعمال فنية لا تكتفي بالوصول إلى العالمية، بل تترك بصمة عميقة في وعي المشاهدين، وتساهم في تشكيل حوار عالمي حول قضايا إنسانية ملحة. من وراء الموج هو أكثر من مجرد فيلم؛ إنه شهادة على قوة السرد البصري في تجاوز الحدود وكسر القوالب النمطية.