Bruce Clay

فينوس ويليامز: عودة الظاهرة التي لا تعرف الاستسلام

فينوس ويليامز تحتفل بعودتها إلى الملاعب في واشنطن – يوليو 2025. مصدر الصورة: Pinterest

كانت عودة فينوس إلى الملاعب في دورة واشنطن (500 نقطة) بمثابة لحظة تاريخية. ففي أول لقاء لها منذ مارس 2024، حيث خسرت آخر مبارياتها في دورة ميامي، تمكنت فينوس من تحقيق فوز مستحق على مواطنتها بيتون ستيرنز بنتيجة 6-3 و6-4، لتتأهل إلى الدور الثاني. هذا الانتصار لم يكن مجرد فوز عادي، بل كان إعلانًا مدويًا عن عودة روح القتال التي لطالما ميزت فينوس. لم تكن العودة سهلة، كما صرحت فينوس نفسها: “لم تكن العودة سهلة بعد هذه الفترة من التوقف وخوض مباراة مثالية. أردت تقديم مباراة جيدة والفوز بها. أمر رائع العودة بعد التوقف والإصابات”. هذه الكلمات تلخص حجم الجهد والتحدي الذي واجهته، خاصة وأن آخر انتصار لها قبل هذا كان في أغسطس 2023 بدورة سينسيناتي. 

تحدّي الزمن والآلام الخفية

ما يجعل عودة فينوس أكثر إلهامًا هو تجاوزها ليس فقط لعامل السن، بل ولصراعات صحية خفية. فإلى جانب متلازمة سجوجرن التي تم تشخيصها عام 2011 وأجبرتها على تغيير نظام حياتها وتدريباتها، كشفت فينوس عن معاناتها الطويلة مع الأورام الليفية الرحمية منذ سن السادسة عشرة. آلام مزمنة، غثيان، وضعف جسدي، كلها أعراض رافقتها لسنوات، حتى أنها انهارت ذات مرة في غرفة تبديل الملابس بويمبلدون 2016. في يوليو 2024، اتخذت فينوس قرارًا شجاعًا بإجراء عملية جراحية لإزالة هذه الأورام، في خطوة تعكس إصرارها على استعادة صحتها وحياتها المهنية. هذه المعركة الشخصية، التي غالبًا ما تُهمش في الحديث عن صحة المرأة، تضفي بعدًا إنسانيًا عميقًا على مسيرة فينوس، وتجعلها صوتًا قويًا للنساء اللواتي يعانين بصمت.

أرقام قياسية لا تتوقف

بعودتها هذه، حطمت فينوس ويليامز أرقامًا قياسية جديدة. فقد أصبحت أكبر لاعبة سنًا تخوض مباراة في إحدى دورات اللاعبات المحترفات منذ كيميكو داتي عام 2017، وثاني أكبر لاعبة سنًا تحقق انتصارًا في دورات المحترفات بعد مواطنتها مارتينا نافراتيلوفا عام 2004. هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل هي شهادة على عزيمة لا تلين وقدرة على المنافسة في أعلى المستويات رغم كل التحديات.

الأسطورة الأميركية أثناء فوزها على بيتون ستيرنز – لحظة تاريخية. مصدر الصورة: Pinterest

مسيرة أسطورية من الطفولة إلى العالمية

فينوس إيبوني ستار ويليامز، المولودة في 17 يونيو 1980، لم تكن مجرد لاعبة تنس، بل كانت جزءًا من ثورة. فمع شقيقتها الصغرى سيرينا، أعادت فينوس تشكيل مشهد التنس النسائي العالمي. بدأت موهبتها تظهر مبكرًا، حيث احترفت اللعبة في الرابعة عشرة من عمرها. والدها ريتشارد، المزارع السابق، كان معلمها الأول، مستقيًا معرفته من الكتب والفيديوهات، ليصقل موهبة ابنته التي بلغت سرعة ضربة كرتها 100 ميل في الساعة وهي لم تتجاوز العاشرة بعد. تتضمن قائمة إنجازات فينوس سبعة ألقاب كبرى (غراند سلام) في الفردي، أربع ميداليات ذهبية أولمبية، ثلاثة عشر لقبًا في زوجي السيدات، ولقبين في الزوجي المختلط. كانت أول أميركية من أصل أفريقي تحتل المرتبة الأولى عالميًا في التنس، محققة بذلك إنجازًا تاريخيًا.

فينوس قوة وعزيمة لا تنكسر. مصدر الصورة: Pinterest

ما وراء الملاعب

إلى جانب براعتها في التنس، تتمتع فينوس بشخصية متعددة الأوجه. فهي حائزة على إجازة في التصميم الداخلي، ولها خط أزياء خاص بها EleVen ، وشركة تصميم داخلي، ولها أسهم في مجموعة ميامي دولفين. كما أنها ناشطة اجتماعية، تعمل مع اليونسكو لتعزيز المساواة بين الجنسين. تجسد فينوس ويليامز مقولتها الشهيرة: “عليك أن تكون صاحب موقف، وأن تؤمن بنفسك حين لا يؤمن أحد بك. هذا ما يجعل منك فائزًا”.  ففي كل عودة، وفي كل انتصار، تثبت فينوس أن الإرادة الحقيقية تصنع المعجزات، وأن الأسطورة لا تتقاعد أبدًا. إنها ليست مجرد لاعبة تنس، بل هي رمز للإصرار، مصدر إلهام لكل من يواجه تحديات الحياة، وشاهد حي على أن الشغف الحقيقي لا يعرف نهاية.