فيتامين د وسر شباب الخلايا الدائم: ماذا تقول الأبحاث الجديدة؟
تشير دراسة حديثة إلى أنّ مكملات فيتامين د قد تساهم في الحفاظ على التيلوميرات، وهي الأغطية الواقية للحمض النووي الموجودة في نهايات الكروموسومات. تلعب التيلوميرات دورًا حيويًا في الحفاظ على الاستقرار الجيني وحماية الخلايا من الموت. مع كل انقسام خلوي، تقصر التيلوميرات، وقد ارتبط هذا التقصير بالشيخوخة والأمراض المرتبطة بها مثل الخرف الوعائي، السكري من النوع الثاني، والسرطان. إذا تم تأكيد هذه النتائج، فقد تشير إلى استراتيجية واعدة لمواجهة الشيخوخة البيولوجية.
فيتامين د والتيلوميرات
لتقييم ما إذا كانت مكملات فيتامين د يمكن أن تبطئ عملية تقصير التيلوميرات، قام العلماء بفحص خلايا الدم البيضاء لأكثر من 900 شخص شاركوا في تجربة فيتامين د وأوميغا 3. هذه التجربة العشوائية المراقبة شملت ما يقرب من 26,000 رجل وامرأة على مدى خمس سنوات. تناول حوالي نصف المشاركين 2000 وحدة دولية من فيتامين د3 يوميًا، بينما تناول النصف الآخر دواءً وهميًا.
النتائج: تيلوميرات أطول مع فيتامين د
عند مقارنة طول التيلوميرات في خلايا الدم البيضاء بين المجموعتين، وجد الباحثون فرقًا كبيرًا: كانت التيلوميرات في مجموعة فيتامين د أطول بمرور الوقت، حيث فقدت 140 زوجًا قاعديًا أقل من الحمض النووي في المتوسط على مدار أربع سنوات. وبناءً على دراسات سابقة، يمكن أن يعادل هذا ما يصل إلى ثلاث سنوات من الشيخوخة، وفقًا للباحثين. وحظي هذا البحث بدعم من المعهد الوطني للقلب والرئة والدم (NHLBI) ونُشر في المجلة الأميركية للتغذية السريرية.
فيتامين د: علاج شامل أم فوائد محدودة؟
على الرغم من أنّ فيتامين د قد وُصف بأنه علاج شامل للعديد من الحالات الصحية، من أمراض القلب والأوعية الدموية إلى فقدان العظام، إلا أنّ تجربة عشوائية محكومة واسعة النطاق أجريت عام 2020 حول المكملات الغذائية توصلت إلى فوائد في حالات قليلة فقط، وخاصةً أمراض المناعة الذاتية وحالات السرطان المتقدمة.
التأثيرات السريرية والآلية البيولوجية المحتملة
صرحت جوان مانسون، الباحثة الرئيسية في الدراسة وأستاذة الطب في كلية الطب بجامعة هارفارد، أنّ النتائج يمكن أن تفسر التأثير الوقائي لمكملات فيتامين د على الأمراض المرتبطة بالشيخوخة. وأضافت أنه “إذا تكررت هذه التجربة في دراسة عشوائية أخرى لمكملات فيتامين د، فإنّ النتائج تُترجم إلى تأثيرات سريرية على أمراض الشيخوخة المزمنة”. وأشارت إلى أنّ فيتامين د يقلل الالتهاب، ويقلل من حالات السرطان المتقدمة والوفيات الناجمة عنها، بالإضافة إلى أمراض المناعة الذاتية، ما يمكن أن يوفر آلية بيولوجية محتملة.
فهم التيلوميرات
توجد ساعة الشيخوخة الخلوية، داخل نوى معظم خلايا جسم الإنسان 46 كروموسومًا، حيث يتجمع الحمض النووي بدقة. في كل مرة تنقسم فيها الخلية، تتفكك هذه الكروموسومات وتنسخ نفسها. التيلوميرات هي تسلسلات متكررة من الحمض النووي تغطي نهايات الكروموسومات، وتعمل على تثبيت الكروموسومات أثناء انقسام الخلايا، على الرغم من أنها تصبح أقصر في كل مرة تنقسم فيها الخلايا. عندما تصبح التيلوميرات قصيرة جدًا، تتوقف الخلايا عن الانقسام وتموت. بمرور الوقت، ومع موت المزيد من الخلايا، يشيخ الجسم. تُستخدم التيلوميرات غالبًا كعلامة حيوية للشيخوخة، على الرغم من أنها ليست ساعة مثالية للصحة؛ فالتيلوميرات الطويلة جدًا يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بالسرطان عن طريق تثبيت الخلايا المتحولة.
تحفظات علمية ومخاطر الجرعات الزائدة
من جهتها حذرت ماري أرمانيوس، أستاذة علم الأورام ومديرة مركز التيلوميرات بجامعة جونز هوبكنز، من أنّ طول التيلوميرات لا يؤثر حقًا في الشيخوخة إلا في الحالات القصوى. وأشارت إلى أنّ حجم الاختلاف الملحوظ في تجربة فيتامين د يقع ضمن النطاق الطبيعي للاختلافات البشرية، ما يعني أنه ربما لا يعادل الشيخوخة أو الشباب من الناحية السريرية. كما توصلت دراسة كبيرة أخرى، أجريت على أشخاص تبلغ أعمارهم 60 عامًا فأكثر في المملكة المتحدة، إلى أنّ المستويات العالية جدًا من فيتامين د في الدم ترتبط بتيلوميرات أقصر، ما يشير إلى أنّ الزيادة ليست دائمًا أفضل. وعلّقت الباحثة مانسون بأنّ المشاركين في دراسة هارفارد تلقوا مكملات غذائية بكمية معتدلة من فيتامين د.
الخطوات المستقبلية والتوصيات
أكّد هايدونغ تشو، الباحث الأول في الدراسة وعالم الوراثة الجزيئية في كلية الطب بجامعة أوغوستا، أنه يلزم تكرار النتائج على عينة أكثر تنوعًا. ويقوم فريق الباحثين حاليًا بتحليل بيانات من 1054 مشاركًا في التجربة لفهم جوانب أخرى من شيخوخة الخلايا، بما في ذلك مثيلة الحمض النووي. واختتمت مانسون قائلة إنّ هذه النتائج تقود الباحثين نحو فهم أفضل لمن ينبغي أن يتناول مكملًا غذائيًا يوميًا. وأضافت: “ليس بالضرورة أن تكون التوصية العالمية بإجراء فحص لمستويات فيتامين د في الدم أو تناول مكمل غذائي، ولكن هناك مجموعات عالية الخطورة ربما تستفيد”.