ربيع وصيف 2026: ثلاثة اتجاهات تُعيد صياغة أناقة المستقبل
بين رقيّ ميلانو وحيوية نيويورك، برز موسم ربيع وصيف 2026 كمرحلة مفصلية في تطوّر الموضة العالمية. لم يعد التركيز على المبالغة أو الصدمة البصرية، بل على توازن جديد يجمع بين البساطة والترف، الأنوثة والقوة، العملانية والأناقة. إنها موضة تنظر إلى المستقبل بعين عملية، دون أن تتخلى عن الحسّ الجمالي أو الرغبة في الإبهار.
من ميلانو إلى نيويورك ولندن، تتّحد العواصم على فكرة واحدة: الأناقة الحقيقية هي التي تُشعّ من البساطة، وتتحرك بانسيابية الحياة اليومية، وتلمع بروح التفاؤل.
ومن بين عشرات التوجهات، تميّزت ثلاثة خطوط أساسية شكّلت ملامح الموسم المقبل.
البساطة الراقية: أناقة بلا ضجيج
عادت البساطة لتكون عنوان الترف الحقيقي، إذ تصدّرت البساطة الراقية مشهد موضة عروض ربيع وصيف 2026 في ميلانو، كترجمة حديثة لمفهوم «الترف الهادئ». في عروض ميلانو ركّزت دور مثل Jil Sander وFerragamo وAlberta Ferretti على قصّات دقيقة خالية من الزخارف، تعكس ترف الخامة وجودة الخياطة بدل المظاهر الصاخبة. الأقمشة جاءت انسيابية بخيوط حريرية ولمسات شفافة خفيفة، بينما حافظت لوحة الألوان على نعومتها بين الأبيض والعاجي والبيج والرمادي.
أما في نيويورك، فقد تبنّتها علامات مثل Proenza Schouler وToteme وKhaite وCalvin Klein بأسلوب أكثر حضريّة وراحة.
وقد برز هذا التوجه كذلك في أسبوع لندن حيث تجلى توجه البساطة الراقية Quiet Luxury / Soft Minimalism ، وإن لم يكن هو الاتجاه المطلق الغالب، فهو ظهر عند عدد من المصمّمين والدور مثل Noon By Noor وTove وMithridate.
هذا التوجّه لا يحتفي بالتفاصيل الكثيرة، بل بجمال النقاء والتوازن، حيث تكمن الفخامة في الخطوط الهادئة والتصميم المتقن. وكأن الموضة تقول هذا الموسم: القوة في البساطة، والأناقة في التفاصيل الصغيرة.
النتيجة: أزياء نظيفة، هندسية، وعملية في الوقت نفسه.
الألوان المحايدة كالبيج والرمادي والعاجي كانت الحاضر الأكبر، في حين أضافت الخامات اللامعة أو الأقمشة المخلوطة بالحرير لمسة من الضوء.
هذا الاتجاه يعبّر عن توجّه ثقافي أعمق نحو التخلّي عن المظاهر المبالغ فيها لصالح الجمال الخالص.
الترف العملي: عندما تلتقي الراحة بالأناقة
لم تعد الأناقة اليوم حكرًا على المناسبات الخاصة، بل أصبحت جزءًا طبيعيًا من الحياة اليومية. في موسم ربيع وصيف 2026، برز توجّه الترف العمليPractical Luxury بوصفه التعبير الأصدق عن نمط حياة معاصر يوازن بين الراحة، الوظيفة، والفخامة الراقية.
وفي ميلانو عاصمة الخياطة الإيطالية، تجلّى المفهوم بأبهى صوره. إذ قدّمت Prada مجموعة تربط بين الأناقة الفكرية والعملية اليومية، مع سترات بخطوط هندسية وأقمشة تقنية مقاومة للتجعد، وسراويل فضفاضة تضفي حرية على الحركة دون التفريط بالهيبة. أما Fendi فمزجت الجلد الناعم بالأقمشة القطنية، لتمنح مظهرًا أنيقًا ومرنًا في آن، مستخدمة درجات ترابية ودافئة الى جانب اللون الأزرق لتعكس فخامة هادئة ومنعشة يمكن ارتداؤها من المكتب إلى المساء.
حتى دور مثل Tod’s وGiorgio Armani انضمت إلى هذا المزاج، مقدّمة خياطات دقيقة بلمسة نفعية راقية Refined Utility تمزج بين الأناقة الإيطالية الكلاسيكية وروح الحياة المتحركة المعاصرة.
وفي لندن، حيث يلتقي الحسّ الفني بالوظيفة، تمحورت العروض حول فكرة الراحة المقصودة وقدّمت Tove و Burberry تصاميم تعتمد على القصّات البسيطة والأقمشة الخفيفة، مع تفاصيل صغيرة مدروسة مثل الجيوب الظاهرة أو الأحزمة المتموضعة بذكاء لتحديد الخصر.
ورصدنا هذا التوجه كذلك في نيويورك، حيث تلتقي الحياة السريعة بالذوق العملي، إذ قدّمت دور مثل Michael Kors وAltuzarra وProenza Schouler وLafayette نسخًا متطوّرة من الأزياء اليومية.
كانت هناك عودة واضحة إلى الخياطة الذكية: بدلات واسعة، معاطف خفيفة متعدّدة الجيوب، وأقمشة تمزج بين القطن والحرير أو النايلون الفاخر لتمنح المظهر جاذبية حضرية وعملية في الوقت ذاته.
حتى الإطلالات الأكثر رسمية بدت عملية يمكن ارتداؤها للعمل، ثم للعشاء، دون أي تغييرات تُذكر.
لمسات الميتاليك: عودة الضوء إلى الموضة
بعد مواسم من التوجّه نحو الدرجات الهادئة والمطفأة ضمن فلسفة الترف الهادئ Quiet Luxury، تستعيد الموضة في ربيع وصيف 2026 بريقها المادي والرمزي. فقد عاد الضوء إلى القماش، لا كمجرّد تأثير جمالي، بل كبيان تعبيري عن التفاؤل والطاقة والانطلاق نحو المستقبل.
في ميلانو، عادت الفخامة الإيطالية لتستعرض قوتها عبر لعبٍ مدروس على الضوء والانعكاس. في مجموعة Roberto Cavalli، برزت فساتين انسيابية بالذهب السائل والفضة العتيقة، تعيد إلى الأذهان إرث السبعينيات بروح معاصرة.أما Dolce & Gabbanaفاختارت الميتاليك كأداة لإبراز الأنوثة المسرحية، مع تطريزات ملوّنة وتفاصيل دقيقة.
كما ظهرت لمسات البريق في مجموعة Giorgio Armani بشكل أكثر تأملاً: أقمشة لامعة خفيفة تموّه الضوء بدل أن تعكسه مباشرة، في معالجة شاعرية تجمع النعومة بالفخامة.
في نيويورك، كان اللمعان أكثر عمليّة وذكاءً. اعتمدت علامات مثل Proenza Schouler وAltuzarra وCalvin Klein على أقمشة معدنية ناعمة تشبه وهج الغروب على ناطحات السحاب، بفضل خامات خفيفة تمزج بين النايلون التقني والساتان المعدني.
وفي لندن، جاء الميتاليك أكثر تجريبيًا وفكريًا. قدّمت Roksanda وErdem تصاميم تجمع بين القصّات النحتية والأقمشة العاكسة بتدرجات نحاسية وبنفسجية، حيث بدا اللمعان كعنصر روحي أكثر منه مادّي.
يتجاوز الميتاليك في 2026 مجرد العودة إلى اللمعان. إنه لغة بصرية جديدة تعبّر عن الأمل بعد الانكماش، وعن الجرأة بعد البساطة الزاهدة.
الأقمشة اللامعة لم تعد مرادفًا للبهرجة، بل وسيلة للتعبير عن الطاقة والإشراق الداخلي.