Bruce Clay

أسبوع الموضة في كوبنهاغن: إرث إسكندينافي، فن طليعي، مواهب شابة، وألوان جريئة

أسبوع الموضة في كوبنهاغن لربيع وصيف 2026: مزيج من الفن والتراث الاسكندينافي برؤية شبابية وألوان مرحة
أسبوع الموضة في كوبنهاغن لربيع وصيف 2026: مزيج من الفن والتراث الاسكندينافي برؤية شبابية وألوان مرحة

خلال عروض ربيع وصيف 2026، تحوّل أسبوع الموضة في كوبنهاغن إلى بانوراما بصرية نابضة بالحياة، جمعت بين صرامة الإرث الإسكندينافي وروح التجريب المعاصر. على المنصات، تنوّعت العروض بين إعادة تعريف الأناقة النوردية بأسلوب يحترم الحرفة ويعيد صياغتها بلغة اليوم، وتجارب طليعية تمحو الحدود بين الموضة والفن الأدائي، وأصوات شابة تضخ دمًا جديدًا في المشهد، وصولاً إلى كرنفال من النقوش والألوان يذكّر بأنّ الفرح يمكن أن يكون صيحة بحد ذاته. من القصات الحالمة والأقمشة المضيئة، إلى الطبعات الغرافيكية واللمسات الحِرفية المستوحاة من ثقافات متعدّدة، أثبت الموسم أنّ كوبنهاغن ليست مجرّد محطة في رزنامة الموضة العالمية، بل مختبر إبداعي يضع الشمال الأوروبي في قلب الحوار الدولي حول مستقبل التصميم، الاستدامة، والابتكار.

ثلاثة عروض تُعيد تعريف الأناقة الإسكندينافية

This slideshow requires JavaScript.

في إطار أسبوع الموضة في كوبنهاغن لربيع وصيف 2026، برزت مجموعة من العروض التي جسّدت ما يمكن وصفه بـ Nordic Icons & Legacy Spirit، حيث التقت الأيقونات الإسكندينافية بروح الإرث الإبداعي في صياغة مشاهد بصرية تحمل توقيع الشمال الأوروبي.

Cecilie Bahnsen، التي تحتفل هذا العام بمرور عقد على انطلاقتها، قدّمت عرضًا أيقونيًا جمع بين إرثها الأرشيفي المعاد تدويره ورؤيتها المعاصرة للكوتور، من خلال قصّات فضفاضة حالمة وأقمشة ترفرف بالأبيض والفضي، لتصنع عوالم ضوئية أشبه ببطاقات بريدية من الحلم الإسكندينافي.

أما Marimekko، فقد أعادت قراءة طبعاتها الجريئة المميزة، لكن بروح تناسب مستقبل الموضة المستدامة، مقدّمةً مزيجًا من البراغماتية النابضة بالحياة والوظيفية الأنيقة، في تحيّة واضحة لإرثها الممتد مع لمسات معاصرة تتناغم مع إيقاع ربيع وصيف 2026.

في المقابل، اختارت The Garment أن تستحضر التأثيرات الفروسية ضمن إطلالات تنساب بطريقة راقية، مع تفصيل بسيط ومُتقَن يعكس فلسفة التصميم الهادئ القادر على الجمع بين قوة الإرث وأناقة الحاضر.

بهذا، أثبتت هذه العلامات الثلاث أنّ الأناقة الإسكندينافية ليست مجرد أسلوب بصري، بل هوية ثقافية تحترم الماضي وتُعيد صياغته بلغة الحاضر، في مزيج متوازن بين الحرفية والابتكار.

حين تلتقي الموضة بالفن الطليعي

This slideshow requires JavaScript.

في نسخة ربيع وصيف 2026 من أسبوع الموضة في كوبنهاغن، بدا المشهد هذا الموسم كملعب إبداعي يذوب فيه الفرق بين الأزياء والفن الأدائي. ثلاث علامات قدّمت قراءات متباينة لكنها متكاملة للمعنى المعاصر للموضة توحّدها روح طليعية ومفاهيم خلاقة، إذ قدّم المصمم Henrik Vibskov مجموعة تُذكّر بأنّ الرجل في عالمه ليس عرضًا بل تجربة سينوغرافية: عروضه احتفت باللعب السريالي والدرامي، حيث تحوّلت الأقمشة والطبعات إلى عناصر ديكور متحرّك، والقطع إلى مجسماتٍ تروّج لفكرة “اللباس كخدعة حسية”. هكذا تحولت المنصة إلى مسرح بصري يخلط بين الموضة وفن التركيب، مقدّمًا أزياء رجالية كأوهام بصرية متحركة.

 المجموعة عادت إلى لوحة ألوان أكثر هدوءًا هذا الموسم لكنها لم تتخلَّ عن آلياته المسرحية – من السجلات الصوتية إلى تركيب المشاهد- ما جعل كل إطلالة مشهدًا قصصيًا قائمًا بذاته.

أما الظهور الأول لـ Iamisigo على منصات كوبنهاغن فكان أقرب إلى الأداء الطقسي، إذ استحضر الحرفية الأفريقية الأصيلة من خلال خامات غير مألوفة مثل لحاء الأشجار، ليجعل من كل قطعة عملاً فنياً يحمل رسالة ثقافية. استخدم المصمم مواد محلية واستعان بعمليات حرفية تقليدية – بما في ذلك تقنيات تحويل لحاء الأشجار إلى أقمشة – ليحوّل العرض إلى مسرحٍ للحرفة والمجتمع. كانت المجموعة تروّج لسردية مزدوجة: الاحتفاء بالتراث الحرفي الأفريقي، وفي الوقت نفسه وضعه في سياق عالمي كعمل فني متكامل يُعرض ويُحتفى به كـ”أداء” بحدّ ذاته.
من جهته أعاد MKDT Studio  تعريف النقاء النوردي عبر تصاميم اختزالية دقيقة التفاصيل، حيث يصبح الخط والفراغ أداة سردية، في انسجام بين البساطة والعمق الإبداعي. قطعٌ بسيطة الملمس، خطوط خالصة، واهتمام شديد بالقطع والقياسات كوسيلة لسردٍ بصري هادئ. هنا، يأتي الاختزال كاستراتيجية إبداعية: كل عنصر مبرّر، وكل فراغ يعمل كتوتير بصري يسمح للخيال بأن يستكمل السرد. النتيجة مجموعات توفّر لغة تصميمية متماسكة تُثبت أنّ البساطة قد تكون الأكثر تعقيدًا من حيث الفكرة.

النتيجة: ثلاث لغات جمالية مختلفة، تنبض بطاقة مفهومية جريئة تدفع حدود الموضة إلى مناطق جديدة.

مواهب شابة تتصدر المشهد

This slideshow requires JavaScript.

في نسخة ربيع وصيف 2026 من أسبوع الموضة في كوبنهاغن، تواصلت النهضة الإبداعية مع عروض تحمل توقيع المواهب الصاعدة والاستديوهات التجريبية. من قلب الحدث، برزت أربعة أسماء تعبّر عن روح التجديد: Munthe بـ “ابتكاراتها النباتية المشعارية”،  Birrot بشذراتها النورديّة المتحرّرة، Gestuz بطاقتها الحضرية المُتسارعة، و Royal Danish Academy بصيحات المستقبل النهضوية.

إذ قدّمت  Munthe مجموعة فريدة استخدمت تقنية صبغ طبيعية مستندة إلى ورق وأزهار حقيقية، مرسومة مباشرةً على القماش، ما منح كل قطعة طابعاً فريدًا وحكاية تُروى. العقود الدقيقة، التطريز الكثيف والتصاميم الطبقية أضافت بُعدًا حرفيًا معاصرًا إلى النص الإبداعي للمجموعة.

من جهتها، قدّمت Birrot قراءةً هادئة للمظهر النوردي المعاصر؛ حيث تُصمّم القطعة لتتفاعل مع الجسد بدلاً من فرض شكله، عبر تموجات متحركة وانسيابية تقدّر جسم الإنسان كما هو.

أما عرض Gestuz فكان بمثابة تعليق عاطفي على السرعة المفرطة في عالمنا، مستوحيًا صور سباق الفورمولا 1 ليحوّل المنصة إلى خطاب فني يتناول الحركة والجسد بصريًا، مع قطع من الجلد الخشن، حقائب دعوى، وتناقضات بين القوة والحساسية.

كذلك لم تقتصر عروض الأكاديمية الملكية الدنماركية Royal Danish Academy على عرض أزياء، بل تحوّلت إلى احتفال بفكر المستقبل: 11 مصممًا من 9 دول جسّدوا قضايا مثل الهوية، الذاكرة، التراث والثقافة المضادة. التصاميم كانت جريئة ورمزية، موجهة نحو بناء خطاب بصري يتجاوز القماش إلى ما هو إنساني ومجتمعي.

تلاعب بالنقوش والألوان

This slideshow requires JavaScript.

تحوّل أسبوع كوبنهاغن لربيع وصيف 2026 إلى كرنفال من الطبعات والألوان واللعب بالقياسات؛ من المواجهات اللونية الجريئة إلى الطباعة الغرافيكية المَرِحة والدرابين الرومانسية، موسم احتفل بالفرح البصري والمهارة الحِرفية كوسيلة للانتصار على الرمادي والحياد.

إذ قدّم عرض Baum und Pferdgarte  ، حفلاً بصريًا من الصدامات اللونية الزاهية والنقوش الجريئة وقد وصفته الصحافةَ بأنه أقرب إلى “الماكسيماليزم السرورِي” حيث تُركّب العلامة موروثها الدانماركيّ مع حسّ استعراضي حديث. استندت القطع إلى إشارَات إكويستريّة أي مستوحاة من عالم سباقات الخيل، ولكنها تَمتّعت باندفاع لوني صارخ وفرح متعمّد في التوليفات.

أما علامة Marimekko فعادت هذا الموسم بعنوان عمليّ واضح عن الطباعة: Art of Pattern — حيث كرّرت ومَزَجت طبعاتها الغرافيكية الشهيرة مع مقاييس متغيّرة تجمع الأحجام الصغيرة مقابل الكبيرة، التصاميم القصيرة مقابل الماكسي لتؤكد أنّ الطباعة ليست مجرد زخرفة بل لغة تصميمية قائمة بذاتها. العروض ركّزت على الحِرفية في إعداد المطبوعات وتفكيك العلاقة بين اللون والشكل كعنصر أساسي للهوية.

من جهته قدّم المصمّم Nicklas Skovgaard  رؤية حسّية تَفُتّح حدود الملابس النهارية والليلية عبر درابين رومانسية مُقوّاة بلمساتٍ تجمع تِدرّجات من التول، مع تنانير مُبطّنة تُشبه اللحاف، وقطع تُستدعى منها إحساس الراحة الجميلة  أي  Duvet Dressingمع مفاجآت سبورتي (وِندبريكر/سراويل قصيرة) ما أعطى العمل توازنًا بين الحميمية والغرابة المرِحة.

بخلاف عروض الأسماء الكبرى، كان أسبوع كوبنهاغن هذا الموسم احتفالاً بقيم المدينة: الاستدامة العملية، قابلية الارتداء، وتنوّع الطيف البصري. توجهات بارزة شملت المزج بين الرياضيّ والأنثوي، وعودة التفاصيل الحركية مثل شرائط الفِرِنْج العريضة ، كلها مشاهد عزّزت قدرة كوبنهاغن على دمج التجريب مع الصيغة العملية.