مهرجان الزمن الجميل في دورته الثامنة: وفاءٌ للأصالة وإشراقةٌ وسط العتمة

غسان صليبا يُكرّم الطرب الأصيل على مسرح مهرجان الزمن الجميل - مصدر الصورة: حساب مهرجان الزمن الجميل على إنستغرام — غسان صليبا يُكرّم الطرب الأصيل على مسرح مهرجان الزمن الجميل – مصدر الصورة: حساب مهرجان الزمن الجميل على إنستغرام

في أجواءٍ مفعمة بالحفاوة والحنين، أعاد مهرجان الزمن الجميل في نسخته الثامنة تأكيد رسالته الفنية والإنسانية، محتضنًا قاماتٍ صنعت مجد الفن العربي، وموثقًا بأناقته أنّ الفن النقي لا يصدأ. وعلى الرغم من التحديات السياسية والاقتصادية التي تعصف بالمنطقة، اختار لبنان أن يكون وجهًا مضيئًا للوفاء الفني، حيث استضاف كازينو لبنان، وتحديدًا مسرح صالة السفراء، فعاليات الدورة الثامنة من مهرجان الزمن الجميل، برعاية وزارة الإعلام اللبنانية، وبحضور وزير الإعلام بول مرقص، إلى جانب شخصيات رسمية، فنية، وإعلامية من لبنان والعالم العربي. وعلى الهواء مباشرة، تابع الجمهور عبر شاشة LBCI، أمسية استثنائية جمعت نجوم الماضي والحاضر، في احتفالٍ يمزج بين التكريم، الموسيقى، الحنين والرسائل الوجدانية.

الدكتور هراتش سغبازريان… من فكرة إلى علامة

مؤسس المهرجان، الطبيب التجميلي المعروف د. هراتش سغبازريان، استهل الأمسية بكلمة مؤثرة، أشار فيها إلى التحديات التي واجهها لتنظيم المهرجان في موعده السنوي، قائلاً إنّ الفكرة بدأت كحلم صغير في قلبه، وتحولت إلى حقيقة راسخة بفضل الإصرار والدعم. وأضاف: “الزمن الجميل ليس مجرد احتفال، بل هو رسالة وفاء في زمنٍ ندر فيه الوفاء، وهو مساحة يلتقي فيها الكبار الذين صنعوا ذاكرتنا الفنية”.

وأثنى سغبازريان على دعم شاشة LBCI وكازينو لبنان، معتبرًا أنّ المهرجان بات علامة مميزة في روزنامة الفن العربي، وأنّ تكريمه لرواد الزمن الجميل هو كتابة للتاريخ على جدران القلوب.

كارمن لبّس وجه الوفاء الأنيق

للمرة الأولى، تولت الفنانة اللبنانية كارمن لبّس تقديم الحفل، في حضورٍ وازن يعكس احترامها العميق للفن وللقامات المكرّمة. اختيار لبّس لم يكن محض صدفة، بل انسجامًا مع شخصيتها التي لطالما دافعت عن الحريات والعدالة الاجتماعية والفن الأصيل. حضورها الأنيق والصادق منح الحفل دفئًا خاصًا، وعكس التوازن بين الأصالة والحداثة.

تكريمات خالدة من لبنان إلى العالم العربي

شهدت الأمسية تكريم كوكبة من نجوم لبنان والعالم العربي، بينهم من لبنان: الممثل القدير جهاد الأطرش، الذي يُعد أحد أعمدة الأداء الصوتي والدرامي، والفنانة جيزيل نصر التي ألقت تحية مؤثرة لوطنها، والمطرب رجا بدر القادم من كندا خصيصًا، الذي قدم إلى جانب الفنان غسان صليبا لوحتين غنائيتين حركتا الحنين، واستعادتا أصوات الزمن الراقي في وجدان الحاضرين.

وكرمت الممثلتان هدى روحاني ورندا حشمي، والفنان غبريال يمين والممثل القدير نقولا دانيال والإعلامي زاهي وهبه والإعلامية مها سلمى وليليان أندراووس ويولاند خوري والممثلة إلسي فرنينة.

ومن سوريا: النجم أيمن زيدان، والفنانة وفاء موصللي. ومن مصر: الفنانتان شيرين وعايدة رياض. وعبرت الفنانة شيرين عن تأثرها العميق بلحظة تكريمها، قائلة: “التكريم وسام على رأسي، لكن تصفيق الجمهور هو الوسام الأعظم. أتمنى لو كانت ابنتي معي لترى كيف يُكرّم الفن الأصيل”.

كما تميز المهرجان بتكريم خاص للفيلم المصري الباطنية في سابقة هي الأولى من نوعها، حيث نال صنّاعه جائزة الأيقونة. وتسلّمت التكريم النجمة نادية الجندي والمنتج محمد مختار، وسط تصفيقٍ حارّ. وخصّصت الجندي هذا التكريم لكل من آمن بأنّ الفن الحقيقي خالد لا يموت.

تكريم الراحلين: لمسة وفاء لا تنتهي

ولم ينسَ المهرجان النجوم الذين غيّبهم الموت، إذ تم تكريم أسماء كبار من الراحلين، وقامت لجنة المهرجان بزيارة منازلهم بمصر ولبنان، وهم من مصر رجاء الجداوي، تسلمت الدرع ابنتها أميرة، والفنان أحمد راتب، تسلمته ابنته لمياء، والإعلامية ليلى رستم ومثلتها ابنتها إيمان.

ومن لبنان: الفنان الراحل سمير شمص. بالإضافة إلى تكريم خاص للفنانة الراحلة المصرية سميحة أيوب والمطربة اللبنانية سلوى القطريب، التي استلمت الدرع التكريمي ابنتها ألين لحود، وقدمت أداءً حيًا من أعمال والدتها.

لحظات فنية مؤثرة ومشاركات استثنائية

أضفت الفقرات الموسيقية والغنائية بعدًا وجدانيًا على الحفل، حيث قدم الموسيقار فاروق سلامة مقطوعة ليلة حب لأم كلثوم على آلة الأكورديون، احتفاءً بالذكرى الـ50 لرحيلها.

كما غنّى الفنان محمود راتب دويتو حاجة غريبة تكريمًا للعندليب عبد الحليم حافظ، في لحظةٍ فنيةٍ مشبعة بالحنين.

ابتكارات غير مسبوقة: تكريم بالذهب الخالص

وفي سابقة لافتة، أعلن منظمو المهرجان عن استحداث فقرة جديدة لتكريم النجوم بأسمائهم المحفورة بالذهب الخالص عيار 24 قيراط، حيث صمّمت المصممة هيام جريج قلادة خاصة لنادية الجندي تحمل اسم فيلم الباطنية، كعربون تقدير لمسيرتها الفنية. يُعتبر مهرجان الزمن الجميل ليس فقط منصة للتكريم، بل أرشيف حي لذاكرة الفن العربي، يحتفل بالماضي ليمنح المستقبل جذوره.