Bruce Clay

بايال كاباديا المخرجة التي أعادت الهند الى المهرجانات السينمائية الكبرى

المخرجة الهندية بايال كاباديا

دخلت المخرجة الهندية بايال كاباديا، التاريخ السينمائي من أوسع أبوابه بعد فوزها بالجائزة الكبرى في مهرجان كان السينمائي في دورته السابعة والسبعين، فسطع اسمها بين ليلة وضحاها. كيف لا وهي أول شخص من الهند على الإطلاق يفوز بهذه الجائزة.

بعد غياب الهند لأكثر من ثلاثين عامًا عن المشاركة في المسابقة الرسمية لمهرجان كان سينمائي، كسرت المخرجة الهندية الشابة بايال كابادايا القطيعة ليس فقط بالمنافسة ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان كان لهذا العام وإنما كذلك بالفوز بالجائزة الكبرى وهي ثاني أعلى جائزة بعد السعفة الذهبية.

وكانت الهند، المعروفة بغزارة إنتاجها السينمائي، قد غابت عن المسابقة الرئيسة للمهرجان لثلاثين عامًا وتحديدًا منذ عام 1994 حين شارك المخرج “شاجي إن كارون” بفيلمه “سواهام”. وبهذا الفوز التاريخي تعيد كاباديا لبوليوود بعضًا من بريقها العالمي. وقد اشارت بايال الى هذا الواقع أثناء خطاب قبولها الجائزة إذ توجّهت لجمهور الأفلام الهندية قائلة: “من فضلك لا تنتظر 30 عامًا أخرى للحصول على فيلم هندي”.

إنجاز تاريخي

فوز بايال كاباديا أعاد الأمل للسينما الهندية المستقلة

“لقد كان بالفعل حلمًا أن يتم اختياري للمنافسة في المسابقة الأساسية في مهرجان كان أما الفوز فهذا كان يفوق مخيلتي”. بهذه العبارة قبلت المخرجة الهندية الشابة البالغة من العمر 38 عامًا الجائزة الكبرى في مهرجان كان.

وبالطبع تردّدت أصداء هذا الفوز في جميع أنحاء البلاد، حيث علّق الكثيرون على أهميّة هذا الحدث عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك كبار السياسيين.

إذ غرّد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي عبر منصّة X كاتبًا: “إن البلاد “فخورة” بـ “الإنجاز التاريخي” الذي حققته كاباديا. تستمر موهبتها الرائعة في التألق على المسرح العالمي، ما يعطي لمحة عن الإبداع الغني في الهند. هذه الجائزة المرموقة لا تكرّم مهاراتها الاستثنائية فحسب، بل تلهم أيضًا جيلًا جديدًا من صانعي الأفلام الهنود”.

من جهته هنأ راهول غاندي، زعيم حزب المعارضة الرئيسي في الهند، المخرجة، إلى جانب أناسويا سينغوبتا، أول ممثلة هندية تفوز بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم “The Shameless”، في قسم “نظرة ما”. وكتب غاندي على منصةX : “النجوم الهنود يتألقون… هؤلاء النساء كتبن التاريخ، وألهمن مجتمع السينما الهندية بأكمله”.

تغيير جذري في بوليوود

لقطة من فيلم All We Imagine as Light

أما من جهة العاملين في السينما الهندية فعلّقت سوني تارابوريفالا، كاتبة سيناريو فيلم “السلام بومباي!” التي فازت بجائزة الكاميرا الذهبية في المهرجان عام 1988، وقالت لشبكة CNN: “إن فوز كاباديا “غير المسبوق” “أثر بشكل شخصي على النساء والعاملين في مجال الأفلام المستقلة”.

وقالت: “لقد سمح لنا هذا الفوز بالحلم والأمل والاحتفال بكل فخر وفرح”، مضيفة: “إن المشهد السينمائي المستقل في الهند يمكن أن يشعر “باليأس” في صناعة “تهيمن عليها” الإنتاجات الرئيسية. غير أنّ فوز كاباديا أعاد الأمل للسينما المستقلّة.”

وأشار البعض إلى تصوير الفيلم للرومانسية بين الشخصية الرئيسية برابها (كاني كسروتي) وصديقها المسلم (هريدهو هارون) باعتباره جريئًا بشكل خاص، نظرًا لأن البلاد أصبحت مستقطبة بشكل متزايد على أسس دينية.

تعدّ الهند أكبر دولة منتجة للأفلام في العالم، لكنها لا تزال متخلفة عن هوليوود عندما يتعلق الأمر بإنتاج الأفلام التي تحظى باعتراف دولي وتحصل على جوائز كبرى. إذ أن المخرج تشيتان أناند كان آخر من فاز بالجائزة الأولى في مهرجان كان قبل كابادايا وكان ذلك في عام 1947، عن فيلمه “Neecha Nagar”.

في العام الماضي، أصبح الفيلم الخيالي التاريخي “RRR” بلغة التيلجو أول فيلم روائي طويل في البلاد يفوز بجائزة الأوسكار لأفضل أغنية أصلية. 

كما حصل فيلم “The Elephant Whisperers” للمخرج الهندي كارتيكي غونسالفيس على جائزة أفضل فيلم وثائقي قصير في الحفل.

كاباديا مسيرة متألّقة في كان

هذه ليست مشاركة بايال كاباديا الأولى في مهرجان كان ففي عام 2017، كان فيلمها Afternoon Clouds هو الفيلم الهندي الوحيد الذي تم اختياره لمهرجان كان السينمائي السبعين. أما في عام 2021 فقد نجحت بالمشاركة والفوز بجائزة L’Oeil d’Or عن فيلمها الوثائقي الشهير “A Night of Know Nothing” الذي يوثق قصّة طالبة سينمائية في الهند تحاول مواصلة علاقتها مع زوجها السابق، على الرغم من كونها من طبقة مختلفة.

وبعد ثلاث سنوات من فوزها بجائزة L’Oeil d’or لأفضل فيلم وثائقي، عادت بايال الى كان ولكن هذه المرّة للفوز بالجائزة الكبرى للمهرجان عن فيلم All We Imagine as Light، وهو أول فيلم روائي طويل لها ذو لمسة سياسية نسوية. وقد تلقى الفيلم تصفيقًا حارًا لمدة ثماني دقائق عند عرضه لأول مرة خلال المهرجان.

تدور أحداث الفيلم في مومباي، حيث تعيش “برابها” وهي ممرضة عالقة في زواج مدبّر، يضطرب روتين حياتها عندما تتلقى هدية غير متوقعة من زوجها المنفصلة عنه، بينما رفيقتها في السكن الشابة “آنو” تريد أن تجد مكانًا سريًا لتعيش فيه مع حبها الجديد.

هذا التوتر يدفع الفتاتين للهرب معاً إلى بلدة ساحلية يكتشفان فيها غابة مطيرة ساحرة، ليُحوِّل هذا المكان الغامض أحلامهما ورغباتهما إلى واقع، فتنسجان شبكة من القصص الشخصية عن الحب والحرية والبحث عن الهوية، إذ تستكشف برابها وآنو حريتهما واستقلاليتهما في هذا المكان الشاعري والمعقد في آن واحد.

وكالعادة تستخدم كابادايا الحب كقوة للحياة تستكشف من خلاله المشاكل المتأصلة في عدم المساواة بين الجنسين والطبقة والدين المنتشرة في المجتمع الهندي.

ندم أم نفاق

مع عودة بال كاباديا الى الهند رحبت بها جامعتها الأم، معهد السينما والتلفزيون الهندي المرموق في بيون، إلا أنّ هذا الترحيب طرح الكثير من علامات الاستفهام. ففي عام 2015، كانت كاباديا في طليعة احتجاج الطلاب الذي استمر 139 يومًا والذي أدى إلى إلغاءالمعهد لمنحتها الدراسية ورفع قضية لدى الشرطة ضدها. ولكن على الرغم من النكسة، إلا أن موهبتها تألقت من خلال أفلامها، لتعود اليوم مكرّمة في أحضان جامعتها التي تخلّت عنها في السابق.