المملكة العربية السعودية تفرض نفسها على ساحة كرة القدم النسائية
«نحلم ونحقّق»، بهذا الشعار احتفلت المملكة العربية السعودية باليوم الوطني السعودي الـ93 وهو شعار يعكس اقتراب المملكة من تحقيق أحلامها وطموحاتها فـي كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية، ومنها المجال الرياضي وخاصة لعبة كرة القدم، إذ جذبت السعودية أنظار محبّي الكرة المستديرة حول العالم. لكن هذا ليس كلّ شيء، فأحلام المملكة فـي كرة القدم لا تقف عند منتخب الرجال بل تتعدّاه الى كرة القدم النسائية حيث تسطّر كذلك الانجازات.
لا شك فـي أن التطور والتغيير الجاري فـي كرة قدم السيدات فـي المملكة العربية السعودية، أحد أكثر القصص إثارة فـي عالم الساحرة المستديرة، خاصة وأن الخطوات الهامة المتتالية التي تقودها الجهات المعنية، قد أسهمت فـي فـي الارتقاء بكرة القدم للسيدات السعوديات، إلى مستويات جديدة متميّزة.
الإستعدادات للدوري السعودي الممتاز
حدّد الاتحاد السعودي لكرة القدم يوم 13 أكتوبر المقبل، موعدًا لإنطلاق النسخة الثانية من الدوري السعودي الممتاز للسيدات، بمشاركة ثماني فرق وهي النصر، الهلال، الشباب، الاتحاد، الأهلي، شعلة الشرقية، الرياض، القادسية (المتحد سابقًا)، ويقام الدوري الممتاز للسيدات فـي نسخته الثانية بنظام الذهاب والإياب إذ يبلغ عدد المباريات 56 مباراة على مدى 14 جولة.
كما قرّر الاتحاد السعودي إقامة دوري الدرجة الأولى بمشاركة 30 فريقًا، سيتم توزيعها على ست مناطق، على أن ينطلق الدوري فـي شهر نوفمبر المقبل بنظام الذهاب والإياب مناطقيًا، فـيما سيتمّ تحديد بطل دوري الدرجة الأولى من خلال الأدوار النهائية للدوري بنظام خروج المغلوب والتي تقام بين المتأهلين من دور المجموعات، على أن يتم صعود الثالث، المراكز الأولى إلى الدوري الممتاز فـي النسخة التالية، بينما يهبط صاحب المركز الأخير من الدوري الممتاز إلى دوري الدرجة الأولى.
واعتمد الاتحاد السعودي الجوائز المالية لبطولتي الدوري الممتاز ودوري الدرجة الأولى للسيدات، إذ سيحصل بطل الدوري الممتاز على مليوني ريال، والمركز الثاني مليون ريال والمركز الثالث 600 الف ريال، بينما سيحصل بطل دوري الدرجة الأولى على 500 الف ريال، وصاحب المركز الثاني 350 الف ريال والمركز الثالث 200 الف ريال.
وفـي هذا الإطار، أكدت نائبة رئيس مجلس إدارة الاتحاد السعودي لكرة القدم، لمياء بنت إبراهيم بن بهيان، على أن النجاح الكبير الذي حظي به الدوري الممتاز ودوري الدرجة الأولى فـي موسمه الأول، لم يكُن ليأتي لولا الدعم السخي من القيادة الرشيدة لقطاع كرة القدم بشكل عام وكرة القدم النسائية بشكل خاص، مشيدة بالجهد الكبير الذي يبذله الاتحاد السعودي فـي سبيل تطوير منظومة كرة القدم النسائية، مشيرة إلى أن نجاح الموسم الأول كان دافعًا لرفع الطموحات فـي ثاني مواسم الدوري الممتاز ودوري الدرجة الأولى، مؤكدةً على أن الموسم الثاني سيشهد العديد من التطورات التي ستسهم فـي رفع الجودة وتطوير كافة النواحي التي تتعلق بمنافسات كرة القدم النسائية، وهو ما سينعكس إيجابًا على المنتخب الوطني فـي الاستحقاقات الإقليمية والدولية المقبلة».
الطائف تستضيف البطولة الدولية الودّية للسيدات
فـي انتظار انطلاق الدوري السعودي الممتاز، تجهد السعودية لإثبات نفسها كوجهة لمحبّي كرة القدم وخاصة النسائية منها، من خلال استضافتها البطولة الدولية الودّية للسيدات لكرة القدم على ملعب مدينة الملك فهد الرياضية فـي محافظة الطائف والتي تستمر حتى 30 أيلول سبتمبر بمشاركة ستة منتخبات، موزّعة على مجموعتين، تضم الأولى منتخبات السعودية وباكستان وماليزيا، بينما تضم الثانية منتخبات لبنان ولاوس وبوتان.
وبغض النظر عن نتائج هذه البطولة التي يبدو أن المنتخب السعودي يتألّق خلالها، تعدّ هذه البطولة فرصة لتعريف شابات المملكة على هذه الرياضة وتشجيعهنّ على الانخراط بها، كما أنها تزيد من خبرات المنتخب السعودي الجديد على الساحة الكروية.
FIFA+ تطلق وثائقياً عن المنتخب السعودي للسيدات
«هنا. . . بداية المسيرة»، هذا هو عنوان الفـيلم الوثائقي فـيلم الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفـيفا» عن مسيرة كرة القدم النسائية فـي السعودية، والذي أطلقه أخيراً بالتعاون مع الاتحاد السعودي لكرة القدم (SAFF). عبر منصته. FIFA+
يسلّط هذا الفـيلم الضوء على انطلاق المنتخب السعودي للسيدات ورحلة كرة القدم النسائية فـي المملكة. ويستعرض فـيلم «الفـيفا»، الرحلة الشخصية لعدد من أبرز لاعبات المنتخب برفقة عائلاتهنّ، وحكاياتهنّ اليومية فـي المجال العملي والاجتماعي والرياضي، وتبلغ مدته نحو 45 دقيقة.
ومن بين لاعبات المنتخب اللواتي شاركن فـي هذا الفـيلم الملهم الكابتن بيان صدقة البالغة من العمر 28 عاما، والحارسة سارة خالد البالغة 26 عاما، ولاعبة قلب الدفاع ليان جوهري التي تبلغ من العمر 22 عاما، والتي نشأت فـي عائلة شغوفة بكرة القدم، إذ إن خالها لعب فـي صفوف نادي الاتحاد السعودي الغني عن التعريف.
وقالت جوهري: «عائلتي شغوفة بكرة القدم ولطالما حلمت بتمثيل المنتخب السعودي»، مضيفة: «عندما تمّ استدعائي للمنتخب ولعبت مباراتي الأولى، قال أخي إنني لا أعيش حلمي فحسب، بل حلم العائلة بأكملها، وكان لهذه العبارة، أبلغ الأثر فـي نفسي وجعلتني أدرك حجم المسؤوليّة وقيمة هذه الفرصة».
من جهتها، علقت لمياء بنت إبراهيم بن بهيان، نائبة رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم على إطلاق الفـيلم الوثائقي قائلة: «اليوم تبني الفتيات فـي جميع أنحاء المملكة مسارهن لتحقيق أحلامهن فـي تمثيل الوطن، وسيحفزهن هذا الفـيلم الوثائقي على تحقيق ذلك بشكل أكبر».
وتابعت: «يشارك هذا الفـيلم الوثائقي الملهم رحلتنا وشغفنا وحبنا لكرة القدم من خلال سرد قصص لاعباتنا، ولدي كامل الثقة بأن وثائقي «هنا. . . بداية المسيرة» سوف ينال إعجاب الجميع ويوحّد الكثير من المشجعين حول العالم».
وكتبت «الفـيفا» وصفا للفـيلم: «بكلماتهنّ: تعرفوا على اللاعبات، المدربين والجهات الرسمية خلف بزوغ كرة القدم السعودية وهن يحكين قصتهم الملهمة».
كما غرّدت الفـيفا عبر حسابها الرسمي: «تحت عنوان «أول تمريرة. . أول عرضية. . أول تصدي. . أول كل شيء». . هنا، بداية مسيرة كرة قدم السيدات فـي المملكة العربية السعودية».
خمسون مليوناً لدعم وتطوير فرق الأندية النسائية
فـي إطار دعم وتعزيز كرة القدم النسائية فـي المملكة العربية السعودية، أٌطلق فـي يونيو الماضي برنامج دعم وتطوير الفرق النسائية للأندية المشاركة فـي الدوري الممتاز للسيدات، ودوري الدرجة الأولى للسيدات، مع تخصيص دعم مالي قدره 49920000 ريال.
وتأتي المبادرة التزاماً من الاتحاد السعودي بتطوير واستدامة منظومة كرة القدم النسائية فـي المملكة، واستعداداً لإطلاق النسخة الثانية من الدوري الممتاز ودوري الدرجة الأولى للموسم الرياضي 2023/2024 بمشاركة أكثر من 30 فريقاً، إذ شهد الموسم الماضي مشاركة 25 فريقاً و649 لاعبة وأكثر من 50 لاعبة أجنبية من 20 جنسية مختلفة.
ويهدف البرنامج للمساهمة فـي رفع مستوى المسابقات النسائية وإنشاء الفرق المختلفة ليضم كل نادٍ فريق ناشئات تحت 17 عاماً، وفريقاً أول لكرة الصالات للسيدات، إضافة إلى تطوير اللاعبات لتمثيل المنتخبات الوطنية، من خلال تحفـيز الفرق لتوقيع عقود احترافـية مع اللاعبات السعوديات ودعم اللاعبات من الفئات العمرية، لتمثيل المنتخب الوطني الأول للسيدات. كما يهدف لتعزيز حوكمة واستدامة الفرق عبر إلزامها ببناء خطة إستراتيجية وهيكل تنظيمي شامل، وخلق فرص وظيفـية لتطوير القوى العاملة من خلال تعيين مدربات سعوديات ضمن الجهاز الفني وتوظيف كفاءات وطنية فـي المجالات الإدارية والفنية والطبية.
وتمّ تصميم البرنامج على أن يشمل ثلاثة أنواع من الدعم، مباشر غير مشروط، ومشروط بمعايير إلزامية، ومشروط بمعايير اختيارية، إذ ستتمّ مراجعة استيفاء المعايير لكل فريق عبر تقييمه من قبل اللجنة المختصة فـي الاتحاد السعودي لكرة القدم بشكل ربع سنوي.
من جانبها، أعربت عضوة مجلس إدارة الاتحاد السعودي لكرة القدم لمياء بنت إبراهيم بن بهيان، عن سعادتها بهذه الخطوة الإيجابية التي تنبع من حرص الاتحاد على تطوير واستدامة كرة القدم النسائية، والتي تُعد إحدى الركائز الرئيسية فـي إستراتيجية الاتحاد السعودي لكرة القدم.
وأضافت أن أملها أن يمنح هذا الدعم حافزاً للاعبات والمدربات وكافة منظومة كرة القدم النسائية للمشاركة الفعّالة، ليس فقط على أرض الملعب ولكن من خلال الانضمام إلى فرص العمل المتاحة فـي هذا المجال.
ومن المقرّر أن يضم الموسم المقبل من المسابقات النسائية الذي يبدأ فـي أكتوبر 2023، إطلاق النسخة الأولى من كأس الاتحاد السعودي للسيدات وبطولة للناشئات «تحت 17 عاماً».
المنتخب السعودي مسيرة سريعة
نجح المنتخب السعودي للسيدات فـي تحقيق نتائج متميّزة منذ تأسيسه عام 2021، إذ خاض المنتخب الوطني للسيدات تسع مباريات، وتوج بلقب أول بطولة ودية للسيدات تستضيفها السعودية، الأمر الذي ساعده على حجز مقعد له فـي التصنيف الدولي، ليتمكن بذلك من المشاركة فـي البطولات المعتمدة لدى الفـيفا والاتحاد الآسيوي لكرة القدم.
ففـي مارس 2023، انضم المنتخب الوطني السعودي للسيدات، بشكل رسمي إلى تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم «فـيفا»، وذلك بعد أقل من عامين على تأسيسه، وتحديدًا بعد 18 شهرًا فقط، بعد أن نجح المنتخب السعودي للسيدات فـي تحقيق نتائج متميّزة.
وكتب الحساب الرسمي لإدارة الكرة النسائية على تويتر: «إنجازات تتوالى، وشغف مستمر، بعد 18 شهرًا من العمل المتواصل، نفخر بدخول منتخبنا الوطني للسيدات تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم.
من جانبه، قال رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم وعضو مجلس الفـيفا ياسر المسحل، إن ما حقّقته لاعبات المنتخب الوطني خلال عام ونصف فقط يعدّ إنجازًا كبيرًا، لافتًا إلى أن هذه اللحظة التاريخية تعد تتويجًا لاستثمارات واهتمام القيادة الكبير بالقطاع الرياضي بشكل عام، وكرة القدم على وجه الخصوص، فـي السنوات الأخيرة، ومتابعة وزير الرياضة لكل ما يتعلق بكرة القدم.
وقالت عضوة مجلس إدارة الاتحاد السعودي المشرف العام على إدارة كرة القدم النسائية، لمياء بنت إبراهيم بن بهيان، إن المنتخب الوطني للسيدات يواصل صناعة التاريخ بدخوله فـي تصنيف الفـيفا فـي فترة وجيزة وبمستوى مميّز. كما أثنت على العمل الرائع الذي يقوم به الطاقم الفني والإداري للمنتخب، وأكدت أهمية مضاعفة الجهود فـي الفترة القادمة من أجل تحقيق المزيد من الإنجازات.
مونيكا شتاب: رائدة كرة القدم الألمانية تقود مهمة تاريخية فـي السعودية
لإطلاق منتخبها تعاقدت المملكة السعودية مع رائدة الكرة النسائية الألمانية مونيكا شتاب التي تعرف الدول العربية والخليجية بالتحديد، وتتمتع بخبرة دولية واسعة فـي نشر الثقافة الكروية النسائية.
بحسب العقد تشمل مهام الألمانية مونيكا شتاب، الإشراف على برنامج كرة القدم النسائية وإنشاء منتخب أول للسيدات، فـي سياق مساعي المملكة لتطوير هذه الرياضة. شتاب هي واحدة من أنجح مدرّبات كرة القدم فـي العالم. مشوارها حافل بالإنجازات الدولية منها عملها منذ عام 2007، فـي بلدان مثل أفغانستان وغامبيا وعدد من دول الخليج العربية.
فـي المرحلة الأولى قامت شتاب بزيارات استكشافـية للمدارس والأكاديميات فـي مختلف أنحاء المملكة، بهدف رصد واختيار المهارات الكروية النسائية للمنتخب الأول ولمنتخب الفتيات الأقل من 17 عاما. وشملت مهمة شتاب أيضا بلورة وإدارة الجوانب الفنية لمناهج التدريب وتقييمها فـي مراكز التكوين الإقليمية. بمعنى أن مهمة النجمة الألمانية لم تقتصر على مهمة اختيار وتدريب المنتخب النسائي الأول، وإنما يندرج عملها فـي مشروع أوسع يدخل فـي سياق سياسة الإصلاحات المجتمعية الواسعة التي يقودها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خاصة فـيما يتعلق بوضعية المرأة السعودية.
تعتبر شتاب البالغة من العمر 64 عاماً، اسماً من العيار الثقيل، اقتحمت عالم كرة القدم النسائية فـي ألمانيا فـي نهاية السبعينيات وأوائل الثمانينيات من القرن الماضي، فـي وقت كان ينظر فـيه المجتمع الذكوري فـي ألمانيا باستعلاء إلى كرة قدم السيدات.
سطع نجم شتاب مع أندية أوروبية عريقة مثل كوينز بارك رينجرز وساوثهامبتون الإنكليزيين، ثم باريس سان جيرمان الفرنسي، قبل أن تقرّر العودة إلى ألمانيا حيث أشرفت على الإدارة الفنية لنادي فرانكفورت النسائي، قبل توليها لرئاسة نفس النادي بين عامي 1999 و2003. واستطاعت شتاب أن تصنع لنفسها إسمًا لامعًا فـي دوائر صنع القرار الكروي النساء الدولي. واشتهرت كذلك بمحاضراتها حول اللعبة فـي الاتحادين: الدولي (فـيفا) والأوروبي (يويفا). كما اضطلعت فـي أكثر من مناسبة بمهمة تمثيل فـيفا وألمانيا فـي عدد من المهام والمناسبات الدولية.
المشوار الطويل لشتاب قادها إلى العديد من الدول العربية وخاصة الخليجية منها، حيث قامت بعمل تأسيسي رائد فـي البحرين، وقادت هناك مشروعًا للفـيفا لأول مرة عام 2007، وأنشأت هناك باكورة فريق نسائي لكرة القدم. كما عملت فـي قطر لمدة عام ونصف لبناء المنتخب الوطني.
تتحلّى شتاب بخبرة دولية واسعة، فخلال السنوات الـ 14 الماضية فقط، زارت ما لا يقل عن 80 دولة بهدف ترسيخ كرة القدم النسائية بتكليف من ألمانيا أو المؤسسات الدولية الرياضية. وعبّرت شتاب عن سعادتها باختيار الاتحاد السعودي لكرة القدم الاعتماد على الخبرة التي اكتسبتها على مدى خمسين عامًا، وتكليفها ببناء فريق وطني للسيدات فـي المملكة.