تاريخ عريق وحاضر ساحر
ساحل نورثمبرلاند
بقعة ساحرة ومعالم لا بد من زيارتها
فـي نورثمبرلاند تحيطكم الدهشة من كل جانب، فهذه المقاطعة الواقعة فـي أقصى شمال إنكلترا، يعيدكم الزمن فـيها آلاف السنين إلى الماضي البعيد. . إلى مملكة نورثمبريا، التي كانت ذات يوم أكبر مملكة فـي الجزر البريطانية، وبقعة تضمّ أكثر من 70 موقعاً ومعلماً تغري الزائرين باستكشافها.
تمتد هذه البقعة الساحرة من العالم من مصب نهر فـيرث الاسكتلندي الذي ينتهي فـي بحر الشمال إلى نهر هامبر، على بعد حوالي 300 ميل جنوباً، ومن هنا جاءت تسمية نورثمبرلاند، أي «أرض شمال هامبر» ذات الجمال الآسر التي تعود قصصها المدهشة إلى قرون خلت، فما هي أهم هذه المعالم التي لا يمكن تفويت زيارتها؟
طريق الساحل والقلاع. . رحلة بالدراجات لا مثيل لها
على طول خط نورثمبرلاند الساحلي الذي تنتشر عليه القلاع التاريخية سيكون أمامكم أكثر من 85 ميلًا لركوب الدراجات، حيث يمكنكم بدء رحلتكم من مدينة «بيرويك أبون تويد» ثم الاتجاه جنوباً إلى جزيرة «ليندسفارن» المقدسة حيث تنفصل هذه الجزيرة الصغيرة التي تبلغ مساحتها خمسة كيلومترات مربعة عن البرّ مرتين يوميًا بسبب المد والجزر، وهي موطن لقلعة «ليندسفارن» ودير «ٍليندسفارن»، الذي يعود تاريخه إلى القرن الثاني عشر ميلادي، ولن تخلو هذه الرحلة الممتعة من مجموعة مميّزة من المقاهي والحوانيت وأماكن المبيت والإفطار التي تنتشر على امتداد الطريق الساحلي، حيث يمكنكم المبيت والانطلاق مجدداً لاستكشاف القلاع التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين، بدءاً من قلعة «بامبورغ»، التي يعود تاريخها إلى 1400 عام، والتي كانت قصراً ملكياً للعديد من الملوك حتى القرن الثالث عشر، وليس انتهاء بقلعة «تشيلينغهام» الشهيرة، التي يُشاع أنها واحدة من أكثر القلاع البريطانية المسكونة بالأشباح. كذلك يمكنكم زيارة «قلعة دونستانبيرغ» النائية التي يعود تاريخها إلى القرن الرابع عشر ميلادي قبل الانتهاء من جولتكم فـي «قلعة ألنويك»، التي تُعدّ ثاني أكبر قلعة مأهولة فـي بريطانيا، وتضم «حديقة السموم»، التي تحتوي على مجموعة من النباتات الأكثر خطورة فـي العالم.
قلعة ألنويك. . . حيث يلتقي التاريخ بالفن
لم يجد فريق عمل الفـيلم المشوق «هاري بوتر وحجر الفلاسفة»، موقعاً أكثر مثالية من «قلعة ألنويك» لتصوير الأحداث التي تجري فـي «هوغورتس»، تلك المدرسة الخيالية لتدريب السحرة والساحرات، ففـي هذا المكان الذي تمّ فـيه تصوير مشهد الطيران الأول، ستتعرّفون عن قرب إلى السحرة والساحرات من أفلام هاري بوتر، وسيكون بإمكانكم الحصول على درس فـي ركوب المكنسة السحرية خلال هذه الزيارة التي يجب ألا تفوتكم، ومن الجدير بالذكر أن بلدة «ألنويك» تضم قلعة برانكاستر» البديعة التي جرى فـيها تصوير المشاهد الخاصة بعيد الميلاد فـي المسلسل التلفزيوني الشهير «داونتن آبي» لعامي 2015 و2016، وكانت سابقًا محل إقامة الليدي إيديث، وبيرتي بيلهام، مركيزة ومركيز هيكسهام اللذين يقدّم المسلسل قصتهما بحرفـية عالية لا تخلو من التشويق، وفـي قلب «نورثمبرلاند» فـي قرية «كيركارلي» الصغيرة وُلد البستاني ومصمم الحدائق والمناظر الطبيعية «لانسلوت براون» المعروف بـ«كابابيليتي براون» الذي يرى الكثيرون أن الإلهام بدأ لديه من هناك، حيث يتردّد صدى ريف «نورثمبريا» الواسع فـي أسلوبه الطبيعي المعروف فـي معظم أعماله التي تتوزّع فـي أكثر من مكان فـي «قلعة ألنويك».
مدن الأسواق والرياضات المائية. . كلّ الإثارة فـي مكان واحد
على امتداد ساحل بحر الشمال يمكنكم ركوب الأمواج، أو التجديف فـي قوارب الكاياك، أو ركوب القوارب الشراعية، فـي أكبر بحيرة من صنع الإنسان فـي المملكة المتحدة، أو ركوب الزورق على طول الأنهار التي تتعرّج عبر مدن الأسواق، كما ستضيف الرياضات المائية خلال زيارتكم إلى «نورثمبرلاند» الكثير من الإثارة التي لا تحدّ، أما قرية «بيلينغهام»، فهي موطن الشلالات المستترة ومسارات المشي الوافرة، ولن تغيب عنكم الدهشة وأنتم تتجوّلون بين المنازل الريفـية الحجرية المزدانة باللبلاب والمنتشرة فـي كل بقعة على ضفاف نهر «نورث تاين»، فـي منظر فريد يعكس سحر القرية الإنكليزية النمطية. وفـي قلب ريف «نورثمبرلاند» تقع «روثبيري»، وهي مدينة سوق تقليدية لن تكتمل جولتكم فـيها إلاّ بزيارة حدائق ومرافق منزل «كراغسايد»، المبني على الطراز الڤيكتوري، والذي يُعدّ أول منزل ذكي فـي بريطانيا يعتمد فقط على الطاقة الكهرومائية، وذلك باستخدام البحيرات الاصطناعية والأنابيب تحت الأرض، ولن يكون بمقدور عشاق الأجواء التاريخية الآسرة إلاّ التوجّه إلى «كوربريدج» وهي بلدة متميّزة، تجمع بين التراثين الروماني والإنكليزي، حيث تمّ فـيها اكتشاف بعض أقدم اللقى الأثرية فـي بريطانيا، مثل الدروع الرومانية النادرة و«أسد كوربريدج» الذي يُعدّ تحفة فنية لا مثيل لها، لذلك سيكون للتجوّل فـي شوارعها التاريخية والاطلاع على محالها التجارية الساحرة متعة استثنائية قد لا تجدونها فـي مكان آخر.
جدار هادريان. . أحد مواقع التراث العالمي الخالدة لليونسكو
يمتد هذا الجدار الفريد على مسافة 73 ميلاً شمال إنكلترا، وتستحوذ مقاطعة «نورثمبرلاند» على قسم كبير منه، فـي نطاق جغرافـي هو الأطول فـي إنكلترا، ومع كل ارتفاع وانخفاض على طول هذا الجدار، من بلدة «وولسيند» على ضفاف نهر «تاين» فـي الساحل الشرقي إلى مصب نهر «فـيرث» فـي قرية «باونيس أون سولواي» فـي الغرب، تتكشف أجمل المناظر الطبيعية التي يمكن أن تراها العين. ومن الجدير بالذكر أن هذا الجدار تمّ بناؤه بأمر من الإمبراطور هادريان فـي عام 122 ميلادي، وقد كان هذا الصرح المذهل مصدر إلهام لكثير من الكتاب والفنانين، وعلى رأسهم الروائي والسناريست «جورج آر آر مارتن» الذي استلهم منه فكرة الجدار فـي كتبه ذائعة الصيت، ومسلسله الملحمي «صراع العروش»، لذلك سيكون لجولتكم على طول هذه الأعجوبة الأثرية طابع خاص، كما لو كنتم تعيشون كالرومان القدماء، فـي تجربة تفاعلية يختلط فـيها الواقع بالخيال، فعلى طول الجدار لن تروا إلا كل ما هو روماني من الحصون والقلاع ومواقع التنقيب والمعابد القديمة والحمامات، ومن خلفها لوحة بانورامية ساحرة من المناظر الطبيعية فـي «متنزه نورثمبرلاند الوطني، لذلك سيكون فـي وسع الزوّار أن يشاهدوا عن قرب أعمال التنقيب التي تجري فـي موقع «فـيندولاندا» الأثري، حيث تقوم مجموعة من علماء الآثار المهرة بالكشف عن كثير من ألواح الألعاب والمجوهرات الرومانية، وغيرها من القطع الأثرية التي تعود إلى القرن الخامس الميلادي. فضلاً عن ذلك سيعود بكم الزمن فـي «حصن هاوسستيد الروماني» إلى الإمبراطورية الرومانية، حيث ستحظون بجولة ممتعة فـي الثكنات العسكرية ومرافق هذا الصرح التاريخي العريق، كذلك يمكنكم ركوب الدراجة أو التجول سيراً على الأقدام لمسافات طويلة على طول «مسار جدار هادريان الوطني»، وبالطبع يمكن لعشاق المغامرة أن يسلكوا «طريق هادريان للدراجات»، فـي رحلة مليئة بالمغامرة والتحدّي، تتبع خطى الجنود الرومان وتبدأ وتنتهي عند طرفـي الجدار.