جيني إسبر: «دمعتي عصيّة ولا أسامح من يخونني»
إستطاعت الممثلة السورية جيني إسبر أن تثبت خطواتها فـي عالم التمثيل منذ إطلالاتها الأولى فـي عالم الدراما. فشاركت فـي مسلسلات سورية ومصرية ولبنانية، وأحبّها المشاهد العربي فـي أدوار حملت خفة الدم تارة كما فـي «صبايا» و«بقعة ضوء» والجديّة تارة أخرى كما فـي خماسية «قلوب لا تعرف الحب» والعرّاب تحت الحزام». كما قدّمت أدوارًا أخرى مركّبة يكتنفها الغموض والشك «الرابوص» فـيما مثّلت المرأة العاشقة فـي أكثر من عمل وبينها «أهل الغرام». وهي تنشغل اليوم فـي تمثيل أكثر من دور ضمن مسلسلات سورية جديدة بينها «حرملك» و«سلاسل الذهب» و«الهوى والجوى».
شكّل جمالها الخارجي من خليط سوري وأوكراني عنصرًا هامًا فـي تقريبها بسرعة من عين المشاهد العربي. فحملت من والدها الملامح الشرقية الفاتنة فـيما أخذت عن والدتها (خسرتها منذ عدة أشهر) لياقة الفتاة الروسية وجاذبيتها.
لا تحب جيني إسبر التحدّث كثيرًا عن حياتها الشخصية، وترى أن لهذه المواضيع خطوطًا حمراء لا تحبّ أن تتجاوزها. فـيما تسترسل فـي التحدّث عن حبها لإبنتها التي تصفها «بـروح حياتي» وتتفادى التكلّم عن طليقها لأنه صار من الماضي.
«اليقظة الجديدة»- وفـي حوار صريح أجرته معها تحدّثت جيني إسبر عن مسؤولياتها كأم وكممثلة، كاشفة عن مواضيع كثيرة لا نعرفها عنها. ففتحت قلبها لتشاركنا طبيعة حياتها اليوم وعلاقتها مع إبنتها ساندي والدور الذي لعبته والدتها الراحلة، فـي حياتها. كما أبدت رأيها فـي وسائل التواصل الإجتماعي وتأثيرها على الفنان بشكل عام.
أنت اليوم نجمة سورية معروفة، فهل صرت تنتقين أدوارك بشكل أدقّ؟
لا شك فـي أنّ هناك نضوجًا أكبر اليوم فـي إنتقاءاتي لأدواري التمثيلية، إذ صرت أحرص على تقديم الدور الذي يقنعني. كما أعمل على التنويع فـي أدواري وإختيار الجديد فـيها، كي لا أكرّر نفسي وأحدث الملل لدى المشاهد. وفـي الأعمال الجديدة سترونني فـي شخصيات مختلفة لم يسبق أن شاهدتموني فـيها من قبل، وأنا سعيدة بهذا الأمر.
ولكن فـي أحد أعمالك الجديدة (سلسلة الهوى والجوى) ستقدّمين دور فتاة تنحرف عن الطريق المستقيم، ألا تخافـين من ترك إنطباع سيء لدى جمهورك؟
هناك علاقة وطيدة بيني وبين جمهوري بحيث صار يعرفني غيبًا، فلا يقيّمني من خلال طبيعة الدور الذي ألعبه بل من خلال قدرتي على تقمّصه. ولذلك لا أخاف هذه الأمور بتاتًا خصوصًا وأن المشاهد تابعني فـي مئات الأعمال الدرامية. وبرأيي العكس صحيح، فالمشاهد اذا صدّقني وتفاعل مع الدور الذي ألعبه فهذا يعني أنني نجحت فـي إقناعه وأنني قمت بدوري على أكمل وجه.
ما هي الأعمال التي قمت بتصويرها وستُعرض فـي موسم رمضان؟
لقد إنتهيت من تصوير خماسية “الهوى والجوى” من تأليف وإخراج فادي سليم، وأيضًا مسلسل “سلاسل الذهب”، الذي يحكي عن البيئة الشامية وسيعرض فـي رمضان المقبل على قناة دبي وهو من إخراج اياد نحاس وإنتاج شركة “غولدن لاين”. وأتشارك فـيه بدور “زهور” مع عدد من الممثلين، فـي مقدّمهم بسام كوسى وكاريس بشار وديما بياعة وعبد الهادي صباغ وغيرهم. فأؤدي فـيه دور الزوجة الثانية الآتية من عائلة فقيرة لتبدأ مشوارًا جديدًا تتخلّله أحداث كثيرة لم تكن تتوقّعها.
أما مسلسل “الحرملك” ومو من ثلاثة أجزاء، فـيحكي عن أيام السلاطين فـي الشام فـي حقبة المماليك والفساد الذي كان يلف المجتمع آنذاك. كما يلقي الضوء على كواليس حياتهم وما يلفّها من مؤامرات وتخطيطات. وأجسّد فـيه دور رئيسة خان الجواري بشخصية “فكتوريا”. وهو بشكل عام يحكي عن البيئة الشامية فـي تلك الفترة ومن كتابة سليمان عبد العزيز وإخراج تامر إسحق وإنتاج شركة “كلاكيت” وصوّرته فـي دبي ولكن لا أعرف تمامًا متى وعلى أي قنوات سيتم عرضه.
ومن أعمالي الأخرى “لوحات ببساطة” الذي تمّ عرض قسم منه على قناة “لنا” وسيستمر لغاية موسم رمضان. كما أحلّ ضيفة على مسلسل “كونتاكت” من إخراج حسام الرنتيسي ومن إنتاج شركة “ايمار” وسأطل فـي لوحتين منه.
هل تعتبرين نفسك محظوظة كونك تعيشين فـي عصر وسائل التواصل الإجتماعي؟
عندما بدأت فـي التمثيل لم تكن وسائل التواصل الإجتماعي منتشرة بهذا القدر بعد، فجاهدت وتعبت للوصول الى ما أنا عليه اليوم. كما كان لدي صعوبات فـي تعلّم اللغة العربية وإتقانها، لأنني تربيت فـي أوكرانيا فأجدت فـي المقابل اللغة الروسية. حاليًا أنشط على هذه الوسائل كغيري من الناس لكن دون المبالغة فـي الأمر. وأحرص على تقديم نفسي من خلالها بالشكل الصحيح، لأن الغالبية تفهم مبدأ التواصل عبر هذه الوسائل بشكل خاطىء، فتمرّر عليها السيء والجيد معًا. وهو أمر يجب أن يترافق مع الوعي من قبل صاحبه لأنه قد ينعكس سلبًا على متابعيه. حتى أنني أخاف على إبنتي من هؤلاء، خصوصًا من يسمّونهم بـ”فاشينيستا” لأنهم يقومون بعرض الأكسسوارات والأزياء الغالية ويفتخرون بها، فـيما أن الحياة تتطلّب أشياء أعمق وأهم كي نخوضها كما يجب.
كيف هي علاقتك بإبنتك ساندي وممّا تخافـين عليها؟
أخاف عليها من تفشّي السطحية التي يمكن أن تطال أي شخص من خلال وسائل التواصل هذه. فهي تستغل أفكار اليانعين وتؤثّر عليهم وتحاول إقناعهم بأن القشور تلعب دورًا هامًا فـي الحياة. وهو خطر يحدق بأي كان، ومن بينهم إبنتي التي أحاول دائمًا تحويل أفكارها الى الخط المستقيم والنضج والمسؤولية. وأجتهد لأكون أمًّا صالحة أساعدها على إكتشاف الخطأ والصح عن إقتناع.
وفـي غياب الرجل الذي إنفصلت عنه، هل باتت مهمتك أصعب اليوم تجاهها؟
أحاول قدر الإمكان أن أكون حاضرة وأشاركها أفكارها وهواجسها وألعابها، فأنا المسؤولة الأولى والأخيرة عنها وهي كل شيء فـي حياتي. وهي تعيش مرحلة من العمر دقيقة جدًا ومن شأنها أن تثبّت الخطوط العريضة لشخصيتها المستقبلية، وهذا أمر مفروغ منه علميًا، ولذلك أنتبه كثيرًا عليها وأحاول حمايتها من أي سوء.
وهل تفتقدين الرجل فـي حياتك اليوم؟
بالتأكيد أفتقده لأنه يشكّل توازنًا فـي العلاقة الثنائية وفـي المجتمع وليس من السهل أبدًا أن تعيش المرأة من دون رجل، شرط أن يقدّرها ويقف على مشاعرها وأحاسيسها، لا أن يمارس عليها مبدأ “سي السيد”. فأنا لا أحب التنازل للرجل وهو أمر إكتسبته مع الوقت لأنه قد يتسبّب بعدم التوازن فـي العلاقة مع الطرف الآخر، ما يؤدّي الى الفشل الأكيد. ولذلك أعيش حياتي اليوم مع إبنتي التي هي روح حياتي وكل شيء فـيها، بعيدًا عن أي عنصر ثالث ذكوري قد يساهم فـي إفساد علاقتي بها. فلست بوارد أن أشغل أفكاري بمشكلات أنا بغنى عنها، كالخيانة وعدم الصدق. فأنا أعتمد على نفسي بالرغم من أن المرأة والرجل بنظري يكملان بعضهما البعض، شرط أن تكون علاقتهما سليمة خالية من أي فروقات على مستوى التعامل بينهما.
ما رأيك بالحملات التي تقام اليوم لمكافحة التعنيف بشكل عام؟
إذا كانت طبيعة هذه الحملات ضد تعنيف المرأة والرجل والطفل، يجب أن لا تقتصر على الكلام فقط. فبرأيي يجب أن تترافق مع تأسيس جمعيات تعنى بهؤلاء الأشخاص فـيشعرون بأن هناك من يحميهم على الأرض فـي حال تعرّضهم للتعنيف. فمع الأسف بعض النساء ترضى بالتعنيف الذي يمارسه زوجها عليها لأنه ليس لديها الإمكانيات المادية والاجتماعية التي تسمح لها بتركه. فهناك واقع سيء يجب أن نتلقفه بالفعل وليس بالإسم فقط.
هل تعرّضت يومًا للتعنيف؟
(تضحك)، لم أتعرّض يومًا للعنف الجسدي، فربما لأنني أتمتع بقوة بدنية عالية. فأنا رياضية من الطراز الأوّل بحيث على الرجل أن يفكر قبل أن يتعرّض لي. ولكن طبعًا هناك نقاشات وحالات شجار حادة تعرّضت لها كما غيري من الناس ليس أكثر.
ماذا حفظت من تربية والدتك لك وتحاولين تطبيقها على ساندي؟
أمي رحمها الله، كانت إمرأة بكل ما للكلمة من معنى، صاحبة شخصية قوية ومتفّهمة وصلبة. وقد أكون ورثت عنها هذه الصفات لكوني تأثرت بها كثيرًا منذ نعومة أظافري. وإبنتي أيضًا تأثرت بجدّتها، لأن أمي كانت تشاركني فـي هذا الحمل وتساعدني فـي تربيتها. فهي حفظت بصورة غير مباشرة أشياء كثيرة منها لا تزال تتذكرها حتى اليوم. وهي تجيد الروسية وتتقيّد بقواعد اللياقة عند تناول الطعام وأثناء تعاطيها مع الآخر. فلقد حفظت منها عادات وتقاليد عديدة وأنا فخورة بذلك. واليوم يشاركني والدي هذه المهمة وساندي تحبّه كثيرًا.
هل تعتبرين التحدّث عن حياتك الشخصية خطًا أحمر لا يمكن تجاوزه؟
هناك أشخاص قد لا يتفهمون أو يستوعبون ما تقولينه فـي هذا الصدد، فـيفسرونه على سجيّتهم. ولذلك أحرص على عدم التحدّث بهذه الأمور فـي حوارات ومقابلات إعلامية لأنها قد تسيء لي بشكل غير مباشر. فهناك تفاصيل أمتنع تمامًا عن الكلام فيها كونها تخصني وحدي كما فـي موضوع طلاقي مثلاً. فلقد حاول البعض نشر أخبار ملفقة وأخرى صحيحة عن الأمر ولكنني حاولت قدر الإمكان التحكّم بالوضع. فهذا الموضوع صار من الماضي ولا أرغب فـي أن يشاطرني الآخرون جروحي وأحزاني. أما فـي ما يخص حياتي العادية فلا أمانع بمشاركتها مع الناس لاسيما إذا كان من شأنها أن تزوّدهم بطاقة إيجابية، فالنكد هو مشكلة العصر والجميع يعاني منه، فلماذا أزيد الأمور سوءًا وأقاسمهم إيّاها؟
ماذا علّمتك الحياة؟
علّمتني الحياة دروسًا كثيرة لا أستطيع إختصارها بعبارتين أو أكثر. فكل يوم جديد أقطعه أكتسب منه معلومة معيّنة. ولكن بإستطاعتي القول إن الدرس الأهم هو أن نعرف كيف نحافظ على روحنا الحلوة فلا نتوقف عند المطبّات والمآسي، لأنها دون شك ستؤخر وصولنا الى طموحاتنا. كما تعلّمت كيف يجب أن أتعامل مع الآخر بحذر وخبرة، بحيث أبتعد عن المشاكل فلا أضيف همًّا جديدًا على همومي. وفـي النهاية الحياة قصيرة وعلينا أن نخوضها بكل ما نتمتّع به من قوة دون الحاجة للوقوف على الأطلال أو التمعّن فـي تفاصيل غير ضرورية.
هل دموعك سخية بحيث لا تملكين القدرة على التحكّم بها؟
لا أبدًا، والعكس صحيح كون دمعتي عصية جدًا ولا يمكن أن تنزل بشكل عشوائي وأمام الآخرين. فأنا أتمتع بصلابة أمي وشخصيتها القوية ونادرًا جدًا ما أبكي، وعندها أكون وحيدة فـي غرفتي. فحتى عند رحيل والدتي لم أستطع البكاء وقد يعود ذلك الى جذوري الأوروبية لأن أهلها لا يبكون دائمًا بل يتصرّفون. فأجتهد دائمًا على تحمّل الحالات الصعبة بصلابة وأستجمع قوتي وأحبس دمعتي لأن تلك اللحظات لا تتطلّب الضعف بل الحزم.
ما هي ردّة فعلك على الخيانة؟
الخيانة بشكل عام تستفزني، فأنا أكره الغدر، فرجل كان أم امرأة لا أتحمّل أن يطعنني فـي ظهري، وإلاّ فألغي هذا الشخص تمامًا من حياتي. كما أنني لا أحاول الانتقام لأنني أشعر بأنني أكبر من أن أنجرف وراء غرائزي.
هل هذا يعني أنك لا تحبّذّين إعطاء فرصة جديدة؟
عدم إعطاء الفرص هي من الدروس التي علّمتني إياها الحياة أيضًا. وكانت والدتي رحمها الله تقول لي دائمًا، إن من يرتكب الخطأ معك مرة لا يجب أن تعطيه فرصة أخرى لأنك بذلك تعطيه مجالاً للتمادي معك بشكل غير مباشر.
كيف تنظرين الى نفسك؟
أحاول قدر الإمكان أن أقدّر نفسي وأحبها، فمن لا يحب نفسه لا يستطيع أن يحب الآخر. فلذلك أهتم بمظهري الخارجي وبنظامي الغذائي ولياقتي البدنية كي لا أشكّل يومًا عالة على أحد. فشكلي الخارجي هو أيضًا نعمة من رب العالمين وعلي الإهتمام به وهو يقف وراء الإنطباع الأول الذي يمكن أن يكوّنه الشخص الآخر عني. كما أهتم بثقافتي فأقرأ كثيرًا خصوصًا وأنني درست فـي روسيا حتى عمر الـ16، فتزوّدت بثقافة أدبية وأخرى رياضية لا زلت أحافظ عليهما حتى الآن. وبرأيي يجب على المرأة أن تتمتّع بالثقافة كي تبرع فـي الحياة وأن تعتني بجسمها فلا تهمله.
ما رأيك بعمليات التجميل وهل خضعت لها؟
لقد تحدّثت عن عملية تجميل أنفـي أكثر من مرة، اذ لاحظت بأنه لا يتناسب شكله مع ظهوري أمام الكاميرا فحسّنت شكله. ولكني فـي المبدأ لست ضد عمليات التجميل كشّد الوجه مثلاً، لأن هناك مراحل عمر تتطلّب منّا ذلك كي نحافظ على إطلالة معقولة ولاسيما بالنسبة للأشخاص الذين يعملون تحت الأضواء. وقد أقوم بها اذا ما لزم الأمر. ولكنني أنفر من المبالغة ولا أحب العمليات التجميلية التي قد تفقد المرأة ملامحها لأنها تريد أن تكون نسخة أخرى عن فنانة معيّنة. فالبعض مثلا ً يشبّهني بالفنانة هيفاء وهبي وهو أمر يفرحني، ولكنني فـي الوقت نفسه لا أحب أن يقال بأنني أعمل على التشبّه بها. فأنا أتمسّك بهوية جمالي وملامح وجهي الى أبعد حدّ.
هل تخافـين من التقدّم فـي العمر؟
أخاف بشكل أكبر من الإصابة بالمرض، فالعمر هو حق علينا يمكننا مداراته بشكل أو بآخر. ولكن المرض صعب. فهو يفتك بالإنسان بين ليلة وضحاها ويجرّده من أشياء كثيرة عزيزة على قلبه، وهذه التجربة عشتها مع والدتي ولمست صعوبتها عن قرب.
بماذا تنصحين المرأة كي تحافظ على جمالها؟
كوني تخصّصت فـي علم التغذية فأنا أنصحها بأن تمارس رقابة على ما تأكله كي لا تندم يومًا ما، فـيصبح من الصعب أن تحسّن لياقتها البدنية. وأنصحها بأن تتناول الطعام على قاعدة ∩خير الأمور الوسط∪ بحيث لا تبالغ فـي تناول السكريات والنشويات. كما أنصحها بأن تزور إختصاصية تغذية ولو مرة كل سنتين لتقف على الغذاء الذي يناسبها أكثر. فأنا شخصيًا أزور واحدة من صديقاتي المتخصصة فـي النظام الغذائي وتعطيني إرشاداتها فـي هذا الموضوع.