Bruce Clay

شيرين شعيتو بطلة فـي مواجهة السرطان

This slideshow requires JavaScript.

بعيداً‭ ‬عن‭ ‬عالم‭ ‬المشاهير،‭ ‬تزخر‭ ‬حياتنا‭ ‬اليومية‭ ‬بقصص‭ ‬الأبطال‭ ‬الذين‭ ‬انتصروا‭ ‬بإمكاناتهم‭ ‬الصغيرة‭ ‬على‭ ‬تحدّيات‭ ‬عملاقة‭. ‬إنهم‭ ‬أبطال‭ ‬نادراً‭ ‬ما‭ ‬يسلّط‭ ‬الضوء‭ ‬عليهم‭ ‬علماً‭ ‬أن‭ ‬فـي‭ ‬قصصهم‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التشويق‭ ‬والنكسات،‭ ‬والأهم‭ ‬الإنتصارات‭ ‬والبطولات‭ ‬والأمل‭. ‬لذا‭ ‬سنسلّط‭ ‬الضوء‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬شيرين‭ ‬شعيتو،‭ ‬بطلة‭ ‬قادها‭ ‬إيمانها‭ ‬ودعم‭ ‬عائلتها‭ ‬الى‭ ‬التغلّب‭ ‬على‭ ‬مرض‭ ‬سرطان‭ ‬الدم‭- ‬اللوكيميا،‭ ‬بكل‭ ‬أوجاعه‭ ‬وأثاره‭ ‬الجانبية‭ ‬المدمّرة‭ ‬للنفسية‭ ‬والجسم‭ ‬والبشرة‭ ‬والجمال‭.‬

تعتبر‭ ‬شيرين‭ ‬شعيتو‭ ‬مثالاً‭ ‬للمرأة‭ ‬القوية،‭ ‬إذ‭ ‬استطاعت‭ ‬التغلّب‭ ‬على‭ ‬المرض‭ ‬فـي‭ ‬كافة‭ ‬نواحيه‭ ‬رغم‭ ‬قساوته،‭ ‬وهي‭ ‬اليوم‭ ‬تعيش‭ ‬حياتها‭ ‬بكل‭ ‬حيوية‭ ‬وتعمل‭ ‬على‭ ‬مشاركة‭ ‬تجربتها‭ ‬الأليمة‭. . ‬ولكن‭ ‬ذات‭ ‬النهاية‭ ‬السعيدة،‭ ‬مع‭ ‬متابعيها‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬فهي‭ ‬اليوم‭ ‬أصبحت‭ ‬جاهزة‭ ‬للإجابة‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬سؤال‭ ‬يوجه‭ ‬إليها‭ ‬واكتسبت‭ ‬الثقة‭ ‬بنفسها،‭ ‬وتريد‭ ‬أن‭ ‬تنقل‭ ‬تجربتها‭ ‬إلى‭ ‬المجتمع‭ ‬لكي‭ ‬تمد‭ ‬المرضى،‭ ‬بالأمل‭ ‬والقوة‭.‬

قصة‭ ‬مثقلة‭ ‬بالمآسي

بدأت‭ ‬قصة‭ ‬شيرين‭ ‬فـي‭ ‬الكويت‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬تعيش‭ ‬مع‭ ‬زوجها‭ ‬وابنها،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يبلغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬6‭ ‬سنوات‭ ‬آنذك‭. ‬وفـي‭ ‬يوم‭ ‬لاحظت‭ ‬وجود‭ ‬بثرة‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬قدمها،‭ ‬ولم‭ ‬تعد‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬التحرّك‭. ‬وبعد‭ ‬متابعات‭ ‬طويلة‭ ‬مع‭ ‬الأطباء‭ ‬صاحبها‭ ‬شعور‭ ‬دائم‭ ‬بالتعب،‭ ‬شُخّصت‭ ‬إصابتها‭ ‬بسرطان‭ ‬الدم‭ ‬اللوكيميا‭ ‬وبدرجة‭ ‬متقدمة‭ ‬جداً‭. ‬تكتّمت‭ ‬العائلة‭ ‬على‭ ‬الموضوع‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬والدها‭ ‬صارحها‭ ‬أخيراً‭ ‬بحقيقة‭ ‬وضعها‭ ‬لتقتنع‭ ‬بضرورة‭ ‬العودة‭ ‬الى‭ ‬لبنان‭.‬

هنا‭ ‬كانت‭ ‬الصدمة‭ ‬الكبيرة،‭ ‬حيث‭ ‬بدأت‭ ‬بالصراخ‭. . . ‬وبدأت‭ ‬رحلة‭ ‬الألف‭ ‬ميل‭ ‬مع‭ ‬الأوجاع‭ ‬الجسدية‭ ‬والنفسية،‭ ‬فمن‭ ‬الوزن‭ ‬الزائد‭ ‬بسبب‭ ‬جرعات‭ ‬الكورتيزون‭ ‬إلى‭ ‬العزل‭ ‬التام‭ ‬فـي‭ ‬المستشفى‭ ‬لمدة‭ ‬ثلاثين‭ ‬يوماً‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬رؤية‭ ‬الضوء،‭ ‬أو‭ ‬الاستحمام‭ ‬خوفاً‭ ‬من‭ ‬التقاط‭ ‬أي‭ ‬فـيروس،‭ ‬وعدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تناول‭ ‬الطعام‭ ‬بإلاضافة‭ ‬إلى‭ ‬عوارض‭ ‬المرض‭ ‬المؤلمة‭ ‬مثل‭ ‬ارتفاع‭ ‬الحرارة،‭ ‬ونقص‭ ‬الأوكسيحين‭ ‬فـي‭ ‬الجسم‭ ‬وتساقط‭ ‬الشعر‭. . ‬وبعد‭ ‬خروجها‭ ‬من‭ ‬المستشفى‭ ‬أصيبت‭ ‬بفـيروس‭ ‬جراء‭ ‬ضعف‭ ‬مناعتها،‭ ‬ثم‭ ‬تحوّلت‭ ‬العوارض‭ ‬إلى‭ ‬قدمها‭ ‬وأصبحت‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬المشي،‭ ‬فاستعملت‭ ‬لفترة‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬الكرسي‭ ‬المتحرك،‭ ‬لكن‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الأوجاع‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬أن‭ ‬تغلب‭ ‬إيمانها‭ ‬وحبها‭ ‬للحياة‭.‬

‮ ‬فهي‭ ‬ورغم‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الآلام،‭ ‬قرّرت‭ ‬أن‭ ‬تسافر‭ ‬الى‭ ‬شرم‭ ‬الشيخ،‭ ‬لأنها‭ ‬تريد‭ ‬ان‭ ‬تبدو‭ ‬إيجابية‭ ‬بنظر‭ ‬الآخرين،‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬تخجل‭ ‬من‭ ‬وزنها‭ ‬الذي‭ ‬وصل‭ ‬الى‭ ‬100‭ ‬كيلوغرام‭ ‬او‭ ‬شكلها‭ ‬على‭ ‬كرسي‭ ‬متحرّك‭ ‬مع‭ ‬بشرة‭ ‬متعبة‭ ‬وشعر‭ ‬خفـيف‭.‬

المساعدة‭ ‬النفسية‭ ‬ضرورية

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬قوتها‭ ‬وتمسّكها‭ ‬بالحياة‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬مرّت‭ ‬بلحظات‭ ‬من‭ ‬اليأس‭ ‬والاستسلام‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬رؤية‭ ‬أشخاص‭ ‬يموتون‭ ‬يومياً‭ ‬فـي‭ ‬المستشفى‭ ‬والأوجاع‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تتحملها‭. ‬لا‭ ‬تنكر‭ ‬شيرين‭ ‬بأنها‭ ‬فكّرت‭ ‬فـي‭ ‬الإنتحار،‭ ‬لكن‭ ‬شقيقتها‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬دائماً‭ ‬الى‭ ‬جانبها‭ ‬اصطحبتها‭ ‬الى‭ ‬طبيب‭ ‬نفسي،‭ ‬أعطاها‭ ‬دواء‭ ‬مهدئاً،‭ ‬لكنها‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬أوقفته،‭ ‬لأنها‭ ‬متمسكة‭ ‬بالحياة،‭ ‬وتريد‭ ‬مقاومة‭ ‬هذا‭ ‬المرض‭.‬

‮ ‬كذلك‭ ‬احتاج‭ ‬ابنها‭ ‬الى‭ ‬استشارة‭ ‬نفسية‭ ‬اذ‭ ‬أصبح‭ ‬عنيفاً‭ ‬جداً،‭ ‬يصرخ‭ ‬باستمرار،‭ ‬ولا‭ ‬يتقبل‭ ‬اي‭ ‬كلمة‭ ‬فتبيّن‭ ‬بعد‭ ‬بضع‭ ‬جلسات‭ ‬مع‭ ‬المعالج‭ ‬النفسي‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬يعتقد‭ ‬أنه‭ ‬السبب‭ ‬فـي‭ ‬مرض‭ ‬والدته‭.‬

دعم‭ ‬العائلة‭ ‬أساس

خلال‭ ‬فترة‭ ‬مرضها‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬شيرين‭ ‬يوماً‭ ‬فـي‭ ‬هذه‭ ‬المعركة‭ ‬وحدها،‭ ‬فهي‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬تواجه‭ ‬فـي‭ ‬الصف‭ ‬الأمامي‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬واثقة‭ ‬دائماً‭ ‬بأن‭ ‬زوجها‭ ‬وأهلها‭ ‬هم‭ ‬وراءها‭ ‬دائماً‭.‬

فزوجها‭ ‬لم‭ ‬يفارقها‭ ‬أبداً‭ ‬طوال‭ ‬فترة‭ ‬العلاج،‭ ‬كان‭ ‬الداعم‭ ‬الأكبر‭ ‬لها،‭ ‬أهلها‭ ‬لم‭ ‬يتركوها‭ ‬كذلك‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬شقيقتها،‭ ‬التي‭ ‬تبرعت‭ ‬لها‭ ‬بالنخاع‭ ‬الشوكي‭.‬

استعادة‭ ‬التألق

التغلّب‭ ‬على‭ ‬المرض‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬نهاية‭ ‬قصة‭ ‬شيرين‭ ‬التي‭ ‬أصرّت‭ ‬على‭ ‬التغلّب‭ ‬كذلك‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬آثاره‭ ‬السلبية فاهتمت‭ ‬ببشرتها،‭ ‬توجهت‭ ‬الى‭ ‬طبيبة‭ ‬جلد‭.‬‭ ‬كما‭ ‬عملت‭ ‬على‭ ‬استعادة‭ ‬وزنها‭ ‬الطبيعي‭ ‬فـي‭ ‬البداية،‭ ‬انتسبت‭ ‬الى‭ ‬ناد‭ ‬رياضي،‭ ‬وهي‭ ‬اليوم‭ ‬تواظب‭ ‬على‭ ‬الرياضة،‭ ‬خسرت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الكيلوغرامات،‭ ‬ثم‭ ‬قرّرت‭ ‬اتباع‭ ‬نظام‭ ‬غذائي‭ ‬صحي،‭ ‬وهذا‭ ‬ساعدها‭ ‬على‭ ‬استعادة‭ ‬رشاقتها‭ ‬فعاد‭ ‬وزنها‭ ‬الى‭ ‬55‭ ‬كيلوغراماً‭. ‬مشكلتها‭ ‬الوحيدة‭ ‬اليوم‭ ‬هي‭ ‬شعرها،‭ ‬الذي‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬خفـيفاً‭. ‬