فنانة لا محدودة تحوّل الأحلام الى قطع فنية آية شريف «أحاول الربط بين عالم الحداثة وجوهر الأصالة العربية فـي قالب لا يحدّه الزمن»
من فن تصميم الديكور الى فن الرسم وتصميم المجوهرات تتنقّل آية شريف براحة وشغف، وطاقة إيجابية تسعى الى زرعها فـي كل من يشاهد أعمالها. فهي تعتبر الفن لغة تواصل تتمّم لغات العالم. أما هدفها الرئيس فـي التنوّع فـي مجالات الفن، فهو إستكمال جميع المجالات التي تفكر فـيها وتحفـيز نفسها على الدخول فـي ميادين مختلفة، وبالتالي توسيع آفاقها وطموحاتها التي تحدّدها لنفسها.
أما أبرز ما يحفّز هذه الفنانة الشابة فهي المسابقات التي تعتبرها تحدّياً لا يمكن رفضه، فتلتزم بها لإنجاز إبتكارات جديدة لنفسها ولمنطقتها.
وتؤكّد هذه الفنانة على أن الاتصال بين أحلامها وفكرها اللاشعوري يؤدّي الى إبتكار نظرة وتوجّه يؤثّران على نفسيّة المشاهد. أما بالنسبة إلى إبتكار المجوهرات فإن التوفـيق بين الإبتكار والرسوم والمخطوطات العربية (الآرابيسك) يؤدّي الى خلق مزيج من الفنّ ذي الشخصية، غير مرتبط بالوقت والزمن.
«اليقظة الجديدة» التقت آية وتعرّفت منها أكثر على فنها وشخصيتها.
أخبرينا أكثر عن نفسك، مسيرتك، ومجالات عملك؟
أنا مصمّمة مجوهرات، ومهندسة داخلية وفنانة تشكيلية، حائزة جوائز عدة، أحب اللا محدودية فـي عالم الفنون، فالتنقّل من مجال الى آخر يتيح لي التعبير عن نفسي من وجهة نظر مغايرة للواقع وممتدة الى أعماق عقلي الباطني، حيث أحاول الربط بين عالم الحداثة وجوهر الأصالة العربية فـي قالب لا يحدّه الوقت أو الزمن.
شغفـي للفن التشكيلي بدأ منذ الصغر فما زلت الى يومنا هذا أذكر أول لوحة رسمتها لمكان خيالي مسائي لم أزره سابقاً، إنما كان امتداداً لأحلامي فـي عالم اليقظة عن عمر الـ 12. عندما أذكر مثل هذه التفاصيل تجتاحني نوبة من تسلسل الأفكار التي تربط واقعنا بعالم العقل الباطني، فاليوم جميع أعمالي هي إنعكاس لما أراه فـي أحلامي، فأستيقظ لأنفّذ ما رأيت بكامل الشفافـية.
البحث ما زال مستمراً لمعرفة سر إنتقاء عقلي الباطني لتركيبة وتمازج الألوان المسبق فـي أحلامي.
أما بالنسبة إلى تصميم المجوهرات، فبدأت رحلتي فـيه بعد الفوز بالمركز الأول فـي جائزة للتصميم وكانت القطعة الأولى تحاكي مشاعر المرتدي لتتقلّب حسب مزاجه، أدركت حينها شغفـي فـي هذا المجال بعد أن تعمّقت فـيه أكثر فأكثر، فوجدت أنه يشبه الهندسة الداخلية فـي جزء من جماليته، وبالتحديد من حيث الدقة فـي اختيار وتمازج الألوان فـي قطع المجوهرات مع كمالية العناصر المتأصّلة فـي جوهر الشرق الأوسط.
كذلك نلت أخيراً المركز الأول ضمن المسابقة العالمية التي تنظمها شركة رادو للساعات السويسرية، حيث يتنقّل القيّمون على هذه الجائزة سنوياً على أكثر من سبعة عشر بلدًا من ضمنها الامارات العربية المتحدة بهدف اختيار أفضل المشاريع على مستوى المنطقة وقد تمّ اختيار تصميمي لمكيف هوائي بيئي يعمل دون طاقة ويعتمد كليًا على حركة الرياح المتواجدة فـي المنطقة. التصميم هو قطعة من مجموعة تتراكب لتشكّل شبكة من الأشكال الهندسية العربية. هذا الترابط الجميل بين جميع المجالات يضعني أمام خيارات لامتناهية من اكتشاف المزيد عن نفسي وماهية القدرات البشرية فـي تعدّد المجالات فـي آن واحد.
ما هو المكان الذي تشعرين فـيه بالإنتماء إليه؟
أنتمي الى حيث توجد الراحة فـي الإبداع وتوفّر الوسائل لتنفـيذ ما يمكن أن يصبح واقعاً، حيث الآمال راسخة لتبني المزيد من النجاحات و التقدّم. فكل ما أفعله هو لتأمين مستقبل واعد للأجيال الجديدة فـي عالم الفنون، إذ أود أن يصبح الشرق الأوسط منصّة لإنطلاق جميع المواهب العربية ويكون الوجهة المثالية للتعمّق فـي عالم الفنون فـيصبح بذلك منزلاً عالمياً لجميع المواهب.
أنا أدرك تماماً أنني أستطيع تقديم مقترحاتي لأنني أمتلك الأدوات الأساسية التي تساعد فـي تخطّي المراحل الأولى وصولاً الى النهائيات، ولكن ماذا عن تلك المواهب التي لربما تستطيع انتاج أضعاف ما أستطيعه ولكنها لا تملك المقوّمات الأساسية لمساعدتها فـي تحويل أفكارها الى نتائج عملية أو المشاركة فـي مسابقات عالمية.
إنتمائي الى المكان الذي يوفر الراحة الى جميع المواهب العربية القادرة على الإنتاجة والتقدّم وهذا ما أطمح أن أصل إليه مستقبلاً.
أين تجدين الإلهام؟ وكيف تتبلور الفكرة فـي إبتكاراتك؟
أستلهم أعمالي من العلاقة البشرية، سواء مع نفسي أم مع الآخرين، فأنا أرى أن الإنسان إذا توصّل الى التحكّم التام بذاته واستقطاب الإيجابية فقط، يصبح قادراً على مواجهة الصعوبات أو التحدّيات، فتنطلق بصيرته وتتنوّع انجازاته ضمن مجالات عدة.
كما يلهمني تاريخ حضارتنا وموقعنا الجغرافـي الذي يتوسّط خارطة العالم من الشرق الى الغرب فنصبح صلة وصل لمختلف حضارات العالم. تنعكس هذه الرؤية المتأصّلة فـي حضارتنا دون الربط بزمن معين أو محدودية زمنية. فـي جميع أعمالي نجد فـي قطعة ما تراكبات عربية وفـي حين آخر نجد الأسلوب المتبع فـي الهندسة الداخلية يعتمد على شكل هندسي عربي الى حد ما، وصولاً الى لوحاتي التي تتخلّلها تراكيب هندسية شرق أوسطية معاصرة.
أما تراتبية المراحل الإبداعية فلا أساس لها سوى فكرة مستوحاة من علاقة الإنسان مع أرضنا وتاريخ رحلاته للاستكشاف، وبعدما تتبلور هذه القطعة يصبح لها قصة تروي من خلالها ألوان وتمازج الأشكال. بعدما تنتهي هذه المرحلة تدخل القطعة عالم التقنية حيث وظائف القطعة وماهيتها واستخداماتها لتناسب الحاجة البشرية كما الطبيعية، فاليوم أصبح واجبنا النظر الى ما وراء حاجياتنا لتمتد الى ما يلائم بيئتنا كمصمّمين ومبدعين.
كيف تصفـين فنك؟
عالم من الأحاسيس المترابطة مع العقل الباطني وحضارتنا فـي حلّة معاصرة لا تنتمي الى حقبة زمنية، ما يحوّل هذا العمل الفني إلى عمل خالد. أحاول اتباع هذا النهج فـي جميع أعمالي الفنية، فأنا أحاول أن أضيف على عالم الهندسة الداخلية الطاقة المعالجة فـي التصميم المتبع للمكان حيث يؤثر بشكل مباشر على انتاجية ومستقبل الفرد الذي يتعايش مع هذه المساحة الفنية.
ما هو أسلوب الفن المفضّل لديك؟
لا يوجد أسلوب فني معيّن أو مدرسة معيّنة أنتمي إليها، فمن وجهة نظري أنا أرى أن كل ما يثير التفكير والأحاسيس، هو نمط فني مثير للجدل والاهتمام، وهو عمل فني مميّز خاصة إن كان يتمحور حول موضوع يعالج قضايا مجتمعية أو انسانية معيّنة، فعندما يتعلق العمل الفني بالإنسانية يصبح عملاً بلا حواجز أو هوية فـينتمي بذلك الى العالم بأسره. وبالتالي يوحدنا جميعاً لهدف أسمى.
ما هو المشروع الذي تعملين عليه حالياً، وماذا نتوقّع منك مستقبلاً؟
أعمل حالياً على مجموعة من المجوهرات للمناسبات، كما أعمل على مشروع فني جديد يحاور علاقة الأضاد والحرية. أعتقد بأنه لا يوجد وقت أو زمن معيّن لعمل فني أو ابداع فأحياناً أبقى طوال الليل أعمل على تصميم معيّن حتى أنتهي من الفكرة وأحياناً أخرى تأخذني لوحة لأسابيع حتى أرى العمل الفني متكاملاً أو حتى يصل كفايته. فأجمل النتائج تكون حينما لا نتوقّعها. أو لا تكون محاصرة بزمن معين فتقيّد حرية أفكارنا وابداعاتنا.