مهرجان تورونتو السينمائي الدولي
فسيفساء من الأفلام المميّزة يغيب عنها نجوم هوليوود
يضمّ برنامج مهرجان تورونتو السينمائي الدولي، فـي دورته المتوقّع انعقادها بين 7 و17 سبتمبر، أعمالاً أميركية كثيرة، رغم إضراب الممثلين وكتّاب السيناريو الذي يشل هوليوود راهناً، والذي قد ينعكس سلباً على المهرجان من خلال غياب نجوم هوليوود عن سجادته الحمراء.
فـي ظلّ استمرار إضراب ممثلي وكتّاب السيناريو فـي هوليوود، يستعد مهرجان تورونتو الدولي لدورته الجديدة التي عليها أن تُثبت نفسها وجدارتها بالمتابعة، رغم غياب كبار نجوم هوليوود عن سجادتها الحمراء، إذ منعت نقابة الممثلين أعضاءها أثناء الإضراب من الترويج لأفلام أنتجتها الاستديوهات الكبرى ومنصّات البث التدفقي التي فشلت المفاوضات معها فـي رفع الرواتب وتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي.
وحدهم الممثلون فـي أفلام مستقلة، سيكونون قادرين على الاستفادة من اتفاق موقت، من أجل الترويج لأعمالهم، على ما أوضح كبير المفاوضين فـي نقابة الممثلين، ضمن مقابلة مع موقع ديدلاين المتخصّص.
أفلام قيّمة
لتعويض هذا الغياب سعى القيّمون على المهرجان إلى تضمين برنامجه بالكثير من الأعمال القيّمة. وفـي هذا الإطار أكد المدير العام للمهرجان كاميرون بيلي، فـي بيان، أنّ البرنامج يتضمّن «فسيفساء غنية من المواهب والرؤى والقصص». ويُفترض أن تُعرَض خلال هذه الدورة أفلام عدة يُحتَمَل ترشيحها لنيل جوائز أوسكار.
ومن بين هذه الأعمال فـيلما Dumb Money، من بطولة سيث روغن وبول دانو، و Ezra، الذي يؤدّي فـيه روبرت دي نيرو، دور أب يعود نجله ليعيش معه بعد فشل مسيرته المهنية وحياته الزوجية.
وسيشهد المهرجان عروضاً أولى لأفلام عدة، بينها Les Indesirables، للمخرج الفرنسي لادج لي، والكوميديا الرياضية Next Goal Wins، للمخرج النيوزيلندي تايكا وايتيتي، وSeven Veils، للكندي أتوم أغويان.
ومن المقرّر أيضاً أن يشهد المهرجان عرضاً أول لفـيلم The Holdovers، للمخرج الأميركي ألكسندر باين.
تكريم مخرجَين كبيرَين
أعلنت إدارة المهرجان أنّ دورة هذا العام ستكرّم المخرجَين الحاصلَين على جائزة الأوسكار، وهما الإسباني بيدرو ألمودوفار والأميركي سبايك لي، ومن المقرّر إقامة احتفال خاص لتسليمهما جوائز التكريم فـي العاشر من سبتمبر.
جائزة «إيبرت» لـ سبايك لي
سيحصل سبايك لي، الذي أخرج فـيلم «مالكوم إكس» الشهير عن حياة الزعيم الأميركي المسلم مالكوم إكس، على جائزة «إيبرت»، التي تحمل اسم الناقد السينمائي الأسطوري روجر إيبرت.
وقدّم المخرج لي أول أفلامه الروائية الطويلة She’s Gotta Have It عام 1986، وقد حصد هذا الفـيلم إيرادات قاربت السبعة ملايين دولار، ثم توالت بعدها أعماله الفنية التي شارك فـي كتابة معظمها أيضًا.
ومن المكرّمين السابقين بجائزة «إيبرت» الممثلة الماليزية ميشيل يوه، والممثل الكندي بريندان فريزر، والممثل البريطاني السير أنتوني هوبكنز، والفائز بالأوسكار يواكين فـينيكس.
وسبايك لي هو أول مخرج سينمائي يحصل على فرصة تصوير مشاهد من فـيلم داخل مكة المكرمة، وهو فـيلم Malcolm X، الذي يُعد أهم أفلامه، ويدور حول سيرة حياة الزعيم الأميركي المسلم من أصل أفريقي مالكوم إكس.
وحصل سبايك لي، على إذن من الهيئة الشرعية ليتم تصوير بعض المشاهد، فـي حين تمّ تصوير الفـيلم أيضًا فـي الولايات المتحدة ومصر وجنوب أفريقيا والمملكة العربية السعودية.
وعام 1993، حظي الفـيلم بترشيحين لجائزة الأوسكار عن فئة أفضل ممثل فـي دور رئيسي (دينزل واشنطن) وعن فئة تصميم الأزياء (روث كارتر)، وترشّح مرة واحدة لجوائز الغولدن غلوب لفئة أفضل ممثل فـي فـيلم درامي، وعرض الفـيلم فـي المسابقة الرسمية لمهرجان برلين السينمائي.
الى ذلك قدّم سبايك لي خلال مسيرته عدة أفلام شهيرة، مثل Do the Right Thing عام 1989، ومالكوم إكس عام 1992، و The Original Kings of Comedy عام 2000، و25th Hour عام 2002، وInside Man عام 2006.
ظهرت انشغالاته الحقيقية فـي أفلامه التي تركّزت موضوعاتها حول العلاقات بين الأعراق المختلفة والتمييز العنصري ودور وسائل الإعلام فـي الحياة المعاصرة والجريمة والفقر والعديد من المشاكل السياسية.
تم ترشيحه لخمسة جوائز أوسكار، وفـي عام 2019، فاز بجائزة أفضل سيناريو مقتبس عن فـيلم Black Klansman، وفـي عام 2015، أصبح أصغر شخص يحصل على جائزة الأوسكار، وجاء ترشيحه الأول لجائزة نقابة الكتاب عام 2019 مع فـيلم بلاك كلانسمان.
وبيدرو ألمودوفار يكرّم بجائزة التأثير
سيكرّم بيدرو ألمودوفار بجائزة التأثير المسماة Jeff Skoll، التي يقدمها مهرجان تورونتو لمن تركوا أثرًا حقيقيًا ويجمعون فـي تأثيرهم بين السينمائي والاجتماعي.
وقال كاميرون بيلي، رئيس المهرجان، فـي بيان على موقعه الرسمي، إن بيدرو ألمودوفار «يأتي إلى تورونتو السينمائي الدولي دائمًا، وفـي كل عام يكون أفضل من السابق».
وأضاف بيلي عن ألمودوفار: «كان لرؤيته الفنية وسرده الجريء للقصص والتزامه الراسخ بتخطّي حدود السينما تأثيرًا عميقًا. إنه يتحدى الأعراف المجتمعية ويدافع عن التنوّع، وينير التجربة الإنسانية بحساسية ورشاقة. نحن نحتفل بقدرته على إلهام الجماهير فـي جميع أنحاء العالم».
ويعدّ بيدرو ألمودوفار واحدًا من أنجح المخرجين الأوروبيين، وقد خطا أولى خطواته فـي الشهرة العالمية بعد أن فاز فـيلمه «امرأة على وشك الانهيار العصبي» عام 1988 بجائزة أفضل فـيلم شاب فـي حفل توزيع جوائز الأفلام الأوروبية الافتتاحية، وواصل نجاحه فـي جميع أنحاء العالم. وقد فاز بخمس جوائز أوروبية أخرى للأفلام، بالإضافة إلى خمس جوائز بافتا وأربع جوائز سيزار فرنسية واثنتين من جوائز الأوسكار.
كانت جوائز الأوسكار فـي فئة أفضل فـيلم بلغة أجنبية لفـيلم
All About My Mother عام 1999، وفـي فئة أفضل سيناريو لفـيلم Talk to Her عام 2002.
ويعد ألمودوفار صانع الأفلام الإسباني الأكثر شهرة عالميًا، وقد وصل إلى مدريد عام 1968، ولم يستطع دراسة صناعة الأفلام بعد أن أغلقت حكومة الجنرال فرانكو مدارس صناعة الأفلام فـي أوائل السبعينيات.
وجد ألمودوفار وظيفة فـي شركة الهاتف الإسبانية وادخر راتبه لشراء كاميرا، وكرّس نفسه لإنتاج أفلام قصيرة بمساعدة أصدقائه، واشتهرت العروض الأولى لتلك الأفلام فـي عالم الثقافة، ومن خلالها عرف فـي إسبانيا.
١٣ فـيلماً عربياً
جديد المهرجان هذا العام ليست مئات الأفلام، كما هي الحال دائماً، بل استقباله 13 فـيلماً لمخرجين عرب. أربعة من هؤلاء يعيشون فـي فرنسا وبريطانيا ويتم إنتاج أفلامهم فـيهما، لكنّ الغالبية آتيةٌ من السعودية وتونس والأردن والمغرب.
تتقدّم الباقة العربية، ثلاثة أفلام سعودية تبعاً للنهضة الكبيرة التي تعيشها السينما السعودية اليوم، صناعةً وإنتاجاً وعروضاً.
ثلاثة أفلام لثلاثة شبان تتوزّع بين قسمي «اكتشاف» و«مدنايت مادنس» وهي «مندوب الليل» لعلي الكلثمي، و«ناقة» لمشعل الجاسر، و«هجّان» للمصري أبو بكر شوقي، الذي أنجز سابقاً فـيلمه الأول «يوم الدين»، 2018، وعرضه فـي مهرجان «كان».
«هجّان»
يجسّد الفـيلم روعة الصحراء فـي السعودية ويقدّم قصة مؤثرة عن الارتباط الوجداني ما بين الصبي والجمل، ويلقي الضوء على مكانة الإبل، تلك الكائنات التي تمتلك مكانة خاصة فـي الثقافة العربية، وتعد أحد أبرز مكونات تراث الثقافة السعودية التي ستشارك فـي مهرجان تورونتو السينمائي الدولي. الفـيلم من إخراج المصري أبو بكر شوقي ومن إنتاج مصري- أردني، لكنّ الغالب أنه بتمويل سعودي كونه يدور فـي باديتها مع ممثلين سعوديين وموضوع يتحدث عن رحلة شقيقين فـي الصحراء أحدهما ينوي الاشتراك فـي سباق الجِمال المقبل.
فـيلم «هجّان» من بطولة عبد المحسن النمر وعمر العطاوي والشيماء طيب وعزام النمر وتولين وإبراهيم الحساوي ومحمد الزهراني، ومن كتابة عمر شامة ومفرج المجفل وأبو بكر شوقي، ومن إنتاج محمد حفظي وماجد زهير سمان.
«مندوب الليل»
هو فـيلم سعودي آخر سيتم عرضه فـي مهرجان تورونتو السينمائي، ومن جانبه روّج مخرج الفـيلم «علي الكلثمي» لهذا الحدث على صفحته الرسمية على «إنستغرام»، حيث شارك متابعيه صورة للملصق الدعائي للعمل، معلقاً: «العرض العالمي الأول لفـيلم مندوب الليل فـي مهرجان تورونتو السينمائي الدولي، على بركة الله».
ويُعد «مندوب الليل» مزيجًا من الدراما والتشويق، يروي حكاية فهد القضعاني الرجل الثلاثيني الأعزب المضطرب الذي يتوه وحيداً كل ليلة فـي زحمة وشوارع الرياض، وبين فقدان العاطفة وضياع الوظيفة كلّها عوامل تدفعه إلى التخلي عن مبادئه فـي عالم لا يفقه فـيه شيئاً، فـيحاول بيع زجاجات خمر سرقها من تاجر يصنعها محلياً بلا ترخيص. تبعات ذلك كثيرة فـي فـيلم اجتماعي من نوع الكوميديا السوداء.
«ناقة»
هو الفـيلم السعودي الثالث المشارك فـي المهرجان، وهو للمخرج مشعل الجاسر وهو من بطولة أضوى بدر ويزيد المجيول، ومن كتابة وإخراج مشعل الجاسر، وإنتاج معتز الجفري، ويشارك فـي إنتاجه أستديو «تلفاز 11». ويعرض هذا الفـيلم فـي قسم «مدنايت مادنس».
تجري أحداث فـيلم «ناقة» التي كتبها المخرج مشعل الجاسر فـي السبعينيات. بطلة الفـيلم (عدوة بدر) شابّة جميلة لديها موعد خفـيّ مع صديق يأخذها معه إلى حفلة فـي منطقة صحراوية بعيدة. لكن الشابّة تريد العودة إلى بيتها قبل أن ينتبه والدها لتأخرها. تكتشف خداع صديقها وتنطلق للبحث عن طريق للعودة وسط صحراء مفزعة ومتاعب من كل نوع محتمل.
«باي باي طبريا»
على نحو مختلف تقدم المخرجة الفلسطينية – الفرنسية لينا سويلم دراما وثائقية من بطولتها، والممثلة هيام عبّاس بعنوان «باي باي طبريا». يقدم الفـيلم حكاية (أُم عبّاس) التي تعود مع ابنتها (سويلم) إلى فلسطين لتغمرها الذكريات حول شتات النكبة وما تلاها.
الفـيلم من تمويل فرنسي، وهذه حال فـيلمين آخرين هما Sisterhood حول ثلاث شابات تَصادقن منذ الصغر لكنّ أحداثاً أخيرة تفتح أعينهن على خلافات عرقية وطبقية وثقافـية. الفـيلم من إخراج المغربية نورا الحروش.
الفـيلم الآخر هو After the Fire، لمهدي فكري، ويتمحور حول عائلة فقدت ابنها الذي قتلته الشرطة الفرنسية فـي ضواحي ستراسبورغ.
«طبيعة الحب» و«أم كل الأكاذيب»
فـيلمان آخران من عروض «كان» هذه السنة يُعرضان فـي تورونتو أولهما «طبيعة الحب» للمصرية – الكندية منية شكري، وهو دراما عاطفـية بعيدة تماماً عن أي همٍّ أو موضوع عربي. والآخر هو «أُم كل الأكاذيب» للمغربية أسماء المدير. جدير بالذكر أن هذا الفـيلم خرج من المهرجان الفرنسي بجائزة أفضل مخرج عن قسم «نظرة ما».
«الأستاذ»
«الأستاذ» هو فـيلم من إخراج فرح نابلسي، مخرجة أفلام بريطانية فلسطينية حاصلة على ترشيح لجائزة الأوسكار وحائزة جائزة الأكاديمية البريطانية للأفلام، وهو يأخذ المشاهدين فـي رحلة عميقة عبر واقع قاسي. ويجسّد الفـيلم خلفـية وقت مناسب بشكل خاص فـي قطر، ويتعمق فـي تجارب الأفراد الذين يعانون من تحديات لا هوادة فـيها. ويحرك الفـيلم العواطف والمشاعر من خلال قوة سرد القصص.
«أربع بنات»
الفـيلم العربي الذي كان له أكبر صدى منذ بداية العام حتى الآن، هو جديد التونسية كوثر بن هنية «أربع بنات» الذي انتزع جائزة قيّمة من مهرجان «كان» فـي ربيع هذه السنة. هو مزج ما بين الدراما والتسجيل، وبذلك جمع بين تناقضات مقصودة. يدور الفـيلم حول أُم لأربع بنات اسمها ألفة (هند صبري) تبحث عن ابنتين من بناتها قررتا الانضمام إلى جماعة متطرّفة. ترغب الأم فـي استعادتهما من مصير مظلم وإعادتهما إلى كنف العائلة. ما يزيد الفـيلم غرابة هو أسلوب الانتقال ما بين ممثلي الفـيلم المحترفـين وممثليه الحقيقيين. كأن غاية المخرجة سرد الحكاية ثم تأكيدها عوض أن تكتفـي بالسرد وحده. يلفت هذا الأسلوب الاهتمام بالفعل لكن جدواه أمر آخر.
«انشاء الله ولد»
يعرض المهرجان فـيلم «إنشالله ولد»، من الأردن للمخرج أمجد الرشيد حول امرأة مات زوجها العاطل عن العمل. بما أنها لم تنجب ذكراً (بل فتاة) فإن من حق أقارب الزوج امتلاك المنزل الذي تعيش فـيه. دراما ذكية ولو أنها تتعامل، فنياً، مع أبسط أدوات التعبير.
Yellow Bus
هو أول إنتاج مشترك بين الهند وأميركا والعالم العربي، يجسّد قصة قوية تتعمّق فـي موضوعات الأمومة والحزن والفقدان. وتدور أحداث الفـيلم فـي الإمارات العربية المتحدة، ويتابع عملية بحث أم عن الحقيقة والمساءلة بعد وفاة ابنتها بشكل مأساوي فـي حافلة مدرسية. وعندما تنكشف القصة، فإنها تمس المشاعر العالمية بينما تلقي الضوء على القضايا الممثلة تمثيلاً ناقصًا فـي الثقافة الخليجية.
نادين لبكي
عضو فـي لجنة التحكيم
كشفت إدارة مهرجان تورونتو السينمائي، عن أسماء أعضاء لجنة التحكيم، ومن بينهم المخرجة اللبنانية نادين لبكي، والمخرج الأميركي باري جينكن الحائز جوائز عدة، وقد شاركت معظم أفلامه فـي مهرجان تورونتو وحصدت جوائز، والممثل والمخرج الكندي كوري الأصل أنطوني شيم ومن أشهر أعماله Riceboy Sleeps.
وهذه ليست المرة الأولى التي تكون فـيها المخرجة اللبنانية فـي عضوية لجان تحكيم مهرجانات عالمية، إذ شاركت من قبل فـي لجنة تحكيم مهرجانات: «صاندنس»، «سان سيبستيان»، و«البندقية». كما شاركت فـي عضوية لجنة تحكيم «نظرة ما» فـي مهرجان كان السينمائي، عام 2015، ورأست لجنة التحكيم لـ«نظرة ما» فـي «كان» عام 2019.
وفـي العام 2007، شاركت نادين لبكي فـي فئة السجادة الحمراء (غالا) فـي تورونتو بفـيلمها الأول «سكر بنات». كما شارك فـيلمها الثاني «وهلأ لوين» عام 2011 ونال جائزة الجمهور، وشاركت بفـيلمها الثالث «كفرناحوم» عام 2018 فـي المهرجان نفسه.