هبة طوجي وسحر حقبات: رحلة فنية تأسر الزمن وتُحيي تراث بعلبك وروح الرحابنة

في أمسية استثنائية من قلب التاريخ، أضاءت النجمة اللبنانية هبة طوجي خشبة مهرجانات بعلبك الدولية بعرض موسيقي عالمي حمل عنوان حقبات. وسط أعمدة الحضارة العريقة، قدّمت طوجي عرضاً مسرحياً مبهراً جمع بين الصوت الآسر والحضور الساحر، تحت الإشراف والإدارة الفنية للمؤلف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني، الذي صاغ رؤية فنية متكاملة أعادت إحياء ذاكرة بعلبك عبر العصور.
بعلبك تتلألأ في حقبات… رحلة بصرية وسردية عبر أعماق الزمن
View this post on Instagram
في ليلة استثنائية، ارتدت معابد بعلبك حلّة جديدة، فتحوّلت إلى مسرح مفتوح على الزمن وعالم افتراضي نابض بالإبداع. تلاقت فيها روعة الفن بالصورة والموسيقى والتقنيات الحديثة والمؤثرات البصرية في عمل فني متكامل، جمع أكثر من 200 مشارك من تقنيين وفنيين، وأوركسترا ضخمة، وجوقة Voice Of Heaven Choir بقيادة جورج شعيا، إلى جانب عدد كبير من الراقصين الذين أضفوا، بكوريغرافيا متقنة من تصميم باسكال صايغ زغيب، لمسات إبداعية أبهرت الحضور.
تألق عرض حقبات بأسلوب بصري مبتكر اعتمد على تقنية 3D Mapping المتطورة، التي منحت الحضور فرصة خوض رحلة حسية غامرة عبر الزمن، تنقلهم من أعماق الماضي إلى قلب الحاضر. بأسلوب سردي إبداعي، استعاد العرض تاريخ مدينة بعلبك، حاكياً حكاية مدينة وشعب وثقافة لا تموت، انطلاقاً من الحقبة الرومانية مروراً بالعصور العربية والعثمانية والمسيحية وصولاً إلى العصر الحديث. وقد تحوّلت معابد بعلبك وأركانها كافة إلى لوحات حيّة نابضة، ما أضفى على المشهد إحساساً فريداً بأنّ العرض احتوى المكان بأسره في تجربة بصرية غير مسبوقة.
هبة طوجي تتألق في عرض مسرحي يجمع بين الحضور الآسر والأداء الرفيع
View this post on Instagram
قدّمت هبة طوجي عرضاً مسرحياً غنائياً متكاملاً، أبدعت في تجسيده بحرفية عالمية، مستندةً إلى رؤية إخراجية وفنية جمعت بين الأداء الغنائي الراقي والحضور المسرحي الآسر. تنقّل الحفل بين محطات موسيقية غنية، افتُتحت بأغنية مطرح ما بودّي الصوت من كتابة منصور الرحباني وتأليف أسامة الرحباني، التي سبق أن أدّتها في مسرحية عودة الفينيق عام 2008 في بيبلوس، مروراً بأغنية أعطنا، المأخوذة من مسرحيّة جبران والنبي.
هبة طوجي تخلّد بعلبك وتنسج جسور الفن بين لبنان وباريس في أمسية ساحرة
View this post on Instagram
في تحيّة خاصّة لمدينة بعلبك، أدّت هبة طوجي أغنية أنا اسمي بعلبك من كتابة غدي الرحباني وتأليف أسامة الرحباني، التي كُتبت خصيصاً لهذه المناسبة، فحبست أنفاس الحاضرين بأدائها المعبّر وهي تقف شامخة على عامود ضخم، وسط ديكور مهيب ومشهديّة ساحرة. كما قدّمت أغنية جايي تصلّي بفيّاتك المهداة إلى أرز لبنان وإلى إرث الأخوين الرحباني والسيدة فيروز، الذين تركوا بصمتهم الفنية الخالدة في بعلبك.
View this post on Instagram
ومن أجواء لبنان إلى أروقة باريس، أدّت هبة أغنية Ave Maria من كتابة Luc Plamondon وتأليف Richard Cocciante من المسرحية الفرنسية الشهيرة Notre Dame De Paris، حيث لعبت دور إسميرالدا. ولا بدّ أن نستذكر هنا اللحظة التاريخيّة التي شاركت فيها هبة طوجي في حفل إعادة إفتتاح كاتدرائيّة Notre Dame De Paris في باريس، إذ تحوّل معبد باخوس من خلال تقنيّة الـ3D Mapping خلال تقديم هذه الأغنية إلى كاتدرال ونُقل الحضور إلى ذلك المكان بمشهديّة تعكس الكثير من الروحانيّة والمشاعر والضخامة.
هبة طوجي تخطف الأنفاس بأداء استثنائي يجمع بين الأوركسترا والرقص والمعاناة الأنثوية
View this post on Instagram
توالت الإبداعات مع أغنية النظام الجديد التي قُدّمت بتوزيع أوركسترالي ضخم مصحوب بعرض راقص، تلتها الأغنية العاطفية خلص، التي غنّتها بإحساس عالٍ ومشاعر صادقة، ثمّ خبّرني القصة التي حملت تنويعات وجدانية ومواقف متعددة للمرأة، حيث أطلّت هبة في ثلاث أماكن على المسرح في وقت واحد، ضمن كوريغرافيا من الرقص المعاصر.
View this post on Instagram
أمّا مين اللي بيختار الموجهة للمرأة، فقد أشعلت تفاعل الجمهور، قبل أن تختتم بالأغنية الإيقاعية أول ما شفتو وأغنية لا بداية ولا نهاية من كتابة منصور الرحباني وتأليف Michel Legrand والتي تُرجمت على المسرح ضمن مشهد خياليّ خاصّ يُجسّد إعصاراً من أوراق الشجر وسط تصفيق حارّ ووقوف من الجمهور تقديراً لأداء هبة طوجي الإستثنائي.
هبة طوجي تُحيي مئوية منصور الرحباني بأمسية وفاء وفن خالد
View this post on Instagram
في لفتة وفاء مفعمة بالاحترام، وجّهت هبة طوجي تحية خاصة لروح الكبير منصور الرحباني، احتفاءً بمئويته، مستحضرةً إرثه الفني الخالد. اختارت لهذه المناسبة باقة مميزة من أعماله وقصائده، من بينها ميدلي صيف ٨٤٠ وأغنيات وحياة اللي راحوا ولمعت أبواق الثورة ووطني بيعرفني، وهي أغنية من كتابة منصور الرحباني وتأليف أسامة الرحباني من مسرحيّة جبران والنبي، أضف إلى قصيدة راجع من رماده المليئة بالأمل، والتي تخاطب وجدان كلّ مغترب. كانت لحظات مؤثرة، أضاءت فيها هبة على محطات مضيئة من مسيرة منصور الرحباني، لتُعيد إلى الأذهان عبقرية فنية لا تُمحى من الذاكرة.
ثلاثية لبنانية النكهة… هبة طوجي وإبراهيم معلوف و Ycare يحيون الجذور في بعلبك
View this post on Instagram
هذا، وشارك هبة طوجي المسرح ضيفان مُميّزان أضافا طابعاً فنياً عالمياً للعرض وبصمة خاصة ومؤثرة وهما العازف والمؤلف والمُنتج الموسيقيّ الفرنسيّ اللبنانيّ إبراهيم معلوف زوج هبة والمُغنّي الفرنسيّ من أصل لبنانيّ Ycare حيث قدموا كتريو أغنية Les Cedres باللغة الفرنسيّة، والتي صدرت سابقاً في ألبوم Ycare، كتحيّة للبنان ولجذورهم كونهم لبنانيّين يعيشون خارج الوطن.
وشهد الحفل مُشاركة ثانية لإبراهيم معلوف إلى جانب أسامة الرحباني في الختام، حيث قدّما معاً وصلة مُميّزة جمعت بين الدبكة والفولكلور والإرتجال الموسيقي على إيقاعات الطبول الشرقيّة التي أضفت نكهة خاصّة على المسرح وسط تفاعل جماهيريّ كبير.
بلا ولا شي… تحية حب وامتنان لروح زياد الرحباني في بعلبك
View this post on Instagram
بلفتة خاصّة جداً وتكريماً لروح الكبير زياد الرحباني، قدّم كلّ من هبة طوجي وأسامة الرحباني وإبراهيم معلوف أغنية بلا ولا شي كتحيّة محبّة وإمتنان لمسيرته. وقد غنّت هبة الأغنية يُرافقها أسامة على البيانو وإبراهيم على الترومبيت وسط تفاعل من الحاضرين الذين شاركوهم الغناء بتأثّر، فيما عُرضت على الشاشة صور خاصّة ونادرة لزياد الرحباني من أرشيف العائلة الرحبانيّة، ما أضفى على اللحظة طابعاً إنسانياً وفنياً عميقاً.
