مخرجات عربيات حققنّ ثورة في صناعة السينما العربية
شهدت السنوات القليلة الماضية زيادة ملحوظة في عدد المخرجات العربيات، اللواتي حققن مكانة بارزة. ولا شك في أن هذا يعود جزئياً إلى تزايد الإنتاجات العربية التي تُروى من منظور عربي، وهو ما ساهم في كسر الصورة النمطية للعرب في الأفلام العالمية، باعتبارهم إما ضحايا أو أشراراً ـ فضلاً عن التنوع المتزايد في صناعة السينما الدولية.
مشاركة نسائية عربية في المهرجانات الدولية
في ظل ارتفاع عدد الأفلام التي أخرجتها مخرجات عربيات، تزداد مشاركة هؤلاء المخرجات في المهرجانات الدولية. وهنّ بذلك يفتحن الباب أمام السينما النسائية في المنطقة، ويقدمن صورة أكثر شمولاً ودقة للمرأة العربية ومجتمعاتها لبقية العالم. فلقد حظي فيلم فرحة وأفلام عدّة أخرى، من إخراج نساء عربيات، باهتمام عالمي في السنوات الأخيرة. وترشّح فيلم الرجل الذي باع ظهره، للمخرجة التونسية كوثر بن هنية لجوائز الأوسكار لعام 2021. وكان فيلم كفرناحوم، للمخرجة اللبنانية نادين لبكي قد حقق النجاح نفسه في عام 2019، كما وصل فيلم القفطان الأزرق، للمخرجة المغربية مريم التوزاني إلى القائمة المختصرة لجائزة أفضل فيلم روائي عالمي لهذا العام، لكنه لم يصل إلى القائمة النهائية. وقد فازت الأفلام الثلاثة بجوائز في مهرجانات دولية كبرى. كما حصلت جيهان نجيم، وهي شخصية بارزة أخرى، على شهرة عالمية من خلال فيلمها الوثائقي الميدان، الذي يتعمّق في المشهد الاجتماعي والسياسي في مصر قبل ثورة 2011، ما أكسبها ترشيحاً لجائزة الأوسكار. وحققت هيفاء المنصور، التي اشتهرت بفيلمها الأول وجدة، آفاقاً جديدة بكونها أول امرأة تقوم بإخراج فيلم سينمائي وتصويره في المملكة العربية السعودية، حيث سلطت الضوء على قصة سعي امرأة شابة لامتلاك دراجة هوائية. كما قدّمت نجوم الغانم، المخرجة الإماراتية الرائدة، فيلم أصوات البحر، وهو تكريم لقرية صيد الأسماك في أم القيوين. ويروي فيلم ٣٠٠٠ ليلة، لمي المصري قصة مروعة لامرأة فلسطينية حامل في السجون الإسرائيلية. وأخيراً، يقدم فيلم من أجل سما، من إخراج وعد الخطيب وإدوارد وات، سرداً آسراً وتوثيقياً للحياة في حلب على مدى خمس سنوات من الحرب، ويصور رحلة الخطيب الشخصية في الحب والزواج والأمومة، وسط الصراع والحرب في سوريا.
كسر الأدوار النمطية للمرأة في الأفلام
ساهمت المخرجات السينمائيات العربيات في كسر الأدوار النمطية للمرأة في الأفلام، وعدم تقييد المرأة بدور ثانوي، وتمثيل أقوى للمرأة في شخصياتهن. لكن لا يزال هناك الكثير من العمل والجهد الذي يجب القيام به. وقد أطلقت مدن ودول خليجية عدّة، مهرجاناتها السينمائية الخاصة، وحصل عدد من النساء العربيات على منح من هذه المهرجانات لإنتاج أفلامهنّ. فقد أخرجت المخرجة الفلسطينية الأميركية شيرين دعبس فيلم أمريكا، الذي يقال إنه أول فيلم عربي أميركي، بدعم مالي من الخليج. وينقل الفيلم قصة عائلة فلسطينية هاجرت من الضفة الغربية إلى وسط غرب الولايات المتحدة. هذه القصة تحقق المعادلة الصعبة بين الدراما والكوميديا دون أن تجعل الفيلم مبتذلاً. تُثري مساهمات هؤلاء المخرجات المشهد السينمائي العربي، وتتحدّى أيضاً المعايير الجنسانية داخل الصناعة. ويمثل عملهن وأبداعهن السينمائي مجموعة متنوعة من المواضيع والروايات، ويقدّم وجهات نظر جديدة ويسلط الضوء على قصص غير مروية من المنطقة العربية.