Bruce Clay

الذكاء الاصطناعي يساعد على رصد مؤشرات الخرف بسرعة ودقة

قوة الذكاء الاصطناعي تتيح لمخطط كهربية الدماغ أن يوفر أداة أقل تكلفة وأكثر توفرًا للتشخيص المبكر

في ظل تعاظم دور الذكاء الاصطناعي وقدراته في المجالات كافة، تبرز أهمية هذه التقنية الثورية في المجال الطبي. إذ يلجأ علماء الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي إلى تحليل اختبارات مخطط كهربية الدماغ بسرعة ودقة أكبر، ما يمكّن أطباء الأعصاب من العثور على مؤشرات مبكّرة للخرف ضمن البيانات التي لا تخضع للفحص عادةً.

التمييز بين مسبّبات مختلف المشكلات الإدراكية من خلال الذكاء الاصطناعي

يُستخدم مخطط كهربية الدماغ الذي يعود تاريخه إلى قرن من الزمن، وخلاله تُلصق العديد من الأقطاب الكهربائية بفروة الرأس لمراقبة نشاط الدماغ، للكشف عن مرض الصرع. ويفسّر نتائجه أطباء الأعصاب وغيرهم من الخبراء المدرّبين لرصد أنماط بين الموجات المتعرّجة التي تظهر أثناء الاختبار. إلاّ أنه ووفق بحثٍ جديد نشرته مجلة Brain Communications، شرح العلماء في برنامج الذكاء الاصطناعي لطب الأعصاب في مايو كلينك كيف يمكن للذكاء الاصطناعي ليس فقط تسريع التحليل، بل وتنبيه الخبراء الذين يحققون في نتائج الاختبار إلى الأنماط غير الطبيعية الدقيقة للغاية التي يصعب على البشر تبينها. تُظهر هذه التكنولوجيا إمكانية مساعدة الأطباء في المستقبل، للتمييز بين مسبّبات مختلف المشكلات الإدراكية، مثل داء الزهايمر وخرف أجسام ليوي.

قياس التباطؤ بدقة وتحديد مقداره بمساعدة الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي يساعد في تنبيه الخبراء إلى الأنماط غير الطبيعية الدقيقة للغاية التي يصعب على البشر تبينها

يشير البحث إلى أنه يمكن لمخطط كهربية الدماغ المستخدم، فحص صحة الدماغ بأقل تكلفة، وأقل توغلًا من الاختبارات الأخرى، ليُشكل أداة متاحة بصورة أكبر لمساعدة الأطباء على اكتشاف المشكلات الإدراكية لدى المرضى مبكرًا. ويشرح المؤلف الرئيسي لهذا البحث ديفيد تي جونز، الدكتور في الطب، وطبيب أعصاب ومدير برنامج الذكاء الاصطناعي لطب الأعصاب، أنه من المعروف أنه يمكنك رؤية هذه الموجات تتباطأ وتبدو مختلفة بعض الشيء لدى الأشخاص الذين لديهم مشكلات إدراكية. ويضيف: ” أردنا في دراستنا معرفة ما إذا كان بإمكاننا قياس هذا النوع من التباطؤ بدقة وتحديد مقداره بمساعدة الذكاء الاصطناعي”.

التكنولوجيا تتيح السرعة في استخراج أنماط مخطط كهربية الدماغ

بهدف تطوير هذه الأداة، جمع الباحثون بيانات من أكثر من 11000 مريض ممن أجروا مخطط كهربية الدماغ في مايو كلينك على مدار عقد من الزمن. حيث استخدموا التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي لتبسيط أنماط موجات الدماغ المعقدة إلى ست سمات محدّدة، وتعليم النموذج التخلص تلقائيًا من عناصر معينة، مثل البيانات التي يجب تجاهلها، من أجل التركيز على الأنماط المميِزة للمشكلات الإدراكية مثل داء الزهايمر. ويقول الدكتور وينتاو لي، وهو مؤلف أول مشارك للورقة البحثية والذي أجرى البحث مع برنامج الذكاء الاصطناعي لطب الأعصاب، بينما كان زميلًا في علم الأعصاب السلوكي السريري في مايو كلينك:”لقد كان من اللافت الطريقة التي ساعدت بها التكنولوجيا بسرعة في استخراج أنماط مخطط كهربية الدماغ مقارنةً بالمقاييس التقليدية للخرف مثل الاختبارات الإدراكية بجانب السرير والمؤشرات الحيوية للسوائل وتصوير الدماغ”.

أداة أقل تكلفة وتوفّر التشخيص المبكر

تُستخدم حالياً طريقة شائعة لتحديد مقدار الأنماط في البيانات الطبية، وهي رأي الخبراء. ولكن مع استخدام الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، بات يمكن ليس رؤية  الأشياء التي لا يستطيع الخبراء رؤيتها، ولكن الأشياء التي يمكنهم رؤيتها، ويمكن وضع رقم دقيق لها. ويشير الباحثون، إلى أن استخدام مخطط كهربية الدماغ لرصد المشكلات الإدراكية، لا يستبدل بالضرورة أنواع الاختبار الأخرى مثل التصوير بالرنين المغناطيسي أو التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني، ولكن بفضل قوة الذكاء الاصطناعي، يمكن لمخطط كهربية الدماغ أن يوفر في المستقبل لاختصاصيي الرعاية الصحية أداة أقل تكلفة وأكثر توفرًا للتشخيص المبكر في المجتمعات التي لا يمكنها الوصول بسهولة إلى العيادات أو المعدات المتخصصة، كما هو الحال في المناطق الريفية.

التشخيص الصحيح وفي مراحل مبكرّة يؤدّي إلى توقّعات صحيحة وعلاج أفضل

يساهم الوصول إلى التشخيص الصحيح مبكرًا، في مساعدة الأطباء على إعطاء المرضى التوقّعات الصحيحة والعلاج الأفضل. ويمكن أن تشكل الأساليب الجديدة، وسيلة أرخص لتحديد الأشخاص المصابين بفقدان الذاكرة المبكر أو الخَرَف إذا ما قورنت بالاختبارات الحالية، مثل اختبارات السائل الشوكي، أو مسح الغلوكوز في الدماغ، أو اختبارات الذاكرة. وسيستغرق اختبار الأدوات وإقرارها عدة سنوات، إلا أن البحث يُظهر أن هناك طرقًا لاستخدام البيانات السريرية لدمج أدوات جديدة في مسار العمل السريري لتحقيق هدف الباحثين المتمثل في إدخال نماذج وابتكارات جديدة في الممارسة السريرية، وتعزيز قدرات التقييمات الحالية وتوسيع نطاق هذه المعرفة.

عمل جماعي لتقديم حلول عملية مبتكرة

يأتي هذا الإنجاز الطبي، كثمرة لعمل جماعي متعدّد التخصّصات لتعزيز أبحاث الرعاية الصحية القائمة على التكنولوجيا التحويلية. ويشمل تمويل البحث الدعم المقدّم من صندوق عائلة إدسون، ومؤسسة الصرع الأميركية، وزمالة عائلة بنجامين أ. ميلر للشيخوخة والأمراض ذات الصلة، وبرنامج الذكاء الاصطناعي لطب الأعصاب في مايو كلينك والمؤسسة الوطنية للعلوم (المنحة رقم IIS-2105233)، ومعاهد الصحة الوطنية، بما في ذلك المنحة UG3 NS123066.