أنس جابر تلهم الملايين. . رغم خسارتها بطولة ويمبلدون
لم يكن الحظ حليف نجمة التنس التونسية أنس جابر خلال بطولة ويمبلدون الأخيرة، إذ خسرت فـي الدور النهائي، ضد اللاعبة الكازاخية يلينا ريباكينا المصنّفة 23 عالمياً، بنتيجة مجموعتين مقابل واحدة. ولكن ورغم الخسارة، فإن المصنّفة الخامسة عالمياً حقّقت الكثير من المكاسب، فهي أول لاعبة عربية وأفريقية تصل إلى المباراة النهائية فـي ويمبلدون، إحدى أكبر بطولات «غراند سلام».
لفتت أنس جابر أنظار المتابعين فـي بطولة ويمبلدون بفضل عروضها الفنية الرائعة، كحركة «الدروب شوت» التي اعتمدتها كثيراً فـي هذه الدورة، وكسبت بها عدداً من النقاط الهامة، وبات التطوّر فـي مستوى أنس واضحاً، وهو ما ترجمته فـي لندن بطريقة لعب كسبت من خلالها احترام عشاق الكرة الصفراء حول العالم، وإن كانت لم تحصد لقب البطولة غير أن تحقيق المركز الثاني فـي ويمبلدون هو إنجاز ضخم.
وكانت أنس جابر تحلم بتحقيق أول لقبٍ لها فـي «غراند سلام» البطولات الأربع الكبرى، وقالت بعد نهاية المباراة الختامية فـي تصريحات من أرض الملعب: «أنا ممتنة وشاكرة للجميع ولمنافستي ريباكينا التي قدّمت مباراة رائعة، وأتمنى أن يكون الفوز من نصيبي فـي المرة المقبلة».
وتابعت المصنّفة خامسة عالمياً: «لم أكن لأتمكن من الوصول إلى هذا المكان لولا طاقمي المساعد. أنا أحب هذه البطولة كثيراً وأعرف أن هناك فائزاً واحداً دائماً».
وختمت صاحبة الـ27 عاماً: «أنا سعيدة لكوني مصدر إلهام فـي بلدي وأتمنى أن يسمعوني الآن، أود أن أشكر الجمهور الرائع على الدعم المتواصل. وأقدم التهاني للعالم العربي بمناسبة عيد الأضحى».
وكانت جابر حزينة عقب الخسارة، وقالت للصحافـيين فـي مؤتمر صحافـي: «لم يكن فـي وسعي فعل المزيد، حاولت بكل قوة فعل ما فـي وسعي». وأضافت: «فعلت كل شيء منذ بداية العام لأركّز بقوة على هذه البطولة، حتى أن صورة الكأس موجودة على هاتفـي المحمول». وأوضحت: «لم يكن مقدّراً لي الفوز بالبطولة. لا يمكنني أن أفرض هذا. على الأرجح لست مستعدة، لأكون بطلة فـي إحدى بطولات الغراند سلام».
كانت جابر متفائلة بفرصها فـي التتويج ببطولة كبرى فـي النهاية، وربما تأتي الفرصة فـي بطولة أميركا المفتوحة التي تقام فـي سبتمبر المقبل. وبيّنت: «لا يمكنني الانتظار للبطولة المقبلة»، مؤكّدة: «إذا وصلت لنهائي آخر سأتعلم أكثر منه. لا يمكنني الانتظار لتحسين العديد من الأشياء فـي طريقة لعبي». وأردفت: «أريد الاستمرار فـي المراكز الخمس الأولى فـي التصنيف العالمي، أريد الفوز بالمزيد من الكؤوس، أريد الفوز ببطولة من بطولات الغراند سلام».
وتتحضّر تونس لاستقبال كبير ومهيب لـ«وزيرة السعادة» كما يُحب عشاقها تسميتها، وهي التي دفعت جميع العرب للالتفاف حولها ومتابعتها، وستكون الآن أمام مهمة جديدة تتمثّل قريباً فـي خوض بطولة أميركا المفتوحة على الأراضي الصلبة.
ملكة الأراضي العشبية
أطلق التونسيون لقباً جديداً على أنس جابر، وهو «ملكة الأراضي العشبية». فالجميع يتذكر خيبة الأمل التي مُنيت بها البطلة العربية بخروجها من الدور الأول فـي «رولان غاروس» على الملاعب الترابية، لكنها انتفضت على الأراضي العشبية بفوزها بلقب بطولة برلين، ومن بعدها الوصول إلى نصف نهائي مسابقة الزوجي فـي إيستبورن، ثم تحقيقها المركز الثاني فـي ويمبلدون. فهل ستنجح فـي بطولة أميركا المفتوحة بالتغلّب على نفسها والفوز على الأراضي الصلبة؟
تراجع فـي التصنيف العالمي. . . وجائزة مالية
خلافاً للبطولات السابقة، فإن النسخة الحالية من ويمبلدون لن تمنح للفائز نقاطًا فـي التصنيف العالمي، بعدما قرّرت رابطة لاعبات التنس المحترفات إقامة منافسات البطولة من دون احتساب النقاط، كردة فعل على إقصاء اللاعبين الروس والبيلاروس من المشاركة، بسبب حرب موسكو فـي أوكرانيا. لذلك تراجع تصنيف نجمة التنس التونسية، من المركز الثاني، إلى المركز الخامس، على الرغم من حلولها وصيفةً فـي بطولة ويمبلدون الأخيرة.
لكن ما يميّز ويمبلدون هذا العام، هو الزيادة فـي قيمة الجوائز المالية بنسبة 11. 1 فـي المئة، مقارنة بنسخة السنة الماضية 2021 ما يعطي 47 مليون يورو إضافـية فـي جدول المكافآت المالية للبطولة، التي تقام على الأراضي العشبية.
وبوصولها إلى الدور النهائي، ضمنت البطلة العربية قيمة 1. 22 مليون يورو، وهي الجائزة المالية الأكبر لها فـي بطولة واحدة منذ بداية مسيرتها الاحترافـية فـي عالم التنس.
٢٠٢٢ عام التألّق
يُعتبر العام الحالي هو عام التألّق للاعبة التونسية المصنّفة الثانية عالمياً، بعدما حقّقت فـيه نجاحات كبيرة، أهمها الفوز بلقب بطولة مدريد الإسبانية، وبلوغها نهائي بطولة روما الإيطالية، علاوة على الترتيب العالمي الرائع الذي بلغته فـي الفترة الأخيرة. أما أهم أسباب هذا التألّق فـيعيدها المتابعون الى ثلاثة عوامل: أولها تعاقدها مع المعدّة الذهنية الفرنسية ميلاني مايار، التي أصبحت ترافقها فـي جميع البطولات التي تشارك فـيها، وهي تكمل العمل الذي يقوم به مدربها وليد الجلالي وزوجها ومعدّها البدني كريم كمون.
وقد عملت مايار كثيراً على أن تتحلّى أنس ببرودة الأعصاب حتى فـي الأوقات الصعبة من المباريات الهامة، ولا تدخل كثيرًا فـي حالات الغضب التي كانت تنتابها من وقت إلى آخر.
أما السبب الثاني فهو اكتسابها الخبرة فـي المباريات والمنافسات وهي أصبحت اليوم تتّسم برصانة أكثر فـي الملعب، وقدرة على التعامل مع مختلف الوضعيات التي تحدث لها، لا سيما فـي المواجهات القوية.
ويعود السبب الثالث الى الدعم المعنوي والمادي الذي تتلقاه، فرياضة التنس فـي تونس لم تكن تحظى بالشعبية التي أصبحت عليها فـي الفترة الأخيرة، وذلك بفضل أنس جابر، التي جعلت العديد من الشركات الخاصة تدعمها وتوفّر لها مبالغ مالية محترمة حتى تتمكّن من تلبية النفقات الكبيرة التي يحتاجها عالم كرة المضرب، من تنقل عبر الطائرات وفنادق وتجهيزات رياضية وإطار فني يعمل معها.
وتحظى أنس جابر فـي الأعوام الأخيرة أيضا بشعبية جارفة فـي تونس، حيث لا يتردّد التونسيون فـي الداخل والخارج فـي حضور مبارياتها فـي جميع البطولات، وتشجيعها سواء فـي الملعب أم من خلال رسائل الدعم التي تتلقّاها منهم. كما أن وزارة الرياضة فـي تونس خصّصت لها فـي العام الماضي ميزانية إضافـية.
دعم من نجوم تونس
أشاد نجوم تونسيون، عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، باللاعبة أنس جابر التي أصبحت أوّل عربية وأفريقية تبلغ نهائي بطولة كبرى فـي كرة المضرب خلال حقبة الاحتراف.
فقد عبّرت الممثلة هند صبري عن فخرها بإنجاز جابر وكتبت باللغة الفرنسية، أن ما حقّقته أنس سيظل راسخاً فـي التاريخ.
وكتب الفنان صابر الرباعي: «شكراً معالي وزيرة السعادة أنس جابر على لحظات السعادة التي أهديتنا إياها والتي نحتاجها فـي هذه الظروف الخاصة. أنت فخر لتونس وللعرب كافة، منّا لك كل الحب والتقدير والعرفان».
كذلك نشرت الممثلة درة: «مبروك وشكراً للبطلة التونسية أنس جابر فخر تونس والعرب، أول تونسية وأول عربية وأول أفريقية تتأهل إلى نهائي دورة ويمبلدون الدولية، فخورة برشا ببنت بلادي».
وقالت الممثلة فريال يوسف: «ألف مبروك أنس جابر فخورة جداً جداً بك وبما حقّقته، وأتمنى لك دوام الفوز. أول عربية تحقق هذا الإنجاز. . . التونسية أنس جابر تواصل كتابة التاريخ وتتأهل إلى نهائي بطولة ويمبلدون الإنكليزية للتنس!».
وكتبت الفنانة لطيفة: «ألف مليووووون مبروك أنس جابر انتصار تاريخي».