Bruce Clay

نظام عجز السعرات الحرارية: فعاليته وأسباب فشله

نظام عجز السعرات الحرارية يعتمد على اختيارات غذائية صحية
نظام عجز السعرات الحرارية يعتمد على اختيارات غذائية صحية

يعيش الكثير من الناس في دوامة من المحاولات الفاشلة لإنقاص الوزن، فعلى الرغم من التزامهم بنظام غذائي صارم يعتمد على عجز السعرات الحرارية Calorie Deficit وممارسة الرياضة بانتظام، إلّا أنهم يواجهون صعوبة في تقبل جسمهم لهذا التغيير الصحي الإيجابي. وفي هذه الحالة، تتحول عملية إنقاص الوزن من مسألة حسابية بسيطة إلى مجموعة من الأسباب الطبية والنفسية والجسدية التي تُشكل عائقاً كبيراً في رحلة إنقاص الوزن. فما هو مبدأ عجز السعرات الحرارية؟ وما هي الأسباب التي يمكنها أن تُعيق عملية إنقاص الوزن على الرغم من اتباع نظام غذائي صحي؟

عندما نتطرق إلى عجز السعرات الحرارية، فإننا نتحدث عن معادلة بسيطة: حرق سعرات حرارية أكثر من تلك التي نستهلكها، ولكن تختلف هذه المسألة على أرض الواقع وتصبح أكثر تعقيداً، إذ أنها تفشل في بعض الأحيان على الرغم من اتباعها بطريقة دقيقة، حيث تلعب عوامل عديدة، مثل الهرمونات وقلة النوم والتوتر، دوراً حاسماً في عملية إنقاص الوزن وحرق الدهون، ما يدفع الشخص الذي يعاني من هذه الدوامة للتساؤل عن الأسباب الكامنة وراء هذا الفشل. فما هي العوامل التي تُعيق نظام عجز السعرات الحرارية؟

عدم تتبع السعرات الحرارية بشكلٍ دقيق

تطبيقات تتبع السعرات الحرارية ليست دائماً دقيقة في تقدير محتوى السعرات
تطبيقات تتبع السعرات الحرارية ليست دائماً دقيقة في تقدير محتوى السعرات

يلجأ الكثير من الناس الذين يسعون إلى إنقاص وزنهم، إلى مراقبة السعرات الحرارية التي يتناولونها على مدار اليوم، ويتخذون من التطبيقات المخصصة أداةً لهم، إذ أنها تسعى إلى تتبع السعرات الحرارية المستهلكة وتوجيه خياراتهم الغذائية، ما يضمن التحكم في أحجام الحصص الغذائية وملائمتها لأهدافهم الصحية. ومع ذلك، تبرز تحديات عدّة عند محاولة تقدير محتوى السعرات الحرارية في الوجبات التي يتم إعدادها في المنزل أو حتى التي يتم طلبها من المطاعم. فالإختلاف في طرق التحضير والمكونات المستخدمة، من شأنها أن تؤدي إلى تعقيدات في هذه العملية، والتوصل إلى تقدير دقيق ومحدّد لمحتوى السعرات، ما قد يؤثر سلباً على رحلة إنقاص الوزن.

تُعتبر التطبيقات المتنوعة المتاحة بسهولة على هواتفنا الذكية، أدوات قيّمة للمساعدة في مراقبة فعالية النظام الغذائي، ولكنها في الوقت عينه تحتوي على العديد من المعلومات غير الدقيقة، وتعتمد على إدخالات المستخدمين، ما يؤدي إلى تضليل الأفراد بشأن كميات السعرات الحرارية التي يتناولونها، واستهلاكهم لكميات طعام كبيرة غير مدركة. لهذا السبب، يوصي الأطباء بضرورة التركيز على الاختيارات الغذائية بعناية، والتفكير في إجمالي السعرات الحرارية المستهلكة، بدلاً من الاعتماد الكلّي على البيانات المتاحة في هذه التطبيقات التي تفتقر إلى الموثوقية.

الوصول إلى مرحلة ثبات الوزن

تحصل مرحلة ثبات الوزن عندما تتساوى السعرات الحرارية التي نحرقها مع تلك التي نتناولها
تحصل مرحلة ثبات الوزن عندما تتساوى السعرات الحرارية التي نحرقها مع تلك التي نتناولها

من بين التحديات التي قد تعترض عملية إنقاص الوزن، ظاهرة الثبات في الوزن، والتي تتم عندما تتساوى السعرات الحرارية التي يحرقها الإنسان مع تلك التي يتناولها. في هذه المرحلة، يصبح الجسم في حالة من التوازن، الأمر الذي يضيف المزيد من التعقيدات على عملية إنقاص الوزن.

تجدر الإشارة إلى أنّ فقدان الدهون غالباً ما يرتبط بفقدان العضلات أيضاً، وهو ما يؤدي إلى انخفاض معدل الحرق الطبيعي، أو ما يُعرف بالـ Basal Metabolic Rate BMR، فمع تراجع هذا المعدل، يصبح الجسم أقل قدرة على حرق السعرات الحرارية، حتى في حال التزامك بنظام غذائي صحي ونشاط بدني سليم.

إنّ هذا التباطؤ في التمثيل الغذائي يعني أنّ جهودك قد تواجه عقبة، وقد تشعر بأن تقدمك في فقدان الوزن قد توقف، ولتجاوز هذه الدوامة، قد تحتاج إلى إعادة النظر في استراتيجيتك، سواء من خلال زيادة مستوى نشاطك البدني أو بتقليل السعرات الحرارية التي تتناولها، وذلك بهدف استعادة الزخم الذي كنت عليه في رحلتك نحو تحقيق أهدافك الصحية.

احتباس الماء في الجسم

يؤدي تناول الملح بكثرة إلى احتباس الماء في الجسم
يؤدي تناول الملح بكثرة إلى احتباس الماء في الجسم

يمكن أن يكون احتباس الماء أحد العوامل المؤثرة في ثبات الوزن، حيث تُعتبر هذه الظاهرة نتيجة لمجموعة من الأسباب المؤقتة التي قد تطرأ خلال رحلة إنقاص الوزن. من بين هذه الأسباب، نجد التقلبات المهرمونية التي تحدث بشكلٍ دوري، بالإضافة إلى مرحلة انقطاع الطمث، فضلاً عن التغيرات في النظام الغذائي، مثل زيادة تناول الملح.

ومع ذلك، فإن احتباس الماء يُعد من الأسباب التي يسهل التعامل معها، نظراً لطبيعتها المؤقتة. ففي الكثير من الأحيان، يمكن معالجة هذه المشكلة تحت إشراف طبي، حيث تُستخدم أدوية مثل حبوب منع الحمل والعلاج بالهرمونات البديلة ومضادات الالتهاب وأدوية ضغط الدم، إذ تساهم جميعها في معالجة المشاكل الصحية التي تؤدي إلى احتباس السوائل في الجسم.

علاوةً على ذلك، يمكن اللجوء إلى خيارات رياضية كوسيلة فعّالة للتخلص من احتباس الماء، فالتمارين المكثفة، بالإضافة إلى التعرض للحرارة المرتفعة من خلال الساونا، تُعد طرقاً فعالة وطبيعية لتسريع عملية التخلص من السوائل الزائدة في الجسم، ما يتيح فرصة لاستعادة السيطرة على الوزن والمضي قدماً في هذه الرحلة الصحية.

عادات النوم السيئة

السهر يؤدي إلى تناول الوجبات الخفيفة في أوقات متأخرة من الليل
السهر يؤدي إلى تناول الوجبات الخفيفة في أوقات متأخرة من الليل

هناك ارتباط وثيق  بين عادات النوم السيئة وزيادة الوزن بشكلٍ واضح، حيث يعتبر الحرمان من النوم أحد العوامل التي تساهم في ارتفاع معدلات الوزن. فعندما يفتقر الجسم إلى الراحة اللازمة، تتعزز الشهية بشكلٍ ملحوظ، ما يدفعنا إلى تناول كميات أكبر من الطعام يومياً. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤثرهذا الحرمان على مركز نظام المكافأة في الدماغ، المعروف بالـBrain Reward System، ما يزيد من صعوبة ضبط النفس ويجعلنا أكثر عرضة للإغراءات الشهية، مثل الاستهلاك المفرط للشوكولا والحلويات.

لذا، قد يكون من الحكمة اتخاذ خطوات بسيطة مثل الذهاب إلى السرير مبكراً، حيث يساعد ذلك في تجنب تناول الوجبات الخفيفة في أوقات متأخرة من الليل. كما أنّ الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم يسهل في توفير الصفاء الذهني، ما يساعدنا على اتخاذ خيارات غذائية أكثر وعياً خلال النهار. بتلك الطريقة، يمكن أن يسهم النوم الجيد في تعزيز أسلوب حياة صحية ومتوازن، ويمنحنا القدرة على التحكم في عاداتنا الغذائية بصورة أفضل.

زيادة مستويات التوتر

التوتر يسبّب الأكل العاطفي
التوتر يسبّب الأكل العاطفي

يعد التوتر من المشاعر التي نواجهها جميعاً بين الحين والآخر، ولكن لسوء الحظ، لا تقتصر تأثيراته السلبية على صحتنا النفسية فحسب، بل إنها تمتد لتطال صحتنا الجسدية أيضاً. فزيادة مستويات التوتر يمكن أن تؤثر بشكلٍ عميق على رحلة فقدان الوزن، حيث يؤدي ارتفاع مستويات هرمون الكورتيزول، المعروف بأنه منبه قوي للشهية، إلى صعوبة في التحكم في تناول الطعام.

نتيجة لذلك، قد تجد نفسك تميل نحو الأكل العاطفي، المعروف باللغة الإنجليزية بالـEmotional Eating، ما يدفعك للبحث عن الأطعمة المريحة خلال الأوقات الصعبة، في محاولة لتخفيف الضغط النفسي. بالإضافة إلى ذلك، تتباطأ معدلات الحرق الطبيعي BMR خلال أوقات التوتر، ما يجعل فقدان الوزن أكثر تحدياً.

إذا كنت تشعر أن التوتر يعيق تقدمك في فقدان الوزن، فقد يكون من الأفضل أن تمنح نفسك فرصة للاسترخاء، إذ يمكنك ممارسة تمارين روحية، مثل اليوغا، التي تساعد على تهدئة الأعصاب والعقل والجسد، وتعزز من قدرتك على مواجهة التحديات اليومية بشكلٍ أفضل. بهذه الطريقة، تستطيع أن تستعيد توازنك وتعيد توجيه طاقتك نحو أسلوب حياة صحي ومتوازن.

ممارسة الرياضة بشكلٍ مكثّف

ممارسة تمارين الكارديو بكثافة تفشل عملية إنقاص الوزن
ممارسة تمارين الكارديو بكثافة تفشل عملية إنقاص الوزن

يعاني العديد من الأشخاص، صعوبة في فقدان الوزن، على الرغم من زيادة التمارين الرياضية. وترتبط هذه المشكلة بنوع التمارين التي تمارسها، وبالأخص تمارين الكارديو ومدى تكرارها. ففي ظل نقص السعرات الحرارية، يكون فقدان العضلات أمراً لا مفر منه، وغالباً ما يحدث في المجموعات العضلية التي لا تتلقى التدريب الكافي. على سبيل المثال، قد يفقد العداؤون كتلة العضلات في الجزء العلوي من الجسم بسبب عدم تركيزهم على باقي أعضاء الجسد. لمواجهة هذا التحدي والاستمرار في رحلة إنقاص الوزن، يعتبر دمج تمارين رفع الأثقال أمراً بالغ الأهمية، إلى جانب الحرص على تناول كمية كافية من البروتين لدعم بناء العضلات.

ومع ذلك، هذا لا يعني التخلي بشكلٍ كاملٍ عن تمارين الكارديو، بل تحقيق التوازن الصحيح بينهما للحصول على النتيجة المطلوبة. إذ ينبغي أن تركز رحلة فقدان الوزن على تحقيق أهداف مستدامة، بالإضافة إلى تحسين الصحة النفسية. كما يمكنك اللجوء لاستكشاف خيارات جديدة، مثل ممارسة الحركات البطيئة، بما في ذلك اليوغا والبيلاتس، التي تساعد على تعزيز الوعي الجسدي والراحة النفسية.

مقاومة الأنسولين

المستويات العالية من الأنسولين تُخزّن الدهون في منطقة البطن
المستويات العالية من الأنسولين تُخزّن الدهون في منطقة البطن

تُعد مقاومة الأنسولين من العوامل الرئيسية التي تؤثر سلباً على قدرة الجسد على إدارة الوزن، فعندما ترتفع مستويات الأنسولين في الدم، يتوقف الجسم عن تحويل الدهون المخزنة إلى مصدر فعال للطاقة. بدلاً من ذلك، يبدأ في احتجاز أي فائض من الطاقة نتيجة للكسل، ويحولها إلى دهون جديدة تُخزّن في منطقة البطن. تتسبب هذه العملية في تراكم الدهون في الجسم، ما يؤدي إلى تعقيدات في فقدان الوزن ويزيد من صعوبة تحقيق التوازن الصحي. فبدلاً من استغلال الطاقة المخزّنة، يجد الجسم نفسه متوجهاً نحو تخزين المزيد من الدهون، ما يؤدي إلى دورة مستمرة من زيادة الوزن.

الآثار السلبية لبعض الأدوية على عملية إنقاص الوزن

بعض الأدوية تعيق قدرة الجسم على حرق السعرات الحرارية
بعض الأدوية تعيق قدرة الجسم على حرق السعرات الحرارية

تتسبب بعض الأدوية في زيادة الوزن، حيث تلعب دوراً كبيراً في تغيير التوازن الطبيعي للجسم. على سبيل المثال، تُعرف أدوية الستيرويد Steroid ومضادات الهستامين Antihistamine والكورتيزون Cortisone بأنها من الأدوية التي يمكن أن تؤدي إلى زيادة ملحوظة في الوزن. وتؤثر هذه الأدوية على مستويات التمثيل الغذائي، ما يعيق قدرة الجسم على حرق السعرات الحرارية بشكلٍ فعال. بالإضافة إلى ذلك، قد تسبب زيادة في الشعور بالجوع وتُعزّز الشهية، ما يدفع الشخص إلى تناول كميات أكبر من الطعام.

كما يمكن أن تؤدي إلى احتباس السوائل داخل الجسم، وبالتالي زيادة في الوزن وصعوبة في التخلص منه. لذا، من الضروري أن يكون الأفراد الذين يتناولون هذا النوع من الأدوية، على مستوى من الوعي تجاه هذه التغييرات التي قد تطرأ بطريقة سريعة على أجسامهم، وأن يبحثوا عن سبل لتعزيز صحتهم العامة، بما في ذلك استشارة الأطباء للحصول على إرشادات طبية مناسبة للتعامل مع هذه الآثار الجانبية.